نظراً لما يحدث في مصر الآن من التقارب الإيراني المصري، الذي يظهر في صورة
الوفود السياحة
الإيرانية إلى مصر، ومدى صلتها بتصدير عقيدة الروافض في
بلدان أهل السنة، ومشروع سيطرة إيران الفارسية عسكرياً وسياسياً على بلدان
المنطقة، بفرض الهيمنة الفارسية الصفوية، كانت هذه الورقات، رغبة في بيان
خطر هذه الفرقة الضالة، التي جعلت الطعن في الصحابة رضي الله عنهم وتكفيرهم
وسبهم شعاراً لها، ولذلك أصبح الكلام على فضائل وعدالة الصحابة رضي الله
عنهم، وحبهم وبغض من يبغضهم من مسائل الاعتقاد، لقيام طوائف من أهل البدع
والضلال في شأن الصحابة بما يخالف الدلائل من القرآن والسنة التي أوجبت
حبهم ونصرتهم والذب عنهم رضي الله عنهم أجمعين، وذكرت عدالتهم وفضلهم
وسابقتهم.
فخالف في ذلك من خالف من الخوارج والناصبة والرافضة، وأشباه هؤلاء في شأن الصحابة جميعاً أو في شأن بعض الصحابة.
فكان منهج أهل السنة والجماعة وعقيدتهم أن يثنى على جميع الصحابة وأن نحب
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً الحب الشرعي الذي ليس فيه إفراط
بالتجاوز عن الحد المأذون به والغلو، وليس فيه تفريط بذم بعضهم أو سب
بعضهم، أو أن يكون ثَمَّ تبرؤ من بعضهم أو أن لا تثبت العدالة لهم.
فلابد في حبهم من الاعتدال، فلا غلو ولا تفريط في الحب بسلب بعض ما يجِب
لهم مما يحبون فيه، إذ الواجب أن يحب جميع الصحابة على مجموع أعمالهم، فهم
خيرة هذه الأمة وهم خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصارت
عدالتهم وفضائلهم ومحبتهم وسلامة القلوبِ والألسنة لهم من مسائل الاعتقاد؛
لأنها مما تميز به أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية بما خالفوا فيه الفرق
الأخرى[1].
لماذا نحب الصحابة رضي الله عنهم؟:
فكيف لا نحب الصحابة رضي الله عنهم ومحبتهم من محبة رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة الله، فهم الواسطة
بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أمته؛ فمنهم تلقت الأمة عنه
الشريعة، فالطعن فيهم طعن في دين الله عز وجل، كما قال الإمام أبو زرعة
الرازي-رحمه الله-:"وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة،
والجرح بهم أولى وهم زنادقة"[2].
ولعل من المناسب أن أذكر كلاماً نفيساً للخطيب البغدادي -رحمه الله- يبين
فيه فضل الصحابة وعدالتهم رضي الله عنهم، و:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى
لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق:37]، قال الخطيب تحت:(باب ما جاء في تعديل
الله ورسوله للصحابة) :"وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم وإنما يجب فيمن دونهم
كل حديث أتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم
العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ويجب النظر في أحوالهم، سوى الصحابي
الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن عدالة الصحابة ثابتة
معلومة بتعديل الله لهم، واخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن،
فمن ذلك قوله تعالى:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}،
وقوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ
عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} وهذا اللفظ وإن
كان عاماً فالمراد به الخاص، وقيل: وهو وارد في الصحابة دون غيرهم،
وقوله:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ
تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ
عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}، وقوله تعالى:{وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ }، وقوله
تعالى:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي
جَنَّاتِ النَّعِيم}، وقوله:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ
وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله تعالى:{لِلْفُقَرَاء
الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا
الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ
وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ
عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} في آيات يكثر إيرادها ويطول
تعدادها.
ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة مثل ذلك وأطنب في تعظيمهم وأحسن
الثناء عليهم فمن الاخبار المستفيضة عنه في هذا المعنى: عن عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خير أمتى قرنى ثم
الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء قوم تسبق أيمانهم شهادتهم ويشهدون
قبل أن يستشهدوا". وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:"خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". قال أبو هريرة رضي
الله عنه:-فلا أدرى ذكره مرتين أو ثلاثاً- ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون
السمانة ويشهدون ولا يستشهدون". وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم ثم يخلف قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ثم يظهر فيهم السمن". وعن أبى
سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي
بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه". والأخبار
في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقتضى
طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل
الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق له فهو على هذه
الصفة إلا أن يثبت على أحد إرتكاب ما لا يحتمل إلا قصد المعصية والخروج من
باب التأويل فيحكم بسقوط العدالة، وقد برأهم الله من ذلك ورفع أقدارهم عنه
على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال
التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل
الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على
عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين
يجيؤن من بعدهم أبد الآبدين، هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من
الفقهاء، وذهبت طائفة من أهل البدع إلى أن حال الصحابة كانت مرضية إلى وقت
الحروب التي ظهرت بينهم وسفك بعضهم دماء بعض فصار أهل تلك الحروب ساقطي
العدالة ولما اختلطوا بأهل النزاهة، وجب البحث عن أمور الرواة منهم، وليس
في أهل الدين والمتحققين بالعلم من يصرف إليهم خبر ما لا يحتمل نوعاً من
التأويل، وضرباً من الاجتهاد، فهم بمثابة المخالفين من الفقهاء المجتهدين
في تأويل الأحكام لإشكال الأمر والتباسه ويجب أن يكونوا على الأصل الذي
قدمناه من حال العدالة والرضا؛ إذ لم يثبت ما يزيل ذلك عنهم"[3].
ولله در الحافظ العلائي -رحمه الله- حيث قال:"والحق الذي ذهب إليه الأكثرون
أن فضيلة صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والفوز برؤيته لا يعدل بعمل. وأن
من منحه الله تعالى ذلك فهو أفضل ممن جاء بعده على الإطلاق لوجوه:
أحدها: مشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم.
وثانيها:فضيلة السبق إلى الإسلام.
وثالثها:فضيلة الذب عن حضرته صلى الله عليه وسلم.
ورابعها:فضيلة الهجرة معه أو إليه أو النصرة له.
وخامسها:ضبطهم الشريعة، وحفظهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسادسها:تبليغهم إياه إلى من بعدهم.
وسابعها:السبق بالنفقة في أول الإسلام.
