الثلاثاء، 28 مايو 2013

محاضرة د/القنيبط في ورشة عمل بجامعة الملك سعود‏

2767566.jpg

القنيبط: «المياه» تمتلك «فيتو» ضد قرارات «الزراعة

وجّه عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد القنيبط، انتقادات واسعة طاولت الزراعة والمياه في المملكة، وهاجم بشدة عدم التنسيق بين الوزارات، والتأخر الكبير في إصدار القرارات، الذي يكبد البلاد خسائر كبيرة، إضافة إلى عدم إنجاز الخطة الوطنية للمياه منذ 30 عاماً، وتجرؤ وزارات على أخرى.
وقال القنيبط في ورقة عمل بعنوان: «خواطر زراعية ومائية»، قدمها خلال ورشة العمل التي نظمتها الجمعية السعودية للعلوم الزراعية، بكلية علوم الأغذية والزراعة أمس، وشهدت حضوراً كثيفاً، إن هناك عدم تنسيق بين عمل الوزارات، ودلل على ذلك بقوله: «إن وزارة التخطيط تضع توقعاتها خلال الأعوام الخمسة لخطة التنمية، ثم تأتي وزارة الزراعة والمياه وتنفذ ما تراه، وتوجد تباينات كبيرة وخطرة».
وانتقد القنيبط ضعف استعداد الوزراء «لتبني أي مبادرة أو اقتراح يخص وزارتهم أو جهازهم لم يصدر من عندهم»، مشيراً إلى أنه كتب أول مقالة في حياته عام 1414هـ، بعنوان: «قضية الأمن المائي أم همّ الأمن الغذائي»، وأوصى فيها بمنع زراعة القمح والشعير والأعلاف الخضراء».
وتساءل قائلاً: «ماذا تم بعد ذلك؟»، وأجاب: «لم يناقشني أو يحاورني أي مسؤول في أي جهة حكومية»، إلى منتصف عام 1416هـ، عندما كلفه الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز بتكوين فريق بحثي متخصص في الزراعة والمياه، وطلب منا إجراء دراسة عاجلة عن الزراعة والمياه، وفي نهاية العام نفسه سلمناه دراسة بعنوان: «المياه والزراعة: الواقع والمأمول»، وكان من أهم توصياتها فصل الزراعة عن المياه في وزارتين مستقلتين، وإيقاف زراعة القمح والشعير، ومنع تصدير الأعلاف والبطاطس والألبان، وإنشاء شركة مساهمة تقوم بشراء المعدات والآليات الزراعية الفائضة لدى المزارعين لإعادة استثمارها في مشاريع زراعية خارج المملكة لزراعة ما تحتاج إليه من القمح والشعير».
وتابع: «أرسل الأمير سلطان هذه الدراسة إلى الملك فهد، الذي أحالها إلى مجلس الشورى في بداية 1418هـ، مع دراسة أخرى عن الأمن المائي أعدها مكتب الدراسات الاستراتيجية لولي العهد آنذاك، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقام مجلس الشورى في العام نفسه بدرسهما ومقابلة الوزراء ومسؤولي الأجهزة ذات العلاقة بالزراعة والمياه».
وأضاف القنيبط: «في بداية عام 1419هـ أوصى مجلس الشورى بإنشاء وزارة للمياه، وفي عام 1422 هـ، قرر مجلس الوزراء إنشاء وزارة للمياه، وكانت النتيجة ضياع ثلاثة أعوام بين قرار مجلس الشورى وقرار مجلس الوزراء، وسبعة أعوام بين توصيات دراسة الأمير سلطان وقرار مجلس الوزراء».
وأشار إلى أنه في عام 1428هـ، صدر قرار مجلس الوزراء بالتوقف عن شراء القمح المنتج محلياً في مدة أقصاها 8 أعوام، ومنع تصدير القمح والأعلاف المزروعة محلياً، وكانت النتيجة ضياع 12 عاماً بين توصيات دراسة الأمير سلطان وبين مجلس الوزراء، وهو ما تسبب في توريط آلاف المزارعين بالمزيد من القروض والاستثمارات المالية في زراعة القمح، وما تبع ذلك من استمرار نزف المياه الجوفية غير المتجددة».
واستغرب القنيبط من تعاقد وزارة الزراعة في عام 1423هـ مع معهد الملك عبدالله للبحوث بجامعة الملك سعود لإعداد الاستراتيجية الزراعية السعودية التي استغرق إعدادها عامين، ثم يأتي وزير المياه في عام 1425هـ، مفتخراً بإسقاطه الاستراتيجية الزراعية السعودية عند مناقشتها في مجلس الوزراء والمجلس الاقتصادي الأعلى، ثم تقوم وزارة الزراعة بالتعاقد مع منظمة الأغذية والزراعة لتنقيح الاستراتيجية لإعادة تقديمها لمجلس الوزراء، وهو ما يعني أن «زامر الحي لا يطرب».
واستغرب القنيبط «عدم انتهاء وزارة المياه من الخطة الوطنية للمياه التي طالبت بها خطة التنمية الثالثة قبل 30 عاماً حتى الآن، وحتى يومنا هذا لم تنشر وزارة المياه أي شيء عن كمية المخزون المائي في التكوينات الجيولوجية الرئيسة أو الثانوية».
