الأحد، 3 مارس 2013

أدعو إلى عسكرة المجتمع وفتح أبواب التجنيد للعاطلين من الشباب!

 مرت بنا أزمة الخليج الثانية حين غزا حزب البعث العراقي الكويت عام 1990م وهدد بلادنا فاستنفرنا أنفسنا وهب الشباب إلى مراكز التدريب التي فتحت للمتطوعين، وتلقوا دروسا في حمل السلاح والدفاع وحماية المنشآت والإنقاذ والإغاثة وما استدعته تلك الأزمة التي تطورت بصورة سريعة إلى أن انهالت على الرياض عشرات الصواريخ من فئة سكود وإلى أن زحف الجيش العراقي المدفوع بحماقة قائده صدام إلى أن يدخل حفر الباطن، فشعر الجميع أن التهديد الذي كانت تطلقه الأبواق الخاسرة من إذاعة بغداد، وما سمي آنذاك بإذاعة مكة وإذاعة المدينة أن ذلك الرغي الأحمق لم يكن استهلاكا للكلام ولا تهويلا أو تهديدا فقط، بل أصبح أقرب إلى الحقيقة، فتم ردع المعتدي بتضافر قوات درع الجزيرة الباسلة، وبطولة صقور طيراننا الجوي الأبطال الذين أثبتوا للعالم كله كفاءة قتالية نادرة أصبحت مضرب المثل في الشجاعة واستيعاب فنون المراوغة وافتراس الأهداف الغازية بضربة واحدة من طائرة واحدة !

ونحن نعيش اليوم في حالة رغي حمقاء جديدة يرعد ويزبد بها من هم أشد خسة ولؤما من البعثيين الذين اندثروا وفنوا، ويتم الآن سحق بقايا سلالاتهم الخبيثة في الشام على أيدي الثوار السوريين الأحرار الذين يسطرون صورا من البطولات الفذة لتخليص بلادهم من سلالة الباطنيين النصيريين الطائفيين الذين جمعهم الولاء للطائفة شكلا، ودفعهم التخطيط الفارسي الخفي الشعوبي فكرا ومضمونا وأهدافا وإستراتيجية.

ولا نريد أن نكرر حالة الاسترخاء التي سبقت أزمة الخليج الثانية عام 1411هـ 1990م وليس من المقبول ألا نستفيد من الدرس الماضي، ونلتفت حين يجد الجد إلى ما لدينا فلا نجد ما يكافئ حالة الاعتداء وما ينهض بالدفاع عن الوطن، ومن غير شك أن قيادتنا الموفقة - حماها الله وأيدها بنصره - تدرك هذه الأبعاد كل الإدراك وليست في حاجة إلى التذكير بذلك، ولا أعد ما أكتبه الآن في هذه المقالة مواكبا لدعوات الطائفيين من موالي الفرس الحمقى إلا تعايشا مع وقت فوار بالأحقاد على هذه البلاد الطيبة المباركة، ولم يعد بالإمكان مدارات مشاعر العداء المتسربلة بالمذهب، بل تجلت بصورة لم يعد يمكن برقعتها ولا تزييفها أو إبعاد تهمة الطائفية عنها وتجلت أيضا في إطارها العرقي الشعوبي الفارسي المخطط والمحرض والداعم والممول والمغذي في كل المواطن المحيطة بنا المطوقة لنا، كالبحرين واليمن ولبنان وسوريا، وقبل ذلك وبعده من شذ وأبق من منحرفي شباب القطيف المغسولة أدمغتهم بتخاريف عمامات قم وأكاذيبهم وانحرافاتهم العقدية.

