أستغرب هذا الاحتفاء بفوز
روحاني "الإصلاحي" في الانتخابات الرئاسية الإيرانية ، ولا يعني
استغرابي
أنه لا يوجد فرق بين الإصلاحيين وبين المتشددين في إيران ، فأنا أدرك أن
الإصلاحيين أكثر انفتاحا مع الشعب الإيراني وأصدق في تعزيز الحريات في الداخل وأشد
ميلا إلى تخفيف قبضة الملالي على زمام السلطة والحد من تغولهم في كل شيئ ، وأدرك
أيضا أن الإصلاحيين أكثر ميلا إلى الانفتاح على العالم وخاصة الغربي ، وهم أيضا
الأكثر حرصا على اقتصاد إيران مما يعني أنهم يدركون أن الاقتصاد مرتبط بالاستقرار
الداخلي والإقليمي ، لكن الحرص على شيء لا يعني القدرة على تحقيقه فإيران بلد
مؤسسي له ثوابته السياسية الكبرى التي لا يقدر أحد مهما تضخم (صلاحه وإصلاحياته)
أن ينكأها ، وللكيان الأيدلوجي الإيراني خطوط حمراء لا يمكن لأحد أن ينكشها ناهيك
أن يتجاوزها.
الثورة السورية ستعطي دليلا أكيدا أن إيران بثوابتها السياسية لا تكترث أن يعتلي
سلطتها محافظ متشدد أو إصلاحي متنور ، إذ لا يمكن أن يرد في الخيال أن السيد
روحاني سيعلن مراجعة شاملة للسياسة الإيرانية وتغلغلها في كل دول المنطقة بلا استثناء
، ولا يمكن أن نصدق أن الرئيس الجديد سيفصح عن برنامج زمني يعلن فيه انسحاب عصابات
فيلق القدس الدموية من الأراضي السورية ، أو يمارس من خلاله ضغطا على ميليشيات حزب
الله الدموية لكي تكف عن تدخلها السافر ضد شعب مظلوم ينشد حريته التي أنشب فيها
"الأسد" مخالبه ، ولا يرد بالحسبان أن يبث روحاني روحا جديدة في إيران
وطبيعة علاقاتها مع العالم الإسلامي فيوقف برنامج التبشير بالتشيع والذي لم يترك
دولة سنية في العالم الإسلامي والعربي إلا ونشر فيها نشاطه المكثف محدثا شرخا في
مجتمعات كانت منسجمة مع نفسها ومتناغمة دينيا ومذهبيا.
هذه يا سادة خطوط حمراء في سياسة الثورة الإيرانية لا يمكن أن تمس
وثوابت يستحيل أن تهز ، وأنا هنا لا أنفي وجود النية الطيبة عند بعض المنتمين
للتيار الإصلاحي ، لكن الذي أريد أن أخلص إليه أن مبادئ ثورة إيران (والتشخيص،
فيها تحرم الوصول لرئاسة الجمهورية من لا ينسجم مع مبادئها ، فمن السذاجة أن نتخيل
وصول من يستطيع ارتكاب المحظور فيراجع ثوابت سياستها ، باختصار فإن تداول السلطة
في إيران بين الإصلاحيين والمتشددين يشبه إلى حد كبير تداول السلطة في أمريكا بين
الجمهوريين والديموقراطيين ، والليكود والعمل للسلطة في إسرائيل ، السياسة ثابت
والأحزاب متحول ، الفرق هو في لغة الخطاب حدة واعتدالا ، والفرق أيضا في وسيلة
تحقيق الغايات الكبرى بين ذكي يغلف أسلوبه بطريقة ماكرة وبين صريح عنيف لا تهمه جلافة
اللغة وخشونة الوسيلة.
كوة الأمل الوحيدة التي يمكن للإصلاحيين في إيران ينفذوا منها للتغير
هو في إقناع سدنة الثورة الإيرانية وكهنة معبدها بأن سياسة إيران الحالية تضر أولا
بالمصالح الإيرانية والشيعة على وجه التحديد ، فإيران عبر تدخلها الطائفي السافر
لمساندة آخر طواغيت العرب الدمويين يعاونها في ذلك قائممقامها في الجنوب اللبناني
رفعت مؤشر الاحتقان الطائفي في المنطقة كلها ، واستعدت الأغلبية الساحقة ضد
الأقلية ، مما ينذر بفتنة تأكل أخضر المنطقة ويابسها ، وليس من بديل إلا لجم هذه
السياسة ، وإلا فليتحملوا نتائجها.
حمد الماجد
حمد الماجد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..