حمد الماجد |
هي ورطة حقيقية، لأن أمام الرئيس حيال الانفلات الأمني حلين أحلاهما مر، إما أن يكون صارما حازما فيأمر أمنه باستخدام الذخيرة الحية ضد البلطجية والمشاغبين الذين يعتدون على الممتلكات العامة والخاصة، والذين يحمل بعضهم أسلحة يستخدمونها في هجماتهم، وهذا الحل هو الذي يطالب به مؤيدو الرئيس من الإسلاميين المتحالفين معه، وهو أيضا مطلب شريحة ليست قليلة من الشعب الذي أصابه الضجر وتملكه الملل من استمرار الاضطرابات وتواصل الاعتصامات التي ساهمت في تردي الوضع الاقتصادي وتهاوي العملة وغلاء الأسعار.
هذا الحل ينطوي على مخاطر كبيرة لأن استخدامه سيسكب مزيدا من الزيت على نار مشتعلة أصلا، وقد تعجل بانزلاق البلاد إلى دوامة عنف وعنف مضاد، ثم إن مشهدا واحدا لرجل أمن مصري يردي أحد البلطجية قتيلا سيقلب هذا البلطجي إلى أيقونة وبطل قومي وسترتفع حينها التساؤلات: «بأي ذنب قتلت؟!»، فكيف لو تحول عدد القتلى إلى العشرات والمئات؟!
والحل الثاني من الحلول المرة، وهو الذي اختاره الرئيس وفريق مستشاريه: التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس تجاه العنف والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، وعدم استخدام السلاح ضد مرتكبي هذه الجنح، وهذا الحل وإن بدا إنسانيا وحكيما، لكنه هو الآخر له أعراض جانبية خطيرة، فهو يعني المزيد من الانفلات الأمني، وتناقص هيبة الحاكم، ويعني مزيدا من التردي للوضع الاقتصادي، والناس إذا لم تطعمهم من جوع ولم تؤمنهم من خوف فلن يلتفتوا إلى طيبتك وإنسانيتك وتواضعك والأذان الذي تصدح به والشقة المتواضعة التي تستأجرها. بالتأكيد أن «الدولة العميقة» والفلول والمتعاونين معهم والذين يتقاطعون معهم في مخاصمة ومناكفة الرئيس و«جماعته» لهم دور فيما يجري، هذه الحقيقة لن تغفل الجانب الآخر من الحقيقة، وهو أن الذين يحتجون ويعترضون ويتظاهرون ويعتصمون ليسوا كلهم من هذه الفئة، بل فيهم شريحة ليس لها انتماء وهي التي أعطت صوتها لمرسي ليس حبا فيه ولكن كرها لشفيق، هذه الشريحة بالذات إذا لم تجد في الرئيس ما انتخبته لأجله فإن تحولها إلى المعارضة سريع وهذا ما يجري الآن وهو الذي يفسر تناقص شعبية الرئيس بسبب عدم رضاها عن أسلوب حكمه.
ليس أمام الرئيس ومعه الإخوان إلا الواقعية في استيعاب القوى المختلفة وإشراكهم في كعكة الحكم مهما كانت درجة خصومتهم لها، وليس صحيحا أن هذه مطالب جبهة الإنقاذ وحدها، بل حتى السلفيون وبعض المستقلين الذين كانوا الثقل الذي رجح كفة انتصار الرئيس مرسي على شفيق، صاروا الآن يطالبون أيضا بتوسيع حقيقي وصادق للمشاركة في الحكم لانتشال البلاد من هذا المأزق، فمشاركة أطياف المعارضة في الحكم، علاوة على أنه سيقلم مخالبها الحادة، سيجعل الجميع يشارك في الغنم والغرم بدل أن ينفرد بهما فصيل واحد.
...........
الشرق الاوسط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..