السبت، 15 يونيو 2013

كلمة إلى مساندي الطغاة وميليشياتهم

 لن أقبل السكوت أمام النذالات التي أراها تنصب على رؤوس أبطال المستقبل الذين سيعيدون للأمة مجدها ليس بالجهاد المباشر فحسب بل وكذلك بالاجتهاد العلمي الطبيعي والإنساني
الشارطين لتحقيق شروط الكرامة والحرية

أفخر بوجود شباب تونسي يجاهد في كل أصقاع الدنيا من أجل ما يؤمن به من قيم الكرامة والحرية. ولو كانت شابا لكنت منهم. وعلى كل فأنا أجاهد بما يناسب سني. باليراع.

فالمقدم في هذه الحالة هو مقاومة الغزو الروحي دون التخلي عن الاستعداد لمقاومة الغزو المادي بل والشروع فيه في آن خاصة إذا كان الغازيان متحالفين في الخفاء ومتقاسمين المهمة مهمة بلع الوطن العربي ماديا ورمزيا


أهلا أخي عبد العزيز
طال سكوتي والمسؤولية السياسية كانت ملجمة
استعدت حريتي
وهذا أول نص أرسله لك في مقاومة الطاغوت الإيراني وميليشياته المنتشرة 
في كل الوطن العربي والعالم الإسلام وخاصة بين
أدعياء المقامة من عضاريت المكرمات الإيرانية
والسلام
أبويعرب

أهلا وسهلا بك أستاذنا، وسعدنا باستعادة المفكر والكاتب، وشرف لنا تواجدك معنا هنا.. عبدالعزيز قاسم
 


إن تهمة تطبيق أجندة أمريكية في ثورة الشعب السوري وفي تأييد الثوار فهي الحجة الواهية التي تخفي بها إيران وحزب الله خطتهم التمويهية المسماة محور المقاومة-وهي تهمة متداولة وتوجه إلى كل الربيع العربي كله وخاصة من قبل أكثر عملاء العرب للغرب إذا قسنا العمالة بالتبعية الروحية. وفي الحقيقة فإن كلامهم على محور المقاومة الذي يتصورونه معاديا للاستعمار الأمريكي والإسرائيلي حتى لو صدقناه يهدف إلى تحرير العرب وليس إلى جعلهم تابعين لولاية الفقيه.

وفي الحقيقة فإن الموقف مما يجري اليوم ليس موقفا ينتج عن خيار المقاومة أو خيار عدمها بل هو مشكل أعمق: إذا تعرضت أمة إلى حربين في نفس الوقت أيهما تقدم دون إهمال الثانية. فالعرب خاصة والسنة عامة يتعرضان لحربين في آن وفي كل المعمورة من مندناو إلى البوسنة:

حرب مادية (غزو الولايات المتحدة الأمريكية وغزو إسرائيل للأرض العربية والإسلامية)
وحرب روحية (غزو إيران وحزب الله للروح العربية والإسلامية) فأي الجهادين تقدم؟

وجمع بين الحربين عند صاحبي هاتين الحربين وخاصة عند توابعهم من المروجين لهذه التهمة. لكن الجواب بسيط جدا في ما يتعلق بالترتيب في خوض المعركتين تقديما وتأخيرا دون فصل سواء اعتمدنا التحليل المفهومي لنوعي الغزو أو اعتمدنا نظرية الاستراتيجيات الحربية.

فبالتحليل المنطقي كلنا يعلم أن غزو الأرض قابل للمحو لاحقا لأنه يتعلق بافتكاك حوز دون حصول على حق الملكية ما يعني أنه يغزو "المال Avoir " لا "الوجودEtre ". وهذا الحق الذي وراءه طالب  لكونه ما يزال محافظا على وجوده يعود بمجرد تغير موازين القوى. لكن غزو الروح الذي يفقد المغزو وجوده المستقل ليس قابلا للمحو لأن المغزو ينعدم فيه الشعور بإنيته فيصبح مستسلما نهائيا للغازي وقميه. لن تبقى فيه ذرة من النزوع إلى المقاومة ومن ثم تحسم المعركة نهائيا.


وبعلم الاستراتيجيا الحربية يتبين ذلك بصورة أيسر وأوضح. فالحرب لها بعدان مادي ورمزي كلاهما مضاعف. فالمادي هو أداة الحرب أو القوة العسكرية ومصادر الثروة التي تجعل الجيوش قادرة على الصمود. والرمزي هو معنويات المحارب وروح الأمة أي معتقداتها الأساسية التي تجعل تلك الأمة وليس غيرها. ولما لم يتغلب العدو على هذه الروح فالحرب لن تتوقف بل هي تبقى سجالا. وإذن فالحرب تنتهي عند الوصول إلى ذروة البعد الرمزي أعني تحقيق غزو الروح لمنع المقاومة اللاحقة عودة من غزو مصادر القوة المادية فالقوة الرمزية لفهم شروط المقاومة فالقوة العسكرية أداة المقاومة.

