اشتهر الإعلامي تركي الدخيل بإضاءاته الحوارية على قناة (العربية) ، التي
كانت إذاعية في بداياتها ثم تحولت إلى تلفزيونية ما سهل انتشارها إعلامياً
بغض النظر
عن مخزونها الفكري ومهنيتها ، خاصة ً أن (إضاءات) كانت تقريباً البرنامج
الحواري الوحيد على تلك القناة الإخبارية في بداياتها الأولى ، فهل كان
الدخيل على مستوى الحوار الفضائي ؟ ، سواءً موضوعاته أو طريقته أو شخصيات
ضيوفه ، المختلفة في المجال الذي تنتمي له ، والمتباينة بالفكر الذي تؤمن
به ، والمتفاوتة بالشهرة التي حصلت عليها ، أو المكانة الاجتماعية التي
تحتلها .
لن أكون مجاملاً أو متجنياً في تلمس إجابة السؤال السابق ، فبرأييي , وربما يتفق البعض معي ـ أن تركي الدخيل لم يخرج عن نمط (المحاور التقليدي) بطريقة : أنت قلت كذا !! ولماذا قلت كذا ؟ ,فرغم القائمة الطويلة لضيوفه لم يستطع أن يكون محاوراً متمكناً ، فضلاً عن أن يكون محاوراً محترفاً يملك مخزوناً معرفياً عن موضوع الحوار إلى جانب خلفية ثقافية ومعلوماتية ثرية عن الضيف ، مع ربطهما بالواقع المعاش من حيث مواقف الضيف المعلنة في الحقل الذي ينتمي له ، وتحولاته وممارساته الفكرية أو تناقضاته إن وجدت ، ناهيك عن مراعاة أبسط أبجديات الحوار القائمة على تمكين الضيف من طرح فكرته كاملة ، ومنحه الوقت للرد على السؤال بعيداً عن أسلوب المقاطعة المتكررة ، أو تشتيت أفكاره بالتركيز على مسألة جاءت في سياق إجابته عن سؤال محدد أو تعقيب عارض ، أضف إلى ذلك وقوع المحاور في خطأ مهني بتجاوزه مسائل مهمة تأتي في سياق حديث الضيف ، وبالذات التي تشكل بنائه الفكري. وهنا بتقديري تكمن مشكلة المحاور التلفزيوني الشهير تركي الدخيل .فهو كثير المقاطعة لضيوفه لدرجة أن بعضهم يمتعض من ذلك ، ويطلب عدم المقاطعة ومنحه الوقت لشرح فكرته كما حدث مع منصور النقيدان والشيخ عوض القرني وسعاد الشمري وغيرهم ، والإشكال أن مع هذه المقاطعة تجد الدخيل يتمحور حول مسألة عابرة في إجابة الضيف ,ويترك لب سؤاله ، خاصة ً إذا كان الضيف مفكراً يتعامل بالمصطلحات والمفاهيم المنتمية للثقافة الغربية المتخصصة كما حدث لمحمد أركون ما أوقع الدخيل في مشكلة تحرير المصطلحات المتتابعة ، في حين كان الأولى أن يركّز في كل حواره على مشروعه المتمثل بـ(نقد العقل الإسلامي) ومحاولة تبسيطه للمشاهد ، أما الملاحظة الأكبر برأيي على تركي فهي تجاوز (المسائل المفصلية) في ثقافة كثير من ضيوفه ، التي يمكن أن تكون المحور الرئيس للحوار معهم ، فلا يعطيها حقها الوافي من النقاش . خذ مثلاً حواره مع مشاري الذايدي الذي اتهم الصحويين بأنهم يعارضون برنامج الابتعاث !! كان المفترض أن يدفع ضيفه لتحرير مصطلح الصحوة أولاً ، ثم يربطها بفكره كونه كان من أتباعها يوماً ما ، خاصةً أن برنامجه يُعرض على قناة تخاطب المجتمع العربي ، الذي يحمل دلالات ومفاهيم مختلفة لمصطلح الصحوة الإسلامية ! كذلك الحال بالنسبة لمصطلح (التغريب) ، حيث