وثامنها: إن كل فضل وخير وعلم وجهاد ومعروف عُمل في هذه الشريعة إلى يوم
القيامة فحظهم منه أجل ونوالهم منه أجزل؛ لأنهم سنوا سنن الخير وفتحوا
أبوابه، ونقلوا معالم الدين وتفاصيل الشريعة إلى من بعدهم. وقد قال صلى
الله عليه وسلم:"من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها، وأجر من عمل بها
إلى يوم القيامة"[4].
وقال صلى الله عليه وسلم:"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه
لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً"[5]. فهم مساهمون لجميع هذه الأمة في كل أجر
يحصل لها إلى يوم القيامة مع ما اختصوا به مما تقدم ذكرة"[6].
وقد هممت إلى الاكتفاء بهذه النقول، إلا إنني وجدت من الفائدة ذكر ما قاله
ابن أبي حاتم؛ لأن فيه تفصيل ما سبق حيث قال:" فأما أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل
وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته
وإقامة دينه وإظهار حقه فريضهم له صحابة وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة فحفظوا
عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عز وجل وما سن وشرع وحكم وقضى
وندب وأمر ونهى وحظر وأدب، ووعوه واتقنوه، ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله
ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشاهدتهم منه تفسير
الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله عز وجل بما مَنَّ
عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب
والغلط، لا يعني بنفي الغلط عنهم القول بعصمتهم، إنما ينفي عنهم الغلط الذي
يؤثر على سلامة وإتقان ما ينقلونه، كما هو ظاهر. والله أعلم. والريبة
والغمز وسماهم عدول الأمة فقال عز ذكره في محكم كتابه:{وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى
النّاسِ}[البقرة:143] ففسر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز ذكره
قوله:"وسطاً"، قال "عدلاً"[7]. فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين
ونقلة الكتاب والسنة.
وندب الله عز وجل إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم
والاقتداء بهم فقال:{وَمَن يُشَاقِقِ الرّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ
لَهُ الْهُدَىَ وَيَتّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا
تَوَلّىَ}[النساء:115].
ووجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة
ووجدناه يخاطب أصحابه فيها، منها: أن دعا لهم فقال:"نضر الله امرأ سمع
مقالتي فحفظها ووعها حتى يبلغها غيره"[8]. وقال صلى الله عليه وسلم في
خطبته:"فليبغ الشاهد منكم الغائب"[9]، "وحدثوا عني ولا حرج"[10].
ثم تفرقت الصحابة رضي الله عنهم في النواحي والأمصار والثغور وفي فتوح
البلدان، والمغازي، و الإمارة، والقضاء، والأحكام، فبث كل واحد منهم في
ناحية وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحكموا بحكم الله عز وجل وأمضوا الأمور على ما سن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن نظائرها من المسائل وجردوا أنفسهم مع تقدمة حسن النية والقربة إلى
الله تقدس اسمه لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى
قبضهم الله عز وجل رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين"[11].
ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"ومن نظر في سيرة القوم بعلم
وبصيرة، وما من الله به عليهم من الفضائل علم يقيناً أنهم خير الخلق بعد
الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم هم الصفوة من قرون هذه الأمة، التي
هي خير الأمم وأكرمها على الله تعالى"[12].
وقال السفاريني -رحمه الله- في "منظومته":
وليس في الأمة كالصحابة في الفضل والمعروف والإصابة
قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- شارحاً:"وقوله:"في الفضل والمعروف":الفضل هو الإحسان والمعروف هو العدل.
وقوله:"والإصابة": يعني إصابة الحق فأقرب الناس إلى الصواب هم الصحابة رضي الله عنهم لا شك في هذا"[13].
بيان خطر شيعة إيران:
وكما ألمحت في مقدمة المقال أنه قد طل علينا في هذه الأيام مشروع من قبل
شيعة هذا الزمان يهدف إلى تشييع بلدان أهل السنة والجماعة، لتصير بلدان أهل
بدعة وشقاق في ظل وجود دولة لهم في (إيران الفارسية)، التي تقوم بنشر
عقائد الرافضة بين طائفة من الجهلة والمفتونين ممن ينتسبون إلى بلدان
السنة، عن طريق إلقاء الشبهات وتزوير الحقائق ومدخلهم الأول هو اتهام
الصحابة رضي الله عنهم بكتمان وصية النبي صلى عليه وسلم بالإمامة لعلي بن
أبي طالب رضي الله عنه ولذريته من بعده، وبذلك اغتصبت الخلافة ونصب أبي بكر
ثم عمر ثم عثمان، فهم يتدرجون في دعوتهم تلك إلى أن تحب ولا تسب الصحابة،
وإنما تفضل علياً على البقية، ثم ينتقلون إلى أن لا تحب ولا تسب، ثم إلى أن
تسب ولا تستحل السب، وإنما تشتم عند الغضب، ثم إلى أن تستحل وتستبيح، ولا
تبالي من العتب، ثم تنتهي إلى أن تعد السب قربة وطاعة وتجعله وظيفة وصناعة
[14]!!
وتنفق إيران في سبيل ذلك الأموال الطائلة، التي تصل إلى أيدي هؤلاء
المأجورين، فتراهم عبر الإعلام المقروء والمسموع والمشاهد، عبر القنوات
الفضائية، وفي مواقع (الإنترنت)، و(الفيس بوك)، والتغريدات عبر (تويتر)،
يطالبون ببناء الحسنيات (مساجد الشيعة) في تلك البلدان كمصر وغيرها، ليكون
لهم منبر ديني بين الناس فيلبسون على الناس أمر دينهم، وهم عدد لا يستهان
به، فهم متربصون بنا الشر كما نرى أن هذه الدولة تحاول أن تكون لها مواقف
سياسية متميزة تجاه القضايا الهامة للأمة لتظهر بأنها التي يهتم بأمر
المسلمين، فتنقاد لها جموع الأمة، وتترك أمر التمسك بصحيح عقائدها بداية
بسلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أن تنتهي
إلى الرفض المحض، فما هو دورنا تجاه هذا المشروع المخطط له، والذي نراه
تبرز آثاره بين جموع أهل السنة، ولذا فإن الحديث عن فضائل الصحابة رضي الله
عنهم في زمننا هذا لا بد منه بعد ظهور الروافض من الشيعة -بدولتهم
الفارسية المستترة بشعار التشيع ومحبة أهل البيت-، فعلى كل مسلم حاكم أو
محكوم التصدي لهذا المشروع الرافضي الخبيث، بكل ما نملك حماية لديننا من
الهدم؛ لأنهم أن يظهروا علينا لا يرقبوا فينا إلا ولا ذمة، وأفعالهم عبر
التاريخ شاهدة على ذلك وسقوط بغداد على أيدي التتار كان بمساندتهم، وكذلك
سقوطها اليوم على أيدي الأمريكان كان بمساعدتهم باعتراف قادتهم، وكذلك دعم
الأمريكان لاحتلال أفغانستان، لا يخفى على أحد، وكذلك زرعهم حزب الله في
لبنان ليكون يد لهم في أرض الشام، ينطلقون منها للبلدان المجاورة، كما
حاولوا في مصر، وأخيراً دعمهم لنظام بشار الأسد النصيري الباطني ضد أهل
السنة في سوريا، وهذه آخر تصريحات أحد المسئولين الإيرانيين حسين أمير عبد
اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،
في يوم الاثنين 1 من أبريل 2013م، أثناء زيارته لمصر، يقول في مؤتمر صحفي
عقده بمقر إقامة مدير مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة:"إن طهران
ملتزمة بمواصلة دعم إصلاحات الرئيس السوري بشار الأسد ...". إي إصلاحات
هذه!؟ غير القتل والتنكيل بأهل السنة في سوريا!!
