قال إن تزايد الفقراء وارتفاع نسبة الأثرياء يعودان لسوء توزيع الثروة بين المواطنين
- الفاسدون لا يزالون يبنون أشكالاً جمالية في مكة والرياض وجدة رغم النقص الحاد في المستشفيات والمدارس والبنية التحتية.
- بالتفسير الصحيح للآيات والأحاديث وتوعية المجتمع ستنجح تجربة المرأة في "الشورى" بعيداً عن بعض العادات والتقاليد القديمة.
- قرار 200 ريال شهرياً على كل عامل أجنبي رفع أسعار البيض والحليب وجعل الشعب السعودي يدفع الثمن.
- الأنفاق والطرقات لا تزال تغرق بسبب الأمطار.. فأين المشاريع الناجحة؟
- علينا التخلُّص من السفير والوزير
والمستشار وأصحاب المناصب ووكلاء الوزارات و"الديناصورات" القدامى وضخ
دماءٍ شابّة جديدة في الدولة.
- أطالب بالتحقيق مع الشركات التي صدرت بعلاوات لإعادة ما أخذته من المكتتبين بغير وجه حق.
- الخصخصة ودعم الدولة لأسواق الأسهم أثبتا تخلفنا عن التوجهات العالمية.
- أسهم بعض الشركات السعودية "ما تسوى 3 ريالات" والدليل شركتا المعجل والمتكاملة.
- ليس لدينا اقتصادٌ حقيقي بل نحن باعة ثروة طبيعية استخرجتها أيدٍ أجنبية.
- لدينا مصانع يعمل فيها عمالٌ غير سعوديين ومكائن لم تصنع في السعودية .. فكيف تكون المصانع سعودية؟
- البضائع الصينية في السوق السعودي دليلٌ على أن الرديء يطرد الجيد.
- الاقتصاد الذي لا يستر عورة مواطنيه ليس اقتصاداً.
- عوائد شركتَيْ سابك والغاز متناقصة وشركات أخرى لا تحقق أرباحاً ومهدّدة بالإيقاف لتآكل رأس مالها.
حوار: شقران الرشيدي- سبق- الرياض: قال
الخبير والمستشار الاقتصادي د. طارق كوشك، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك
عبد العزيز بجدة، إن أسلوب إدارة الميزانية العامة للدولة وموازنة البنود
الحالي هو أسهل وسيلة لسرقة واختلاس وإهدار وسوء استغلال المال العام
مطالباً بتغييره.. مؤكداً أن بعض الشركات السعودية في سوق الأسهم "ما تسوى 3
ريالات" كشركتَي المعجل، والمتكاملة وغيرهما. وقال في حديثه لـ "سبق": لا
بد من التحقيق من قِبل لجنةٍ محايدة مع تلك الشركات وإرجاع ما أُخذ من
المكتتبين بغير وجه حق. مشيراً إلى أن ليس لدينا اقتصادٌ حقيقي، بل نحن
بائعون لثروةٍ طبيعيةٍ استخرجتها أيدٍ أجنبية وكرّرتها مصانع أمريكية.
وأوضح أن قرار تحصيل 200 ريال شهرياً عن كل عاملٍ أجنبي جعل الشعب السعودي
يدفع ثمنه. وتطرّق الحوار لعددٍ من القضايا الاقتصادية والعامة بكل جرأةٍ
وشفافيةٍ كتجربة المرأة في الشورى، والفساد المالي والإداري، ونظام
المناقصات الحكومي، ودور البنوك في المجتمع، والبطالة، وبرنامج حافز وغيرها
من المحاور المهمة، فإلى تفاصيل الحوار:
* يرى كثير من الخبراء والاقتصاديين أن أسلوب
إدارة الموازنة العامة في المملكة هو سببٌ رئيسٌ للاختلاس وسرقة المال
العام والفساد.. كيف ترى ذلك؟
- إذا ما قرأت أي كتابٍ في المحاسبة الحكومية وبأي لغةٍ في العالم ستجد هذه
الحقيقة التي تؤكد أن موازنة البنود هي أفضل وسيلة لسرقة واختلاس وإهدار
وسوء استغلال المال العام. لذلك تخلت عنها الدول المتقدمة وانتقلت إلى
موازنة الأداء التي انتقلوا بعدها إلى نموذجٍ أكثر تطوراً هو نموذج موازنة
البرامج والأداء ثم انتقلوا بعدها إلى الموازنة الصفرية وأخيراً انتقلوا
إلى استخدام الموازنة التعاقدية. أليس هذا دليلاً كافياً على أن موازنة
البنود ليست الأكثر ملاءمة للبيئة السعودية ودليلاً على أن وزارة المالية
لا تواكب أحدث النظريات والمفاهيم العلمية المستخدمة في إدارة واستغلال
المال العام؟ هناك أيضا دليلٌ آخر على أن موازنة البنود هي أفضل وسيلة
لسرقة المال العام وهو حساب إبراء الذمة الذي أُنشئ في عام 2006 حيث بلغ
إجمالي ما أودع فيه حتى شهر فبراير من عام 2013 ما مجموعه 237 مليون ريال،
وكذلك الملاحظات التي أوردها ديوان المراقبة العامة في تقريره لعام 1433
هـ. أما عن سوء استغلال المال العام فيتمثل في إنشاء أشكالٍ جمالية
كبوابتَي مكة والرياض وميدانَي الفلك والدراجة في جدة في حين تعاني المملكة
العربية السعودية من نقصٍ حادٍ في عدد المستشفيات والمدارس والبنية
التحتية في كثيرٍ من المدن السعودية.
