الخميس، 16 مايو 2013

فقه الجنايات و الحدود قتل الغيلة



هل قتل الغيلة موجب للقصاص أم يعتبر من الحرابة ؟
ما المقصود بقتل الغيلة ؟
الغيلة في اللغة هي: قال الأصمعي: «قتل فلان فلاناً غيلة، أي في اغتيال وخفية، وقيل: هو أن يخدع
الإنسان حتى يصير إلى مكان قد استخفى له فيه من يقتله، قال ذلك أبو عبيد » وفي القاموس وشرحه:«(غاله) الشيء يغوله غولاً، أهلكه كاغتاله، وغاله أخذه من حيث لم يدر» الغيلة في الاصطلاح: وأما غيلة في اصطلاح الفقهاء فقد اختلفوا في ذلك :
قول الباجي المالكي ـ رحمه الله ـ: «أصحابنا يوردونه على وجهين: أحدهما: القتل على وجه التحيل والخديعة. والثاني: على وجه القصد الذي لا يجوز عليه الخطأ» ويقول القرطبي ـ رحمه الله ـ: «والمغتال كالمحارب وهو الذي يحتال في قتل إنسان على أخذ ماله، وإن لم يشهر السلاح، لكن دخل عليه بيته أو صحبه في سفر فأطعمه سما فقتله فيقتل حداً لا قوداً» ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «وأما إذا كان يقتل النفوس سرا؛ لأخذ المال، مثل الذي يجلس في خان يكريه لأبناء السبيل، فإذا انفرد بقوم منهم قتلهم وأخذ أموالهم، أو يدعو إلى منزله من يستأجره لخياطة أو طب أو نحو ذلك فيقتله ويأخذ ماله، وهذا يسمى القتل غيلة»
الخلاف بين الفقهاء فيما يوجبه قتل الغيلة من القصاص أو القتل حداً ، وبيان ما يترتب على الخلاف القول الأول:  أن القتل غيلة موجب للقصاص، وهذا يعني أن الأمر بيد أولياء القتيل، إن شاءوا أن يعفو فلهم ذلك، وإن شاءوا الاستيفاء فلهم ذلك. وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة في المشهور من مذهبهم، وابن حزم. قال أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ: «من قتل رجلاً عمداً قتل غيلة أو غير غيلة، فذلك إلى أولياء القتيل، فإن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا عفوا» وقال الشافعي ـ رحمه الله ـ: «كل من قُتل في حرابة أو صحراء أو مصر أو مكابرة أو قُتل غيلة على مال أو غيره أو قُتل نائرة، فالقصاص والعفو إلى الولي، وليس إلى السلطان من ذلك شيء» وفي كشاف القناع قال: «وقتل الغِيلة بكسر الغين المعجمة، وهي القتل على غرة وغيره ـ أي غير قتل الغيلة ـ سواء في القصاص والعفو؛ لعموم الأدلة ...» أدلة أصحاب القول الأول: استدلوا بأدلة منها: الدليل الأول:  عموم الأدلة التي لم تُفرق بين قتل الغيلة وغيره من أنواع القتل ومنها: أ . قوله تعالى: و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق و من قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان  منصورا
ب . قوله تعالى:  يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى
جـ. وقوله  في حديث أبي هريرة: «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ» وقال ابن حجر: «استدل به الجمهور على جواز أخذ الدية في قتل العمد ولو كان غيلة» الدليل الثاني:  ما جاء في الأثر
 «أن عمر بن الخطاب  أتي برجل قد قتل عمداً، فأمر بقتله، فعفا بعض الأولياء، فأمر بقتله؛ فقال ابن مسعود  : كانت لهم النفس جميعاً، فلما عفا هذا أحيا النفس فلا يستطيع أن يأخذ حقه حتى يأخذ غيره. قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تجعل الدية عليه في ماله، وترفع حصة الذي عفا. فقال عمر: وأنا أرى ذلك» قال الشافعي ـ رحمه الله ـ نقلاً عن محمد بن الحسن تعليقاً على هذا الأثر: «فقد أجاز عمر وابن مسعود العفو من أحد الأولياء، ولم يسألوا: أقتل غيلة كان ذلك أو غيره» الدليل الثالث:  واستدلوا أيضاً بما رواه عبدالرزاق أن عروة كتب إلى عمر بن عبدالعزيز في رجل خنق صبياً على أوضاح له حتى قتله، فوجدوه والحبل في يده، فاعترف بذلك، فكتب أن ادفعوه لأولياء الصبي فإن شاءوا قتلوه. ولم يسأل عمر عن صفة القتل أهو غيلة أم لا؟ ولم يُنكر عليه، فكان إجماعاً. وأجيب: بأن عمر بن عبد العزيز حكم في قضية عنده، وحكم الحاكم يرفع الخلاف لاسيما وهو ـ رحمه الله ـ من أهل الاجتهاد، فلا داعي للإنكار عليه، لما تقرر من أن حكم الحاكم رافع للخلاف، وأيضاً فإن دعوى ترك السؤال مجرد احتمال لا دليل عليه؛ إذ ليس في أي من الأثرين ثبوت السؤال ولا نفيه مع تساوي الاحتمالين يسقط الاستدلال. ونوقش هذا الاعتراض: بأن الأصل عدم السؤال ولم يُنقل مع أهميته، فدل على أنه لم يكن.  الدليل الرابع:  واستدلوا من المعنى بأنه قتيل في غير محاربة، فكان أمره إلى وليه كسائر القتل وأُجيب: بأن فيه شبهاً بالحرابة، أو هو منها. القول الثاني: ذهب المالكية والحنابلة في وجه في المذهب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن إبراهيم، ومجلس هيئة كبار العلماء، إلى أن عقوبة القاتل غيلة هي القتل حداً لا قصاصاُ فلا يصح فيه العفو. أدلتهم أهمها ما يلي: الدليل الأول:  قوله تعالى:  إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف  نقل ابن فرحون عن ابن القاسم أنه قال: «وقتل الغيلة من الحرابة» وقد أُجيب بما قاله أبو محمد بن حزم: «فلا تخلو هذه الآية من أن تكون على الترتيب، أو التخيير، فإن كانت على الترتيب فالمالكيون لا يقولون بهذا، وإن كانت على التخيير ـ وهو قولهم ـ فليس في الآية ما يدعونه من أن قاتل الحرابة والغيلة لا خيار فيه لولي القتيل ـ فخرج قولهم عن أن يكون له متعلق، أو سبب يصح، فبطل ما قالوه» الدليل الثاني:  واستدلوا أيضاً بما رواه أنس بن مالك  : «أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا أَفُلاَنٌ أَفُلاَنٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِالْيَهُودِيِّ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ » وجه الاستدلال من الحديث: أن الرسول  قتل اليهودي دون الرجوع إلى أولياء الجارية، ولم ينتظر إذنهم بالقتل، ولم يدفعه إليهم ليقتلوه، أو يعفو عنه، فدل على أنه يُقتل حداً ولا مجال للعفو فيه. نوقش: بأن الحديث لا يمكن اعتباره حجة على عدم جواز العفو؛ إذ لم يرد فيه أن النبي    صلى الله عليه وسلم  لم يشاور وليها، ولا أنه شاوره؛ ولأن الأصل هو تخيير أولياء المقتول لقوله صلى الله عليه وسلم : «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا يُودَى وَإِمَّا يُقَادُ» الدليل الثالث:  : واستدلوا أيضاً بحديث أنس بن مالك  أنه قال:«قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ  بِلِقَاحٍ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ حتى ماتوا. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: فَهَؤُلاَءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وجه الاستدلال: أن النبي  قتلهم دون أخذ رأي أولياء الدم، فلو كان العفو معتبراً في قتل الغيلة لما أمر النبي  بقتلهم إلا بعد الوقوف على رأي الأولياء، لاحتمال عفوهم عن الجناة. ويُناقش: بمثل ما نوقش به حديث اليهودي الذي رض رأس الجارية، ويحتمل أن الراعي المقتول ليس له أولياء يطالبون بدمه فاقتص النبي من قاتليه على اعتباره ولي من لا ولي له. الدليل الرابع: واستدلوا أيضاً بما رواه ابن عمر  : أن غلاماً قُتل غيلة، فقال عمر  : «لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم» وجه الاستدلال: أنه لم ينقل أن عمر  استشار أحداً من أولياء الدم، ولو كان لهم حق العفو لرد الأمر إليهم، وطلب رأيهم، ولم يُنقل أن أحداً من الصحابة أنكر عليه، فكان إجماعاً. ونوقش: بأنه لا يلزم من عدم النقل عدم الاستشارة ولا عدم وجود من يُنكر. وأجاب عنه ابن قدامة أيضاً بقوله: «وقول عمر: (لأقدتهم به) أي أمكنت الولي من استيفاء القود منهم» كما يمكن الجواب عنه بأن عمر  لم يتعرض لعفو الأولياء بإثبات ولا نفي، بل كان كلامه جواباً لمن استشكل قتل الجماعة بالواحد.
الدليل الخامس: واستدلوا أيضاً بما رواه مسلم بن جندب الهذلي: «أن عبدالله بن عامر كتب إلى عثمان بن عفان أن رجلاً من المسلمين عدا على دهقان فقتله على ماله، فكتب إليه عثمان أن أقتله، فإن هذا قتل غيلة على الحرابة»  نوقش: بأن هذا الأثر ضعيف ضعفه ابن حزم؛ لأنه من رواية عبدالملك بن حبيب، قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ: «وهو ساقط الرواية جداً»، وكذبه ابن عبدالبر، وقد كان فقيهاً في مذهب مالك. وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ: «الرجل أجل من ذلك ولكنه يغلط» كما أن فيه انقطاعاً بين مسلم بن جندب وعثمان. وهناك آثار أخرى مقاربة لهذا الأثر وكلها ضعيفة الأسانيد. الدليل الخامس:  : واستدلوا من المعنى: بقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «أنهم كالمحاربين؛ لأن القتل بالحيلة كالقتل مكابرة، كلاهما لا يمكن الاحتراز منه؛ بل قد يكون ضرر هذا أشد؛ لأنه لا يُدرى به» يمكن أن يُناقش: فيقال: إن القتل العمد العدوان غالباً لا يمكن الاحتراز منه؛ لأن القاتل غالباً يحرص على التخفي، وعدم الظهور مع حرصه على إخفاء جريمته، وذلك بالحذر الشديد عند قتل من يريد قتله، وهذا يعني أنه على قولكم سنعتبر أي قتل متعمدٍ من قبيل الغيلة، وهذا غير صحيح.
كما أن قياسكم الغيلة على الحرابة قياس مع الفارق؛ لأن الحرابة تكون بشروط معروفة تخالف الغيلة، ومنها أن يأتوا مجاهرة ويأخذوا المال قهراً، وغير ذلك مما ينافي الغيلة التي هي على وجه الاختفاء.
الترجيح: بعد عرض الأقوال وأدلتها ومناقشة ما يمكن من ذلك، فإني أقول: إن المسألة مشكلة، وأدلتها متجاذبة، وإن كانت النفس تميل إلى القول الأول ـ وهو أن الغيلة موجبة للقصاص ـ وذلك لعدة اعتبارات أهمها ما يلي: 1. أن الأصل في القتل العمد أن يكون حكمه القصاص، وهذا أمر لاشك فيه؛ لوروده في الكتاب والسنة، ولا يُترك هذا الأصل إلا بدليل واضح بيَّن، ولم يظهر لي في أدلة القول الثاني ما ينقل عن هذا الأصل لورود الاحتمالات عليها التي تجعلها تضعف أمام الأصل العام في القتل العمد. 2. عدم انضباط هذا القول وذلك في بيان معنى الغيلة؛ لذلك تجد بعضهم يذكر ضابطاً يمكن أن يدخل تحته كل صور العمد، وهذا الاضطراب وعدم الانضباط يضعف القول، ولو كان للغيلة حكم خاص تنفرد به؛ لبيَّن الشارع صفتها وحكمها، فلما لم يكن ذلك دل على أن حكمها حكم الأصل العام وهو القصاص. و تجدر الإشارة إلى أن المحاكم عندنا في المملكة قد أخذت بما قررته هيئة كبار العلماء من أن قتل الغيلة يعد موجباً للقتل حداً.
باب أحكام الحدود
الحدود: جمع حد ، وهو لغة المنع والحجز والفاصل بين الشيئين ، وحدود الله تعالى محارمه التي منع من ارتكابها وانتهاكها .

