" كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ "
العلمانية
كائن مشوه ولد ميتا ولم يكن له ليعيش في أرض المسلمين ,
فهو كلمة خبيثة
نبتت من شجرة خبيثة لم يكن لها إلا إن تجتث من فوق الأرض ولن يكون لها قرار
في ديار الإسلام , جاءت لتناصب الدين – كل دين – العداء , ووضعت نفسها في
حرب بقاء فإما هي أو الدين , أما الاعتراف بسيادة الإنسان على الكون وإعلاء
رغبته وشهواته فوق كل قيمة أو اعتبار, وإما سيادة المنهج الإلهي والالتزام
بأوامر الله ونواهيه والقبول والإذعان والتسليم لحكمه لسيادة شرعه في كل
شبر من أرضه.
ولم
يستطع منهج أن يقف أمام العلمانية بالمرصاد إلا المنهج الإسلامي , فكل
المناهج الأرضية الموجودة هزمتها العلمانية بادعاءاتها بالتحرر من كل قيد ,
ولم يكن لها عدو يفتك بكل ادعاءاتها الباطلة التي تتلون لتخدع الناس إلا
المنهج الإسلامي , ولهذا صارت كل ارض تتواجد فيها العلمانية أمام المنهج
الإسلامي ساحة حرب فكرية وساحة معترك حضاري لا يسمح ببقاء الاثنين معا ,
واقتنع كل منهما إن وجود أحدهما لابد له من زوال الآخر , فلا يمكن أن يكون
هناك مجال للالتقاء , فلا قواسم مشتركة بينهما ولا توجد أرضية واحدة يمكن
أن تسعهما , فلا يمكن للحق أن يقبل بوجود الباطل وكذلك الباطل لا يسعه إلا
أن يحاصر الحق ويطرده .
والمجتمع
المصري منذ قدم التاريخ متدين بطبعه قبل أن تدخله رسالة نبي الإسلام محمد
صلى الله عليه وسلم , وازداد تدينه بعد أن دخل في الإسلام أفواجا حينما شهد
عدالة الإسلام وأمنه وتخلصوا من الذل والمهانة الذين فرضهما النظام
الروماني على المصريين حتى وهم على نفس ديانتهم بمذهب آخر , ولهذا يصعب أن
تجد فيه العلمانية موطئا لقدم لفترة طويلة ولابد وان يلفظها هذا الشعب
المسلم والمتدين .
واعتمدت
العلمانية في مصر كما هو الحال في كثير من البلدان الإسلامية على النظم
الحاكمة التي تنحي المنهج الإسلامي جانبا بأوامر وضغوطات من الغرب
الذي يتدخل دوما لحماية ودعم ومساندة أوليائه من دعاة العلمانية , وكانت
الوسائل الإعلامية مثل الصحف والمجلات والنشرات والمطبوعات من أهم أدواتهم
دوما التي يستخدمونها لفرض منهجهم ورؤيتهم وأفكارهم الخبيثة.
وحينما
حملت الريح الإرسال الفضائي وأصبح مباحا ومتاحا لكل ذي مال أن ينشئ قناة
فضائية خاصة به كانت الكوادر العلمانية هي المقدمة دوما لاحتلال ارفع
المناصب فيها لتبث سمومها في هذا الشعب ولتحاول دوما ان تلبس الحق باطلا
والباطل حقا وان تدلس على الناس وتوجه آراءهم ومعتقداتهم نحو الأفكار
العلمانية ولتحاول في نفس الوقت وبمنهج منظم مهاجمة الأفكار الإسلامية
ممثلة في مهاجمة دعاتها ورفع الجرأة عليهم والمناداة بعزل أهل الفكر
الإسلامي عن كل شئ من مناحي الحياة ليتم حصرهم وحصر الفكر الإسلامي كله
داخل أربعة جدران لا يستطيع التحرك خارجها , ثم نادوا أيضا بعزل المساجد عن
الحديث في السياسة بدعوى أن أهل المساجد لا يصلحون للسياسة , فكانت
الدعاوى العلمانية الخبيثة بحملات مثل حملة " أنزلوهم من المنابر " , ليتم
الهجوم على أي شيخ داخل المسجد إذا تحدث في السياسة , وهذا ما حدث من هؤلاء
المجرمين مع شيخ فاضل وقور ومسن وهو الشيخ أحمد المحلاوي شيخ مسجد القائد
إبراهيم بالإسكندرية الذي حوصر من قبل العلمانيين وبلطجيتهم في مسجده بعد
صلاة الجمعة وسط التهديد بكل فعل شائن له وللمسجد الذي احترقت كثير من
أجزائه .
ورغم
كل هذا إلا أن جوهر المصريين لا يزال يرفض العلمانية ولا يفتح لها صدره
ولا قلبه , فليس لها مكان إلا من خلال الشاشات السوداء قلبا وقالبا التي
تبث على الناس السموم لتحاول إقناعهم بان العلمانية هي الحل الأمثل
لمشاكلهم وان النظام الإسلامي لا يصلح لإدارة هذا الكون .