إيران في مصر بمساعدة جماعة الإخوان المسلمين:
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل صرح مساعد وزير الخارجية الإيراني في نفس
المؤتمر بالقاهرة مفتخراً: "ستشاهدون حضور السياحة الإيرانية إلى مصر لدعم
اقتصادها". تلكم السياحة التي هي في الحقيقة بوابة التشيع الرسمي في مصر
بمباركة الرئيس التابع لجماعة الأخوان المسلمين المعروفة بمواقفها
المتخاذلة مع الرافضة وإيران، من أيام مؤسسها الأستاذ حسن البنا،-راعي
التقريب بين السنة والشيعة-، فالرئاسة في مصر تسمح للرئيس الإيراني أثناء
زيارته الأخيرة لمصر بزيارة قبر الحسين المزعوم، وقبور أهل البيت المقبورين
في مصر، وهي زيارات شركية يتم فيها دعائهم من دون الله، كما هو معلوم،
ولا يكتفي الرئيس الإيراني بذلك بل يدخل الأزهر، ويشير بيده بعلامة النصر
كما يزعمون، التي فسرها بعضهم بأنها إشارة إلى أنهم سوف يعود الأزهر مرة
أخرى كما كان يوم أسس على عقيدة أسلافه من الباطنية، وبناء على هذه الزيارة
سمح وزير السياحة المصري باستقبال السياح الإيرانيين لتنشيط الاقتصاد
المصري، و أكد جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة لإخوان لمسلمين في يوم الأحد
31 مارس 2013م: أن وزارة الخارجية وضعت شروط خاصة للسياحة الإيرانية في
مصر لعدم خلطها بالشأن السياسي ووصفها بأنها خطوط حمراء والتي تقضى بأن
تقتصر الزيارات الإيرانية على السياحة الشاطئية بالبحر الأحمر، وجزء من
المتوسط وعدم السماح بزيارة الأماكن والمزارات الدينية المرتبطة بشعائر
الشيعة. وأضاف الحداد في تصريحات خاصة لـجريدة "اليوم السابع" أنه لابد أن
نتعامل مع تفاصيل الموضوع ولا نتعامل مع المعلومات بسطحية، فيما يختص بهذا
الملف، وإدراك حجم ما يمكن أن تحصل به مصر من عوائد اقتصادية، والسياحة جزء
من فتح العلاقات مع الجانب الإيراني". انظروا كيف يحاولون أن يلبسوا علينا
الحقائق، السياحة ليست دينية، ولذلك علينا أن نتقبل دخول الإيرانيين في
مصر بغير توجس، هكذا بهذه السذاجة، والسهولة، وعلينا ألا ننظر إلى عقائدهم
وما يرمون من ورائها، نتركهم يدخلون مصر بالحرس الثوري الإيراني، ولا نخاف
من نشر دينهم في ربوع مصر، أو نشر زواج المتعة من خلال السياحة الشاطئية،
المسموح بها لنساء إيران السائحات! فالسياحة الإيرانية عند الأخوان سوف
تغني مصر، وتحل أزمتها الاقتصادية!!
جهل قيادي في الإخوان بعقائد أهل السنة والجماعة، وفساد عقائد الشيعة، مع
ذكر فتاوى بعض كبار علماء العصر في بيان فساد عقائد الشيعة:
فالأخوان المسلمين، لا يهتمون بأمر العقيدة، كما هو معروف عنهم، فهذا من
أبرز أعضاء الجماعة، وهو المحامي صبحي صالح -القائل:"أسأل الله أن يتوفني
على الأخوان!!"-، يقول صبحي صالح في برنامج:"محطة مصر" مع المذيع معتز مطر،
على قناتهم:"مصر 25"، وفي وجود الدكتور سعد الدين إبراهيم، يقول صبحي
صالح: إن الاثنى عشرية الجعفرية (روافض إيران):"لا تختلف معنا في أصل
العقيدة!!"، وعلماء الأمة المعتبرين في زماننا يقررون أن الخلاف مع الروافض
في الأصول، وإليك أقوالهم في ذلك:
1- العلامة الأصولي المفسر محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: له موقف
معروف من الروافض، يحكيه عنه تلميذه الشيخ عطية محمد سالم -رحمه الله- وهو
يذكر منهجه وسلوكه في معالجة بعض المواقف بالحكمة، والعلم، والموعظة
الحسنة، قال الشيخ عطية -رحمه الله-:"وفي رابطة العالم الإسلامي كان عضو
المجلس التأسيسي لم تقل خدماته فيه عن خدماته في غيرها. أذكر له موقفاً
حدثني به جنب به الرابطة مأزقاً كاد أن يدخل عليها شقاقاً أو انثلاماً.
حينما قدم مندوب إيران وقدم طلباً باعتراف الرابطة بالمذهب الجعفري ومعه وثيقة
من بعض الجهات العلمية الإسلامية ذات الوزن الكبير تؤيده على دعواه وتجيبه
إلى طلبه. فإن قبلوا طلبه دخلوا مأزقاً وإن رفضوه واجهوا حرجاً فاقترحوا أن
يتولى الأمر فضيلته رحمه الله في جلسةٍ خاصةٍ. فأجاب في المجلس قائلاً:
لقد اجتمعنا للعمل على جمع شمل المسلمين والتأليف بينهم وترابطهم أمام خطر
عدوهم، ونحن الآن مجتمعون مع الشيعة في أصولٍ هي:
الإسلام دين الجميع والرسول محمد صلى الله عليه وسلم رسول الجميع، القرآن
كتاب الله، والكعبة قبلة الجميع، والصلوات الخمس وصوم رمضان وحج بيت الله
الحرام، ومجتمعون على تحريم المحرمات من قتلٍ وشربٍ وزنا وسرقةٍ ونحو ذلك.
