لا
يختلف اثنان من المسلمين في أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق المصالح
وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وضمنت ما فيه سعادة البشر وتقدمهم في
الدنيا والآخرة، وامتنَّ الله على عباده في آواخر ما نزل من القرآن بقوله
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً)، وقد
شرفت المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز - رحمه
الله- بتحكيم الشريعة الإسلامية، وقفزت للأمام في كل مناحي الحياة
السياسية، والاقتصادية، والتعليمية، ولم تتأخر بل كانت الدولة ذات الثقل
الديني والسياسي في المنطقة.
وتكررت كلمة الشريعة الإسلامية في أكثر من مادة في الدستور، وتزين
الدستور بها وشَرُف، ففي المادة الأولى: «المملكة العربية السعودية عربية
إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم»، وفي المادة السابعة: «يستمد الحكم في المملكة
العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله.. وهما الحاكمان على هذا
النظام وجميع أنظمة الدولة»، وفي المادة الـ67: «تختص السلطة التنظيمية
بوضع الأنظمة واللوائح في ما يحقق المصلحة أو يرفع المفسدة في شؤون الدولة
وفقاً لقواعد الشريعة الإسلامية.. وتمارس اختصاصاتها وفقاً لهذا النظام».إذاً فمواد الدستور واضحة في أن أي نظام لا يتماشى مع الشريعة للمواطن حق المطالبة بتعديله؛ لأن الدستور فوق الجميع، ولأن المسؤول إنما وُجد لتطبيق هذا الدستور وتحقيقه واقعاً للناس، لكن بعض المسؤولين - وللأسف - اخترع أنظمة تخالف شرع الله الذي يعرفه العلماء أهل الذكر، المخولون بالفتوى، وبتوضيح انطباق كثير من المستجدات والمتغيرات مع الشريعة من مخالفتها، ويجهله الذين يريدون أن يجعلوا دينهم هواهم، والله يقول (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ، أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
أصبحت «وفق الضوابط الشرعية» موضة يختم بها بعض المسؤولين قراراته! مع أن بعض القرارات لا تتماشى مع الشريعة، فكيف تضبطها الشريعة؟! على غرار إشراك المرأة في الأولمبياد وفق الضوابط الشرعية، واختلاط الجنسين (كما يروق للبعض تسميته المشاركة) وفق الضوابط، وتوظيف مضيفات وفق الضوابط الشرعية السمحة!
إن «الضوابط الشرعية» ليست تأشيرة مرور ودليل جواز لكل عمل ينادى به، حتى لو لم يُستفْتَ فيه عالم، وأخشى أن نسمع قريباً تدريب راقصات على المقاييس الإسلامية، وفتح فصول مشتركة على غرار حلق أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، وهلم جرا من الكذب على الشريعة والتاريخ، ذلك أن كلمة «الضابط الشرعي» كلمة لا تستقيم في أية عبارة وإلا غدا واضعها أضحوكة للمتخصصين؛ لأن آخر العبارة ينقض أولها، ولأن للضوابط الشرعية أهلها المسؤولين عن استنباط الضوابط وضبط كثير من القرارات بها.
ختاماً أما وقد وضعت هذه الكلمة في بعض القرارات، فمن الجهة الرسمية المخولة بوضع «الضوابط الشرعية» ومتابعة تنفيذها؟ ومحاسبة من أساء استخدام هذه العبارة في تمرير قراره، وتجاهله أثناء التطبيق، وصلى الله وسلم على رسوله الذي يقول: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك».
............
الحياة السعودية
نوال العيد
الجمعة ٣ مايو ٢٠١٣
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..