نجح الذايدي في الهروب من تحريره كي يبقى مبهماً لدى المشاهد بموافقة المحاور ! ونفس السيناريو تقريباً تكرر مع ضيفه إبراهيم البليهي ، حيث شرق الضيف وغرب بمسائل كثيرة كان بإمكان المحاور كشف التناقضات حولها مثل تعريفه أو إن شئت تسطيحه لمفهوم الليبرالية ، أو قضية انبهاره بالغرب ، أو قياسه بنجاح التجربة اليابانية لأخذها بالحضارة الغربية ، وعلى ذات المنوال كان حواره مع الشاعرة والكاتبة حليمة مظفر ، التي زعمت أن الإسلام أساسه ليبرالي ، أو الدكتور عبد الرحمن الحبيب ، الذي زعم هو الآخر وجود طيف ليبرالي بالسعودية ! لهذا يبدو لك أن الدخيل متحالف مع (الفكرة الليبرالية) ، وكأنه يريد تسويقها عبر إدعاءات ضيوفه ، أو لا يرغب في كشف حقيقتها في مقابل الفكر الإسلامي ، أو على الأقل عدم توريط ضيوفه أمام المشاهد السعودي تحديداً بكشف مستواهم الفكري .من جانب آخر لن أشكك في المخزون المعرفي لدى الدخيل ، فربما يملك بضاعة ولكن لا ُيحسن ترويجها ، إنما أعتقد أن أسلوبه في الحوار في كثير من الأحايين يعطي انطباعاً سلبياً لدى المشاهد عن ثقافته كمحاور ، فعلى سبيل المثال نجح في استضافة الكاتب المصري سيد القمني ، ولكنه أخفق في مواجهته بفكره الماركسي القائم على تفسير التاريخ الإسلامي وبالذات العهد النبوي بالتنافس بين البيتين الهاشمي والأموي ، لدرجة أنه يرى الإسلام فكرة ابتكرها الجد عبد المطلب ونفذها الحفيد محمد (عليه الصلاة والسلام)!! . هذا لم نسمعه في الحوار الذي تحول إلى استعراض من قبل القمني عن عظمته الفكرية المهددة بالاغتيال من جماعات (الإرهاب) الإسلامي . لذلك أزعم أن إضاءات الدخيل إما أنه حوار لم يكتمل أو فكر لم ينضج .
محمد بن عيسى الكنعان *
لن أكون مجاملاً أو متجنياً في تلمس إجابة السؤال السابق ، فبرأييي , وربما يتفق البعض معي ـ أن تركي الدخيل لم يخرج عن نمط (المحاور التقليدي) بطريقة : أنت قلت كذا !! ولماذا قلت كذا ؟ ,فرغم القائمة الطويلة لضيوفه لم يستطع أن يكون محاوراً متمكناً ، فضلاً عن أن يكون محاوراً محترفاً يملك مخزوناً معرفياً عن موضوع الحوار إلى جانب خلفية ثقافية ومعلوماتية ثرية عن الضيف ، مع ربطهما بالواقع المعاش من حيث مواقف الضيف المعلنة في الحقل الذي ينتمي له ، وتحولاته وممارساته الفكرية أو تناقضاته إن وجدت ، ناهيك عن مراعاة أبسط أبجديات الحوار القائمة على تمكين الضيف من طرح فكرته كاملة ، ومنحه الوقت للرد على السؤال بعيداً عن أسلوب المقاطعة المتكررة ، أو تشتيت أفكاره بالتركيز على مسألة جاءت في سياق إجابته عن سؤال محدد أو تعقيب عارض ، أضف إلى ذلك وقوع المحاور في خطأ مهني بتجاوزه مسائل مهمة تأتي في سياق حديث الضيف ، وبالذات التي تشكل بنائه الفكري. وهنا بتقديري تكمن مشكلة المحاور التلفزيوني الشهير تركي الدخيل .