وهذا القدر كافٍ للاجتماع والترابط. وهناك أمور نعلم جميعاً أننا نختلف
فيها وليس هذا مثار بحثها، فإن رغب العضو الإيراني بحثها واتباع الحق فيها
فليختر من علمائهم جماعةً ونختار لهم جماعةً ويبحثون ما اختلفنا فيه ويعلن
الحق ويلتزم بِه. أو يسحب طلبه الآن. فأقر الجميع قوله وسحب العضو طلبه.
وهكذا كان رحمه الله حكيماً في تعليمه حكيماً في دعوته حكيماً في بحثه وإقناعه"[15].
ونقل عنه أيضاً قوله لبعض آياتهم:"لو كنا نتفق على أصول واحدة لناظرتكم
ولكن لنا أصول ولكم أصول، وبصورة أوضح لنا دين، ولكم دين، وفوق هذا كله
أنتم أهل كذب ونفاق".
2- الإمام ابن باز -رحمه الله-: فقد سئل: من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ
الرافضة، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم؟ .
فأجاب: التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن؛ لأن العقيدة مختلفة،
فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى،
وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأن الله سبحانه وتعالى هو
الذي يعلم الغيب، ومن عقيدة أهل السنة محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً
والترضي عنهم والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء وأن أفضلهم أبو
بكر الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عن الجميع، والرافضة خلاف
ذلك فلا يمكن الجمع بينهما، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى
والوثنيين وأهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة
لاختلاف العقيدة التي أوضحناها[16].
وسئل أيضاً:وهل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟
فأجاب: لا أرى ذلك ممكنا، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة
واحدة وجسدا واحدا وأن يدعوا الرافضة أن يلتزموا بما دل عليه كتاب الله
وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا
وعلينا أن نتعاون معهم، أما ما داموا مصرين على ما هم عليه من بغض الصحابة
وسب الصحابة إلا نفراً قليلاً وسب الصديق وعمر وعبادة أهل البيت كعلي رضي
الله عنه، وفاطمة والحسن والحسين، واعتقادهم في الأئمة الاثنتي عشرة أنهم
معصومون وأنهم يعلمون الغيب؛ كل هذا من أبطل الباطل وكل هذا يخالف ما عليه
أهل السنة والجماعة[17].
وقال أيضاً: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم. وفقه الله لكل خير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد تلقيت كتابكم الكريم وفهمت ما تضمنه. وأفيدكم بأن الشيعة فرق كثيرة وكل
فرقة لديها أنواع من البدع، وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية
لكثرة الدعاة إليها ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت
واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولا سيما الأئمة الاثني عشر حسب زعمهم ولكونهم
يكفرون ويسبون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما نسأل الله
السلامة مما هم عليه من الباطل.
وهذا لا يمنع دعوتهم إلى الله وإرشادهم إلى طريق الصواب وتحذيرهم مما وقعوا
فيه من الباطل على ضوء الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة[18].
3- محدث العصر الإمام الألباني -رحمه الله- : وهذا نص فتواه في أقوال
الخميني، حيث قال :"إلى الفاضل الدكتور بشار عواد معروف، الأمين العام
لمنظمة المؤتمر الإسلامي الشعبي؛ وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
ومغفرته.
أما بعد؛ فقد وقفت على الأقوال الخمسة التي نقلتموها عن كتب المسمى بـ"روح
الله الخميني" راغبين مني بيان حكمي فيها ، وفي قائلها ، فأقول وبالله
تعالى وحده أستعين:
إن كل قول من تلك الأقوال الخمسة كفر بواح، وشرك صراح ، لمخالفته للقرآن
الكريم ، والسنة المطهرة وإجماع الأمة ، وما هو معلوم من الدين بالضرورة.
ولذلك فكل من قال بها، معتقداً، ولو ببعض ما فيها، فهو مشرك كافر ، وإن صام
وصلى وزعم أنه مسلم. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه المحفوظ عن كل
زيادة ونقص:{وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ
الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى
وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً}.
وبهذه المناسبة أقول:إن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يدعون أنهم من أهل
السنة والجماعة ، يتعاونون مع (الخمينيين) في الدعوة إلى إقامة دولتهم،
والتمكين لها في أرض المسلمين، جاهلين أو متجاهلين عما فيها من الكفر
والضلال، والفساد في الأرض والله لا يحب الفساد.
فإن كان عذرهم جهلهم بعقائدهم، وزعمهم أن الخلاف بيننا وبينهم إنما هو خلاف
في الفروع وليس في الأصول ،فما هو عذرهم بعد أن نشروا كتيبهم:(الحكومة
الإسلامية) وطبعوه عدة طبعات ،ونشروه في العالم الإسلامي ،وفيه من الكفريات
ما جاء نقل بعضها عنه في السؤال الأول، مما يكفي أن يتعلم الجاهل ويستيقظ
الغافل ، هذا مع كون الكتيب كتاب دعاية وسياسة، والمفروض في مثله أن لا
يذكر فيه من العقائد ما هو كفر جلي عند المدعوين، ومع كون الشيعة يتدينون
بالتقية التي تجيز لهم أن يقولوا ويكتبوا ما لا يعتقدونه ، كما قال عز وجل
في بعض أسلافهم:{يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}،
حتى قرأت لبعض المعاصرين منهم قوله وهو يسرد المحرمات في الصلاة:"والقبض
فيها إلا تقية"، يعني وضع اليمين على الشمال في الصلاة. ومع ذلك كله
فقد:{قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} فيكتيبهم ، مصداق قوله تعالى في
أمثالهم:{ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}، {وَما تُخْفِي
صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}.
وختاماً أقول محذرا جميع المسلمين بقول رب العالمين:{يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا
يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ
مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا
لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}
وسبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك.
عمان 26/12/1407هـ
وكتب
محمد ناصر الدين الألباني أبو عبد الرحمن[19]
4- العلامة الفقيه الأصولي ابن عثيمين -رحمه الله-: حيث قال:"فإن الشيعة
فرق شتى ذكر السفاريني في شرح عقيدته أنهم اثنتان وعشرون فرقة، وعلى هذا
يختلف الحكم فيهم بحسب بعدهم من السنة، فكل من كان عن السنة أبعد كان إلى
الضلال أقرب.