* في ظل الفوائض المالية العالية في ميزانية
الدولة لا يزال هناك فقراءٌ في المجتمع السعودي، ومن المفارقات أن تتحدث
بعض التقارير عن تزايد شراء الطائرات الخاصّة للأثرياء السعوديين؟ في رأيك
كيف تفسر هذا التناقض وما السبب الكامن خلفه؟
- هذا يؤكّد سوء توزيع الثروة فيما بين المواطنين. فالمتابع للشأن
الاقتصادي السعودي، وتحديداً دخل المواطنين، سيجد أن نسبة الفقراء
والأغنياء في ازديادٍ ونسبة الطبقة الوسطى في تناقصٍ، ولعل لهذه الظاهرة
عوامل عدة، منها ما يلي:
1. إن الإنفاق الحكومي غير المسبوق والضخم على المشاريع الإنشائية وعلى
عقود الصيانة تستفيد منه شريحةٌ معيّنة في المجتمع السعودي ما زاد من
ثرواتهم وبالتالي نفقاتهم الترفيهية.
2. إن الشباب السعودي الذي وُظِف أخيراً وبرواتب قد لا تتجاوز خمسة آلاف ريال يمثلون فئةً كبيرةً في المجتمع السعودي.
3. إن طبقة الدخل المتوسطة على وشك الانتهاء؛ لأن معظم مَن يقع في هذه الفئة قريبٌ من سن التقاعد، هذا إن لم يكن قد تقاعد فعلاً.
* الفساد المالي والإداري أدّى إلى انهيار عديدٍ
من الدول كالاتحاد السوفياتي ومن يدور في فلكه.. كيف يمكن الحد من هذه
الظاهرة المستشرية؟
- الفساد المالي والإداري هو معول هدمٍ يجب إيقافه إذا ما أردنا المحافظة
على أمن الوطن واستقراره. هذه الآفة موجودة في كل دول العالم إلا أن الفارق
الوحيد بين تلك الدول هو أن بعض الدول انتبهت لمعول الهدم هذا مبكراً
فنجحت في مكافحته، في حين أن دولاً كثيرة لم تكافحه فكان مصيرها إما الزوال
وإما التخلف عالمياً. لذلك إذا أردنا القضاء على الفساد، فلا بد من القضاء
على أي ثغراتٍ في الأنظمة وتشجيع الإعلام على عدم الصمت حتى لا يتمادى
الآخرون.
* يتردّد أن نظام المناقصات والمشتريات الحكومي يعد أحد أهم عوامل انتشار الفساد في الدولة .. كيف يمكن تطويره؟
- نظام المشتريات الحكومية واحدٌ من الأدوات التي مهما طوّرتها فلن يجدي
التطوير نفعاً طالما هناك فاسدون أو مشجعون على الفساد أو متهاونون معه. هي
منظومة متكاملة يتطلب الأمر بالضرورة علاج جميع منسوبيها والمعاقبة
(علناً) مهما كان منصبه أو اسمه، عدا ذلك فثق كل الثقة أن أيَّ جهودٍ تُبذل
لمكافحة الفساد بأنواعه إنما هي جهودٌ مهدرة وناقصة ومعيبة وستساعد على
هلاك البلاد والعباد.