فهو كثير المقاطعة لضيوفه لدرجة أن بعضهم يمتعض من ذلك ، ويطلب عدم المقاطعة ومنحه الوقت لشرح فكرته كما حدث مع منصور النقيدان والشيخ عوض القرني وسعاد الشمري وغيرهم ، والإشكال أن مع هذه المقاطعة تجد الدخيل يتمحور حول مسألة عابرة في إجابة الضيف ,ويترك لب سؤاله ، خاصة ً إذا كان الضيف مفكراً يتعامل بالمصطلحات والمفاهيم المنتمية للثقافة الغربية المتخصصة كما حدث لمحمد أركون ما أوقع الدخيل في مشكلة تحرير المصطلحات المتتابعة ، في حين كان الأولى أن يركّز في كل حواره على مشروعه المتمثل بـ(نقد العقل الإسلامي) ومحاولة تبسيطه للمشاهد ، أما الملاحظة الأكبر برأيي على تركي فهي تجاوز (المسائل المفصلية) في ثقافة كثير من ضيوفه ، التي يمكن أن تكون المحور الرئيس للحوار معهم ، فلا يعطيها حقها الوافي من النقاش . خذ مثلاً حواره مع مشاري الذايدي الذي اتهم الصحويين بأنهم يعارضون برنامج الابتعاث !! كان المفترض أن يدفع ضيفه لتحرير مصطلح الصحوة أولاً ، ثم يربطها بفكره كونه كان من أتباعها يوماً ما ، خاصةً أن برنامجه يُعرض على قناة تخاطب المجتمع العربي ، الذي يحمل دلالات ومفاهيم مختلفة لمصطلح الصحوة الإسلامية ! كذلك الحال بالنسبة لمصطلح (التغريب) ، حيث نجح الذايدي في الهروب من تحريره كي يبقى مبهماً لدى المشاهد بموافقة المحاور ! ونفس السيناريو تقريباً تكرر مع ضيفه إبراهيم البليهي ، حيث شرق الضيف وغرب بمسائل كثيرة كان بإمكان المحاور كشف التناقضات حولها مثل تعريفه أو إن شئت تسطيحه لمفهوم الليبرالية ، أو قضية انبهاره بالغرب ، أو قياسه بنجاح التجربة اليابانية لأخذها بالحضارة الغربية ، وعلى ذات المنوال كان حواره مع الشاعرة والكاتبة حليمة مظفر ، التي زعمت أن الإسلام أساسه ليبرالي ، أو الدكتور عبد الرحمن الحبيب ، الذي زعم هو الآخر وجود طيف ليبرالي بالسعودية ! لهذا يبدو لك أن الدخيل متحالف مع (الفكرة الليبرالية) ، وكأنه يريد تسويقها عبر إدعاءات ضيوفه ، أو لا يرغب في كشف حقيقتها في مقابل الفكر الإسلامي ، أو على الأقل عدم توريط ضيوفه أمام المشاهد السعودي تحديداً بكشف مستواهم الفكري .من جانب آخر لن أشكك في المخزون المعرفي لدى الدخيل ، فربما يملك بضاعة ولكن لا ُيحسن ترويجها ، إنما أعتقد أن أسلوبه في الحوار في كثير من الأحايين يعطي انطباعاً سلبياً لدى المشاهد عن ثقافته كمحاور ، فعلى سبيل المثال نجح في استضافة الكاتب المصري سيد القمني ، ولكنه أخفق في مواجهته بفكره الماركسي القائم على تفسير التاريخ الإسلامي وبالذات العهد النبوي بالتنافس بين البيتين الهاشمي والأموي ، لدرجة أنه يرى الإسلام فكرة ابتكرها الجد عبد المطلب ونفذها الحفيد محمد (عليه الصلاة والسلام)!! . هذا لم نسمعه في الحوار الذي تحول إلى استعراض من قبل القمني عن عظمته الفكرية المهددة بالاغتيال من جماعات (الإرهاب) الإسلامي . لذلك أزعم أن إضاءات الدخيل إما أنه حوار لم يكتمل أو فكر لم ينضج .
محمد بن عيسى الكنعان *
03-24-1434 01:00
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..