الاثنين، 22 أبريل 2013

يا مجلس الشورى.. ألزموا وزير الإسكان

عبد العزيز محمد قاسم
* ثمة هوامير كبار سيترصدون المشروع لإفشاله؛ لأنهم سيخسرون الأراضي الشاسعة التي يملكونها داخل المدن وخارجها، ومثل هذا المشروع سيطيح بأسعار الأراضي، وليس من مصلحتهم أن ينجح

* أنادي هنا مجلس الشورى الموقر، باستضافة فورية لوزير الإسكان شويش الضويحي، ومطالبته بشكل عاجل تقديم خطة زمنية لتنفيذ بناء الـ500 ألف وحدة سكنية

* قد يكتنف مشروع الإسكان التراخي، بيد أنني أعوّل هنا على الإعلام الذي لو قام بواجباته لقدم المسؤولون كل ما لديهم من جهد، والمواطن، فلا أحد أقدر ولا أقوى ولا أحرص من المواطن على متابعة حقه

*لا يريد المواطن سوى تلك الفلل الصغيرة، التي تتألق كلآلئ خلّب لأعين أمثالنا البسطاء، وتربض على يمين الداخل إلى مكة المكرمة، وإن أبيتم فراضون – والله - بشقق الإسكان التي نراها في حي (الأمير متعب) و(الشرفية) في جدة

ما زلت أتذكر بكثير من الفخر موقف وطني مع أشقائنا في الكويت، إبان غزو صدام حسين لبلادهم، فقد تقاطروا على بلادنا من كل الجهات هربا من جحيم الحرب، ونفرنا – كشعب وقيادة - لنتطوع وقتذاك باستقبالهم وضيافتهم، وكان كاتب السطور ممن شرف بخدمة أولئك الأشقاء، في هيئة (الإغاثة الإسلامية) بجدة، حيث كنت أوجههم للفنادق بدرجاتها المختلفة لهم، ولأول مرة استثمرنا – وقتذاك - شقق عمائر الإسكان الشاهقة في مدن المملكة، بعد أن كانت غير مأهولة، لا يسكنها سوى إخواننا "الجن" بما كنا نتهكم حينها، لطول بقائها بدون سكنى..

سبب استدعاء الذاكرة لتلك المواقف، هو الجدل الذي ثار في أوساط النخب والاقتصاديين حيال تنفيذ الأمر الملكي الكريم بتملك السكن، وقد طار به الشعب فرحا، فيما بعض الخبراء والمتخصصون أبدوا موقفا غاية في التشاؤم في تنفيذه، وترجمته على أرض الواقع، وأنه عمليا لا يمكن لوزير الإسكان حلّ معضلة السكن في السعودية، بالظروف السائدة اليوم.

فمن قائل بأن الوزراء المعنيين بالقرار، سيقومون بتفسير الأمر الملكي وقراءته بما يخدم مصلحة وزاراتهم.

وآخرون جزموا بأن الفساد سيكمن لهذا المشروع، وقدموا لنا شواهد في تلكم المشروعات المليارية التي نجدها في بلاد مجاورة تنجز وبأعلى المستويات؛ بأقل من نصف ما خصصناه من مليارات الوطن، بل ثمة هوامير كبار سيترصدون المشروع لإفشاله؛ لأنهم سيخسرون الأراضي الشاسعة التي يملكونها داخل المدن وخارجها، ومثل هذا المشروع سيطيح بأسعار الأراضي، وليس من مصلحتهم أن ينجح.

وبعيدا عن هذا التشاؤم الذي سربل ثلة المتخصصين والمراقبين والمهتمين بالشأن العام، فإنني متفائل، خصوصا في هذا القرار تحديدا، الذي يلامس احتياجا حياتيا لكل مواطن، شريطة أن يقوم الإعلام والمواطن بدورهما في حماية وصيانة هذا القرار.

