إصرار
شخص ما على الشكوى والانتقاد والإدانة طول الوقت وفي جميع الحالات يعني،
في الغالب، أن
لديه أزمة نفسية وأن عليه أن يتنبه إلى أن في الحياة أشياء
جميلة وأن استمرار الشكوى والانتقاد لا يعني سوى الحمق وقصر النظر وصنع
الشبكات ثم التلذذ في الوقوع فيها، إضافة إلى إشاعة أجواء النكد.
يبدو
في السعودية ذلك بوضوح حيث تنطلق فئة سمت نفسها شيوخا وآخرين دعاة وثلة
أكاديميين، وهم لا وظيفة لهم سوى استعمال وسائل الاتصال الحديثة للشكوى
والانتقاد والدعوة لليأس وأن الحياة تتوقف على أعتاب منازلهم بينما هي في
مناطق الفوضى والقتل والسحل جنة من جنان السماء.
يتميز
الإخوان المسلمون السعوديون بذلك وهم يتقنون صنع الكربلائيات أو المناحات
بشكل مدهش، بل ومفرح لكل مراقب يعشق دراسة أزمات مجتمعية أو باحث يريد ان
يتعرف على كيف يمكن أن يصنع الإنسان لنفسه قفصا حديديا ثم يدخل فيه ويسجن
نفسه مطالبا الآخرين بالاقتداء به.
وكما
قيل سابقا إن المثقف يسعد باكتشاف الطبيعة بينما الأحمق يسعد لأنه لا يعرف
أكثر مما يعرف. فثلة الإخوان في السعودية «يتثاقفون» في استكشاف طبيعة
مشروعات النهضة الإخوانية في مصر وتونس بينما يعيشون سعادة بلهاء وهم
يتغاضون عن المآسي التي هناك وأنهم لا يعلمون بها.
ويريدون من الشباب في السعودية والخليج مقاسمتهم بلاهتهم بل والرقص معهم داخل الأقفاص الوهمية.
وعوض القرني وهو رجل يقطن في جنوب السعودية خرج في غزوة لم يعد منها بعد.
إنها
غزوة ضد التنوير والحياة الكريمة فصنع قفصا إخوانيا بامتياز وبدأ يهرطق
إلى الدرجة التي فضل المقربون منه لو أن يسكت ويغلق فمه ويترك الناس
يعتقدون أنه أحمق خيرا من أن يبشر بطروحاته فيتأكد الجميع دون شك أنه كذلك
بل ويزيد على ذلك بالجهل المطبق.
وكما
قال ألبرت إينشتاين أن الأحمق يستطيع جعل الأشياء تبدو أكبر وأعقد (خاصة
الأقفاص) لكن من الصعب على عبقري شجاع جعلها تبدو عكس ذلك.
عوض
القرني يبدو كذلك بحمقه وتشجيع الحمقى حوله ممن يتقافزون كالسعادين فرحا
بمقولة عظيمة ستشفي آلام العرب والمسلمين وأزماتهم الاقتصادية والسياسة
والاجتماعية.
بينما
الحقيقة المرة أن هناك من يستخدم القرني ليس حبا فيه وفي مهارته الفكرية،
بل لأنه يساعد في صنع الأقفاص التي لها مفتاح واحد في جيب مسؤول يدخن
سيجاره على مهل ويوما ما سيفتح الأقفاص طاردا من فيها إلى الهواء الطلق كي
تشعر بأدميتها وبأن الحياة أجمل وأفضل وأن الفكر ليس له مسار واحد والماء
يتدفق صافيا من أنهار مختلفة.
هلل
وطبل القرني لخلع رئيس تحرير سعودي من مكانه معللا ذلك بأن هذا الرئيس عدو
لقطر (ولا أعتقد أن سعوديا يكن العداء لقطر وشعبها، فالمصير واحد)، وأنه
ليبرالي مارق.