ومن لا يستطيع فهم هذا العرض الموجز فليقرأ عرضنا المطور لنظرية المنظر الأول لعلم الحرب كلاوزفيتس في كتابنا عن المقاومة. ولما كان الأمريكيون والإسرائليون عاجزين عن غزو الأمة روحيا رغم حربهم الضروس على الإسلام في مفهومه السني وكانوا لا يجهلون ذلك فهم يعلمون أن قصارى ما يمكن أن يحصل معهم هو ما حصل مع الاستعمار للوطن العربي الاستعمار الذي غلبناه في النهاية وأخرجناه مدحورا من أرضنا حتى وإن أبقى في بعض نخبنا جراثيمه التي تعطل النهوض المستقل: لذلك فالمرحلة الأخيرة من التحرير هي التحرر من مفعول الغزو الروحي الذي أصاب مثل هذه الجراثيم الحضارية لجعلها لا تدرك من الحضارتين إلا الكاريكاتور المشوه الذي يضر التأصيل دون أن يفيد التحديث.

لكن غزو الروح في إيران نفسها (التي كانت سنية قبل الصفوية) وفي العراق الذي هو بصدد مقاومة تشييع غالبية شعبه وفي ما تسعى إليه أحزاب الله المزعومة في كل أقطار الوطن العربي بل وفي كل العالم الإسلامي فهو حرب على الروح الإسلامية بمعناها السني. وهو لو حصل فتحقق لأصبح التحرر منه مستحيل. ولا يغرن القارئ ما حصل مع الدولة الفاطمية لأن الدولة الإسلامية السنية كانت واحدة أولا وكانت بقدر من القوة جعلها قادرة على محو هذه الدولة وحفلها مع الصليبية. وحتى في هذه الحالة فإن بعض جراثيم الخرافات الشيعية لا تزال سارية في بقايا آثار هذه الدولة وبالذات في ما ساح منها بعد انفراط عقدها في الأرض التي نحن بصدد الكلام عليها.

لذلك فالمقدم في هذه الحالة هو مقاومة الغزو الروحي دون التخلي عن الاستعداد لمقاومة الغزو المادي بل والشروع فيه في آن خاصة إذا كان الغازيان متحالفين في الخفاء ومتقاسمين المهمة مهمة بلع الوطن العربي ماديا ورمزيا. كل قومي لم يفهم هذه الأمور هو إما غر أو خائن. ويكفي دليلا على هذا التحالف العلني الآن هو عدم خوف أمريكا على إسرائيل من انتقال سلاح الجيش السوري لمليشيا حزب الله وخوفها عليها من انتقال قليل السلاح للمجاهدين.
                       
 الموقف الواجب

لن أقبل السكوت أمام النذالات التي أراها تنصب على رؤوس أبطال المستقبل الذين سيعيدون للأمة مجدها ليس بالجهاد المباشر فحسب بل وكذلك بالاجتهاد العلمي الطبيعي والإنساني الشارطين لتحقيق شروط الكرامة والحرية. وأخجل ممن يعتبر ذلك جرما حتى إني أتساءل أحيانا: ما الذي دهى هؤلاء الذين يساندون بشاعات ما يحدث في سوريا ويعتبرون من ينصر المستضعفين فيها مجرمين؟ ماذا تراهم فاعلون بالشعب التونسي لو كانت لهم قوة بشار ومن معه من قوى الشر في العالم؟ هل كانوا يذبحوننا لأننا لا نفكر مثلهم ؟ 

إن من يسمع كلام هؤلاء المتباكين على شباب تونس الذي ذهبوا لنصرة ثوار الحرية والكرامة في سوريا ينبغي أن يستنتج أنهم كانوا حتما سيكونون مع القذافي الذي أراد دعم النظام البائد لفرضه بجنس ما يفرض به الأسد سلطانه أعني بالمرتزقة سواء كانوا أفارقة أو من مليشيات نصر الله ومن هم جنسه من العراق وإيران وحتى من روسيا. من يسمع خطابهم العنيف الساعي إلى قود الشعب إلى جنة حداثتهم المسيخة وتقدميتهم القردية يسارية كانت أو قومية أو ليبرالية قودهم بعنف الدولة الفاشية لا ينتظر منهم أقل مما يجري في سوريا لو تمكنوا من أسباب القوة. إنهم إذن من القائلين بالجهاد المحرف: ليس نصرة المستضعفين بل نصرة الطغاة الذين يستضعفونهم ولو كان ذلك بجبال من الجثث وبحار من الدماء.


ومن المعلوم أن من شروط القيام الحر للأفراد والجماعات التحرر من التبعية الاقتصادية والثقافية والسياسية والتربوية لتبلغ الأمة درجة التحرر الحقيقي والوحيد الضامن للفاعلية التاريخية لأي جماعة: التحرر الروحي المؤسس للخلقي وللجهاد من أجله كما يتعين تاريخيا في شروط الكرامة والحرية. فمن دون ذلك لا معنى للكلام على الإبداع فهو من دونها ممتنع حتى في أدنى درجاته فضلا عن أسماها. فالتابع بنيويا يقلد ولا يبدع.  كذلك فهمت شعاري الثورة وبهما أعلل ضرورة الجهاد وأفخر بوجود شباب تونسي يجاهد في كل أصقاع الدنيا من أجل ما يؤمن به من قيم الكرامة والحرية. ولو كانت شابا لكنت منهم. وعلى كل فأنا أجاهد بما يناسب سني. باليراع.


بقلم: أبو يعرب المرزوقي
مفكر تونسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع مشابهة - أو - ذات صلة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..