الاثنين، 1 أبريل 2013

إلى «إخوان مصر»: خذوا أردوغان جملة أو دعوه

إلى «إخوان مصر»: خذوا أردوغان جملة أو دعوه
حمد الماجد

هناك ما يؤشر على صعوبة تكرار «الإخوان» في حكم مصر تجربة الإسلاميين الناجحة في حكم تركيا، أو في أحسن الأحوال ربما لن يكتب لها النجاح حتى تمر التجربة الإخوانية في حكم مصر بمسار التجربة الأردوغانية الطويل والقاسي نفسه، ولو عقدنا مقارنة سريعة، لوجدنا بعض المتفقات والمختلفات بين التجربتين؛ فمن المتفقات أن الإسلاميين في البلدين تولوا زمام الحكم من البوابة الديمقراطية الحقيقية، وفي ظل وجود «الدولة العميقة»، وسيطرة العسكر ونفوذه القوي، وهيمنة التيار الليبرالي على مفاصل الاقتصاد والأمن والإعلام.
وأما المختلفات، وهي التي تعني «الإخوان» في مصر، فإن المسار التركي، على خلاف المسار الإخواني في مصر، سلك سنة التدرج البطيء والفعال؛ فبدأ من خدمة القاعدة الجماهيرية ومن خلال المؤسسات البلدية لأكثر من 10 سنين في الإدارات المتوسطة، ثم الارتقاء لمنصب رئاسة أكبر بلدية في تركيا؛ مدينة إسطنبول، ثم الانتقال للبلديات الأخرى، تاركين منافسة الحكم العلماني العتيد على رئاسة الدولة لمرحلة لاحقة تأتي تباعا بعد الاقتناع الجماهيري باستحقاقية الإسلاميين للحكم، أي أنهم تركوا الأفعال لا الأقوال هي التي تقدمهم للجماهير، فكان لهم ما أرادوا. فمن خلال إدارتهم الناجحة جدا للمؤسسات البلدية، التي هي على تماس مباشر مع المواطن التركي العادي، تشكّل مولود القناعة الجماهيرية، وتمدد بصورة طبيعية في رحم تجربة إدارية ناجحة شاهدها الأتراك رأي العين، بممارسة عملية موفقة أذهلت أغلبية الشعب التركي، وكنست كل الأساطير التي روج لها خصومهم العلمانيون بأنهم مجرد مجموعة «دراويش» مكانهم منابر الوعظ وساحات الكتاتيب، فلا هم يفقهون في سياسة ولا يفهمون في إدارة.
صحيح أن هذا النجاح الكبير صار ملهما للإخوان المسلمين في مصر وبقية الحركات الإسلامية السياسية في عالمنا العربي، ووصل إلى درجة استنساخ التجربة التركية، حتى في التسمية (التركيبية) للحزب؛ حزب «الحرية والعدالة»، مقابل حزب «العدالة والتنمية»، بل وصل إلى حد الاستنساخ الكامل في المغرب لاسم الحزب الإسلامي التركي؛ «العدالة والتنمية»، لكنهم غفلوا عن استصحاب الاختلافات بين الحزب الأردوغاني من حيث النشأة التأسيسية، وكذلك التطور التدريجي، فحزب «الإخوان» في مصر، الذي تشكل بسرعة بعد الثورة الجماهيرية المصرية، قفز للسياسة من رأس هرمها وليس قاعدتها، وهنا مكمن الخطأ والفرق عن التجربة الأردوغانية.
الفرق الجوهري الآخر أن حزب العدالة والتنمية التركي خرج عبر مخاض صعب من العملية النقدية الذاتية الحادة داخل الحركة الإسلامية طالت رأس القيادة ورمزها التاريخي؛ البروفسور نجم الدين أربكان، ووضعت تجربته وتنظيره في الحكم والسياسة تحت المراجعة الصادقة، غير عابئة بتاريخية قيادته. قاد هذه العملية التصحيحية بكل شفافية وجرأة الجيل الشاب في الحركة؛ أردوغان، وساعده الأيمن، عبد الله غل، فثاروا على ثوابت زعيمهم أربكان.
هذه العملية النقدية الحادة والشفافة في تجربة الإسلاميين الأتراك، بغض النظر عن خطئها أو صوابها، ليست موجودة عند «الإخوان» في مصر، ولا في أذرعتهم في العالم العربي، ولا يزال الهاجس الشرقي في تعامل القاعدة الإخوانية مع القيادة حاضرا، كالمبالغة في توقير الكبير وتأميره وتنصيبه ومجاملته والاستكانة إلى آرائه، فكانت النتيجة أن قابلية الحركة للتغيير الكبير ضعيفة وبطيئة، ولا أدل على ذلك من وقوف القيادة التاريخية لـ«الإخوان» ضد الحراك الداخلي فيها بقيادة حزب الوسط، ولن يتمكن «الإخوان» من حكم مصر بنجاح، حتى يجروا في داخلهم عملية جراحية شبيهة بعملية الجراح الماهر أردوغان.
.........
الشرق الاوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..