و تطلق ويراد بها :1- الأحكام الشرعية من واجبات ومقدرات " وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ"
2  -المعاصي والمحرمات "  تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا".
1- العقوبات المقدرة شرعا لأنها تمنع من الوقوع في مثلها . والحدود في الاصطلاح الشرعي عقوبة مقدرة شرعا في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها والأصل في مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الحدود صادرة عن رحمة الخلق وإرادة الإحسان إليهم ، ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة لهم ; كما يقصد الوالد تأديب ولده ، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض.
أدلة الحدود :           
نصوص عامة
 نصوص خاصة
النصوص العامة:من القرآن
قوله تعالى :"تلك حدود الله فلا تقربوها "وقوله تعالى :"تلك حدود الله فلا تعتدوها"وقوله تعالى :" وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" [المائدة 44:45]من السنة :قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» [رواه البخاري]
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  أمر بجلد شارب الخمر
لماذا شرعت الحدود ؟
1-  شرعت زواجر للنفوس ونكالا وتطهيرا ، فهي عقوبة مقدرة لحق الله تعالى ،
2-  ثم لأجل مصلحة المجتمع ; فالله تعالى أوجبها على مرتكبي الجرائم التي تتقاضاها الطباع البشرية ; فهي من أعظم مصالح العباد في المعاش والمعاد ;لا يمكن أن تتم سياسة الملك إلا بعقوبات وزواجر لأصحاب الجرائم
3-   ينزجر العاصي ويطمئن المطيع وتتحقق العدالة في الأرض
4-  يأمن الناس على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم
 كما هو واضح و مشاهد في المجتمعات التي تقيم حدود الله ; فإنه يتحقق فيها من الأمن والاستقرار وطيب العيش ما لا ينكره منكر ! بخلاف المجتمعات التي عطلت حدود الله ، وزعمت أنها وحشية ، وأنها لا تليق بالحضارة المعاصرة ، فحرمت مجتمعاتها من هذه العدالة الإلهية ، ومن نعمة الأمن والاستقرار ، وإن كانت تملك من الأسلحة والأجهزة الدقيقة ما تملك ; فإن ذلك لا يغني عنها شيئا ، حتى تقيم حدود الله التي شرعها لمصالح عباده ; فإن المجتمعات البشرية لا تحكم بالحديد والآلة فقط ، وإنما تحكم بشريعة الله وحدوده ، وإنما الحديد والأجهزة آلة لتنفيذ الحدود الشرعية.
كيف يسمي المنحرفون حدود الله التي هي هدى ورحمة للعالمين ؟
1- يسمونها وحشية ولا يسمون عمل المجرم المعتدي وحشية وهو يروع الآمنين ويجني على الأبرياء ويخلخل أمن المجتمع.
2- الظلم وعدم الرحمة
3- إقامة الحدود فيها تقييد لحريات الناس ونرد عليهم بأن هذه الحرية ليست مطلقة وإنما تنتهي إذا تعارضت مع حرية الغير وتتقيد بعدم الاعتداء .
4- إقامة الحدود لا تناسب روح العصر وقد نسوا أو تناسوا قول الله تبارك وتعالى :"الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " فمن خلقها يعلم ما يردعها ويهذبها
هل الحدود زواجر أم جوابر ؟وضحي ذلك ؟
وهي زواجر و جوابر ، فهي زاجرة عن الوقوع في المعصية، وهي جابرة ومكفرة لمن وقع في الذنب وأقيم عليه الحد المقدر شرعاً. وقد اهتم الشارع الحكيم ببيان هذه الحدود، لما فيها من حفظ الحقوق العباد من أن تهدر أو يتساهل بها.
كم أنواع العقوبات الدنيوية ؟ماهي ؟
العقوبات الدنيوية على ثلاث أنواع وهي
1-  عقوبات لم يقدرها الشارع ولم يحد نوعها بل وكل أمرها للحاكم مثل التعزير
2-  عقوبات قدرها الشارع وبين نوعها وكيفيتها وبالتالي لا يزاد عليها ولا ينقص منها وهي تتعلق بحقوق الناس ويجوز للمعتدى عليه العفو أو أخذ البدل (الدية)
3-  مقدره شرعا لا يجوز التراجع عنها إذا بلغت الحاكم وهذا النوع يسمى الحدود