* ذكرت في إحدى القنوات أن صناديق البنوك يديرها ناس "مجهولو الهوية".. هل وضّحت أكثر؟
- تطبيقاً لمبدأ الشفافية وكحقٍ من حقوق المستثمر، فإنه يجب أن تعلن البنوك
جنسية وأسماء وخبرات وشهادات مَن يدير تلك الصناديق، وذلك حتى يطمئن
المواطن إلى كفاءة ونزاهة واستقلالية مديري الصناديق. دون هذه المعلومات
سيظل مديرو تلك الصناديق مجهولي الهوية، وسيكون هناك محل شبهة تستلزم
التحقيق من هيئة مكافحة الفساد والجهات ذات الاختصاص كهيئة السوق المالية،
إن كانت مازالت تمارس عملها ولم تلغَ.
* يقولون إن علامات (الشفاء والعافية) بدأت تظهر في الاقتصاد السعودي، هل تتفق مع هذا الرأي؟
- الاقتصاد الذي لا يستر عورة مواطنيه ليس اقتصاداً. انظر إلى ثوبك من أين
جاء قماشه ومن الذي خاطه لك. انظر إلى عقالك من أين جاءت خيوطه، ومَن الذي
صنعه لك؟ انظر إلى حذائك من أين جاء ومَن الذي صنعه لك؟ بل إن شماغك الذي
هو رمز هويتك كسعودي وخليجي مصنوعٌ في بريطانيا أو الصين وبخيوط وقماش ليس
سعودياً. تخيّل نفسك دون هذه المنتجات ..عندها ستعرف حقيقة الاقتصاد
السعودي.. قد يقول قائل: ألم تر المدن الصناعية في المدن السعودية؟ لهذا
القائل أقول: لدينا مصانع غير نفطية يعمل فيها فنيون وعمال أغلبيتهم غير
سعوديين على مكائن وآلات لم تصنع أصلاً في السعودية .. فكيف تكون تلك
المصانع سعودية؟ في اعتقادي أنه ليس لدينا اقتصادٌ حقيقي، بل نحن بائعون
لثروةٍ طبيعيةٍ استخرجتها أيدٍ أجنبية وكرّرتها مصانع أمريكية وغربية
وسوّقتها شركاتٌ سعودية تحت إشرافٍ واستشاراتٍ أجنبية.. فأين الاقتصاد
السعودي الذي تتحدّث عنه والذي تعتقد أن علامات الشفاء والعافية بدأت تظهر
عليه؟! إن كنت مؤمناً بأن هناك اقتصاداً سعودياً فهلا أزلت العائدات
النفطية من حساباتك ثم حسبت كم لدينا من إيراداتٍ و كم يبلغ الدخل (الناتج)
القومي وكم يبلغ الناتج المحلي؟ وكم هو حجم هذا الاقتصاد السعودي؟
* حسناً.. وكيف يمكن خلق اقتصادي سعودي حقيقي نضمن استمرار ازدهاره؟
- قد تستغرب إن ذكرت لك عوامل ربما لم تسمعها من قبل، ولكنني أكاد أجزم
بأنها هي ما نحتاج إليه في القادم من الأيام إذا أردنا خلق اقتصادٍ حقيقي،
ومن ثم تطويره والوصول به إلى القمة التي يجب المحافظة عليها؛ لأن الوصول
إلى القمة سهل جداً ولكن البقاء عليها قد يكون أمراً صعباً. هذه العوامل
هي:
1. التخلص من رأس الأفعى المتمثلة في موازنة البنود - ميزانية الدولة
العامة - التي تهدر المال العام، وتساعد على سرقته، وسوء استغلاله
الاستغلال الأمثل.
2. التخلص من مثلث الخلود.. يتكون مثلث الخلود من ثلاثة أضلع: تمثل وظيفة
"سفير" الضلع الأول من المثلث، أما وظيفة "وزير" فتمثل الضلع الثاني، أما
الضلع الثالث فتمثله وظيفة "مستشار"، حيث تجد مواطناً واحداً يتنقل بين
الأضلع الثلاث لعقودٍ عديدةٍ دون ضخ دماءٍ شابة جديدة.