ومن فرقهم الرافضة الذين تشيعوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رابع
الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم جميعا- تشيعا مفرطا في الغلو لا يرضاه علي
بن أبي طالب ولا غيره من أئمة الهدى، كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء
مفرطا، ولا سيما الخليفتان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- فقد قالوا فيهما
شيئا لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (3/356):
"وأصل قول الرافضة أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي -يعني في
الخلافة- نصاً قاطعاً للعذر، وأنه إمام معصوم، ومن خالفه كفر، وأن
المهاجرين والأنصار كتموا النص، وكفروا بالإمام المعصوم، واتبعوا أهواءهم،
وبدلوا الدين، وغيروا الشريعة، وظلموا واعتدوا، بل كفروا إلا نفرا قليلا،
إما بضعة عشره، أو أكثر، ثم يقولون: إن أبا بكر وعمر ونحوهما ما زالوا
منافقين، وقد يقولون: بل آمنوا ثم كفروا، وأكثرهم يكفر من خالف قولهم،
ويسمون أنفسهم المؤمنين، ومن خالفهم كفارا، ومنهم ظهرت أمهات الزندقة
والنفاق، كزندقة القرامطة والباطنية وأمثالهم". اهـ. وانظر قوله فيهم أيضا
في المجموع المذكور(4/428- 429).
وقال في كتابه القيم: "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" (ص/951) تحقيق الدكتور ناصر العقل:
"والشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا كل من كان عن
التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة
الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء، وأعظمهم شركا، فلا يوجد في أهل الأهواء
أكذب منهم، ولا أبعد عن التوحيد منهم، حتى إنهم يخربون مساجد الله التي
يذكر فيها اسمه، فيعطلونها من الجماعات والجمعات، ويعمرون المشاهد التي على
القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها". اهـ.
وانظر ما كتبه محب الدين الخطيب في رسالته "الخطوط العريضة" فقد نقل عن
كتاب "مفاتيح الجنان" من دعائهم ما نصه: "اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد،
والعن صنمي قريش، وجبتيهما، وطاغوتيهما، وابنتيهما" قال: ويعنون بهما
وبالجبت والطاغوت أبا بكر وعمر، ويريدون بابنتيهما أم المؤمنين عائشة، وأم
المؤمنين حفصة رضي الله عن الجميع.
ومن قرأ التاريخ علم أن للرافضة يدا في سقوط بغداد، وانتهاء الخلافة
الإسلامية فيها حيث سهلوا للتتار دخولها، وقتل التتار من العامة والعلماء
أمما كثيرة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "منهاج السنة"
(4/592)-تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم-: أنهم هم الذين سعوا في مجيء التتر
إلى بغداد دار الخلافة حتى قتل الكفار -يعني التتر- من المسلمين ما لا
يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم وغيرهم، وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف
وثمانمائة ألف، ونيفا وسبعين ألفا، وقتلوا الخليفة العباسي، وسبوا النساء
الهاشميات وصبيان الهاشميين. اهـ.
ومن عقيدة الرافضة: "التقية" وهي أن يظهر خلاف ما يبطن، ولا شك أن هذا نوع من النفاق، يغتر به من يغتر من الناس.
والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح، ولهذا أنزل الله تعالى
فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بها في صلاة
الجمعة؛ لإعلان أحوال المنافقين، والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره،
وقال فيها عن المنافقين: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}"[20].
وبهذا يتبين أن أصول الشيعة في إيران أوجدت ديناً فيه تكفير الصحابة رضي
الله عنهم، فيترتب على ذلك الطعن في القرآن والسنة، وبذلك تروج بدعتهم في
الاعتقاد بإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذريته من بعده، وعصمتهم،
والغلو فيهم ودعائهم من دون الله، بل رفعهم إلى أفعال الربوبية، إلى غير
ذلك من العقائد الضالة!!
بيان عقيدة قيادي جماعة الإخوان المسلمين صبحي صالح في الصحابة رضي الله عنهم:
ولم يقف صبحي صالح على ما ذكرته عنه آنفاً بل تمادى فقال:"الذي يشتم
الصحابة، هذا تاريخ؛ لأن الصحابة ليسوا من العقائد. الذي لم يختلف معنا في
العقائد ليس هناك مشكلة!!". انظروا إلى هذا الجهل بعقائد أهل السنة
والجماعة، انظروا إلى ترويج عقائد أهل الزيغ والضلال، انظروا إلى عدم
اهتمامهم بتكفير الصحابة رضي الله عنهم وسبهم!!
سب الصحابة رضي الله عنهم من الكبائر:
ولهذا لا بد من ذكر حرمة سب الصحابة رضي الله عنهم، أو سب أحد منهم؛ لأن
سبهم فسق وكبيرة من الكبائر: لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُو مِن
بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ
آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر:10]. ففي الآية تحريم
سبهم وبغضهم وأنه ليس من فعل المسلمين.
قالت عائشة رضي الله عنها:"أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم"[21].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"ومن عرف السيرة وأيام الرسول عليه
الصلاة والسلام وما قاموا به من الأمر ثم كان مؤمناً يحب الله ورسوله لم
يملك أن لا يحبهم، كما أن المنافق لا يملك أن لا يبغضهم"[22].
وعلينا أن نطيع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:"لا تسبوا أصحابي فلو أن
أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ، ولا نصيفه"[23].
وقال ابن عمر رضي الله عنهما:"لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلمقام أحدهم ساعة، خير من عمل أحدكم عمره"[24].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:" فسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام بالكتاب والسنة"[25].
وقال الملا علي القاري -رحمه الله-:"وأما من سب أحداً من الصحابة، فهو فاسق ومبتدع بالإجماع"[26].
وقال القاضي عياض -رحمه الله-:"وسب آل بيته وأزواجه وأصحابه صلى الله عليه وسلم وتنقصهم حرام ملعون فاعله"[27].
وقال أيضاً:"وسب اْصحاب النبى -عليه السلام- وتنقصهم أو أحد منهم من
الكبائر المحرمة، وقد لعن النبى -عليه الصلاة والسلام- فاعل ذلك، وذكر اْنه
من آذاه واَذى الله فإنه لا يقبل منه صرف ولا عدل"[28].
وقال النووي -رحمه الله-:"واعلم ان سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات"[29].
وقال القرطبي -رحمه الله-:"فمن تعرض لسبهم، وجحد عظيم حقهم، فقد انسلخ من الإيمان، وقابل الشكر بالكفران"[30].
