في أعقاب المجزرة التي نفذتها
القوات الحكومية في ساحة اعتصام الحويجة فجر الثلاثاء من الأسبوع
الماضي، خاصة بعد أن أعقب ذلك هجمات لمسلحي العشائر استهدفت القوات الحكومية، ثم جاء الإعلان عن تشكيل جيش العزة والكرامة في المناطق والمدن المنتفضة في جمعة حرق المطالب. في جبهة الحكومة، يقف نوري المالكي ومعه بقية متبقية من وزراء، بوجه هبة عشائرية بانت عن وجه عنيف ومتمرد ضد سياسات المالكي وحكومته، وراحت تهدد جهارا ونهارا قوات الحكومة بالويل والثبور إن لم تنسحب من المدن المنتفضة.
المالكي الذي طالما راوغ وماطل ورفض أي حوار مع المتظاهرين طيلة أربعة أشهر من تظاهراتهم السلمية، ظهر في غضون ثلاثة أيام عقب حادثة الحويجة ليعلن عن استعداداه للجلوس إلى طاولة الحوار، فقد أدرك أن قواته التي صرف عليها مليارات من أموال الشعب العراقي، غير قادرة على مواجهة رجال العشائر، في مشهد يشي من جديد بمأزق الأمن في العراق والقوات التي شكلت على أسس ميليشيات غير وطنية أو مهنية أصلا.
الضغوط تتزايد بمرور الأيام ليس على المالكي فحسب، وإنما على أولئك الذين يقفون خلفه وخلف مشروعه، ونقصد هنا التحالف الوطني الشيعي وإيران، فاستمرار المواجهات وتوسيع سيطرة العشائر على مفاصل حيوية في المدن العراقية المنتفضة، قد يقوض العملية السياسية الهشة في العراق، وهو أمر بات يدركه بعض ساسة التحالف الوطني الشيعي، ممن ألمحوا إلى ضرورة استبدال المالكي.
التحالف الوطني له مشروعه في العراق، اتفقنا أو اختلفنا مع هذا المشروع، وهو أيضاً امتداد لمشروع إيراني، آتى أُكله بالنسبة لطهران طيلة سنوات ماضية خلت، كان فيها العراق خزينة احتياطية لإيران، وبالتالي فإن أي تهديد لهذا المشروع سيكون أمرا غير مقبول البتة.
ولأن إيران تعرف جيدا أن حليفها الأبرز في المنطقة بشار الأسد بات قاب قوسين أو أدنى من نهايته، فإنها لا تريد بالمقابل أن تخسر حديقتها الخلفية في بغداد، مما يعني إمكانية استبدال المالكي بشخصية شيعية أكثر مقبولية لدى العرب السنة والأكراد لتمشية الأمور في المرحلة المقبلة حيث لا يفصلنا عن الانتخابات سوى 11 شهرا.
وفي الطرف الآخر من المشهد، وأعني هنا الساحة السنية في العراق، فإنها ما زالت وبعد عشر سنوات من الاحتلال غير قادرة على إفراز قيادة موحدة يمكن لها أن تكون طرفا نديا ليس أمام حكومة المالكي فحسب وإنما أمام أي حكومة أخرى.
فرغم خروج الملايين من أهالي تلك المناطق في تظاهرات عارمة أسبوعيا، في فرصة لن تتكرر لسنة العراق من أجل توحيد أنفسهم، فإن هذه التظاهرات في النهاية لم تصل إلى مطالب موحدة، وبقيت تتراوح بين مطالب وقتية وأخرى لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تكون مطالب لأهل السنة الذين يعانون من ظلم حكومة المالكي.
لقد أعلنها صريحة خطيب جمعة الفلوجة، جمعة حرق المطالب، عندما خاطب علماء الدين السنة، قائلا لهم «قولوا لنا ما تريدون ونحن معكم، تريدون قتالا نقاتل، تريدون إقليما نحن معكم». غياب الوحدة المطلبية لسنة العراق أسهم ليس في تقزيم دورهم طيلة السنوات الماضية فقط، وإنما في جعلهم لقمة سائغة سياسيا واقتصاديا وأمنيا، أمام أية حكومة تأتي لكرسي المنطقة الخضراء.
كما أن غياب وحدة سنية مطلبية وسياسية أسهم أيضاً في زعزعة الأوضاع في العراق عموما، فإذا نظرنا شمالا نجد إقليما كرديا مزدهرا موحدا، رغم الخلافات بين أقطابه، وإذا نظرنا جنوبا نجد مدنا متجانسة مذهبيا وتسعى للتجانس سياسيا رغم الاختلافات الكبيرة بين ساساتها، بينما إذا ما نظرنا غربا وشمال الغرب، نجد مدنا سنية، عاشت التهميش والإقصاء طيلة سنوات عشر، ووقع عليها من الظلم ما وقع، وكانت هي صمام أمان العراق طيلة سني الاحتلال الأميركي بمقاومة شهد لها التاريخ، غير أنها مفرقة متشتتة.
لا مناص أمام العراق اليوم ليتجاوز محنته سوى بإقالة المالكي، وهذا هو المطلوب حاليا من التحالف الوطني الشيعي، وأيضاً وحدة عربية سنية يمكن أن تعيد الأمور السياسية وعمليتها العرجاء إلى جادة الصواب، وإلا فإن العراق مقبل على مرحلة جديدة من دوامة عنف لا ينتهي.