3. التخلص من العقول الديناصورية، والأجساد الأحفورية.. إن نظرت إلى
الأجهزة الحكومية كافة فستلاحظ أن كثيراً من القيادات السعودية على مستوى
وكلاء الوزارة فما دون مستمرون في مناصبهم منذ عقودٍ طويلة حتى أصبح كثيرٌ
منهم يعتقد أن منصبه ملكٌ خاص به. ولعلي هنا أضرب مثاليْن هما الخصخصة،
ودعم أسوق الأسهم. ففي الوقت الذي قذفت فيه الدول الغربية - والأوروبية
تحديداً - مفهوم الخصخصة إلى سلة المهملات منذ عام 1990 ميلادية بسبب ما
أدّت إليه من ارتفاعٍ متواصلٍ في أسعار السلع والخدمات، ومن ثم استبدالها
بالمفهوم المعاصر للإدارة العامة نجد مَن ينادي هنا بتطبيق الخصخصة في
المملكة، وذلك لأنه لم يطلع على هذا المفهوم المعاصر. ومثال آخر ففي الوقت
الذي تدخّلت في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان التي
ضخت أكثر من 160 مليار دولار لدعم اقتصاداتها في مواجهة الأزمة المالية
إبّان عام 2008م لمنعها من الانهيار، نجد مَن كان يطالب هنا في السعودية
بعدم تدخُّل الحكومة السعودية لدعم سوق الأسهم السعودية بحجة حرية
الاقتصاد، وهو الفكر التابع للنظرية "الكنزية" التي قذفت إلى سلة المهملات
في السبعينات الميلادية.
4. وضع ونشر، وتفسير الأنظمة، والقوانين، واللوائح التي تنظم العمل
التجاري. حتى لا تفسر تفسيراً شخصياً في كثيرٍ من الأحوال، وهو ما يفسر
كثيراً من حالات الرشوة، والفساد المالي المذكور في كثير من التقارير
الرسمية..
5. وضع عقوباتٍ صارمةٍ وواضحةٍ وقابلةٍ للتطبيق الفوري عند مخالفة تلك
الأنظمة وعدم الذهاب إلى غياهب ودهاليز المحاكم التي قد تستغرق عقوداً
للنطق بالحكم مما يفقد القضية أهميتها ويشجّع الآخرين على ارتكاب المخالفات
نفسها. ولعل قضية سيول جدة أكبر شاهدٍ على مثل هذه الأمور، لذلك إن أردنا
ازدهار اقتصادنا فعلينا منح السلطة التنفيذية حق تنفيذ العقوبات دون اللجوء
إلى المحاكم السعودية.
6. وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. انظر مثلاً لكل وزرائنا وأعطني
وزيراً واحداً متخصّصاً في مجال وزارته باستثناء وزير الصحة. قد يقول قائل
إن هذا منصبٌ سياسي وليس إدارياً، ولمثل هذا القائل أقول: لِمَ العلم
والجامعات والشهادات العليا إذن؟! وهذا لا يعني أن نسهم في خيانة الأمانة
لذا يجب العمل على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لشهاداته وخبراته.
* في الاقتصاد السعودي: هل لا تزال العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق السعودي؟
- نعم أوافقك الرأي تماماً.. بل في اعتقادي أن العملة الرديئة هي عملة
مسيطرة أكثر من كونها طاردة. فانظر - على سبيل المثال - البضائع الصينية
السائدة في السوق السعودي بسبب انخفاض أسعارها، وكذلك انظر إلى المحال
التجارية الفردية المسيطر عليها تشغيلاً وتحصيلاً من قِبل العمالة الوافدة،
وانظر إلى الوظائف الإدارية المسيطر عليها من قِبل وافدين - كثيراً منهم -
غير مؤهلين بل منهم مَن يحمل شهادات مزورة. وكذلك انظر إلى سوق الأسهم
السعودية، كمثالٍ آخر، حيث تجد أسعار أسهم شركات ذات عوائد إما أنها ثابتة
منذ سنين، وإما أنها متناقصة كشركتَيْ سابك والغاز، في حين تجد شركات لا
تحقق أرباحاً، بل منها ما هو مهدّد بالإيقاف؛ نظراً لتآكل رأس مالها؛ تصعد
بالنسب العُليا كبعض شركات التأمين.
* قلت ذات مرة: في سوق الأسهم تطرح أسهم شركات "ما تسوى 3 ريالات" ماذا تقصد؟
- إن الدليل على صحة كلامي واضحٌ أمامك كوضوح الشمس في شركتَي المعجل،
والمتكاملة حيث قيمتهما، اليوم، لا تساوي حتى الصفر. إن كثيراً من الشركات
التي طُرحت في سوق الأسهم، وخاصة تلك التي صدرت بعلاوات إصدار تستلزم
بالضرورة التحقيق من قِبل لجنةٍ محايدةٍ مكوّنة من محاسبين، وقانونيين بهدف
إعادة احتساب القيمة العادلة لتلك الشركات، ومن ثَم إرجاع ما أُخذ من
المكتتبين بغير وجه حقٍ، ومحاكمة المتورطين وذلك إذا أردنا ألا نواجه كوارث
إضافية على شاكلة "المعجل" و"المتكاملة" وقبلهما "عذيب"، وبعض شركات
التأمين.