وقال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:"الكبيرة الرابعة والخامسة والستون بعد
الأربعمائة: بغض الأنصار وشتم واحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
قال الجلال البلقينِي: فمن سب الصحابة رضي الله عنهم أتى كبيرةً بلا
نزاعٍ"[31].
وقال المناوي -رحمه الله-:"فسبهم من أكبر الكبائر وأفجر الفجور"[32].
وقال السفاريني -رحمه الله-:"وكون سب الصحابة كبيرة، هذا بلا خلاف"[33].
فلا يحل لأحد ان يسب الصحابة رضي الله عنهم على العموم، ولا أن يسب واحداً منهم على الخصوص[34].
حكم من سب الصحابة رضي الله عنهم:
أما حكم من سب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين،
فسوف اكتفي بما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لما فيه من
تحقيق وتحرير، حيث قال:"أما من اقترن بسبه دعوى أن علياً إله، أو أنه كان
هو النبي، وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لاشك في كفره بل لاشك في كفر
من توقف في تكفيره.
وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، مثل: وصف بعضهم
بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد ونحو ذلك، فهذا هو الذي
يستحق التأديب والتعزير ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم
يكفرهم من أهل العلم.
وأما من لعن وقبح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم،-يعني هل يكفر أو يفسق- لتردد الأمر بين لعن الغيظ، ولعن الاعتقاد[35].
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا،
لا ريب أيضاً في كفره فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع: من الرضى
عنهم، والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا، فإن كفره متعين، فإن مضمون
هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي
هي:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، وخيرها هو القرن الأول
كان عامتهم كفاراً أو فساقاً ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي
هذه الأمة هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، ولهذا
تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق.
فأما من سب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقال القاضي أبو يعلى: "من قذف
عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف" وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد
وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم.
وأما من سب غير عائشة من أزواجه ففيه قولان:
أحدهما: أنه كساب غيرهن من الصحابة.
والثاني: وهو الأصح أن من قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها.
وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره، ومنهم من لا يحكم بكفره، ومنهم من تردد فيه"[36].
انظر أيها القيادي في جماعة الأخوان إلى أقوال أهل العلم في حكم سب الصحابة
رضي الله عنهم، لكي تصحح عقيدتك، وعقيدة من ورائك من أفراد جماعتك!!
تذكرة للرئيس المصري محمد مرسي:
قال تعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، ولذلك
أقول للرئيس محمد مرسي: إن المقصود من الحكم هو حراسة الدين، وسياسة الدنيا
به. وقد بين العلماء رحمهم الله أنه يلزم الحاكم من أمور الرعية إجمالاً
عشرة أشياء ذكرها القاضي أبو يعلى في كتابه"الأحكام السلطانية" نذكر منها
ما يناسب المقام:"أحدها: حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف
الأمة، فإن نجم مبتدع أو زاغ ذو شبهة عنه أوضح له الحجة وبين له الصواب
وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود، ليكون الدين محروساً من خللٍ والأمة
ممنوعةً من زللٍ.
والرابع: إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك وتحفظ حقوق عباده من إتلافٍ واستهلاكٍ"[37].
فعلى الرئيس مرسي القيام بواجبه الشرعي للحفاظ على بلاد أهل السنة من هذا
الغزو الرافضي، واتخاذ كافة الوسائل لرد خطر هؤلاء المبتدعة.
لطيفة: وهذا الخليفة العباسي القادر بالله -رحمه الله تعالى- الذي بويع له
بالخلافة سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة (381هـ)، هذا الخليفة الذي أثنى عليه
علماء عصره ومن بعدهم على علمه ونصرته لعقيدة أهل السنة والجماعة، فقد قام
بتصنيف كتاب ذكر فيه فضائل الصحابة رضي الله عنهم، قال الخطيب
البغدادي:"رأيت القادر بالله دفعات، وكان أبيض حسن الجسم، كثيف اللحية
طويلها مخضباً، وكان من الستر والديانة وإدامة التهجد بالليل وكثرة البر
والصدقات على صفة اشتهرت عنه، وعرف بها عند كل أحد، مع حسن المذهب وصحة
الاعتقاد، وكان قد صنف كتاباً في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب
مذهب أصحاب الحديث وأورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وإكفار المعتزلة
والقائلين بخلق القرآن، وكان ذلك الكتاب يقرأ في كل جمعة في حلقة أصحاب
الحديث بجامع المهدي ويحضر الناس سماعه"[38]. وقال الحافظ ابن كثير:"وقد
كان الخليفة القادر بالله من خيار الخلفاء وسادات العلماء في أهل زمانه
وأقرانه -رحمه الله-، وكان كثير الصدقة حسَنَ الاعتقاد وصنف عقيدة فيها
فضائل الصحابة وغير ذلك فكانت تُقْرَأُ في حلق أصحاب الحديث كل جمعة في
جامع المهدي، وتَجْتَمِعُ الناس لسماعها مدة خلافته"[39]. ومن محاسنه -رحمه
الله- أيضاً أنه استتاب فقهاء المعتزلة فتبرؤا من الاعتزال والرفض، وأخذت
خطوطهم بذلك[40]. قال الحافظ ابن كثير:"وفيها- سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة-
قرئ الاعتقاد القادري الذي جمعه الخليفة القادر وأخذت خطوط العلماء
والزهاد بأنه اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فسق وكفر، فكان أول من كتب عليه
الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني، ثم كتب بعده العلماء، وقد سرده أبو
الفرج بن الجوزي في "منتظمه" بتمامه ،وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف"[41].
قال ابن الجوزي:"أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا أبو الحسين محمد بن
محمد بن الفراء قال: أخرج الإمام القائم بأمر الله أمير المؤمنين أبو جعفر
بن القادر بالله في سنة نيف وثلاثين وأربعمائة الاعتقاد القادري، الذي ذكره
القادر فقرئ في الديوان وحضر الزهاد والعلماء، وممن حضر الشيخ أبو الحسن
علي بن عمر القزويني، فكتب خطه تحته قبل أن يكتب الفقهاء خطوطهم فيه أن هذا
اعتقاد المسلمين ومن خالفه فقد فسق وكفر وهو ...". ثم سرده، وفيما يتعلق
بالصحابة رضي الله عنهم:"ويجب أن يحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم،
ونعلم أنهم خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن خيرهم كلهم
وأفضلهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق ثم عمر بن
الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ويشهد للعشرة
بالجنة ويترحم على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سب سيدتنا
عائشة رضي الله عنها فلا حظ له في الإسلام، ولا يقول في معاوية رضي الله
عنه إلا خيراً، ولا يدخل في شيء شجر بينهم ويترحم على جماعتهم، قال الله
تعالى:{وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا
وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ}
[الحشر:10]، وقال فيهم:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ
إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:47]". وختمها بقوله:"هذا
قول أهل السنة والجماعة الذي من تمسك به كان على الحق المبين وعلى منهاج
الدين والطريق المستقيم ورجي به النجاة من النار ودخول الجنة إن شاء الله
تعالى"[42].