...
العرب القطرية
الماضي، خاصة بعد أن أعقب ذلك هجمات لمسلحي العشائر استهدفت القوات الحكومية، ثم جاء الإعلان عن تشكيل جيش العزة والكرامة في المناطق والمدن المنتفضة في جمعة حرق المطالب. في جبهة الحكومة، يقف نوري المالكي ومعه بقية متبقية من وزراء، بوجه هبة عشائرية بانت عن وجه عنيف ومتمرد ضد سياسات المالكي وحكومته، وراحت تهدد جهارا ونهارا قوات الحكومة بالويل والثبور إن لم تنسحب من المدن المنتفضة.
المالكي الذي طالما راوغ وماطل ورفض أي حوار مع المتظاهرين طيلة أربعة أشهر من تظاهراتهم السلمية، ظهر في غضون ثلاثة أيام عقب حادثة الحويجة ليعلن عن استعداداه للجلوس إلى طاولة الحوار، فقد أدرك أن قواته التي صرف عليها مليارات من أموال الشعب العراقي، غير قادرة على مواجهة رجال العشائر، في مشهد يشي من جديد بمأزق الأمن في العراق والقوات التي شكلت على أسس ميليشيات غير وطنية أو مهنية أصلا.
الضغوط تتزايد بمرور الأيام ليس على المالكي فحسب، وإنما على أولئك الذين يقفون خلفه وخلف مشروعه، ونقصد هنا التحالف الوطني الشيعي وإيران، فاستمرار المواجهات وتوسيع سيطرة العشائر على مفاصل حيوية في المدن العراقية المنتفضة، قد يقوض العملية السياسية الهشة في العراق، وهو أمر بات يدركه بعض ساسة التحالف الوطني الشيعي، ممن ألمحوا إلى ضرورة استبدال المالكي.
التحالف الوطني له مشروعه في العراق، اتفقنا أو اختلفنا مع هذا المشروع، وهو أيضاً امتداد لمشروع إيراني، آتى أُكله بالنسبة لطهران طيلة سنوات ماضية خلت، كان فيها العراق خزينة احتياطية لإيران، وبالتالي فإن أي تهديد لهذا المشروع سيكون أمرا غير مقبول البتة.
ولأن إيران تعرف جيدا أن حليفها الأبرز في المنطقة بشار الأسد بات قاب قوسين أو أدنى من نهايته، فإنها لا تريد بالمقابل أن تخسر حديقتها الخلفية في بغداد، مما يعني إمكانية استبدال المالكي بشخصية شيعية أكثر مقبولية لدى العرب السنة والأكراد لتمشية الأمور في المرحلة المقبلة حيث لا يفصلنا عن الانتخابات سوى 11 شهرا.
وفي الطرف الآخر من المشهد، وأعني هنا الساحة السنية في العراق، فإنها ما زالت وبعد عشر سنوات من الاحتلال غير قادرة على إفراز قيادة موحدة يمكن لها أن تكون طرفا نديا ليس أمام حكومة المالكي فحسب وإنما أمام أي حكومة أخرى.
فرغم خروج الملايين من أهالي تلك المناطق في تظاهرات عارمة أسبوعيا، في فرصة لن تتكرر لسنة العراق من أجل توحيد أنفسهم، فإن هذه التظاهرات في النهاية لم تصل إلى مطالب موحدة، وبقيت تتراوح بين مطالب وقتية وأخرى لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تكون مطالب لأهل السنة الذين يعانون من ظلم حكومة المالكي.
لقد أعلنها صريحة خطيب جمعة الفلوجة، جمعة حرق المطالب، عندما خاطب علماء الدين السنة، قائلا لهم «قولوا لنا ما تريدون ونحن معكم، تريدون قتالا نقاتل، تريدون إقليما نحن معكم». غياب الوحدة المطلبية لسنة العراق أسهم ليس في تقزيم دورهم طيلة السنوات الماضية فقط، وإنما في جعلهم لقمة سائغة سياسيا واقتصاديا وأمنيا، أمام أية حكومة تأتي لكرسي المنطقة الخضراء.
كما أن غياب وحدة سنية مطلبية وسياسية أسهم أيضاً في زعزعة الأوضاع في العراق عموما، فإذا نظرنا شمالا نجد إقليما كرديا مزدهرا موحدا، رغم الخلافات بين أقطابه، وإذا نظرنا جنوبا نجد مدنا متجانسة مذهبيا وتسعى للتجانس سياسيا رغم الاختلافات الكبيرة بين ساساتها، بينما إذا ما نظرنا غربا وشمال الغرب، نجد مدنا سنية، عاشت التهميش والإقصاء طيلة سنوات عشر، ووقع عليها من الظلم ما وقع، وكانت هي صمام أمان العراق طيلة سني الاحتلال الأميركي بمقاومة شهد لها التاريخ، غير أنها مفرقة متشتتة.
لا مناص أمام العراق اليوم ليتجاوز محنته سوى بإقالة المالكي، وهذا هو المطلوب حاليا من التحالف الوطني الشيعي، وأيضاً وحدة عربية سنية يمكن أن تعيد الأمور السياسية وعمليتها العرجاء إلى جادة الصواب، وإلا فإن العراق مقبل على مرحلة جديدة من دوامة عنف لا ينتهي.
...
العرب القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..