أنادي هنا مجلس الشورى الموقر، باستضافة فورية لوزير الإسكان شويش الضويحي، ومطالبته بشكل عاجل تقديم خطة زمنية لتنفيذ بناء الـ500 ألف وحدة سكنية، طالما الميزانية موجودة بحوزته من سنتين، والأراضي التي كان يتذرع بندرتها، باتت بين يديه، فما هو صانع الآن للمواطن البسيط والأرملة والمعوزة، بلْه عن الفقير المنتظر على أحرّ من الجمر، سكنا يأويه وعائلته.

أتمنى – يا أحبتنا في مجلس الشورى- أن تكونوا فعلا صوت المواطن، ولا تدعوا أحداً يعطيكم الإبر المخدرة، و"المكبسلة" في وعود عامة، فوزير الإسكان صرّح لـ(لعربية) - يوم الأربعاء الماضي- تعليقا على القرار: "الأراضي ستسلم بأسرع وقت ممكن إلى مستحقيها وفق برنامج دقيق وعادل لوصول هذا الدعم إلى مستحقيه"، هذا كلام عام لا يسمن ولا يغني من جوع، يا دكتور شويش، ولا نقبله كمواطنين؛ لأننا بصراحة أتخمنا منه، بل نريد منك - يا معالي الوزير - إعطاءنا موعدا زمنيا، ينجز فيه المشروع برمته، وإلا ستحاسب، لأنك فشلت فيما عهد إليك والدنا خادم الحرمين الشريفين لك من أمانة.

المشروع ليس بذلك الإعجاز، فالمال والأرض متوافران، ولم يبق سوى الإخلاص والهمة، والبحث عن الحل الأنجع، عبر خبراء واقتصاديين، وها هو الزميل الاقتصادي النابه فضل بوعينين، يقترح بأن تقسم الـ500 ألف وحدة سكنية على 50 شركة مقاولات، من كبار الشركات المشتغلة في المقاولات، بطريقة الإسناد لا المناقصات، وستنجز في ثلاث سنوات على أكثر تقدير.

لا يريد المواطن سوى تلك الفلل الصغيرة، التي تتألق كلآلئ خلّب لأعين أمثالنا البسطاء، وتربض على يمين الداخل إلى مكة المكرمة - شرّفها الله وساكنيها -، وإن أبيتم فراضون – والله - بشقق الإسكان التي نراها في حي (الأمير متعب) و(الشرفية) في جدة.

قد يكتنف المشروع التراخي، بيد أنني أعوّل هنا على اثنين هما من سيقومان بدفع المشروع قدما، أولهما: الإعلام الذي لو قام بواجباته كسلطة رابعة في المراقبة والمتابعة، وفضح الفسدة والمتراخين، لقدم المسؤولون كل ما لديهم من جهد، وكفّ السرّاق أيدهم خشية الفضيحة.

والأهمّ من الإعلام، هو المواطن، وأجزم هنا بيقينية مطلقة بأنه لا أحد أقدر ولا أقوى ولا أحرص من المواطن في متابعة ما منحه مليكه يحفظه الله في حقه، فبرغم جهود ديوان (المراقبة العامة) وهيئة (مكافحة الفساد)، إلا أن المواطن هو الأقدر على حماية وصيانة حقه المشروع، عبر السؤال المتكرر لما أنجر في أروقة الوزارت، وإمطارهم بالبرقيات والفاكسات ووسائل الإعلام.

ترسيخ مثل هذه الثقافة في وجدان ووعي المواطن؛ سينشئ هيئة شعبية لمكافحة الفساد، وهو ما سيعين ولاة الأمر في حربهم على الفساد والمفسدين وصيانة المال العام، والدفع بمشروعات الوطن للأمام، ودعم هذه النهضة والتنمية التي تعيشها بلادنا.

وعي المواطنين بحقوقهم أقوى رقيب على الوزراء، وأحدّ سلاح ضد الفساد.


الوطن السعودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..