كيفية تنفيذ الحد ؟
أما حد الرجم فلا ينبغي أن يربط المرجوم بشيء ، ولا أن يمسك ، ولا أن يحفر له إذا كان رجلا بل يقام قائما ; لأن ماعزا لم يربط ولم يمسك ولا حفر له
وأما حد الجلد : فأشد الحدود ضربا حد الزنا ثم حد الشرب ثم حد القذف ; لأن جناية الزنا أعظم من جناية الشرب والقذف لذا شدد الله في حد الزنا في حد الزنا "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله "
وفي القتل قصاصا ينبغي أن يكون السيف حادا لا يعذب القاتل أثناء تنفيذ الحكم فالنبي يقول موصيا المسلم عند قتال الكفار و ذبح البهيمة " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته" رواه مسلم .
متى يطبق الحد على الجاني ؟
لا يجوز تطبق الحد على الجاني إلا إذا توفرت شروط تطبيقه . فما هي ؟
شروط تطبيق الحد :
الشرط الأول :أن يكون مرتكب الجريمة بالغا فلا يقام الحد على الصغير لأن القصد عنده ناقص أو معدوم .
الشرط الثاني :أن يكون عاقلا لأنه مناط التكليف فلا يقام الحد على المجنون لأن القصد عنده ناقص أو معدوم
لقوله صلى الله عليه وسلم :"رفع القلم عن ثلاثة :الصغير حتى يبلغ ,والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ "
الشرط الثالث :أن يكون مرتكب الجريمة عالم بالتحريم فلا حد على من يجهل التحريم لقول عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم "لا حد إلا على من علمه "ولم يعلم لهم مخالف من الصحابة ,وقال ابن قدامة :"هو قول عامة أهل العلم "
الشرط الرابع :الاختيار لأن المكره مرفوع عنه الإثم قال تعالى "فمن اضطر غير باغ ولا عاد إثم عليه إن الله غفور رحيم" لقوله صلى الله عليه وسلم :"إ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه"
الشرط الخامس :أن يكون ملتزم بأحكام الإسلام عامة ويشمل ذلك المسلم والذمي فالكتابيون من اليهود والنصارى الذين يتجنسون بجنسية الدولة المسلمة ويعيشون معهم مواطنون، مثل الاقباط في مصر، وكذلك الكتابيون الذين يقيمون مع المسلمين بعقد أمان إقامة موقوتة مثل الاجانب، هؤلاء يقام عليهم الحد إذا شربوا الخمر في دار الإسلام، لأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا.ولان الخمر محرمة في دينهم ولآثارها السيئة وضررها البالغ في الحياة العامة والخاصة. والإسلام يريد صيانة المجتمع الذي تظله راية الإسلام، ويحتفظ به نظيفا قويا متماسكا، لا يتطرق إليه الضعف من أي جانب، لامن ناحية المسلمين، ولا من ناحية غير المسلمين. وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه. ولكن الأحناف  رأوا أننا أمرنا بتركهم وما يدينون.وعلى هذا فلا عقوبة على من يشرب الخمر من الكتابيين.وعلى فرض تحريمها في كتبهم، فإننا نتركهم، لأنهم لا يدينون بهذا التحريم، ومعاملتنا لهم تكون بمقتضى ما يعتقدون، لا بمقتضي الحق من حيث هو.
أما المحارب والمستأمن فإنهما يؤخذان بحد الآدمي كحد القذف ولا يؤخذان بحد الله إلا الذمي يقام عليه الحد فيما يعتقد تحريمه لا فيما يعتقد حله فيقام عليه حد الزنا ولا يقام عليه حد الشرب ولكن يمنع من إظهاره بين المسلمين .
والمعنى عند الفقهاء أي ملتزم بأحكام الإسلام عامة بضمان النفس والمال والعرض وهذا يشمل المسلم والذمي أما الحربي والمستأمن فإنهم يؤخذون بحد الآدمي حد القذف ولا يقام عليهم حد الزنا فهم لا يقام عليهم الحد إلا فيما يعتقد تحريمه فلايقام عليه حد الشرب  لكنه يمنع من إظهاره بين المسلمين .
فإذا توفرت هذه الشروط في مرتكب الجريمة التي يترتب عليها الحد الشرعي فإنه يقام عليه الحد

من الذي يتولى إقامة الحد ؟
الإمام أو نائبه فقط أما بقية الناس فلا يجوز لهم ذلك ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحدود ثم خلفاؤه من بعده كانوا يقيمونها وقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم من يقيم الحد نيابة عنه فأمر صلى الله عليه وسلم برجم ماعز ولم يحضره وأمر أنس فقال له :"واغد يا أنس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها "
ولأن الحد يحتاج إلى اجتهاد ، ولا يؤمن فيه الحيف ، فوجب أن يتولاه الإمام أو نائبه ، ضمانا للعدالة في تطبيقه ، سواء كانت الحدود لحق الله تعالى كحد الزنى أو كانت لحق الآدمي كحد القذف .واستثني من ذلك مسألة السيد لأن له الحق في معاقبة عبده بالجلد أما القتل فلا ويقيم الحد بشروط فماهي شروط إقامة السيد للحد ؟
شروط إقامة السيد للحد :
1-    أن يكون مكلفا لأن الصغير والمجنون ليسوا من أهل الولايات .
2-    أن يكون السيد عالما بالحدود وكيفية إقامتها
3-    أن يكون الحد بالجلد خاصة دون القتل والقطع لأنه يترتب على ذلك ستر العبد ويتضرر منه السيد عندما يريد بيع عبده .
4-    أن يكون العبد خالصا للسيد وغير مشترك .
أين تقام الحدود ؟
تقام الحدود في كل مكان والأولى أن تكون في مكان فسيح قريبا من الناس ليحصل الردع والزجر بإقامة الحدود ويستثنى من ذلك :
1-    المسجد لأن النبي نهى من أن يستقال في المسجد ومن أن تنشد الأشعار وأن تقام الحدود " ومنعها في المسجد لأسباب (تعليلات )منها :
أ‌-       تعظيم المسجد واجب‏.‏ وفي إقامة الحدود فيه ترك تعظيمه‏.‏
ب‌-  صيانة للمساجد عن مثل هذا الأمر فهي مظنة خروج النجاسة من الإنسان الذي يقام عليه الحد أو يستقاد منه وفي منعه حفظا لها من التلوث .
جـ- قد يكون في المسألة قطع أو ضرب ولا يؤمن معه خروج النجاسة من الإنسان .
د- في إقامة الحد إزعاج للعابدين بما يحصل من أصوات وصراخ وغيرها
2-    حرم مكة لا تقام فيه الحدود على مذهب الجمهور لقوله تعالى :"ومن دخله كان آمنا " وذلك خاص بمن وجب عليه الحد خارج نطاق الحرم ثم دخوله منطقة الحرم فإنه لا يقام عليه الحد في منطقة الحرم بل يضيق عليه حتى يخرج ويقام عليه الحد .أما من ارتكب موجبا للحد داخل حرم مكة فإنه يقان عليه الحد فيه لأنه لم يحفظ للبلد الحرام حرمته .
3-    أرض العدو وهذه ورد فيها خلاف هل يقام أم لا يقام
أ‌-      لا يقام عليه الحد في أرض العدو وتعليلهم حتى لا تأخذه العزة بالإثم فيلتحق بالكفر
ب‌-يقام الحد عليه في أرض العدو لأن الكفار إذا رأوا إقامته حتى خارج ديارهم وفي ديار الكفار فإن ذلك يثير الرعب في قلوب الكفار لآ قامته في ديارهم وحرص المسلمين على ذلك فيرتدع بذلك الكفار .
*ماهي خصائص العقوبة في الإسلام ؟
 1- المساواة بين المعصية والعقوبة
2 – المساواة في تطبيق العقوبات بين جميع الناس
3 – أنها مبنية على النص الشرعي إما بتحديد قدرها أو وضع ضوابط لها .
4 – أنها خاصة بالجاني ولا تتعدى إلى غيره قال تعالى :" ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة ورز أخرى "
5 – حماية للمجتمع من ضرر الجريمة
ما طرق الوقاية من الوقوع في موجبات الحدود ؟
ما هي الأسباب التي تساعدنا على الابتعاد عن هذه المعاصي ؟
1-  التفقه في الدين .
2-  الصحبة الصالحة لأن رفقه السوء سبيل للوقوع في المحرمات .
3-  استشعار مراقبة الله جل وعلا والخوف منه وهو من أقوى الزواجر عند الإنسان فإن استطعنا أن نوجد هذا الشعور في نفوس النشأ فقد حصنه من كافة أسباب المعاصي .
4-  الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
5-  لزوم جماعة المسلمين وإمامهم فإنه إذا ضاعت هيبة السلطان لدى الناس فقل على الدنيا السلام .
6-  سد الذرائع المفضية للوقوع في المحرمات مثل مخالطة المرأة للرجل في العمل وقيادتها للسيارة فمثلا الوقوع في جريمة الزنا لا يأتي مباشرة دون مقدمات بل تسبق ذلك خطوات منها :أ – الخلوة المحرمة   ب- تعطر المرأة عند خروجها      جـ- تغنج المرأة تفريطها أثناء مخالطة الرجال من باعة وغيرهم .
لذا نرى ربنا تبارك وتعالى يحذرنا دئما من مجرد الاقتراب من الزنا وذلك يكون بفعل مقدماتها قال تعالى "ولا تقربوا الزنا "لأن الزنا لا يأتي مباشرة فهو لم يقل لا تزنوا .
7-   الإكثار من النوافل وفعل الطاعات
8-  الإلحاح على الله بالدعاء بأن يحفظه من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
ما الذي يترتب على تطبيق الحدود ؟
يترتب على تطبيقها عدة أمور منها
1-  يعم الأمن والأمان في المجتمع .
2-  نهضة الأمة وازدهارها وتقدمها.
3-  حفظ الضرورات الخمس التي جاء الشريعة بحفظها :الدين والنفس والعرض والمال والعقل .وقد أجمعت جميع الشرائع السماوية والأرضية على حفظها
4-  هيبة الأمة من قبل أعدائها .
5-  رفعة مكانة الأمة عند الله تبارك وتعالى .


الشفاعة في الحدود
هل تقبل الشفاعة في الحدود ؟
لا يخلو الأمر من حالتين :
الأول : أن ترفع إلى الإمام أو نائبه وعند إذ تحرم الشفاعة فيها خاصة إذا كانت في حد من حدود الله لقوله صلى الله عليه وسلم :"من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره " وقوله في الذي أراد أن يعفو عن السارق :"فهلا قبل أن تأتيني به " ولقوله لأسامة بن زيد عندما أراد أن يشفع للمخزومية التي سرقت وأراد النبي إقامة الحد عليها :"أتشفع في حد من حدود الله "
الثاني :أن تكون الشفاعة قبل الرفع للإمام أو نائبه وحين إذ تجوز الشفاعة إذا رأى في ذلك مصلحة للجاني بدرء الحد عنه لكونه من ذوي المروءات الذين يحسن الستر عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم :" تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب " وقوله :"فهلا قبل أن تأتيني به "
إذا تحرم الشفاعة في الحدود بشرطين هما :
1-  أن تكون حدا لله تعالى .
2-  أن تكون رفعت للإمام أو نائبه .