* لكنك تتبنى موقفاً سلبياً، وتكرِّس إن "سوقنا
ليس كأسواق العالم، وليس جاذباً بل طاردٌ للاستثمار"? بمعنى آخر.. يتضايق
بعض المواطنين من خروجك على القنوات الفضائية لتحليل الأسهم السعودية،
ويرون أنك دائماً ما تحبطهم بتحليلاتك؟
- أنا لم آت بهذا القول من عندي، بل من تقارير رسمية تؤكّد رأيي، ومن
مشاهداتٍ يومية في سوق الأسهم. لنأخذ "سابك" مثالاً ولعامٍ واحدٍ فقط يمكن
القياس عليه للسنوات الماضية. فـ "سابك" كان سعرها في 3 / 4 / 2012 يبلغ
110.25 ريال ثم هبط خلال ثلاثة أشهر فقط وتحديدا في 18 / 7 / 2012 إلى
84.75 ريال ثم عاد، وارتفع بتاريخ 9 / 3 / 2013 إلى 93 ريالاً بمعنى مَن
اشترى "سابك" للاستثمار العام المنصرم فقط مازال خاسراً ما قيمته 17 ريالاً
أي ما يعادل 16% خلال عامٍ واحدٍ.. فهل تعتقد أن مثل هذا الوضع هو وضعٌ
جاذبٌ للاستثمار؟ وعلى العكس من ذلك لنأخذ سهماً مضاربياً كسهم "أمانة"
الذي كان سعره في 3 / 6 / 2012 يعادل 27.3 ريال، ثم ارتفع في غضون ثلاثة
أشهر فقط، وتحديداً في 29 / 9 / 2012 إلى 292 ريالاً ثم انهار أخيراً إلى
سعر 44 ريالاً بتاريخ 9 / 3 / 2013م. في ظل هذين المثالين فقط أعطني
مستثمراً واحداً عاقلاً - محلياً أو إقليمياً أو عالمياً - يستثمر في سوق
الأسهم السعودي. هذان المثالان، إلى جانب أمثلةٍ أخرى، تؤكد أن المضاربة في
سوق الأسهم السعودية قد تكون أكثر نفعاً من الاستثمار، كما أن مثال سهم
"أمانة" يؤكّد أن المضاربة في سوق الأسهم السعودية لا تخلو من مخاطر قد
تؤدي إلى الإفلاس. بناءً عليه أعطني مضاربا - إقليمياً أو عالمياً - قد
يغامر بالمضاربة في سوق الأسهم السعودية، خاصةً أن به شركات تجاوزت خسائرها
الحد المقبول كالباحة وثمار وبعض شركات التأمين كأسيج وسند.. كدليلٍ آخر
يؤكّد ما ذهبت إليه بأن سوق الأسهم طاردٌ للاستثمار هو حجم التداول اليومي
الذي وصل إلى خمسة مليارات ريال بعد أن كان التداول اليومي لا يقل عن
ثلاثين ملياراً، بل وصلنا في يومٍ من الأيام إلى أربعين ملياراً. إن كان
السوق جاذباً للاستثمار، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين ذهبت كل تلك
المليارات؟
* على وزن "أحدث مشروع" و"أكبر صرح" ما هو "أنجح" مشروع حكومي حتى الآن؟
- نجاح المشاريع الحكومية يؤدي بالضرورة إلى تقدُّم الدولة. فعلى سبيل
المثال، لو سألك أحد عن دبي فماذا ستقول له؟ من المؤكد أنك ستقول له إنك
وجدت شعباً إمارتياً راقياً في أخلاقه، ووجدت نهضةً عمرانيةً تواكبها بنية
أساسية، وطفرة اقتصادية، وأنظمة، ولوائح حديثة. قد تقول له أيضاً إن مَن
زار دبي قبل عشر سنوات لن يعرفها الآن حيث وسائل المواصلات الحديثة، وأماكن
الترفيه النظيفة، هذا ناهيك عن الأسواق العالمية، وناطحات السحاب الخرافية
التي جذبت أكثر من مليون سائح سعودي. قس على ذلك الوضع في السعودية حيث
مازلنا في مدينة جدة نستخدم التريلات في نقل مياه الشرب والتي تنقل بدورها
إلى بحيرات كبحيرة المسك؛ نظراً لعدم وجود بنيةٍ تحتيةٍ في كثيرٍ من مناطق
ثاني أكبر مدينة في المملكة. أما أكبر مدينة فيها وهي الرياض، فتخلو من
وسائل النقل العام المعاصر. لا شك أن هناك مشاريع، ولكن: هل هذه المشاريع
أدّت إلى أن يُشار إلى السعودية بالبنان كما يُشار الآن إلى بانكوك كأجمل
