السبت، 16 فبراير 2013

استقالة البابا.. تكهنات حول الأسباب والخليفة

ياسر محجوب الحسين

فجرت استقالة بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر الذي يرأس (1.2) مليار نسمة ينتمون للكنيسة الكاثوليكية الأسبوع الماضي بركان التكهنات؛ تكهنات حول سبب الاستقالة، وأخرى حول من يخلفه.. هل الاستقالة المفاجئة جاءت بسبب خلاف فكري في أعلى هرم الكنيسة، بين العلمانية والدين؟ البعض يرى أن البابا كان ضحية صراع العلمانية والدين، فالعلمانية بدأت تدك حصون الفاتيكان فيما كان الرجل يقاوم حتى استسلم في النهاية.. فالبابا متهم بإعلاء الذكورية في هيكل الفاتيكان، فضلا عن كونه متهما بتقييد بعض الحريات التي يتمتع بها آخرون باسم العقيدة الدينية.. في سبتمبر من عام 2010 قام البابا بندكت بزيارة رسمية تاريخية إلى المملكة المتحدة، ودعا في تلك الزيارة إلى العودة إلى القيم الدينية، مرسلا بذلك رسالة ضمنية مفادها أن العلمانية هي المسؤولة عما اعتبره المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية التي يعانيها المجتمع الغربي.
 في بحر تكهنات أسباب الاستقالة، يرى أستاذ التاريخ في جامعة الدراسات العليا في مدينة بيزا الإيطالية دانييلي مينوتسي أن فضائح الفساد والاعتداءات الجنسية من دواعي الاستقالة.. بحسب اندريا تورنييلي الخبير في صحيفة "لا ستامبا" اضطر البابا إلى مواجهة الفضائح المتعلقة بالتحرش الجنسي بأطفال من قبل أعضاء في السلك الكهنوتي "بتصميم غير معهود"، لكن الضربة القاضية كانت فضيحة فاتيليكس المتعلقة بتسريب وثائق سرية عن دولة الفاتيكان في العام الماضي 2012 والتي كشفت الخلافات والانقسامات داخل الكنيسة.
على كل حال كانت الاستقالة هي الأولى منذ حوالي سبعمائة عام، بعد (8) سنوات من تنصيبه.. البعض تساءل هل يستقيل (خليفة الله في الأرض) حسب العقيدة الكاثوليكية، فالفاتيكان يعتقد أن البابا شخص مُقدس وأن اختياره قدر للبشرية مثل الأنبياء تماما، فهل يستقيل الأنبياء؟! أحد رجال الدين المسيحيين يقول تعليقاً على الاستقالة: (يشعر معظم البابوات في العصر الحديث بأن الاستقالة أمر غير مقبول إلا في حالات الضعف الشديد أو المرض الذي لا شفاء منه، ذلك لأنه من غير الممكن الاستقالة عن كونك أبا).. عبر التاريخ تشير بعض الممارسات في الكنيسة الكبيرة تشكك في تلك (القدسية)، فالبابا "بندكت" التاسع من مواليد روما قدم استقالته عام 1045م عندما بلغ عمره (33) عاما، حتى يتمكن من الزواج والحصول على أموال من أبيه الروحي، وكان الأب الروحي للبابا قد دفع أموالا بالفعل لـ"بندكت" التاسع للتنازل له عن منصب البابوية!!.
 العلاقة مع المسلمين تعرّضت في عهد البابا بندكت إلى هزة كبيرة، ففي اليوم التالي للذكرى الخامسة لأحداث (11) سبتمبر نبش البابا المستقيل في كتب التاريخ ليقتبس في محاضرة بجامعة ريجينسبورج الألمانية انتقادا للإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم على لسان الإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني "باليولوجوس" في القرن الرابع عشر الذي كتب يقول: (إن كل ما جلبه النبي محمد كان شراً وغير إنساني مثل أمره بنشر الدين الذي يدعو إليه بحد السيف)!!. صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وصفت حينها خطاب البابا بأنه مفجع وخطير.
في بحر التكهنات يثور جدل يبدو أنه سيكون ساخناً ومفعماً بالظلال العنصرية حول البابا الجديد وإذا ما سيكون الإفريقي الأسود أم أن العنصر الأوروبي الأبيض سيواصل احتكاره لهذا المنصب.. عموماً سيجتمع الكرادلة لانتخاب خلفا للبابا وسيتم دعوة 117 كاردينالا ناخباً للمشاركة في الاختيار قبل عيد الفصح في 31 مارس القادم.. الأفارقة السود يمثلون حوالي 15% من عدد الكاثوليك في العالم، ومع بدء حملات الترشيح لخلافة البابا، فقد طرح حتى الآن أسماء مثل المونسنيور لوران مونسينغو باسينيا، رئيس أساقفة كينشاسا (الكونغو)، والكاردينال الغاني بيتر توركسون، والكاردينالين النيجيريين جون اونايكان وفرنسيس ارينز.. رينيه ليغري هوكو رئيس الرابطة العاجية لحقوق الإنسان اعتبر أن "بابا إفريقي يمكن أن يعطي مزيداً من الحيوية للكنيسة الكاثوليكية في العالم الأسود، وهذا يظهر الطابع الكوني لديانتنا".. بالطبع آسيا تطمح وكذلك أمريكا اللاتينية وقد دفع كل تجمع بمرشحيه.
....................
الشرق القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..