وبناءاً على ذلك فإن الشفاعة تجوز فيما عدا ذلك حتى وإن رفعت للإمام فإذا كنت حقا لآدمي ورفعت للإمام وشفع فيها فإن الشفاعة تجوز .

الضمان في الحد (تلف المحدود )
إذا تلف المحدود في الحد فلا يخلو من حالتين :
على من يكون الضمان :

1 - ينظر فإن كان الجلاد زاد من عنده بغير أمر فالضمان عليه وتتحمله العاقلة إن لم يكن عمد.
2      - وإن كان الزيادة بسبب أمر آخر مثل  شخص أمره إما من يعد عليه أو الحاكم فإن الضمان يكون على الآمر بالجملة على خلاف في خطأ الحاكم هل تحمله عاقلته أم بيت المال . الحدود والقصاص في وجوبها لابد من وجود شهود أو إقرار
مسألة : إذا أقر إنسان على نفسه ثم تراجع عن إقراره بالقذف أو السرقة فهل يقبل رجوعه ؟


ثبوت الحد لا يخلوا حق الحد من حالتين إما أن يكون:






اجتماع الحدود على شخص واحد
هل تقام الحدود جميعها أم بعضها ؟
لا تخلو هذه المسألة من ثلاث حقوق : حق الله  ,حق الآدمي ,حق مشترك لله وللآدمي


يكون اجتماع الحدود كالآتي

إذا كانت الحدود مشتركة فيها شيء لله وشيء للآدميين فإنها تقدم حقوق الآدميين لأنها مبنية على المشاحة والطلب ثم الحقوق المشتركة ثم حقوق الله إن كانت لله حقوق .

فمثلا :
زنى وهو غير محصن /وقطع يد آخر/ وقذف شخص آخر

فإن ترتيب تنفيذ الحدود يكون على النحو التالي :

1-  قطع اليد قصاصا لأنه حق لآدمي 

2-   ثم حد القذف لأنه مشترك

3-  ثم الزنا لأنه حق لله تعالى

حد الزنى

تعريفه :

لغة : زنى يزني بمعنى فجر ,الزنّة : التهمة, وزنى وزناء: أتى المرأة بغير عقد شرعي.


شرعا :

1- هو وطء الرجل المرأة في القُبُل في غير الملْك وشبهته
   

2  – هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر.

 3 – وعرفه بعضهم بأنه وطء الآدمي .

3      – كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولا شبه نكاح ولا ملك يمين ,وهذا متفق عليه في الجملة علماء الإسلام وإن كانوا اختلفوا فيما هو شبهة يدرأ الحد أو لا .

حكم الزنــا : مـن أعظـــم المحرمــات ومن كبائــر الذنوب المهلكه التـى نهــى اللـه عنهــا و تواتــرت نصــوص الكتــاب والسنــة والإجمــــاع علــــى ذلــك

أدلة تحريم الزنا :من القرآن :

قال تعالى :(وَ لاَ تَـقْـرَبُوا الزِنَا إِنٌـــهُ كَـــانَ فَـــاحِشَـةً وَسَـاءَ سَبِيلا َ )الإسـراء (32)

وقال تعالى :"الــزَانِـيَةُ وَالــزَانِيْ فَــاجْلــِدُوا كُلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَــا مِائَــةَ جَلــْدَةٍ وَلاَ تَـأْخُذْكُمْ بِــهِمَـا رَأْفَــةً فِيْ دِينِ الله ِإنْ كـنْــتُمْ تــُؤُمِنُونَ بِاللهِ وَاليَــوْمِ الآخِرِ، وَلْيَــشْهَدْ عَـذَابــَهُمــَا طــَائِفَةً مِنِ الُمؤْمِــنِيَن. الزَانِي لاَ يـَنْكِحُ إِلاَ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ، وَالزَانِــيَةُ لاَ يَنْكِحُـــهَا إِلاَ زَانٍ أَوْ مُشْرِكْ ، وَحُـرِمَ ذَلِكَ عَلَى الُمؤْمِــنِيْنَ " النـــور (2)



فالنهي عن قربان الزنا لأن هذه الوسائل ستؤدي إلى الوقوع في الفاحشة الزنى ولا يقع الخطأ الكبير إلا بعد وسائل توصل إليه وهذا من بلاغة القرآن فمن جهة البعد عن الزنا مثل البعد عن الأشياء التي تثير الغرائز.

وامتدح الله عباده المؤمنين بقوله : " وَالِذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًــا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَـفْسَ التِي حَرَمَ اللهَ إِلاَ بالُحَقِ وَلاَ يَزْنوَن وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثَامَا " الفرقـان ( 68 )

ومن السنة :

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن )
وقال  صلى الله عليه وسلم: )ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ,شيخ زان ,وملك كذاب ,عائل مستكبر ) رواه مسلــــــــم
وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال :قلـت يا رسول الله :أى الذنب أعظم عند الله تعالى ؟ قال : أن تجعل لله نداً وهو خلقك, فقلت إن ذلك لعظيم ، ثم أى ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك, قلت ثم أى ؟ قال :أن تزنى بحليلة جارك )

ما هي التدابير الواقية من فعل فاحشة الزنا ؟

1-  تقوى الله ومراقبته في السر والعلن

2-  التفقه في الدين

3-  الصحبة الصالحة

4-  حفظ السمع والبصر قال تعالى :"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم "

5-  الابتعاد عن مواطن الريب والفساد

6-  إقامة الحدود كما أمر بها الشرع

7-  التقرب لله بفعل الطاعات والنوافل

8-  الدعاء وإشغال الوقت بما ينفع

9-  التفكر في عقوبته في الدنيا والآخرة

10-                   إقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

11-                   إعفاف النفس بالزواج

12-                   الصيام فقد قال صلى الله عليه وسلم :"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "



الحكم الشرعي في الزنا

الزاني المحصن يحكم عليه بالرجم حتى الموت فقد ثبت ذلك بالسنة الفعلية و القولية المتواترة وكان الرجم مذكورا في القرآن الكريم ثم نسخ لفظه وبقي حكمه وذلك في قوله تعالى :"والشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموعهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم "

أما غير المحصن فجلد مائة وتغريب عام .

فمن هو المحصن ؟وما شروط الإحصان ؟

تعريف الإحصان في اللّغة‏:‏ معناه  المنع، ومن معانيه‏ :‏ العفّة والتّزوّج والحرّيّة‏ .‏

والمحصن في باب الزنا هو من وطء امرأة مسلمة أو ذمية في نكاح صحيح في قبلها وهما بالغان عاقلان حران .فإذا اختل شرط من ذلك فلا إحصان .

شروط الإحصان

1-  الوطء في القبل

2-  أن يكون الوطء بنكاحٍ فيخرج به الوطء في الزنا والشبهة واليمين فلا يتم به إحصان بلا خلاف لأنه ليس نكاح

3-   أن يكون النكاح صحيحا ويخرج بهذا النكاح الفاسد والباطل فلا يتم بهما الإحصان لعدم تمام نعمة النكاح بينهما .

4-  التكليف ( البلوغ والعقل ) وبهذا يخرج الصغير والمجنون .

5-  الحرية

6-  أن يوجد الكمال فيهما وذلك بأن يحصل الوطء في القبل وهما بالغان عاقلان حران بنكاح صحيح .

هل يجلد المحصن مع الرجم أم يكتفى بالرجم ؟

أ - مذهب جمهور العلماء أنه لا جلد مع الرجم بدليل:


1- حديث ماعز و الغامدية أنه رجمهما ولم يجلدهما .

2 – فعل عمر وعثمان رضي الله عنهما أنهما رجما ولم يجلدا .

4             – لأن الرجم قتل والقتل إذا اجتمع مع من دونه أحاط به (أغنى الرجم عن الجلد )

ب – يجلد 100 جلده قبل أن يرجم وهو قول الحنابلة واستدلوا عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم "

وورد عن علي  رضي الله عنه - أنه جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة. فقال: أجلدها بكتاب اللّه، وأرجمها بقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم"

والقول الراجح هو الرجم لأن :

1-  حديث عبادة منسوخ 

2- فعل علي مُعَارض بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل عمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين .

أما حد الزاني غير المحصن ففيه ثلاثة أقوال :

1-  يجلد مائة جلدة ويغرب سنة لقوله تعالى : " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ" ولحديث عبادة بن الصامت السابق فالنبي صلى الله عليه وسلم جلد وغرب وكذلك ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما جلدا وغربا .

2-  يجلد ولا يغرب مطلقا وهذا مذهب أبي حنيفة وحجتهم أن التغريب لم يذكر في آية النور فيكون ذلك زيادة على النص كما أن التغريب ثبت بخبر واحد ولا يعمل به لأنه قد نسخ.             وورد عن عمر أنه قال لا أغرب مسلما بعد ذلك أبدا ,عندما غرب ربيعة بن أمية إلى خيبر فتنصر .