مدن العالم سياحياً، وكسنغافورة كأنظف بلدٍ في العالم وكلندن كأفضل مدينة
مواصلاتٍ في العالم. فأي مشاريع ناجحة تتحدّث عنها؟! فبلد كالسعودية كان
ينبغي أن تكون أفضل مما هو عليه الآن لولا مثلث الخلود وموازنة البنود،
والعقول الديناصورية والأجساد الأحفورية التي بنت أكبر دوّار دراجة في
العالم، في الوقت الذي مازلنا نستأجر فيه المدارس، وأنشأت بوابة الرياض
الجمالية، في الوقت الذي لا نجد فيه سريراً لمريض، وحفرت الأنفاق، وشقت
الطرقات لتغرق وتجرف بسبب زخات من مطر، كما حدث في أنفاق الرياض وجدة
وأخيرا تبوك.
* إلى أي مدى نجحت الدولة في جذب الاستثمارات
الأجنبية وتنويع الاقتصاد عندما سمحت للقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب
المشاركة في قطاعَي توليد الطاقة والاتصالات والمصارف؟
- لو كان هناك جذبٌ حقيقي وفعّال للاستثمارات الأجنبية لوجدت أن هناك أكثر
من بنك عالمي يمارس نشاطه حالياً في السعودية. أما بخصوص الاستثمار الأجنبي
في مجال توليد الطاقة فلا أعرف سوى شركة الكهرباء السعودية، وفيما يتعلق
بالاستثمار في قطاع الاتصالات فانظر إلى شركات الاتصالات المتعثرة كزين
وعذيب، والمتكاملة لتعرف حقيقة وقوة الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع. إن
الاستثمار الأجنبي الحقيقي في السعودية تجده ظاهراً للعيان في المحال
الموجودة في الأسواق الشعبية والمولات التجارية، وفي المطاعم والبقالات حيث
ستجد المستثمر الأجنبي واقفاً أمامك مع مجموعة من مواطنيه. في اعتقادي أن
الاستثمار الأجنبي تحتاج إليه دولٌ فقيرة ليس لديها احتياطيات نقدية تتجاوز
ثلاثة تريليونات ريال سعودي.
* اعترض الكثير من رجال الأعمال على قرار وزارة
العمل الخاص بتحصيل 200 ريال شهرياً عن كل عاملٍ أجنبي معتبرين ذلك نوعاً
من الضرائب غير المباشرة، كيف ترى القرار وتداعياته الاقتصادية؟
- هذا القرار في اعتقادي أنه قرارٌ هادفٌ، وصائبٌ إلا أنه طُبِّق
بارتجاليةٍ ما جعل الشعب السعودي يدفع ثمن هذا القرار الذكي. إن الهدف
السامي من هذا القرار هو رفع تكلفة العمالة الأجنبية أمام رجال الأعمال
الذين يفضّلون على العمالة السعودية العمالة الأجنبية لتدني تكلفتها. هذا
الهدف السامي كان ينبغي أن يرافقه قراران: الأول يقضي بعدم رفع أسعار السلع
والخدمات، والثاني يفرض عقوبات وضرائب على كل مَن تسوّل له نفسه رفع
الأسعار. لكن وبسبب عدم صدور مثل هذيْن القراريْن فقد "رحّل" رجال الأعمال
والعمال هذه الزيادة إلى المواطن السعودي من خلال رفع أسعار السلع والخدمات
المقدمة للمواطن السعودي. فعلى سبيل المثال، العامل المهني الذي كان
يتقاضى 100 ريال للعمل اليومي أصبح يتقاضى 120 ريالاً، والخدمة التي كانت
تقدم بـ 200 ريال أصبحت تقدم بمبلغ 300 ريال مثل البوب كات (شيول صغير
جداً)، والسلعة التي كانت تباع بعشرة ريالات أصبحت تباع بخمسة عشر ريالاً،
وطبق البيض، وعلب الحليب الجاف، والأمثلة على ذلك كثيرة. في اعتقادي أن هذا
القرار الرائع والشجاع جاء أيضاً في وقتٍ غير مناسبٍ لعدم توافر البديل
الجاهز، خاصة في المجال المهني. فكانت النتيجة ارتفاعاً في أسعار الخدمات
التي تقدّمها العمالة المهنية الوافدة. وفي اعتقادي أن الأمر يستلزم
بالضرورة دراسة بعض القرارات التنظيمية بما يجعل تطبيقها نافعاً للوطن
ومفيداً للمواطن وليس العكس.
