الجمعة، 12 أبريل 2013

أوْجُه التقاء الساكنين في الفعل المجزوم المضعَّف

السؤال
لماذا حُرِّكت الدالُ بالفتح في قوله تعالى: ﴿ مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 54]؛ للتخلُّص مِن التقاء
الساكنين، ولم تُحَرَّكْ بالكسر؟!

وفَّقكم الله، وسدَّد خُطاكم.

الجواب
التخلُّص مِن التقاء الساكنين لا يلزمُ أن يكونَ بالكسر دائمًا، وإن كان هو الأصل كما قرَّر العلماءُ؛ لكن هذا الأصل يتغيَّر باختلاف الأحوالِ، ويختلف أيضًا بحسب لغات العرب، ويُمكنكم الرجوع إليها في مطوَّلات النحو؛ مثل كتاب: (ارْتِشاف الضَّرَب مِن لسان العرَب) [2/716 - 728].

وإليكم بعض ما يتعلق بالقرآن مِن ذلك على قراءة حفص:
إذا كان الساكنُ الأول حرفَ مدٍّ، فإنه يُحذَف؛ كقوله تعالى: ﴿ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [النمل: 15].

إذا كان الساكنُ الأول نونَ (مِن) الجارَّة، فإنها تُفْتَح؛ كقوله تعالى: ﴿ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ [المعارج: 3].

إذا كان الساكنُ الأول ميمَ الجمعِ، فإنها تُضم؛ كقوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

إذا كان الساكنُ الأول واوَ الجماعة، فإنها تُضَمُّ؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237].

والذي يهمنا هنا هو التقاء الساكنين في الفعل المجزوم المضعَّف؛ مثل: (يَرْتَدّ)، فهذا له أحوالٌ:
إذا كان ما بعده (بألف ولام)، فإنه يُحرَّك بالكسر؛ كقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ ﴾ [الحشر: 4].

إذا كان ما قبله (ألفًا) سوى ذلك؛ فإنه يُفْتَح؛ كقوله تعالى: ﴿ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ﴾ [البقرة: 233].

إذا كان ما قبله مفتوحًا، فإنه يُفتح؛ كقوله تعالى: ﴿ مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 54].

جاء في "معاني القرآن" المنسوب للزَّجاج:
"يجوز أن تقول: (مَنْ يَرْتَدِّ منكم)، فتكسر لالتقاء الساكنين، إلا أنَّ الفتحَ أجود؛ لانفتاح التاء، وإطباق القُرَّاء عليه".

وفيه أيضًا:
"فيها مِن العربية ثلاثةُ أوْجُه: (مَنْ يَرْتَدِدْ)، و(مَنْ يَرْتَدَّ) بفتح الدال، و(مَنْ يَرْتَدِّ منكم) بكسر الدال، ولا يجوز في القراءة الكسرُ؛ لأنه لم يُروَ أنه قُرِئَ به".

وقال النَّحَّاس في "إعراب القرآن":
"قرأ أهل الكوفة وأهل البصرة: (مَنْ يَرْتَدَّ) بفتح الدال؛ لالتقاء الساكنين، ويجوز كسرُها، إلا أنَّ الفتح اختير؛ لأنه أخفُّ".

والله تعالى أعلم

 أبو مالك العوضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..