خطاب لعلماء المسلمين:
بأن يقوموا بدورهم في توعية المسلمين بخطر معتقدات هذه الطائفة الضالة، بالكتابة، والخطب، والدروس، وغير ذلك من الوسائل.
ولهذا تعالت في مصر أصوات العلماء، وطلبة العلم، والدعاة الذين هم بحق على
عقيدة أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يدركون خطر الروافض وأطماع الدولة
الفارسية الصفوية، ومشروعها، ولن يستسلموا لترويج الإخوان المسلمين للروافض
في مصر.
وفقهم الله إلى كل خير، وردهم إلى الدعوة الصحيحة على الكتاب والسنة بفهم
سلف الأمة بعيداً عن الحزبية، والغرق في بحار السياسة غير الشرعة.
خطاب إلى عموم المسلمين:
بعدم الانخداع بهذه الطائفة المنحرفة، والحرص على تعلم العقيدة الصحيحة
عقيدة أهل السنة والجماعة، وخاصة فيما يتعلق بالصحابة رضي الله عنهم.
وأخيراً: أهدي للإخوان شهادة رجل يعد منهم، كان مخدوعاً بإيران الثورة
والخميني، ثم رجع عن هذا وألف كتاباً يعلن فيه خطر التشيع وضلال الخميني
سماه:"الخميني شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف" -الطبعة الأولى 1407هـ
1987م- فقال في المقدمة (ص/3-4):"جاءت الخمينية المارقة تحذو حذو أسلافها
من حركات الغلو والزندقة التي جمعت بين الشعوبية في الرأي والفساد في
العقيدة ، تتاجر بمشاهر جماهير المثقفين المتعلقين بالإسلام تاريخاً وعقيدة
وتراثاً ، فتتظاهر بالإسلام قولاً وتبطن جملة الشذوذ العقدي والحركي الذي
كان سمة مشتركة وتراثاً جامعاً للهالكين من أسلافها من الأبامسلمية
والبابكية والصفوية، فيعيدوا إلى واقع المسلمين كل نزعات الشر والدمار التي
جسدتها تلك الحركات المشبوهة الساقطة في شرك الكفر والزندقة والعصيان،
وتعيد إلى الأذهان كل مخططات البرامج الباطنية القائمة على التدليس
والتلبيس، فتدعي نصرة الإسلام وهي حرب عليه -عقيدة ومنهجاً وسلوكاً-
وتتظاهر بالغيرة على وحدة الصف الإسلامي وهي تدق صباح مساء إسفيناً بعد
إسفين في أركان الأمة الواحدة، متوسلة إلى ذلك بنظرة مذهبية شاذة، وتزعم
نصرة المستضعفين في الأرض وهي تجند الأطفال والصغار وتدفعهم قسراً وإلجاءً
إلى محرقة الموت الزؤام، ثم هي لا تكتفي بكل هذا الشر الأسود بل تقيم
فلسفتها جملة وتفصيلاً على قراءة منحرفة قوامها التلفيق والتدليس لكل تاريخ
المسلمين، فتأتي على رموزه وأكابر مؤسسيه هدماً وتشويهاً وتمويهاً، وتجدد
الدعوة بإصرار إلى كل الصفحات السلبية السوداء الماضية في التاريخ، والتي
ظن المخلصون أنها بادت فليس من مصلحة المسلمين ولا في صالح الإسلام إعادة
قراءتها من جديد، فلقد قاسى الجميع من شرها ما لا يحصره كتاب.
وهكذا أيضاً خلطت الخمينية في منهجها الحركي الفاسد المدمر كل توجهات
الحركات السرية الباطنية ومناهجها القائمة على التلقين السري والاعتصام
بالتقية والاستمداد من المجوسية لتتحول -في الغاية والنهاية- كأخواتها في
التاريخ، إلى مدرسة ممتازة للغدر والخيانة ، وإلى منهجية شريرة ذات شعب
ثلاث:
إفساد للعقيدة .
وطمس لمعالم الإسلام ، وتشويه لمقاصده النبيلة .
ورغبة في السيطرة والهيمنة ، قد غُلفت بشعارات خادعة".
وقال في آخره (ص/30-31):"إن بعض من نفترض عندهم الوعي غاب عنهم الوعي فلم
يدركوا خطر الخمينية، وإن بعض من نفترض عندهم العلم قصروا عن إبراز خطر
الخمينية فكادت بذلك تضيع هذه الأمة ، ولذلك فإننا نناشد أهل الوعي أن
يفتحوا الأعين على خطر هذه الخمينية ، ونناشد أهل العلم أن يطلقوا أقلامهم
وألسنتهم ضد الخمينية. لقد آن لهذا الطاعون أن ينحسر عن أرض الإِسلام، وآن
للغازي أن يكون مغزوًّا، فالأمة الإِسلامية عليها أن تفتح إيران للعقائد
الصافية من جديد ، كما يجب عليها أن تنهي تهديدها الخطير لهذه الأمة ،
وليعلم أصحاب الأقلام المأجورة والألسنة المسعورة الذين لا يزالون يضللون
الأمة بما يكتبونه وبما يقولونه أن الله سيحاسبه على ما ضلوا وأضلوا، فليس
لهم حجة في أن ينصروا الخمينية، فنصرة الخمينية خيانة لله والرسول
والمؤمنين، ألم يروا ما فعلته الخمينية وحلفاؤها بأبناء الإِسلام حين
تمكنوا ، ألم يعلموا بتحالفات الخمينية وأنصارها مع كل عدوٍ للإِسلام، لقد
آن لكل من له أذنان للسمع أن يسمع، ولكل من له عينان للإِبصار أن يبصر ،
فمن لم يبصر ولم يسمع حتى الآن فما الذي يبصره وما الذي يسمعه، فهؤلاء
أنصار التتار والمغول وأنصار الصليبيين، والاستعمار يظهرون من جديد ينصرون
كل عدو للإِسلام والمسلمين ، وينفذون بأيديهم كل ما عجز عنه غيرهم من أعداء
الإسلام والمسلمين ، ألا فليسمع الناس وليبصروا ولات ساعة مندم.