* حسب الإحصاءات الصادرة عن وزارة العمل هناك
448 ألف مواطن ومواطنة عاطلون عن العمل مقابل 8 ملايين وافد يعملون في
السعودية منهم ستة ملايين في القطاع الخاص، هل نحتاج إلى مبادرات ميدانية
في سوق العمل والتنسيق بين الوزارات والجهات الحكومية المختلفة لحل هذه
الأزمة؟ وما أهم الحلول للتعامل مع مشكلة البطالة في المملكة؟
- دائماً ما نسمع ونقرأ أن هناك مليون سعودي عاطل عن العمل، في حين أن هناك
8 ملايين أجنبي يعملون في المملكة العربية السعودية. حقيقة هذه المقولة
تخلو من الواقعية، لأنها لا تتناسب مع سؤالٍ جوهري مفاده ما تخصصات كلا
الطرفين؟ بمعنى ما تخصصات الشباب السعودي العاطل عن العمل؟ وما المهن الذي
يعمل فيها هؤلاء الثمانية ملايين أجنبي؟ فعلى سبيل المثال، فإن السعوديين
العاطلين عن العمل يمكننا تصنيفهم على النحو التالي: (1) الشهادة الثانوية
فما دون (2) الشهادة الجامعية فأعلى. فالنوع الأول ليس له تخصُّص علمي، كما
أن كثيراً منهم لا يمتلك أي مهارةٍ حرفيةٍ أو مهنية. أما الفئة الثانية
فتنقسم إلى قسميْن (أ) القسم العلمي و (ب) القسم الأدبي. بخصوص القسم
الأدبي فعلى الرغم من أن بعضهم يحمل شهادات جامعية بالانتساب وبعضهم الآخر
يحمل شهادات جامعية بالانتظام إلا أن أغلبيتهم العظمى (ولا أقول جميعهم)
متخصّصون إما في علومٍ دينيةٍ أو أدبيةٍ كالتاريخ والجغرافيا والشريعة أو
تخصّصات نظرية كالإدارة العامة وإدارة الأعمال، في حين أن سوق العمل يحتاج
إلى مهاراتٍ فنيةٍ مهنية. وهذه المهن مع الأسف الشديد من الصعوبة بمكان أن
تجد سعودياً يجيدها أو حتى يرتضي أن يعمل فيها تطبيقاً لقاعدة نحن
السعوديين نحمل جنسية أكبر دولة مصدّرة للنفط، فكيف نعمل في مثل هذه المهن
الحرة، ناسين تماماً أن أجدادنا لم يكونوا موظفين، بل كانوا مهنيين. أما
بخصوص حاملي الشهادات العلمية كالهندسة والطب والعلوم الطبية والمحاسبة
فأغلبيتهم لا يملكون الخبرة الميدانية، كما أن اللغة الإنجليزية لديهم
غالباً ما تكون ضعيفة. لذلك فإن القضاء على البطالة في السعودية يستلزم
بالضرورة ما يلي:
1- حملات دعائية ودورات تثقيفية وتوعوية بما يؤدي الى إقناع الشباب
السعودي، بأنه لم يعد هناك مجالٌ للحصول على مزيدٍ من الوظائف الإدارية
سواء في القطاع الخاص أو العام. 2 - تصنيف العاطلين عن العمل وإعادة توجيه
الشباب بعيداً عن كثيرٍ من التخصّصات الجامعية النظرية والأدبية.3 - فتح
مزيدٍ من المعاهد و الكليات التقنية والحرفية. 4 - تبني سياساتٍ تشجيعيةٍ
تقدم رواتب مغرية لكل سعودي يعمل في المهن الحرفية واليدوية مع العمل على
تغيير بعض المسميات. 5- استغلال مكافآت حافز في إعادة تأهيل مَن ليس لديه
خبرة أو مهنة حرفية أو يدوية.