وكشأن أسيادهم الذين وصفهم الله سبحانه بهذا الوصف " تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى",
فدوما ترى العلمانيين يتحزبون ويجتمعون ويتحركون ويقفون أمام الميكرفونات
كصف واحد , فيظنهم البسطاء على قلب رجل واحد , فإذا بهم - رغم اتحادهم
الظاهر – يكنون لبعضهم اشد العداوات , فما جمعهم سوى الباطل الذي من عادته
أن يفرق دوما ولا يجمع , فالحق صراط واحد مستقيم ولهذا يجتمع أهله , أما
الباطل فدروب ومسارات شتى متفرقة ولهذا يتفرق أهله دوما , وصدق الله حين
يقول:" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ".
وقد
اعترف أحد ممثلي العلمانية المصرية وهو الدكتور عمرو حمزاوي الذي طالما
جاهر بعلمانيته واعتبرها منهج حياته , وكانت له من الآراء الصادمة للمجتمع
المصري المسلم حينما أيد زواج المسلمة من النصراني ومطالبته بان
يكون هذه العلاقة متاحة كخيار لزواج سماه مدنيا متأسيا في ذلك بالدول
الغربية , وتناسى أن الدين الإسلامي – الذي ينتمي له على ما نعلم -
يحرم ذلك , وتناسى أيضا أن النصارى لا يقبلون بهذا إذ يعتبرون المسلمين
كفارا لأنهم لا يقبلون من زواج النصراني من المرأة النصرانية إذا كانت على
ملة أخرى غير ملة الرجل , فكيف بالمرأة المسلمة ؟.
فاعترف
عمرو حمزاوي الذي يشغل منصب أستاذ للعلوم السياسية بجامعة القاهرة في حديث
له على قناة العربية الفضائية بفشل جبهة الإنقاذ العلمانية المعارضة لنظام
الحكم في مصر ووصفها بأنها جبهة لا مستقبل لها لأنها تكتفي بالمعارضة
التليفزيونية ولا وجود لها حقيقة في الشارع المصري .
وارجع
حمزاوي فشل جبهة الإنقاذ بكل رموزها العلمانية بأنها لا تمثل كل التيارات
المعارضة في مصر وبتضارب قراراتها وعدم ثباتها على مواقف محددة , وهو الأمر
المتكرر لديهم إذ ليس لهم منهج محدد إلا معاداة كل ما هو إسلامي , ولأنهم
أبضا لا يطرحون أية فكرة لديهم سوى أنهم يعترضون على كل تصرف بلا خطة ولا
هدف حتى وإن تبين لعموم الناس نجاحه من قبل الإسلاميين.
هذا
وقد بدأت جبهة الإنقاذ العلمانية تتلقى الضربات التفكيكية من علمانيين
أيضا , إذ صرح أحمد شفيق المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية المصرية
السابقة وهو المعادي للمنهج الإسلامي جملة وتفصيلا والمنادي في أثناء حملته
الانتخابية لرئاسة الجمهورية بحذف آيات القران الكريم من الكتب المدرسية
للأبناء أو السماح لهم بدراسة الإنجيل – المحرف بوصف الله سبحانه له – على
أبناء المسلمين.
فصرح
في حوار له مع صحيفة «الحياة» اللندنية حول علاقته بجبهة الإنقاذ
العلمانية في الفترة الأخيرة وخاصة بعد أن رفضوا انضمامه إليهم بحجة انه من
الفلول لمنع حدوث انشقاقات داخلية تزيدهم تفككا فقال "
هناك تصرفات غريبة تصدر من قادة الجبهة, وقد صرحت سابقًا بأنه طالما هدفنا
واحد، وطرق الوصول إليه غير متعارضة، فأكون مخطئاً برفض التحالف معهم،
لكنني فوجئت بـ"استعباط" ومغالطة للنفس، وهجوم ليس له مثيل".
ثم شن عليهم هجوما قائلا " قالوا أنني فلول , أين
كنتم عندما كنت فلولاً ؟ ليتكم كنتم فلولاً لكان أفضل لكم من السجن
والبيزنس الممنوع وتجارة العملة ، ليس هناك أمر مشرف في تاريخكم لنناقشه ،
ولا في تاريخ كل من يتكلمون ".
هذا
ولمتشفع لجبهة الإنقاذ وبم يدركها من الهاوية التي تسقط لها انضمام غير
مبرر ولا مفهوم على الإطلاق من حزب النور السلفي لهم الذي أمدهم بدماء دبت
في أوصالهم الحياة لفترة , لكنها لم ولن تسعفهم من الانهيار الحتمي الذي لن
يكون سياسيا فقط , بل سيكون على كافة الأصعدة في مصر بإذن الله , ليكون
الخاسر الأكبر مع الجبهة العلمانية ذلكم الفصيل – الإسلامي - الذي اختار
وضع يده في يد جبهة علمانية ترفض كل خير لأبناء بلدها , وتسعى جاهدة لخراب
مصر وتستدعي الدول الأجنبية للتدخل في شئونها , وتبذل كل جهدها في إثارة
فزع كل من تسول له نفسه أن يستثمر في مصر اقتصاديا لتظل مصر في تبعيتها
الاقتصادية والثقافية والفكرية للغرب العلماني .
مركز التأصيل للدراسات والبحوث
مركز التأصيل للدراسات والبحوث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..