(1)
تقول الحكاية: إن حاكم إحدى البلاد البعيدة، أصابه مرض خطير، فلم يجد
الأطباء لعلاجه سوى قطع أنفه!
استسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم.. وبعد أن تعافى، ونظر إلى وجهه البشع دون أنف، وليخرج من هذا الموقف المحرج، أمر وزيره وكبار موظفيه بقطع أنوفهم، وكل مسؤول منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبة بأن يقوم بقطع أنفه.. إلى أن وصل كافة موظفي الدولة، وكل منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فرد من أهل بيته بقطع أنفه.
مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادة، وجزءا من ملامح أهل هذه البلدة.. فما أن يُولد مولود جديد– ذكرا أو أنثى– إلا ويكون أول إجراء بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه!
بعد سنوات مرّ أحد الغرباء على هذه البلدة.. وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيح وشاذ لأن له شيئا يتدلى من وجهه.. هو أنفه السليم!
(2)
بحكم السلطة، وبحكم العادة التي صارت جزءا من شكل ذلك المجتمع الصغير، وتلك البلدة النائية:
صار الخطأ صوابا.. وصار الصواب خطأ.
مع مرور الوقت تشكلت قوانين جمالية جديدة ترى أن مقطوع الأنف هو الأجمل! وصارت هناك مقاييس أخرى للجمال.. وكذلك للقبح.
أي شخص يأتي من العالم الخارجي– أنفه سليم– هو شخص شاذ!
(3)
فكروا بهذه الحكاية الأسطورية/ الساخرة، واسألوا أنفسكم بعض الأسئلة:
هل فقدنا أنوفنا؟ هل فقدنا شيئاً آخر.. الألسن مثلاً؟!
كم من خطأ اعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب.. وندافع عنه لأنه من عاداتنا؟!
كم من شيء نراه شاذاً فقط لأنه ليس منا ومن عاداتنا؟
كم من شيء ندافع عنه وبحماسة.. فقط لأنه من أخطائنا القومية؟!
هل أخطاؤنا– لأنها أخطاؤنا الشخصية– هي أهم من صواب الغريب؟!
(4)
عزيزي القارئ:
تحسّس أنفك.. تحسّس عقلك!
واسأل نفسك: كم من الأشياء تم قطعها منك.. وعنك؟
انظر حولك، وحاول أن تكتشف الأخطاء التي توارثتها من الأسلاف، وتتعامل معها بشكل شبه يومي كإرث عائلي يجب المحافظة عليه.
فكك الأشياء.
أخرجها من دولاب العادة والمألوف.
وضعها على طاولة العقل الناقد، وأعد بناء علاقتك معها من جديد.
واستعد حاسة الشم.. والتفكير!
............
محمد الرطيان
الوطن القطرية
تقول الحكاية: إن حاكم إحدى البلاد البعيدة، أصابه مرض خطير، فلم يجد
الأطباء لعلاجه سوى قطع أنفه!
استسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم.. وبعد أن تعافى، ونظر إلى وجهه البشع دون أنف، وليخرج من هذا الموقف المحرج، أمر وزيره وكبار موظفيه بقطع أنوفهم، وكل مسؤول منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبة بأن يقوم بقطع أنفه.. إلى أن وصل كافة موظفي الدولة، وكل منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فرد من أهل بيته بقطع أنفه.
مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادة، وجزءا من ملامح أهل هذه البلدة.. فما أن يُولد مولود جديد– ذكرا أو أنثى– إلا ويكون أول إجراء بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه!
بعد سنوات مرّ أحد الغرباء على هذه البلدة.. وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيح وشاذ لأن له شيئا يتدلى من وجهه.. هو أنفه السليم!
(2)
بحكم السلطة، وبحكم العادة التي صارت جزءا من شكل ذلك المجتمع الصغير، وتلك البلدة النائية:
صار الخطأ صوابا.. وصار الصواب خطأ.
مع مرور الوقت تشكلت قوانين جمالية جديدة ترى أن مقطوع الأنف هو الأجمل! وصارت هناك مقاييس أخرى للجمال.. وكذلك للقبح.
أي شخص يأتي من العالم الخارجي– أنفه سليم– هو شخص شاذ!
(3)
فكروا بهذه الحكاية الأسطورية/ الساخرة، واسألوا أنفسكم بعض الأسئلة:
هل فقدنا أنوفنا؟ هل فقدنا شيئاً آخر.. الألسن مثلاً؟!
كم من خطأ اعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب.. وندافع عنه لأنه من عاداتنا؟!
كم من شيء نراه شاذاً فقط لأنه ليس منا ومن عاداتنا؟
كم من شيء ندافع عنه وبحماسة.. فقط لأنه من أخطائنا القومية؟!
هل أخطاؤنا– لأنها أخطاؤنا الشخصية– هي أهم من صواب الغريب؟!
(4)
عزيزي القارئ:
تحسّس أنفك.. تحسّس عقلك!
واسأل نفسك: كم من الأشياء تم قطعها منك.. وعنك؟
انظر حولك، وحاول أن تكتشف الأخطاء التي توارثتها من الأسلاف، وتتعامل معها بشكل شبه يومي كإرث عائلي يجب المحافظة عليه.
فكك الأشياء.
أخرجها من دولاب العادة والمألوف.
وضعها على طاولة العقل الناقد، وأعد بناء علاقتك معها من جديد.
واستعد حاسة الشم.. والتفكير!
............
محمد الرطيان
الوطن القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..