وهذا غير مسلم به وهو قول ضعيف لأن الزيادة لا تعتبر نسخا على الراجح كما أن الجلد والتغريب ثبت بالسنة لذا وجب العمل به كما يجب العمل بما في القرآن لقول الله تعالى :{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ( النساء : 80) أم ما ذكر عن عمر فهو في الخمر وليس في الزنا وهو من باب التعزير وليس من باب الحد .

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم في حديث العسيف أن يقضي بينهما بكتاب الله ثم قال بالجلد مائة والتغريب على الولد كما ورد في الحديث ,والرسول صلى الله عليه وسلم هو المبين لكتاب الله وهذا من البيان وليس من الزيادة ..

3-  أن التغريب للرجل دون المرأة وهذا هو رأي الإمام مالك رحمه الله لأسباب منها :

أ‌-      أن تغريب المرأة لا يكون إلا بمحرم لأنه لا يجوز لها السفر بدون محرم لقوله صلى الله عليه وسلم :"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم .

ب‌-أن تغريبها بدون محرم تضييع لها ..

ت‌-إن كان معها محرم فإن تغريب المحرم فيه نفي لمن لا يستحق النفي أي أن فيه ظلم له

ث‌-إن كلفت المرأة بدفع أجرة للمحرم فهذا زيادة على عقوبتها بما لم يرد فيه الشرع

ويرى العلماء أنه إن تبرع المحرم بالتغرب معها وإلا فلا تغريب عليها أي يسقط عنها التغريب كما يسقط عنها وجوب الحج إذا لم يوجد محرم .كما أن في تغريبها وحدها فتنة وهو منافي لمقصد التغريب وهو الابعاد عن الفتنة .

إذا كان إخراج وتغريبه الزاني من بلده فيه زيادة شر وفساد وعدم ردع له فإنه لا يغرب بل يكتفى بحبسه وسجنه سنة لأنه أبلغ في التأديب والردع والزجر .

ما هو التغريب ؟

التغريب هو الإخراج من البلد أو نفيه وإبعاده في مسافة قصر .

ما هي الشروط الخاصة في حد الزنا ؟

شروط الزنا : أولاً: تغييب الحشفة الأصلية كلِّها.

ثانياً: انتفاء الشبهة ويدل عليه حديث :"ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم " فلا يحد بامرأة يظنها زوجته  .

ثالثاً: ثبوت الزنا.

بما يثبت الزنا ؟

     يثبت الزنى بأحد أمرين



لشهود بأربعة رجال لخطورة الزنا ولحفظ وصيانة الأعراض جعل العدد أربعة

قال ابن تيمية :لم يثبت الزنى ببينة .

وقال الشيخ صالح اللحيدان :إنه لم يثبت من عهد ابن تيمية أن أقيم حد الزنا ببينة "

وخص الثيب بالرجم لكونه تزوج فعلم ما يقع به العفاف عن الفروج المحرمة ، واستغنى عنها ، وأحرز نفسه عن التعرض لحد الزنى ، فزال عذره من جميع الوجوه ، وكملت في حقه النعمة ، ومن كملت في حقه النعمة ، فجنايته أفحش ; فهو أحق بزيادة العقوبة .
وإذا زنى المكلف الحر غير المحصن ، جلد مائة جلدة ; لقوله تعالى :
B2 الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍB1 وخفف عنه عقوبة المحصن ، وهي القتل ، وصار إلى الجلد ; لما حصل له من العذر ، فيحقن دمه ، ويزجر عن الزنى بإيلام جميع بدنه بأعلى أنواع الجلد ، وهو ضرب الجلد ، وقال تعالى :B2 وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِB1 أي : لا ترحموهما بترك إقامة الحد عليهما ،B2 إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِB1 فإن الإيمان ليقتضي الصلابة في الدين ، والاجتهاد في إقامة أحكامه .



حد القذف

القذف لغة :الرمي بشدة وقوة أو بالحجارة

اصطلاحا :الرمي بالزنى واللواط

والرمي بالحجارة رمي حسي أما الرمي بالزنا واللواط فمعنوي

العلاقة بين التعريفين

أن الرمي له وقع شديد في النفس فهذا حسي وهذا معنوي.

حكمه: محرم ومن كبائر الذنوب دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة

دليل تحريمه من الكتاب قوله تعالى :

*      إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَB1B2 يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُB1

*       إِنَّ الَّذِينَ يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون B1

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم :"اجتنبوا السبع الموبقات "وذكر من ضمنها (قذف المحصنات الغافلات المؤمنات)

وقد أجمع المسلمون على تحريم القذف ، وعدوه من الكبائر

ما حد القذف ؟

وقد أوجب الله الحد الرادع على القاذف إذا ثبت القذف فإنه يجلد ثمانين(80) جلدة إن كان حرا وأربعين (40)جلدة إن كان عبدا ويترتب على ذلك 1 - عدم قبول شهادته أبدا       2-ورميه بالفسق , لقوله تعالى : B2وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُون B1

ما الضابط في حد القذف ؟

ضابط حد القاذف هو :أنه إذا قذف مكلف مختارٌ محصناً وجب الحد

شروط القاذف أن يكون 1- مكلف   2- مختار   

والمقذوف أن يكون محصنا

ما الفرق بين المحصن في باب الزنا والمحصن في حد القذف ؟

وجه المقارنة
المحصن في الزنا
المحصن في القذف
تعريفه


البلوغ
العفة
الإحصان
الحد
مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ المُسْلِمَةَ أَوِ الذِّمِّيَّةَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُمَا بَالِغَانِ عَاقِلاَنَ حُرَّانِ
يشترط في حد الزنى
لا تشترط في حد الزنا
متعلق بالزاني يجب عليه الحد
الرجم
الحر المسلم العاقل العفيف الذي يجامع مثله

لا يشترط في حد القذف
تشترط في حد القذف
متعلق بالمقذوف الذي يطالب بالحد
الحر ثمانين جلده والعبد أربعين

من قذف كافرا أو مجنونا أو عبدا فهل يقام عليه الحد ؟

لا .لا يقام عليه الحد ولا يترك بل يعزر ومقدار تعزيرة يرجع للقاضي وقد تكون أخف أو أشد

ما أركان القذف ؟

1-  القاذف     2- المقذوف    3- الصيغة "اللفظة الصادرة من القاذف "

ما صيغ القذف ؟

للقذف صيغ وألفاظ إما أن تكون :

1-  صريحة لا تحتمل إلا القذف كالرمي بالزنى أو اللواط

2-  كناية تحتمل القذف وغيره كالوصف بالفجور ,وأفسدت فراشه

ما يبنى عليه :

1 - لا يقام عليه الحد إلا إذا تقدم المقذوف بطلب استيفائه وأقام دعواه على القاذف فإنه ينظر لإقامة الحد .

2 – يسقط بعفو المقذوف فهو من يملك اسقاط الحد

3      – لا يقبل رجوع القاذف عن إقراره بالقذف لأنه حق آدمي فلا يقبل الرجوع عن الإقرار بحق الغير كسائر حقوق الآدميين.

حكم قذف النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر كفر وردة عن الإسلام وحده القتل كما في باب المرتد .





مسألة :

إذا مات المقذوف قبل إقامة الحد على القاذف فما الحكم ؟ وهل للورثة الحق بالمطالبة؟

لا يخلو الأمر من حالتين :   








    قذف الميت لا يجوز ويحد بطلب الوارث المحصن لما فيه من التعيير أما إن كان غير محصن فلا يحد لأنه لا يجب الحد في حده ابتداءً ولا يترك القاذف إنما يعزر .

هل يحد الوالد إذا قذف ولده ؟

لا يحد قياسا على القصاص

إذا قذف أهل بلد أو جماعة غير محصورين ولا يتصور الزنا منهم فلا حد

بما يثبت حد القذف ؟

1-  الإقرار ويكفي مرة واحدة

2-  الشهادة ويكفي اثنين ممن تعتبر شهادتهم لأنه حق لآدمي فتثبت شهادتهم كسائر الحقوق .

قذف الزوجة وردت أحاديث وآيات في الكتاب والسنة وهي أن يشهد الزوج أربع شهادات إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدفع عنها العقاب أن تشهد الزوجة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين وهذا داخل في باب اللعان .

حد المسكر والخمر :

المسكر هو :ما ينشأ عن السكر والسكر هو اختلاط العقل

والخمر هو ما خامر العقل أي ستره وغطى عليه  فكل شيء يسكر العقل يستر العقل  ويسمى خمرا .

ويسمى المسكر خمرا لمخامرته للعقل وسكره له .

وإن الخمر اسم للشراب المسكر سواء كان مأخوذ من العنب أو غيره .







حكمه :

محرم وهو أم الخبائث ومن كبائر الذنوب فقد وردت أدلة تحريمه بالكتاب والسنة .

من الكتاب :

قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون , إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"المائدة آية 90 , 91

ومن السنة :قول النبي صلى الله عليه وسلم :"كل مسكر خمر وكل خمر حرام "

وقوله صلى الله عليه وسلم :"ما أسكر كثيره فقليله حرام "

وقد ورد الخمر في أربع آيات متدرجا في التحريم وهي

أولا: قول الله تعالى :"ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا "

ووجه الاستدلال أنه وصف الرزق بالحسن ولم يصف السَكَرَ بذلك فدل ذلك على أن الابتعاد عنه أفضل .

