الأحد، 3 مارس 2013

معنى: الغرة، وعشر دية الأم

الغرة في اصطلاح الفقهاء هي: الأمَة أو العبد الصغيرالمميز السليم من العيوب التي تنقصه عند البيع،
وهي ما يجب على الجاني دفعه للورثة في حال تسببه في إسقاط الجنين .
وإذا لم توجد الغرة فإن دية الجنين يكون مقدارها عشر دية المرأة .
وأما قصدنا بدية الأم فهو أن الأم التي أجهض جنينها إذا قُتلت خطأ فإن لها دية معينة تختلف باختلاف ما دفعت منه الدية (من ذهب أو فضة .. ) فمقدار عشر دية الأم هو دية الجنين الذي أسقط .
وقدّر بعضهم دية الجنين بمائتين وثلاثة عشر جراما من الذهب تقريبا، ويمكنك معرفة مقابل ذلك من الدينار التونسي أو اليورو أو أي عملة أخرى، ويوزع هذا المبلغ على ورثة الجنين كلُ حسب إرثه المقدر له في كتاب الله  باستثناء من تسبب في إسقاط الجنين.


المغني لابن قدامة » كتاب الديات » مسألة دية الجنين إذا سقط من الضربة ميتا » الفصل الرابع قيمة الغرة


 
مسألة: الجزء الثامن
( 6845 ) الفصل الرابع : أن الغرة قيمتها نصف عشر الدية ، وهي خمس من الإبل . روي ذلك عن عمر ، وزيد ، رضي الله عنهما . وبه قال النخعي ، والشعبي ، وربيعة ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . ولأن ذلك أقل ما قدره الشرع في الجنايات ، وهو أرش الموضحة ودية السن ، فرددناه إليه . فإن قيل : فقد وجب في الأنملة ثلاث أبعرة وثلث ، وذلك دون ما ذكرتموه . قلنا : الذي نص عليه صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم غرة قيمتها أرش الموضحة ، وهو خمس من الإبل . وإذا كان أبوا الجنين كتابيين ، ففيه غرة قيمتها نصف قيمة الغرة الواجبة في المسلم . وفي جنين المجوسية غرة قيمتها أربعون درهما .

وإذا تعذر وجود غرة بهذه الدراهم ، وجبت الدراهم ; لأنه موضع حاجة . وإذا اتفق نصف عشر الدية من الأصول كلها ، بأن تكون قيمتها خمسا من الإبل وخمسين دينارا أو ستمائة درهم ، فلا كلام ، وإن اختلفت قيمة الإبل ، فنصف عشر الدية من غيرها ، مثل إن كانت قيمة الإبل أربعين دينارا أو أربعمائة درهم ، فظاهر كلام الخرقي أنها تقوم بالإبل ; لأنها الأصل . وعلى قول غيره من أصحابنا ، تقوم بالذهب أو الورق ، فجعل قيمتها خمسين دينارا أو ستمائة درهم ، فإن اختلفا ، قومت على أهل الذهب به ، وعلى أهل الورق به ، فإن كان من أهل الذهب والورق جميعا ، قومها من هي عليه بما شاء منهما ; لأن الخيرة إلى الجاني في دفع ما شاء من الأصول . ويحتمل أن تقوم بأدناهما على كل حال ; لذلك . وإذا لم يجد الغرة ، انتقل إلى خمس من الإبل . على قول الخرقي . وعلى قول غيره ، ينتقل إلى خمسين دينارا أو ستمائة درهم .

المبحث الثالث: على من تجب الغرة :

اختلف الفقهاء فيمن تجب عليه الغرة على النحو التالي:

المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية والشافعية في الأصح ، وأشهب من المالكية إلى أن الغرة تجب

(الجزء رقم : 63، الصفحة رقم: 289)

على عاقلة الجاني سواء أكانت الجناية عمدا أم خطأ ، وسواء مات الجنين مع أمه أو مات منفصلا عنها وذلك لما يأتي:

1 - ما رواه مسلم بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى عليه السلام أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها ، وورثها ولدها ومن معهم ، فقال حمل بن النابغة الهذلي : يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع .

وجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى على عاقلة الضاربة بالدية وبغرة الجنين ، ولقد روي أن عاقلة الضاربة قالوا: أنودي من لا صاح ولا استهل

(الجزء رقم : 63، الصفحة رقم: 290)

ولا شرب ولا أكل ولا نطق ومثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هذا من إخوان الكهان . .

وهذا يدل على أن القضاء بالدية كان عليهم حيث أضافوا الدية إلى أنفسهم على وجه الإنكار وأما اعتراضهم على حكم النبي صلى الله عليه وسلم فظنا منهم أن ما أورده صلى الله عليه وسلم عاما يجوز تخصيصه بما تظهر من حالة الجنين ، واعتقدوا أن حكم النبي صلى الله عليه وسلم إنما خرج على أنه ظن أن الجنين خرج حيا ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بتلك المقولة

2 - ما رواه البخاري بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة ، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لبنيها

(الجزء رقم : 63، الصفحة رقم: 291)

وزوجها ، وأن العقل على عصبتها


وجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين بغرة وألزم العصبة بتحملها ، وهذا يدل على أن عقل الجنين على العاقلة .

3 - أن الدية بدل النفس لم يتحقق وجودها ولا حياتها فلا يعتد بالعمدية فيها فتكون على العاقلة .

المذهب الثاني: ذهب الحنابلة إلى التفصيل في ذلك فقالوا: إن العاقلة تحمل دية الجنين وهي الغرة إذا مات مع أمه وكانت الجناية خطأ أو شبه عمد أو مات بعدها بتلك الجناية ، وذلك لما يأتي:

ما رواه البخاري بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها .

وجه الدلالة من هذا الحديث: أن هذا الحديث يبين أن دية الجنين تجب على العاقلة إذا مات مع أمه وكانت الجناية عليها خطأ أو شبه عمد . فإن كان الجاني قد قتل الأم عمدا أو مات الجنين وحده لم تحمل العاقلة الغرة وإنما يحملها الجاني؛ وذلك

(الجزء رقم : 63، الصفحة رقم: 292)

لأن العاقلة لا تحمل العمد ، ولا تحمل ما دون الثلث عندهم  والغرة نصف عشر الدية . وذلك لما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الدية ألا يحمل منها شيء حتى تبلغ عقل المأمومة ، والمأمومة  . فيها ثلث الدية  .

المذهب الثالث: ذهب المالكية إلى أن دية الجنين وهي الغرة تجب على الجاني سواء كانت الجناية عمدا  . أو خطأ؛ وذلك لأن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث وهذه الغرة لم تبلغ الثلث فوجبت على الجاني  .

المذهب الرابع: ذهب الظاهرية إلى أن دية الجنين وهي الغرة تجب في الخطأ على عاقلة الجاني ، سواء كانت الأم أو غيرها ، كذلك في العمد قبل أن تنفخ فيه الروح ، وتجب على الجاني إذا لم ينفخ فيه الروح أو نفخ وقد تعمد قتله ، وإذا كان الجاني غير الأم في العمد بعد نفخ الروح وقد ماتت الأم ، وأما

(الجزء رقم : 63، الصفحة رقم: 293)

بعد نفخ الروح فيه فالقصاص على الجاني والغرة في ماله . وإن تعمدت المرأة إسقاط ولدها فعليها كفارة ولزوجها عليها غرة .

الرأي المختار:
وبعد فإنني أرى أن الجناية إن كانت عمدا فإن الغرة تكون على الجاني؛ وذلك لقول الله تبارك وتعالى:  ، ولقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا .

ولأن إيجاب الدية على العاقلة هو من قبيل المواساة والتعاون والتضامن الاجتماعي مع المجني عليه . وأما المتعمد في جنايته ليس أهلا للمواساة ولا للتعاون معه .

وأما إذا كانت الجناية شبه عمد كما وردت في الأحاديث السابقة أو خطأ فإن الغرة في هذه الحالة تكون على العاقلة؛ لأن ضرب المرأة بحجر أو عود هو من قبيل شبه عمد ، ويدلنا على أنه شبه العمد هو إيجاب الرسول صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عاقلة الجانية ، ولو كانت الجناية عمدا لأوجبها عليها . والله أعلم .

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لم أجد تعريفا واضحا (للغرة) في الديات ، في مصادر الفقه المعتمدة من المذاهب الاربعة

    ردحذف

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..