وزاد: «ليت الأمر توقف عند هذا، بل إن أحدث إحصاءات كميات المياه المستخدمة في الزراعة على موقع وزارة المياه تتوقف عند عام 2000، بعد 12 عاماً من إنشاء وزارة مستقلة للمياه».
وهاجم القنيبط ما ذكره وزير المياه حول معرفته «إحدى الشركات الزراعية تزرع 100 ألف طن، وهي ممنوعة من توريد القمح للصوامع، ولكنها تورده للصوامع عبر المزارعين بشراء أذوناتهم لتوريد القمح للصوامع، إذ إن السؤال القانوني هنا: لماذا يتستر وزير المياه على شركة زراعية» مضيفاً: «وزير المياه يقول: لتر من الحليب أو اللبن يستهلك في أفضل حالاته 500 لتر من الماء، وبجهود كبيرة استطعنا من خلال مجلس الوزراء استصدار قرار منذ عامين بألا يتوقف تصدير الألبان».
وتساءل: «لماذا ينافح وزير المياه عن مصالح شركات الحليب في مجلس الوزراء لإيجاد مخارج لاستمرار تصدير الحليب»، مشيراً إلى أن الاستنتاج الذي خلص له أن وزارة المياه لديها قوة نقض (فيتو) ضد قرارات وزارة الزراعة، والعكس غير صحيح، وإضافة إلى سلاح «الفيتو».
واستبعد وجود رؤية واضحة لقطاعي المياه والزراعة، أو قيام عمل حكومي متكامل يخدم الوطن والمواطن ويحافظ على مكتسباته ويؤمّن مستقبله «في ظل هذه العلاقة الحميمية بين وزيري المياه والزراعة».
وفجّر القنيبط خلال محاضرته مزيداً من المفاجآت، وقال: «بداية 1430هـ صدرت مبادرة الاستثمار الزراعي الخارجي بإدارة ومسؤولية وزارة التجارة والصناعة، وفي 1433هـ قرر مجلس الوزراء نقل مسؤولية المبادرة إلى وزارة الزراعة»، مشيراً إلى أنه في نهاية 1431هـ، قال العميد السابق لمعهد الملك عبدالله للبحوث بجامعة الملك سعود (الجهاز الاستشاري للمبادرة) الدكتور حمد آل الشيخ، إنه سيتم استثمار 100 مليون دولار لزراعة القمح والشعير والرز في أراضٍ تم تأجيرها من الحكومة الإثيوبية.
وأضاف: «إثيوبيا لا توجد على الخريطة العالمية لإنتاج الرز، إذ إن إنتاجها عام 2011 كان 90 ألف طن، في مقابل 156 مليون طن للهند، و51 مليون طن لبنغلاديش، والسؤال المحير: هل التغطية الإعلامية المستمرة باستخدام نغمة الأمن الغذائي لتضخيم أهمية مبادرة الاستثمار الزراعي الخارجي مفتعلة».
ووصف كل ما تم بشأن المبادرة حتى الآن بأنه «فرقعات إعلامية»، معتبراً أن دخول الحكومة السعودية طرفاً مباشراً أو غير مباشر في الاستثمار الزراعي الخارجي قرار استثماري خطر».
وشدد على أن «مخاطر الاستثمار الزراعي أكثر من مخاطر القطاعات الأخرى»، متسائلاً: «لماذا نعرض المال العام لهذه المخاطر خارج المملكة؟ الدول المستهدفة للاستثمار الزراعي دول تعاني من الفقر وعدم الاستقرار السياسي وضعف الأنظمة، وأخطر شيء احتمال تعرض الحكومة السعودية وليس المستثمرين لهجوم سياسي وإعلامي دولي عنيف وقذر جداً لو حاول المستثمرون السعوديون تصدير منتجاتهم الزراعية من تلك الدول في ظروف انخفاض الإنتاج الزراعي أو تعرض تلك الدول لشحٍ غذائي، أو لو حدث تغيير سياسي أو قانوني في تلك الدول». ومضى متسائلاً: «هل نحن بحاجة إلى المزيد من مخاطر الهجوم الإعلامي الدولي؟ وتساءل لماذا ندخل طرفاً مباشراً في الاستثمار الزراعي الخارجي، طالما أننا ستشتري من المستثمرين السعوديين بالسعر العالمي، إذ جاء في تفاصيل المبادرة وضع آلية لتسلم المحاصيل المنتجة بالخارج بالأسعار العالمية العادلة».
وطالب بالابتعاد عن دعم الاستثمار الزراعي الخارجي، وقال إن رجال الأعمال أدرى بكيفية الاستثمار وتمويله، مشيراً في ذلك الصدد إلى أن مستثمراً سعودياً اشترى شركة زراعية من الحكومة المصرية، إلا أنه خسر جميع استثماراته فيها (300 مليون ريال) بسبب تغير النظام السياسي، متسائلاً: كيف سيكون مستقبل استثماراتنا الزراعية في دول فقيرة وغير شقيقة وغير مستقرة.

مايلو 27/ 2013 م  
المصدر: الحياة اللندنية



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..