ثانيا :قوله تعالى :" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما "

أن إثم الخمر أكثر من نفعه وبعد نزول هذه الآية تركه مجموعه من الصحابة وابتعدوا عنه لما سمعوا الآية

ثالثا :قول الله تعالى :" يأيها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "

في الآية تحريم للخمر وقت الصلاة فأصبحوا لا يشربونها إلا بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء لطول الوقت ويمكنه شربه في هاذين الوقتين ليمكنه من ذهاب مفعوله قبل الصلاة

رابعا :قال الله تعالى :" يأيها الذين أمنوا إنما الخمر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"

في هذه الآية تحريم مطلق لعامة الخمر ووصف بأنه من عمل الشيطان وهذا تحريم نهائي ويجب الابتعاد عنه تأكيدا لتحريمه .

ما حكم شرب الخمر للاستمتاع واللذة ؟

لا خلاف بن جميع علماء المسلمين بتحريم ,ولكن ورد الخلاف في :

1 – شرب الخمر لدفع العطش      جمهور العلماء قالوا بعدم جواز شربه لدفع العطش         

                                      لأنه لا يدفع العطش بل يزيده

                                       أبو حنيفة يرى جواز ذلك إذا لم يوجد غيرها وتكون

                                       بقدر دفع العطش

وقد رد جمهور العلماء عليه بأنها لا تدفع عطشا بل فيها من الحرارة ما تزيد العطش إلا إذا مزجت بالماء فإنه يجوز ولا مانع من شربه عند الضرورة





شرب الخمر للتداوي :

الراجح أنه لا يجوز شربها للتداوي لحديث :عندما سؤال عن الخمر تتخذ دواء فقال :"إنها ليست بدواء ولكنها داء "

وقوله صلى الله عليه وسلم :"إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم "

لأنه علم بحال شاربها ما يتولد من أضرار وأثار سيئة ولهذا فإنها داء وليست بدواء ويستثنى من ذلك إن مزجت بدواء للضرورة ولم يوجد غيرها .

ما حكم شرب الخمر لدفع اللقمة التي غص بها ؟

اتفق العلماء على جواز دفع لقمة الغصة بالخمر إن لم يحضره غيرها وخاف الهلاك فإنه والحالة هذه يجوز لأن مضطر لذلك .

قال ابن قدامة :"لا نعلم فيها خلاف لقوله تعالى :"فمن اضطر غير باغ ولا عاد غلا إثم عليه "وحين إذ يدفعها بالمقدار الذي تدفع فيه فقط لأن الضرورة تقدر بقدرها ....ولا إثم عليه ولا حد للآية السابقة .

حد المسكر :

متى يقام الحد على شارب الخمر ؟= ما شروط وجوب إقامة الحد على شارب الخمر ؟

ذكر العلماء فيما يتعلق بإقامة الحد على شارب الخمر ضابطا إن توفر فقد وجب إقامة الحد عليه وهذا الضابط هو :

((إذا شرب المسلم البالغ العاقل المختار العالم بالتحريم والعالم بأن كثيره يسكر ))فعند ذلك يقام الحد عليه .

إذا شروط إقامة الحد هي أن يكون شارب الخمر :

1-  مسلم فلا يقام الحد على كافر شربها لكن يجب علي عدم إعلان شربه لها أمام المسلمين

2-  عاقل ويخرج بهذا المجنون وفاقد العقل لأنه مرفوع عنه القلم

3-  البالغ وهنا خرج الصغير لحديث :رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم الصغير حتى يبلغ

4-  المختار هنا خرج المكره والمضطر لحديث "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "

5-  العالم بالتحريم هنا خرج الجاهل بحكمها لجهله كحديث العهد بالإسلام

6-  العالم بأن كثيره يسكر

إذا ثبت الحد على شارب الخمر فما مقدار هذا الحد ؟

اختلف في ذلك فقيل :

1-  أنه يجلد الحر ثمانين جلده والرقيق (العبد) أربعين جلده وهو مذهب الجمهور واستدلوا بما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر رضي الله عنهم أجمعين وكتب إلى خالد بن الوليد وأبو عبيدة في الشام بأن يجلدوا ثمانين.

2-  وقيل أن الحر يجلد أربعين والرقيق عشرين جلده (النصف )وهو مذهب الشافعي وقالوا إن هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي إليه برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين

وأبو بكر ضرب أربعين وعمر جلد أربعين وعلي جلد أربعين .

3-  أن الحد أربعين (40)للحر والرقيق عشرين (20) وما زاد فهو تعزيز وهذا هو مذهب الإمام مالك ورأي للإمام أحمد وكذلك رأي هيئة كبار العلماء في المملكة .

هل يقام الحد إذا حصل الشم (الرائحة فقط) ؟

اختلف في الأمر هذا على قولين

1-  لا يقام الحد لاحتمال الخطأ في شربه وكذلك الإكراه والاضطرار فلا يحكم عليه بالحد لمجرد الرائحة أو القيء لأنه قد يكون معذورا لاختلاف أسماء الخمر أو الجهل باسكاره .لأن الحدود تدرأ بالشبهات 

2-  يحد لوجود الرائحة

المخدرات

بلية ابتلي بها الرجال والنساء وإن كان في الرجال أغلب إلا أنه لم تسلم منه النساء

هل هناك فرق بين متعاطي المخدرات ومروجها ؟

نعم فمتعاطي المخدرات هو مستخدمها المدمن عليها .

أما المروج فهو البائع لها والموزع لهذه السموم بين الناس .

ما الحكم الشرعي للمخدرات ؟

إن كانت مما يحدث النشوة والطرب فإنها تأخذ حكم الخمر ومتعاطيها يحد بحد الخمر

وإن كانت مما لا يحدث نشوة ولا طربا فينظر إليها من حيث الأضرار المترتبة عليها ويكون فيها التعزير حسب ما يراه القاضي ولابد أن يكون التعزير رادعا لأن ضررها كبير .

ما الحكم في مروج المخدرات هل هو كمتعاطيها أم يختلف عنه ؟

الحكم في مروج المخدرات ومهربها أشد وأنكى من العقوبة التي يعاقب بها المتعاطي لأن ضرره أعم وأكبر وخطورته أعظم وأشد .وقد قررت هيئة كبار العلماء في المملكة قتل مهرب المخدرات تعزيرا.

باب التعزير

التعزير يطلق على معانٍ عديدة منها :

الردع والمنع واللوم والتأديب والنصرة والإعانة .

واصطلاحاً : التأديب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.

أو العقوبة المشروعة غير المقدرة على معصية لا حد فيها ولا كفارة .

حكم التعزير

واجب في كل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة من الشارع ,وهو راجع للإمام أو نائبه

1-  في موضوع نشوز الزوجة قال تعالى :" وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"

2-حديث أبي بردة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله "

3-  ويدخل في التعزير تأديب الأولاد على الصلاة

وقد أجمعت الأمة على مشروعيته في الأعمال التي لا حد فيها ولا كفارة

وقد شُرِع التعزير ؛ صيانة للمجتمع من الفوضى والفساد ، ودفعاً للظلم ، وردعاً وزجراً للعصاة وتأديباً لهم.

هل هناك فرق بين الحد والتعزير ؟ وضحي ذلك ؟

نعم هناك فرق ومن هذه الفروق

وجه المقارنه
الحد
التعزير
الغاية والهدف
مقداره
العقوبة

الشفاعة والعفو


من يقوم به

التكليف (البلوغ والعقل)
ضمان التالف

مع الشبهة
الرجوع عن الإقرار
الشهود

التأديب والردع
محدد بنص من الكتاب أو السنة
مقدرة شرعا

لا تجوز إن كان لله وبلغ الإمام
لا يجوز فيه العفو إن كان الحد لله
إمام المسلمين أو نائبه

يشترط فيه التكليف (البلوغ والعقل )
لا يضمن إن كان التنفيذ على الصفة المأمور بها شرعا
الحدود تدرأ بالشبهات
يقبل الرجوع إذا لم يكن الحق لآدمي

فيه ما لا يقبل إلا بشهادة4 شهود رجال عدول كشهود الزنى،وهناك ما لا يقبل فيه إلا رجلين عدلين كالقتل
التأديب والردع
غير محدد ويكون مقداره
حسب الظروف الحالات
تجوز الشفاعة والعفو وإن كان لآدمي جاز إن عفى صاحب الحق حتى بعد بلوغها الإمام
منه ما يقيمه الإمام ونائبه زمنه ما يقيمه غيره كتأديب الزوجة الناشز والوالد لولده
لا يشترط التكليف لذا يعزر الصبيان فالوالد يضرب ابنه للصلاة وهو ابن 10
يضمن التالف

 التعزير مشروع حتى مع التهمة والشبهة
لا يقبل الرجوع فيه
تقبل برجل وامرأتين



ما الضابط في التعزير ؟

التعزير يكون في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة



ما المعاصي التي يعزر فيها ؟

تقسم المعاصي التي يشرع فيها التعزير إلى قسمين هما :

1-  ما شرع في جنسه الحد ولكنه لم يجب الحد فيه لعدم توفر شروط وجوب الحد مثل الخلوة بالأجنبية وقذف الصغيرة والمجنونة والسرقة في أقل من النصاب والقذف بغير صريح الزنا هذه معاصي لا حد فيها ولكن فيها التعزير حسب ما يراه الإمام .