* برنامج حافز وغيره من البرامج الأخرى، هل سيكون لها أثرٌ كبيرٌ مستقبلاً في خريطة التوطين في السعودية؟
- فكرة برنامج حافز مأخوذة من الإعانة الاجتماعية الموجودة في بعض الدول
الأوروبية. بمعنى ضرورة تقديم إعانات نقدية ومالية لمَن لا وظائف لهم
تفادياً لانحرافهم ومساعدة لهم بما يضمن الحد الأدنى من المعيشة الإنسانية.
لذلك ما كان ينبغي ربط هذا البرنامج بالتوظيف بأي حالٍ من الأحوال. أما
وقد رُبط، فإنني أعتقد أنه قد يُسهم في توطين الوظائف وقد يشجع العاطلين عن
العمل على البحث عن وظائف قادرين على إنجاز مهامها. لكن في هذا الخصوص،
فإن لي وجهة نظر مبنية على حكمة مفادها "علّمني الصيد ولا تعطني سمكة".
* كيف ترى دور البنوك والمصارف السعودية في المساهمة الجادة في حل إشكاليات المجتمع كحل أزمة السكن على سبيل المثال؟
- الأغلبية العظمى من البنوك في المملكة العربية السعودية – مع الأسف
الشديد - لا هَم لها سوى تحقيق أقصى ربحٍ ممكنٍ من جيوب المواطنين حتى لو
كان ذلك على حساب مصلحة الوطن، لذلك لا تتوقع من كثيرٍ من البنوك السعودية
أن تسهم في حل بعض الإشكاليات الاقتصادية أو حتى في تنمية المجتمع
ورفاهيته.. فالبنوك السعودية في نظر مسؤوليها ما هي إلا أداة جمعٍ للأموال
وليس جهة صرفٍ لها والدليل على ما أقول هو مجموع أرباح هذه البنوك في عام
2012م التي بلغت 28 مليار ريال سعودي.
* هل ارتفاع مستوى إقراض البنوك للقطاع الخاص يبعث على القلق؟
- بالنسبة للبنوك، فإنه لا يبعث على القلق وذلك لأن البنوك السعودية تتبع
سياسة إقراض حذرة جداً تحميها من أي خسائر محتملة كالحصول على ضماناتٍ
بنكيةٍ بالنسبة للشركات، والحسم من الرواتب بالنسبة للأفراد. لكن فيما
يتعلق بالأفراد والقطاع الخاص، فإن الأمر مقلق جداً بسبب الخوف من العجز عن
السداد، كما حصل مع بعض كِبار رجال الأعمال في المنطقة الشرقية، ما جعل
بعضهم يصفي نشاطه وبعضهم الآخر عُرضة للسجن، مثل رجل الأعمال أحمد بن حمد
القصيبي، الذي يُقال إن مجموع القروض التي حصلت عليها شركته يبلغ 34 مليار
ريال من أكثر من 100 بنك محلي وإقليمي وعالمي.
* دخول المرأة مجلس الشورى وبقرارٍ من رجل الدولة الأول، كيف يمكن إنجاح التجربة؟
- ستنجح التجربة بتوعية المجتمع وتفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
الشريفة تفسيراً صحيحاً وليس تفسيراً يخدم بعض العادات والتقاليد التي
مازال بعضها يصرُّ على حرمان المرأة من نصيبها في الإرث، بل يعد إعطاءها
ذلك الحق عاراً ما بعده عار.
* ما أبرز التحديات التي يتعرّض لها الاقتصاد السعودي حالياً؟
- أكثر التحديات التي يواجهها الاقتصاد السعودي في مستقبل الأيام، هي: 1-
خلق اقتصاد إنتاجي وخدمي حقيقي ومتكامل. 2- تنويع مصادر الإيرادات
الحكومية.3- تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية. 4- الاستغلال الأمثل
للموارد (الطبيعية والبشرية) المتاحة.
* هل من كلمةٍ أخيرةٍ في هذا اللقاء تود إضافتها؟
- نعم.. فصديقُك هو مَن صَدَقَك القول لا مَن صَدَّقك. فمن المؤكد أن
كلماتي كانت مؤلمةً للبعض وصادمةً للبعض الآخر، ولكن إذا ما أردنا الخير
لبلادنا فيجب أن نقول الحقيقة مهما كلف الأمر. وأتمنى من الجميع ألا يعتقد
أنني أنتقد لمجرد الانتقاد، بل إنني أقدم رأياً يحتمل الصواب ويتطلب
الحوار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..