الخميس، 7 فبراير 2013

الغنوشي لـ«المجتمع»: اكتشفنا أن الواقع أكثر استعصاء على التغيير والعقبات أكثر مما توقعنا

 تونس: عبد الباقي خليفه انتقلت الحركة الإسلامية في تونس ليس من المعارضة فحسب، بل من السجون والمهاجر إلى سدة الحكم، ورغم أن تجارب إسلامية سبقتها إلى الحكم، فإن تجربة «حركة النهضة» تبقى متفردة في بدايتها ومراحلها الجديدة التي قطعت عامين من عمرها المديد إن شاء الله تعالى. حول هذه التجربة، كان لـ«المجتمع» هذا الحوار الخاص مع رئيس «حزب حركة النهضة» الشيخ راشد الغنوشي، الذي بدأ حواره بتحية محاوره ومجلة «المجتمع» وإليكم نص الحوار: < انتقال «النهضة» من السجون والمهاجر إلى السلطة كان انتقالاً نوعياً وغير معتاد.. كيف؟ - بداية أحيي المنبر المتميز مجلة «المجتمع» الرائدة، مجلة الإسلام والمسلمين، ثانياً عن سؤالكم أقول: الانتقال نوعي وغير معتاد؛ لأنه انتقال من حالة تشبه العدم إلى حالة انتصار وحكم وتمكين، وذلك فضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بركة دماء الشهداء ودعوات المساجين والمهجرين، ودموع الآباء والأمهات والصالحين، والمرابطة والمصابرة وعدم المساومة، رغم أن ميزان القوى مائل لصالح الباطل، والحمد لله على فضله ومنته. وما كان لهذا الانتقال أن يحدث لولا هذه الثورة المباركة التي قلبت الموازين، ونستطيع القول: إعادة الموازين إلى نصابها.. الصحيح أن يكون الحق سائداً، لقد ساد الباطل لأكثر من نصف قرن، لكن ذلك لم يحوّله إلى حق. وقيام الثورة معناه أن الباطل فشل رغم امتلاكه لكل أدوات الترغيب والترهيب، فشل في الوصول إلى قلوب الناس؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن وليس بيد من يملك السلطة والمال والإعلام وأدوات الترهيب، وشعوبنا استقرت وترسخت فيها موازين الحق والباطل والخير والشر والحلال والحرام على نحو يصعب أن تخدع إلى الأبد، كما تخدع شعوب أخرى ليس عندها مثل هذه الموازين وهذه الثوابت، بما يجعل السلطان الإعلامي فيها سلطاناًًً مطلقاً. ورغم أن الإعلام الذي كان يتعبد للطاغوت ويلعن خصومه وأعداءه بالليل والنهار ويشيطنهم، استمر يفعل ذلك اليوم لدرجة تخوف العديد من الطيبين من أن ينجح هذا الإعلام في «شيطنة» الحركة الإسلامية مرة أخرى، وأنا أطمئن الإخوة بأن هذه الوسائل دأبت منذ نصف قرن على «شيطنة» الحركة الإسلامية، وفي أول فرصة للاختيار اختار الشعب دون تردد الحركة الإسلامية. < ما الخلاصات التي توصلت إليها الحركة الإسلامية بعد هذه الفترة القصيرة من مشاركتها الحكم؟ - دائماً يبقى هناك بون بين النظرية والتطبيق، مهما اجتهدنا يظل هناك بون بين ما يطاله البصر وما تطاله اليد، ما يتطلبه الواقع وما تتحكم فيه الإمكانات، اكتشفنا أن الواقع أصلب بكثير وأكثر استعصاء على التغيير مما توقعنا، والعقبات أكثر مما توقعنا. < ما حجم الثورة المضادة في تونس؟ - القوى المضادة ليست قليلة، وهي منبثة ومتغلغلة في مختلف مؤسسات المجتمع وحتى في أعماق النفوس، في الإعلام وفي المال والإدارة وكل أدوات السلطة، وهي في حالة فوران وتعبئة لإجهاض مشروع التغيير الثوري وحرمانه من النجاح وفرض الفشل عليه. < سَنُّ دستور يمثِّل الشعب حلم تونسي استمر لعقود طويلة، ماذا عن الدستور الجديد؟ - التونسيون ومنذ مائة عام يسعون ويقدمون التضحيات من أجل سن دستور ديمقراطي يزاوج بين الأصالة والمعاصرة، وهو جوهر المشروع الإصلاحي في القرن التاسع عشر لشعبنا ولأمتنا، وجاء الاستعمار ليجهض ذلك المشروع ويحل محله مشروع تحديث لا ينهض بالأمة على أسس الإسلام، وإنما على جثة الإسلام.. والثورة قامت على هذا المشروع الذي يخنق الإسلام ويشل فاعليته، المشروع الاستعماري فشل في التحديث وفي التنمية السياسية وفي التنمية الاقتصادية، وفرط في استقلال البلاد. < احتفلت تونس بالذكرى الثانية للثورة، ما إنجازات الثورة حتى الآن؟ - الحرية هي الأساس الذي بني عليه الوجود الإنساني، بين مجبولين على الطاعة من جهة (الملائكة)، والمعصية (الشياطين)، وتحقيق هذا المعطى هو أولوية أولى ومركزية أولى تعادل ما سواها، وتحقيق الحرية في تونس هو منجز تاريخي حققته الثورة، والتزمت به وحفظته وسعت إلى تأصيله الحركة الإسلامية وهي في السلطة.. ما يتمتع به الشعب التونسي من حرية لم يتمتع به في أي مرحلة تاريخية سابقة، فليس هناك سجين رأي واحد، وليس هناك حزب سياسي ممنوع، وليس هناك صحيفة متوقفة عن الصدور، ورغم العراقيل وما رافق التجربة القصيرة من هنات، فإن هناك إنجازات على الصعيد السياسي، وهو بناء نمط من السلطة لم تعرفه المنطقة من قبل، وتحقيق قدر من التنمية، فعندما تسلمت الحكومة السلطة كان مؤشر التنمية «2 تحت الصفر»، أصبح الآن 3.5%، وتم توفير مائة ألف فرصة عمل، وهي نفس وعودنا لشعبنا في حملتنا الانتخابية والقادم أفضل بعون الله تعالى. كما حصلت زيادة في الأجور بلغت 70 ديناراً تونسياً، وهو ما لم يحصل في تاريخ تونس الحديث، وتم زيادة المنح المخصصة للشؤون الاجتماعية كماً وكيفاً، حيث بلغت الأسر المتلقية للمساعدات نحو 400 ألف أسرة، وزيدت المنح 30 ديناراً إضافية إلى جانب بناء آلاف المساكن الشعبية، وإقامة العديد من المناطق الصناعية، وزيادة عدد الكليات (3 كليات) في تونس، وكذلك وصل عدد الطلبة الذين يحصلون على منح إلى 200 ألف طالب، وزيادة منح الدكتوراه إلى أكثر من الضعف؛ أي من 1400 دينار إلى 3 آلاف دينار، وهذا في ظرف أقل من سنة، ولا يعني ذلك أننا حققنا كل آمالنا، ولكن المطالب كما ذكرت أكبر من الإمكانات المتوافرة. < الإحصاءات تشير إلى أن 80% من عمليات العرقلة سببها الإدارة، هل من لجان متابعة لهذا الملف حتى لا تستمر هذه الخسائر؟ - على القوى السياسية والاجتماعية الحريصة على الثورة ألا تترك المفسدين وجهاً لوجه أمام الشرطة، ولكن أن يكون هناك من يتولى أدوات المتابعة والأدوات السياسية والإعلامية لحل المشكلات بدل أن يوكل كل ذلك للأمن. < البعض عندما يوجّه النقد للإعلام يقولون: يريدون إعلاماً تابعاً، أو يريدون تركيع الإعلام، ما تعليقك؟ - نحن نريد إعلاماً يعطي نفس المساحة لكل الأطراف، ويقف على نفس المسافة من الجميع حقاً وصدقاً وليس كما يزعمون. < ما الذي تختلف فيه تونس اليوم عن عهد المخلوع؟ وما رأيكم في المقارنات التي دأبت عليها بعض وسائل الإعلام؟ - هي مقارنات ظالمة متعسفة تعزف على وتر الحنين إلى الماضي، ونسيت أن هناك ثورة، وهي تريد إجهاضها، لا مقارنة بين سقف الحرية الراهن، وما تعرض له الشعب من قمع وكبت في السابق. < هناك مطلب لدى الجماهير وهو المحاسبة وتقديم «كمال اللطيف» للعدالة؟ - المحاسبة قادمة. < هل هناك أطراف خارجية وراء نكوص البعض عن المشاركة في الحكومة؟ - نحن لم نعلم ذلك. < هل هناك شروط لقبول الحوار مع حزب «الباجي قايد السبسي» المتهم بتجميع «الفلول»؟ - ليس في سياسة الحركة الآن الحوار مع «السبسي» < حتى لو تخلى عن رموز العهد البائد داخل حزبه؟ - لكل حادث حديث. < هل سيكون هناك قانون لتحصين الثورة، لا سيما وأن كثيرين يقولون: إنه بدون ذلك لا يمكن إبعاد شبح عودة «الفلول» المنتشرين في مفاصل الدولة؟ - هناك مشروع يناقش في اللجان الدستورية، وهو مشروع قدمته بعض الكتل في المجلس الوطني التأسيسي، وهو يناقش، ولكن لا ندري متى سيأتي دوره ليعرض على التصويت . < متى تتوقعون إجراء الانتخابات لا سيما وأن لجنة الانتخابات لم تتشكل بعد؟ - نتوقع أن تُجرى في الصيف، نحن نستكمل الأدوات ثم نسائلها. < هل الوضع الداخلي كَبَّلكم عن المساهمة بشكل أكبر في معالجة قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؟ - القضية الفلسطينية في القلب، وإن شغلتنا أوضاعنا في تونس إلى حين. < هل ستفتحون سفارة في سراييفو؟ - سأدفع باتجاه فتح سفارة لتونس في سراييفو، وأخرى في بريشتينا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..