2-  ما لم يشرع فيه ولا جنسها حد ولا كفارة وهذا يشمل أكثر المعاصي سواء كانت ترك واجب أو فعل محرم مثل ترك الصلاة والتساهل بها والغيبة والنميمة .

ما وسائل التعزير ؟ بأي شيء يكون التعزير ؟

يمكن تقسيم وسائل التعزير إلى ثلاث أنواع هي :

1-  تعزيرات بدنية وتنقسم إلى قسمين هما

أ – غير مباشرة مثل الحبس والنفي  . ب – مباشرة مثل الجلد والقتل .

2-  تعزيرات نفسية:مثل الوعظ والتوبيخ والتشهير .

3-  تعزيرات مالية تمس مال الجاني بأخذ أو إتلاف ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام هي:

أ – الغرامة   ب- المصادرة   جـ - الإتلاف

وتحديد نوع التعزير يتولاه الإمام أو من يقوم مقامه كالقاضي في الوقت الحاضر يقوم مقامه .

ما مقدار الجلد في التعزير ؟

اتفق العلماء على أنه لا تحديد لأقل عدد في الجلد عند التعزير لأنه إما مرد ذلك إلى الإمام .

واختلف في أكثر الجلد على ثلاثة أقوال :

الأول :أن أعلى قدر بالجلد تعزيرا هو عشر (10) جلدات وهو مذهب الحنابلة وقول للشافعية وقد استثنى الحنابلة مسائل ورد فيها نص واستدلوا بالحديث "لا يجلد فوق عشر إلا في حد من حدود الله "

الثاني :أعلى قدر للجلد تعزيرا بالحد وهو ما لا يصل للحد وهو مذهب الحنفية والمشهور عند الشافعية وقول عند المالكية ورواية للحنابلة .والمراد بذلك أن لا يبلغ التعزير إلى الحد مطلقا فإن كان الحد 100 جلدة فأعلى التعزير فيه 99 جلدة وإن كان الحد 80 فأعلى التعزير 79 جلدة .واستدلوا بقوله :"من بلغ حداً بغير حدٍ فهو من المعتدين "

وعنفوا بأن المعاصي الموجبة للحدود أعظم من المعاصي الموجبة للتعزير وعلى ذلك تكون العقوبة في التعزير أقل من العقوبة في الحد .

الثالث :لا تحديد لأكثر التعزير وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام على قدر عظم الجرم وصغره، وهو المشهور عند المالكية ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم ، واستدلوا بما ورد عن عمر رضي الله عنه وأنه جلد شخصا زور الخاتم ثلاثمائة جلدة ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان إجماعا منهم على فعله

وقالوا أيضا: إن الأصل مساواة العقوبات للجنايات ، فالعقوبة تتناسب مع عظم الجريمة وصغرها.
فإن قيل: فما تصنعون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله». قيل: نتلقاه بالقبول والسمع والطاعة، ولا منافاة بينه وبين شيء مما ذكرنا، فإن الحد في لسان الشارع أعم منه في اصطلاح الفقهاء؛فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» يريد به الجناية التي هي حق لله. فإن قيل: فأين تكون العشرة فما دونها إذا كان المراد بالحد الجناية ؟. قيل : في ضرب الرجل امرأته وعبده وولده وأجيره ، للتأديب ونحوه ، فإنه لا يجوز أن يزيد على عشرة أسواط ؛ فهذا أحسن ما خرج عليه الحديث.

والرأي الراجح هو القول الثالث لأن الأصل مساواة العقوبات بالمعاصي والذي يرى ذلك الإمام .

باب حد قطاع الطريق والمحاربين

المراد بالمحاربين (قطاع الطريق )

هم الذين يتعرضون للناس بالسلاح في الصحراء أو البنيان فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة .

وقد حرم الله ذلك وشرع لمن فعله عقوبة رادة قال تعالى :"إنَّما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفورٌ رحيم " (المائدة: 33)

ما هي الأحكام في قطاع الطريق ؟

حد الشرع لقاطع الطريق يختلف باختلاف جرائمهم :

1-  من قطع الطريق وأخذ المال قُتل وصلب حتى يشتهر أمره ولا يجوز العفو عنه بإجماع العلماء .

2-  من قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب .

3-  من أخذ المال ولم يقتل تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمت عن النزيف ثم خلي .

4-  من أخاف السبيل فقط ولم يقتل ولم يأخذ مالا ينفى من الأرض بأن يشرد فلا يترك يأوي إلى بلد بل يطارد وفي هذا الوقت يسجن دفعا لشره.

توبة المحاربين وقاطعي الطريق لا يخلو الأمر من حالتين :

1-التوبة قبل القدرة عليه فهذا يسقط عنه ما كان واجبا لله تعالى من نفي عن البلد وقطع يد ورجل وتحتم قتل ، وأخذ بما للآدميين من الحقوق من نفس وطرف ومال لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة والطلب ; إلا أن يعفى له عنها من مستحقيها لقوله تعالى :B2 إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌB1

2-  إذا تاب بعد القدرة عليه لا يسقط عنه الحد  للعموم والمفهوم والتفصيل في الآية ، ولئلا يتخذ ذريعة إلى تعطيل حدود الله ; إذ لا يعجز من وجب عليه الحد أن يظهر التوبة ليتخلص من العقوبة .

من هو الصائل ؟ ما الحكم ؟ كيف يدفع ؟

الصائل هو المعتدي على غيره يريد قتله أو صال على حرمته كأمه وبنته وأخته وزوجته يريد هتك أعراضهن أو صال على ماله يريد أخذه أو إتلافه

له أن يدفعه عن ذلك فيدفعه بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به وإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك ولا ضمان عليه لأنه قتله لدفع شره وإن قتل المصول عليه فهو شهيد لقوله صلى الله عليه وسلم :"من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد "وقال للرجل الذي أتاه يسأله ويقول :يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال :لا تعطه .قال :أرأيت إن قاتلني ,قال :قاتله . قال :أرأيت إن قتلني ,قال فأنت شهيد . قال :أرأيت إن قتلته ,قال :هو في النار ؟

كيف تتعاملي مع من يعتدي عليك أو يريد الاعتداء عليك وأخذل مالك ؟

ندفع بالتي هي أحسن وأسهل فإن لم يرتدع دفعناه بالأشد فمثلا إن أمكن رده بالعصى رددناه به فإن لم يمكن دفعناه بالأشد حتى لو أدى دفعنا له إلى قتله .

ولكن الإشكال كيف يمكن إثبات ذلك بالمحاكم .

باب قتال أهل البغي

من هم أهل البغي ؟ ما عقوبتهم ؟ كيف يتعامل معهم ؟

البغي لغة هو الجور والظلم والعدول عن الحق

وأهل البغي هم أهل الجور والظلم والعدول عن الحق ومخالفة ما عليه أئمة المسلمين.

وقيل هم قوم لهم شوكة ومنعة يخرجون على الإمام بتأويل مشتبه يريدون خلعه أو مخالفته وشق عصا الطاعة وتفريق الكلمة فهم بغاة ظلمة .

قال تعالى :B2 وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَB1

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :H2 من أتاكم ، وأمركم جميع على رجل واحد ، يريد أن يفرق جماعتكم ; فاقتلوهH1
وقال صلى الله عليه وسلم :
H2 من خرج على أمتي وهم جميع ، فاضربوا عنقه بالسيف ، كائنا من كانH1
وأجمع الصحابة على قتال الباغي .

كيف يتعامل معهم الإمام ؟

أولا :بالمناقشة والمحاورة وإيضاح الشبه والرد عليها  حتى تنحل الأمور فإن حصل ذلك (فبها ونعمت ) فإن رجعوا وعادوا فهذا هو المراد

ثانيا :إن استمروا في عنادهم وبغيهم فإننا نلجأ إلى قتالهم ويتجنب في قتالهم

1-  القذائف المدمرة للجميع

2-  ترك  ذرتهم ومدبرهم وجريحهم ومن ترك القتال منهم .

3-  من أسر منهم حبس حتى تخمد الفتنة

4-  لا تغنم أموالهم لأنها كأموال غيرهم من المسلمين لا يجوز اغتنامها ,وبعد انقضاء القتال وخمود الفتنة من وجد ماله بيد غيره أخذه وما تلف منه حال الحرب فهو هدر ومن قتل من الفريقين في الحرب غير مضمون .

باب أحكام الردة

المرتد في اللغة : هو الراجع ، يقال : ارتد فهو مرتد : إذا رجع ، قال تعالى :B2 وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْB1 أي : لا ترجعوا .
والمرتد في الاصطلاح : هو الذي يكفر بعد إسلامه طوعا بنطق أو اعتقاد أو شك أو فعل .