بينما
نسي صاحب عقلية القفص أن الأشخاص يذهبون من المناصب لكن ذلك لا يعني نهاية
الفكر والكلمة الحرة بل إن رئيس التحرير الذي خلفه يماثله فكرا حرا
وتنويرا وجرأة.
حبيس
القفص الإخواني يقود حملة ضد الإمارات والحكم السعودي (بطرق التورية)
والأردن والكويت والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكل العالم الذي لا
يتسق مع رسالته الإخوانية الظلامية، ولم يسأل نفسه أن من يطبل لهم من قفصه
كمرسي وغيره هم يمتدحون الغرب والحكم السعودي وغيره ويقولون إنهم أصدقاء بل
أشقاء.
ولكي
نعرف مدى ضحالة فكر القرني علينا أن نتذكر كم من مرة يعرض بدول معينة
ساخرا من وجود ما يسميه بالملاهي فيها، بينما يخرس القرني عن الملاهي بل ما
هو أعظم بالقرب من قصر الاتحادية حيث يتربع رئيسه.
لا
ينبس ببنت شفة عن صالات القمار حيث يفرض الرئيس الإخواني المكوس المتصاعدة
عليها، ولا يتفوه بكلمة استنكار عمن يطعم الشعب من مكوس الكحول وغيرها.
تبا لهكذا ازدواجية يرافقها التخلف والظلامية.
القرني لم يغادر قريته يوما لمدينة متسامحة، لم يتعرف على عالم متحضر، لم يعش تجارب مختلفة.
هو
ضحية بيئة قفصية صنعها بنفسه طاردة للفرح، كارهة للابتسام، تعتاش على
الحقد على الآخر وتظن في الآخرين الظنون وتستمتع برائحة الأجساد المحترقة
في أتون التفجيرات الظلامية. ثقافة لا تؤمن إلا بالقتل كحل طبيعي للأزمات
السياسية لا يمكن أن تدير مجتمعا دون أن تحيله إلى ساحة جهاد ظالم وبؤرة
استقطاب لكل ظلاميي العالم ومفسديه.
عوض
القرني ومعه أعضاء حزبه لا يهمهم استقرار النظام السعودي بل التوطئة
لإقامة دولة الخلافة الإخوانية، فهو يردد في مسجده وتغريداته أن الحاكم يجب
أن يختار من قبل الشعب بل وينتخب. ولا أعرف هل سيستمر في هذا الكلام لو
اختار الشعب المصري شفيق أو التونسي السبسي.
الديمقراطية
لدى أصحاب الأقفاص الإخوانية هي انتخاب رفاقهم وحين يثور الشعب ضدهم
ويخرجون شبابا وشابات، نساء ورجالا، فلاحين وعمال، مسلمين ومسيحيين
بالملايين يصبحون عند صاحب القفص فلول أعداء الإسلام، لأن الإسلام في نظر
هذا القرني إخواني الصبغة وكل ما عداه باطل بل شرك.
يعمل صاحب القفص وأعوانه على بث عدم مشروعية النظام السعودي لأنه لم ينتخب.
ويستعمل
القرني وغيره طريقة بسيطة وهي التكبير والتهليل لوصول الإسلاميين إلى
الحكم في مصر وتونس وإن ذلك فتح عظيم وسعادة أبدية لشعبي البلدين.
لكن
القرني والإخوان المسلمين في السعودية يخرسون عن الحديث وهم يرون الإخفاق
تلو الإخفاق في بلاد الربيع الإخواني ولا ينبسون إلا باتهامات تطال العالم
جميعه، وأنه سبب ما يحدث في مصر متجاهلين أن الإخوان هم من يعمق الانقسام
في تلك الدول بسياستهم الاقصائية وغير الديمقراطية واستعمالهم لصناديق
الاقتراع من أجل تكريس الاستبداد.