لقد سمعنا جميعا دعاوى تافهة مضحكة انطلقت بها الحناجر المعممة المريضة الحالمة بالهيمنة على الجزيرة العربية أي المملكة العربية السعودية بما فيها تخصيصا بلاد الحجاز ونجد، والخليج العربي لكله واليمن والشام ممن يسمي نفسه «حزب الله» العراقي، وهي أحلام لم تكن خافية على متابعي فكر الخميني النافق الذي أعلن بثورته المشؤومة المحمية والمدعومة من الغرب بداية مرحلة جديد من محاولة تقسيم المنطقة وبعثرتها وإعادة رسم خارطة منطقة الشرق الأوسط الجديد ضمن خطة سايكس - بيكو2، يعلم المتابعون ذلك كله، والأحلام الخيالية المريضة ليست قابلة للتحقق في كل الأحوال، وما يرسم في الغرف السياسية المغلقة، وما يتداول في شأنه أصحاب العمائم حين تسكرهم نشوة القوة المتوهمة لن تجد السبل ممهدة سهلة ميسورة لتحقيق عشر معشار ما يحلمون به في كل الأحوال، فهذه سوريا - مثلا - تنتفض من أقصاها إلى أقصاها وقد اجتمع على إخماد ثورتها شياطين الإنس والجن وكل جبروت وطغيان الأشرار فلم يستطيعوا إطفاء شعلة فتيل الحرية والكرامة في نفوس أحرار الشام أحفاد خالد بن الوليد ويوسف العظمة، لكن الحكمة تقتضي أخذ الحيطة والحذر والنيران تشتعل قريبا من حدودنا، والمؤامرات تدبر ويخطط لها لتطويقنا من الشمال والجنوب والشرق، والبلدان العربية يدفع لها وتشترى ولاءاتها وذممها بالمال ليدخل إليها السم الطائفي على خفاء إلى أن يتمكن منها، لأنهم يعتقدون أن مصر وتونس واليمن فاطمية، فهي بالضرورة أملاك محجوزة تاريخيا، بينما الحق أن الفاطمي لم يكن إلا مدعيا وأفاقا ومنشقا على الخلافة في بغداد، فاليمن ومصر وتونس وليبيا في الفترة الفاطمية كانت جرحا غائرا في جسد الدولة العربية الإسلامية باستيلاء من ادعوا أنهم فاطميون عليها.

واليوم نستمع إلى الدعاوى الحمقاء، ونرى ما يحدث من تحركات وتحشيد واستماتة لصمود النظام النصيري في الشام وتهديد للكويت ولبقية دول الخليج العربي ومحاولة لاستقطاب مصر أو عزلها عن محيطها العربي بلقمة كبيرة من القروض والمساعدات، ولا يمكن أن تمر كل هذه التطورات ويظل آلاف من شبابنا تائهين يتسولون فرص عمل قد لا تكون مرضية، بل قد تكون متواضعة جدا ولا تلبي طموح كثيرين منهم، ولا تسد حاجته، ولا تكون شخصيته، بينما لا يخفى على من يتابع النقص الشديد في عدد قواتنا المسلحة على اختلاف تشكيلاتها قياسا إلى حجم التهديدات والمخاطر التي تتقد من تحت رماد وقتنا الحاضر، فلم لا يفتح باب التوظيف على مصراعيه في كل القطاعات العسكرية وبدون سقف محدد وينشأ تبعا لذلك مزيد من المدن العسكرية الضخمة؟ ولم لا يتم ابتعاث آلاف الشباب لدراسة فنون العسكرية إذا لم يتم استيعابهم في كلياتنا العسكرية وفي سياق مشروع خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لابتعاث أبنائنا في التخصصات المدنية؟ ثم لم أيضا لم يتم إقرار مبدأ التطوع، وخدمة العلم الذي سبق أن تمت الموافقة عليه، وهو في هذه الظروف من أوجب الواجبات؟!

وإن مقارنة يسيرة بين عدد سكان المملكة والمنخرطين في الخدمة العسكرية يبين الفارق الكبير بينهما، فلا نسبة ولا تناسب بين الرقمين، ولا موازنة أو قريبا منها بين عدد القوات العسكرية على اختلاف قطاعاتها وما نعلمه من تحشيد مئات الآلاف في الخدمة العسكرية في دول مجاورة.

إن التجنيد وفتح أبواب الخدمة العسكرية لآلاف العاطلين من الشباب سيحل مشكلات كثيرة، منها القضاء النهائي على البطالة المدمرة، وحماية هذا الوطن بعد الله، وفتح باب التطوع وخدمة العلم يضمن لنا جيشا احتياطيا آخر وقت اللزوم، حما الله بلادنا من الأشرار، وأعز قيادتنا وآزرها بتأييده ونصره.
...........


د. محمد عبدالله العوين

الجزيرة السعودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..