والمرتد له حكم في الدنيا وحكم في الآخرة
أما حكمه في الدنيا ; فقد بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله .
H2 من بدل دينه فاقتلوهH1 وأجمع العلماء على ذلك ، وما يتبع ذلك من عزل زوجته عنه ومنعه من التصرف في ماله قبل قتله .
وأما حكمه في الآخرة . فقد بينه الله تعالى بقوله :
B2 وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَB1

ما أهم أسباب الردة ؟

أهم أسباب الردة (ونواقض الإسلام التي تحصل بها الردة) كثيرة .
1-  من أعظمها الشرك بالله تعالى ; فمن أشرك بالله تعالى ; بأن دعا غير الله من الموتى والأولياء والصالحين ، أو ذبح لقبورهم ، أو نذر لها ، أو طلب  الغوث والمدد من الموتى ; كما يفعل عباد القبور اليوم ، فقد ارتد عن دين الإسلام ; قال تعالى :
B2 إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُB1

2      - من جحد بعض الرسل أو بعض الكتب الإلهية ; فقد ارتد ; لأنه مكذب لله ، جاحد لرسول من رسله أو كتاب من كتبه .

3      -  من جحد الملائكة أو جحد البعث بعد الموت ; فقد كفر ; لأنه مكذب للكتاب والسنة والإجماع .

4      - من سب الله تعالى أو سب نبيا من أنبيائه ; فقد كفر .

5      -من ادعى النبوة ، أو صدق من يدعيها بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ; فقد كفر ، لأنه مكذب لقوله تعالى :B2 وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَB1

6      -من جحد تحريم الزنى ،

7       - من جحد تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المجمع على تحريمها كلحم الخنزير والخمر ،

8      – من حرم شيئا مجمعا على حله ; مما لا خلاف في حله ; كالمذكاة من بهيمة الأنعام فقد كفر .

9      – من جحد وجوب عبادة من العبادات الخمس الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم :" بني الإسلام على خمس .... الحديث "

10                       - من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو كافر ، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض.

فمن ارتد عن دينه يستتاب ويمهل ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل لقول عمر رضي الله عنه لما بلغه أن رجلا كفر بعد إسلامه فضربت عنقه قبل استتابته ، فقال :" فهلا حبستموه ثلاثا ، فأطعمتموه كل يوم رغيفا ، واستتبتموه ; لعله يتوب أو يراجع أمر الله ، اللهم إني لم أحضر ولم أرض إذ بلغني"

هل للمرتد توبة ؟ وهل تقبل توبته ؟

نعم للمرتد توبة وتحصل بإتيانه بالشهادتين لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله . فإذا قالوها ، عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها" ومن كانت ردته بسبب جحوده لشيء من ضروريات الدين ، فتوبته مع إتيانه بالشهادتين إقراره بما جحده.

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم قبول توبة من سب الله تعالى أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم :
فقال بعضهم : لا تقبل توبته في أحكام الدنيا كترك قتله وتوريثه والتوريث منه ، وإنما يقتل على كل حال ; لعظم ذنبه وفساد عقيدته واستخفافه بالله تعالى .
والقول الثاني : أنه تقبل توبته ; لقوله تعالى :
B2 قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَB1



واختلف العلماء رحمهم الله في قبول توبة من تكررت ردته :
1- فقيل : إنها لا تقبل في الدنيا ; فلا بد من تنفيذ حكم المرتد فيه ، ولو تاب ، لقوله تعالى :
B2 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًاB1
2 - وقيل : تقبل توبته ; لقوله تعالى :
B2 قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَB1 فالآية عامة ، تتناول بعمومها من تكررت ردته .

حد السرقة

السرقة هي : أخذ مال على وجه الاختفاء من مالكه أو نائبه

حكمها :

محرمة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمون علي تحريمها وعلى وجوب قطع يد السارق في الجملة

أدلة تحريمها :

قال تعالى :B2 وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌB1
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا"

عن أبي هريرة " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده "

*إذا أخذ الشخص البالغ العاقل المختار العالم بالتحريم مال غيره المحترم البالغ نصابا من حرز مثله أو من حرزه

ما يتعلق بأخذ المال :

1-  أن يكون خفية وينبني على ذلك أنه لا تقطع اليد على المال المنتهب الذي يأخذه على وجه الغنيمة ولا على المختلس الذي يأخذه خفية ولا على وجه الغلبة والقهر على مرأى من الناس لأن صاحب المال يمكنه طلب النجدة والأخذ على يد الغاشم الغاصب بينما السارق لا يمكن التحرز منه فهو يهتك الحرز ويكسر القفل .









جاحد  العارية ما حكمه هل يعتبر سارقا ؟

اختلف العلماء في من يستعير المتاع الذي يبلغ النصاب ثم يجحده هل تقطع يده أم لا على قولين :

القول الأول : لا قطع عليه وهو قول جمهور الفقهاء ورأي للإمام أحمد

القول الثاني :يقطع جاحد العارية وهو مذهب عند الحنابلة ونقل عن الإمام أحمد

الطرار فقهيا هو الذي يطر الجيب ويسرق منه خفية
وهذا تقطع يده لأنه أخذ المال خفية ومن حرز .

شروط ترجع للسارق أن يكون:

1-  مكلف     2- مختارا غير مكره      3- عالم بالتحريم والمسروق

4      – أن تنتفي الشبهة فلا تقطع اليد إن سرق الولد من والده والعكس أما بقية الأقارب كالإخوة والأعمام فتقطع .

الشروط الراجعة للمسروق :
1- أن يكون المسروق من مالا محترما وبناءً عليه فلا تقطع في مال غير محترم كالخمر

2-  أن يكون المال المسروق قد بلغ نصابا والنصاب ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما بلغ هذه القيمته

الشروط الراجعة للمكان :

أن يكون في حرز مثله فإن كان من غير حرز فلا قطع لأن الحرز معتبر وهو المكان الحصين فمثلا حرز السيارة أن تكون عند باب البيت ومقفلة .

الشروط الراجعة لأمر خارج

1-  ثبوت السرقة ويكون ذلك بأحد أمرين        بإقرار مرتين على نفسه بالسرقة .

                                                  البينة وهي شهادة عدلين يصفان كيفية                            

                السرقة وحرزها وقدر المسروق وجنسه لتزول الاحتمالات والشبهات

2-  أن يطالب صاحب المال المسروق به فلو لم يطالب لم يجب القطع لأن المال يباح بإباحة صاحبه وبذله له فإن لم يطالب احتمل أنه سمح به له وذلك شبهة تدرأ الحد

عقوبة السرقة :

 السرقة الأولى تقطع اليد اليمنى من مفصل الكف ثم تحسم لمنع نزيفها

فإن سرق مرة ثانية أو سرق شخص ليس عنده يد يمنى تقطع رجله اليسرى من مفصل الكعب .



فإن عاد في الثالثة هناك قولين

1 - يحبس ويعزر حتى يرتدع حتى يتوب ولا يقطع منه شيء وهذا مذهب الحنابلة والحنفية واستشهدوا بما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال :"لا أقطع أكثر من يد ورجل " وهو الراجح حتى لا يترك السارق مثل البهيمة ليس له يد يأكل بها أو يستنجي بها .

2 – تقطع يده اليسرى وفي الرابعة رجله اليمنى وفي الخامسة يحبس ويعزر وهذا مذهب المالكية والشافعية واستدلوا بقوله تعالى:"فاقطعوا أيديهما "

الاشتراك في السرقة

له أربع حالات :

1-  أن لا يبلغ ما أخذه الجميع نصابا فهنا لا تقطع اليد .

2-  أن يبلغ ما أخذه كل واحد منهم نصابا لو انفرد فهنا تقطع يد كل واحد منهم لتوفر النصاب

3-  أن يبلغ ما أخذه الواحد نصابا دون الآخر فمن بلغ النصاب تقطع يده ومن لم يبلغ النصاب فلا قطع عليه .

4-  أن يبلغ ما أخذه الجميع نصابا ولا يبلغه ما أخذه الواحد لو انفرد هذا فيه قولان :

أ‌-      يجب القطع على كل واحد منهم لأن النصاب أحد شروط القطع فإذا اشترك الجماعة فيه كانوا كالواحد .

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/radia.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/radia.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/radia.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/radia.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gifhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif
ب‌-لا قطع على أي واحد منهم لأنه لم يتحقق الشرط في كل واحد على انفراده وهذا قال عنه ابن قدامة هذا القول أحب إلي .وهو الراجح لأن القطع هنا لا نص عليه ولا هو في المعنى المنصوص عليه فالاحتياط بإسقاطه وهو أولى من إقامته لأن الحدود تدرأ بالشبهات .

هل يمكن إثبات السرقة بالوسائل الحديثة ؟

يستفاد من الوسائل الحديثة في إثبات السرقة لكنها لا تجعل أساسا لإقامة الحدود

حقوق الابتكار

تعريفه :هي الملكية الفردية الفكرية سواء كانت أدبية أو غير ذلك ,ولا يجوز التعدي عليها ولا انتحالها بل يحفظ لصاحبها حقه المالي والأدبي والعلمي إلا أن يسقط هو حقه ويتنازل ذلك باختياره وإرادته وبذلك أفتى العلماء المعاصرون .

إقامة الحد على المريض

لا يجوز تأخير الحد لأجل المرض وهو الأصل  ، خاصة إن كان المرض لا يرجى برؤه

أما إن كان المرض يرجى برؤه فقيل ­

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..