وحين
تحدث جريمة قتل مثل ما حصل لشكري بلعيد في تونس لن تجد من الكلم الطيب
شيئا، بل تجد مفردات التحريض على العنف والمطالبة بتغليب المشروع الإخواني
وأنه الحل لأزمات الأمة.
ويحق لأي مراقب سعودي أن يستغرب صمت المجتمع على من يحرض على أمنه ويطالب بثورة إخوانية بين صفوفه.
هذا المجتمع حسب قول شيوخه وحكامه ومعظم مواطنيه مجتمع إسلامي يدار بنظام إسلامي ويحكم بالشريعة الإسلامية.
لكن للقرني وأقرانه رأيا أحمق آخر، فهو لا يزال ليس كامل الدسم الإسلامي بل يحتاج إلى مباركة من المرشد كي يكون.
ولا نجد دليلا على الحمق أكثر من الدعوة إلى تطبيق الشريعة في السعودية بالذات دون أصقاع العالم الأخرى.
هذا ضرب من الحمق كثرت فيه الأمثال مثل بيع الماء في حارة السقائين، وربما المثل الأحسن بيع الثلج للإسكيمو.
هل يريد القرني ومن في أقفاصه أن نكون إسلاميين أكثر مما نحن فيه، يريدنا أن نستبدل الظلم بالعدل.
لكن عن أي عدل يتحدث؟ هل العدل الإخواني الذي يحدث الآن في مصر وتونس والذي يحجم القرني عن نقده ومعارضته.
إن
كان النظام السعودي غير إسلامي ولا يدار بالشرع ويحتاج من القرني
وإخوانييه إلى خارطة طريق يسميها بمشروع النهضة الذي جعل من مصر ساحة حرب
وانقسام وفتنة شعبية وانهيار اقتصادي وتونس ساحة اغتيال وتراجع مذهل
للحريات والسودان الإخوانية حيث تشظت إلى قطع متباعدة وغزة سجينتهم ممن
تدفع كل يوم فاتورة المغامرات البلهاء للإخوان هناك.
علينا كمجتمع أن نقول للقرني وربعه لن تحكموا السعودية أبدا.
بل
لن تصلوا إلى القرار فيها ما دام هناك رجال وحدوها وجعلوا من مؤسس جماعتكم
يقبل عليها هاشا باشا مقبلا ليدي موحدها، بل ومحاولا بفشل التمثل بسيرته
في العمل الإسلامي.
لسبب بسيط وهو أننا لا نريد بلدا ظلاميا أكثر مما هو فيه لوجود طروحاتكم تروج بين أرجائه فتنة الاغتيالات وقتل المعارضين.
لم
نر لهؤلاء أي رفض لعمليات القاعدة أو قتلها للأبرياء، بل على العكس هناك
تأييد ضمني وترحيب بسحل وقتل وقطع الأيدي في مالي وأفغانستان وفي كل مكان
يريدون لخلاياهم السلطة فيه.
لا
نريد للإخوان أن يحكموا السعودية ليس لرفضنا للإسلام بل لرفضنا للمتكسبين
بالدين وعاظ المرشد سلطان مصر الحالي. وسيظل القرني وأمثاله رهين المحبسين،
محبس الحمق، ومحبس الغباء السياسي. فالعدالة والنهضة ليست علامة تجارية
تملكها عصابات الإخوان فقط.
بل هي ملك للعالم المتنور والمتحضر وطموح الشعوب السائرة رغما عن الظلاميين إلى العدالة والنهضة دون الحاجة لمروجي الفتن.
سيظل الشعب السعودي يسعى للعدالة والحرية والنهضة ضمن إطاره المجتمعي المشدد على وحدة أراضيه وعدم وقوعه تحت سلطة عصابات ظلامية.
لدينا قصور في مجالات عدة لكننا شعب حر سيعمل على إصلاح أخطائه التي من أهمها أنتم.
عبدالعزيز الخميس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..