إنه لا يزال للعذر مكان لمن أراد الاعتذار ، وسيأتي يوم لا يقبل فيه من أحد
الاعتذار ، فالساكتون عن الحقيقة لن يُغذروا ، والناكبون عن الحق لن
يعذروا ، والذين صلوا وأضلوا لن يعذروا ، فهذا رسول الله صلى الله عليه
وسلم يحدث عن الله فيقول:"من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب"[43]، وهؤلاء
الخمينيون يعادون أولياء الله من الصحابة فمن دونهم فكيف يواليهم مسلم وكيف
تنطلي عليه خدعتهم وكيف يركن إليهم والله تعالى يقول:{وَلا تَرْكَنُوا
إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}. وهؤلاء الخمينيون
ظالمون ومن بعض ظلمهم أنهم يظلمون أبا بكر وعمر ، فكيف يواليهم مسلم والله
تعالى يقول:{وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا
يَكْسِبُونَ}، إنه لا يواليهم إلا ظالم ، ومن يرضى أن يكون ظالماً لأبي بكر
وعمر وعثمان وأبي عبيدة وطلحة والزبير ؟ ومن يرضى أن يكون في الصف المقابل
للصحابة وأئمة الاجتهاد من هذه الأمة ؟ ومن يرضى أن يكون أداة بيد الذين
يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ؟
ألا يرى الناس أنه مع أن ثلث أهل إيران من السنة لا يوجد وزير سني؟ ألا يرى
الناس ماذا يُفعل بأهل السنة في لبنان سواء في ذلك اللبنانيون أو
الفلسطينيون؟ ألا يرى الناس ماذا يفعل حليف إيران بالإِسلام والمسلمين؟
أليست هذه الأمور كافية للتبصير؟ وهل بعد ذلك عذر لمخدوع ؟ ألا إنه قد حكم
المخدوعون على أنفسهم أنهم أعداء لهذه الأمة وأنهم أعداء لشعوبهم وأوطانهم
وأنهم يتآمرون على مستقبل أتباعهم فهل هم تائبون؟
اللهم إني أبرأ إليك من الخمبيني والخمينية ومن كل من والاهم وأيدهم
وحالفاهم وتحالف معهم. اللهم آمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين".
فمن أجل ذلك كله كان هذه الورقات لإظهار محبة الصحابة رضي الله عنهم،
والثناء عليهم، والترضي عنهم، وتحريم سبهم، وغير ذلك مما يجب في حقهم،
والتحذير من خطر الروافض.
جعله الله خالصاً لوجهه الكريم.{رَبّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا
الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ
لّلّذِينَ آمَنُواْ رَبّنَآ إِنّكَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ}[الحشر:10].
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
وكتبه
الراجي عفو ربه
ساعد بن عمر غازي
____________________________________
[1] مستفاد من شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله-[برنامج المكتبة الشاملة].
[2] أخرجه الخطيب البغدادي في "الكفاية" (ص/97).
[3] الكفاية (ص/46-49) بتصرف يسير.
[4] أخرجه مسلم (1017) من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه من
طريق المنذر بن جرير عن أبيه جرير رضي الله عنه ولفظه قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها
بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء". وفي رواية الطبراني في " المعجم
الكبير" (2/328) رقم (2372) من طريق منذر بن جرير عن أبيه:"من سن في
الإسلام سنة صالحة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة".
أما اللفظ المذكور فأقرب ما وقفت عليه رواية الطبراني في المعجم الأوسط
(8/384) رقم (8946) من رواية المسيب بن رافع عن جرير بن عبد الله البجلي
مرفوعاً:"من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها إلى
يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً". والله أعلم.
[5] أخرجه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[6] تحقيق منيف الرتبة (ص/74-75).
[7] أخرجه البخاري (3339) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[8] أخرجه أحمد (1/437)، والترمذي (2657)، (2658)، وابن ماجة (232)، وابن
حبان (66)، وغيرهم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقال الترمذي:"حسن
صحيح". وصححه الألباني في "التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" (1/193).
[9] أخرجه البخاري (67)، و مسلم (1679) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
وقال:"بلغوا عني ولو آية" أخرجه البخاري (3461) من حديث عبد الله بن عمرو
رضي الله عنهما.
[10] أخرجه مسلم (3004) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[11] الجرح والتعديل (1/7-8).
[12] مجموع الفتاوى (3/156).
[13] شرح العقيدة السفارينية (ص/622).
[14] مقتبس من "شم العوارض في ذم الروافض" (ص/50).
[15] من ترجمة الشيخ عطية محمد سالم لشيخه الشنقيطي ملحقة في "تتمة أضواء البيان" (9/496-497).
[16] مجموع فتاوى ابن باز (5/156).
[17] مجموع فتاوى ابن باز (5/157).
[18] مجموع فتاوى ابن باز (4/439).
[19] ملحق رقم (1) في آخر كتاب "كشف الأستار" للخميني (ص/333-334).
[20] مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (3/55-57).
[21] أخرجه مسلم (3022).
[22] الصارم المسلول (ص/581).
[23] أخرجه البخاري (3673) ،ومسلم (2541) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[24] أخرجه ابن ماجه (162).
[25] الصارم المسلول (ص/571).
[26] شم العوارض في ذم الروافض (ص/61).
[27] الشفا (2/307).
[28] إكمال المعلم (7/580).
[29] شرح صحيح مسلم (16/93).
[30] المفهم (6/493).
[31] الزواجر عن اقتراف الكبائر (3 / 331).
[32] فيض القدير (5/274).
[33] الذخائر شرح منظومة الكبائر (ص/325).
[34] انظر: شرح الكبائر لابن عثيمين (ص/396).
[35] قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في "شرح لمعة الاعتقاد"
(ص/51):"وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما
قال".
[36] الصارم المسلول (ص/565-567)، (ص/586-587). على أن ما قاله شيخ الإسلام
-رحمه الله- يحتاج إلى بسط، لعل يأتي في موضع آخر إن شاء الله قريباً.
[37] الأحكام السلطانية 0ص/72).
[38] تاريخ بغداد (4/37) بتصرف يسير.
[39] البداية والنهاية (15/438).
[40] سير أعلام النبلاء (15/134).
[41] البداية والنهاية (15/685).
[42] المنتظم (15/279-282).
[43] أخرجه البخاري (6502).
بقلم: ساعد عمر غازي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..