الأربعاء، 10 يوليو 2013

نظرية (حمار المرحلة) ..حزب النور نموذجا

ترددت كثيرا أن أكتب عن هذا الموضوع لأن مآلات الحديث فيه ربما شكلت استفزازا لبعض الكيانات
الإسلامية مما يتعارض مع فناعتي الراسخة أن الأصل في مكونات التيار الإسلامي الخيرية والفضل والإضافة النوعية التكميلية لمجمل المسار الدافع بمسيرة الأمة الإسلامية قدما .. لكن قناعة أخرى راسخة هي الأخرى دفعتني للكتابة .. وهي أن بشرية الأقكار كما الكيانات والأشخاص (علماء وقيادات ومفكرين..) تجعل النصح والنقد سائغين -وربما واجبين- مهما كانا صادمين.

  ونظرا لتكرر تطبيق النظرية على أكثر من كيان إسلامي -دون توقف من العقلاء لدراسة التجربة وقرع الأجراس لأي وافد جديد  .. مع ارتفاع احتمالية تطبيقها قريبا على آخرين

أكتب هذه الكلمات لعل الله ينفع بها.

    للتو قد أفاق الإسلاميون بل العالم الإسلامي من كابوس كارثة تطبيق نظرية (حمار المرحلة) على جل التيار الإسلامي في العراق بقيادة الحزب الإسلامي وجبهة التوافق .. والآن يجتر ويلاتها وكوارثها مجمل أهل السنة في العراق بل أهل السنة في المنطقة .. حيث امتطى المستعمر الأمريكي والمحتل الإيراني ظهرهم حتى تمكنا من العراق وكسرت بذلك بوابة الأمة الشرقية.. وفتحت شهية المارد الإيراني لتكرار التجربة.. وشكلت منصة انطلاق له.. ورافدا ماليا أنقذه من أزمته نسبيا.

   تتلخص الفكرة فيما يلي:

   أن اللاعبين الكبار في اللعبة الدولية وصلوا إلى قناعة مفادها أن التدخل المباشر في بلداننا بشكل سافر ينطوي على كوارث خطيرة وتكلفة باهظة..

وتأكدوا أنه لايمكنهم إقناع الشعوب المسلمة بأذنابهم من العلمانيين في عملية اختيار حر ينبع من الشعوب ..

ويعلمون أن الإسلاميين هم أصحاب المصداقية والقبول عند الشعوب .. فيضطرون للتواصل من خلال وجوه وطنية تابعة لهم مع عدد من المكونات الإسلامية .. حتى يستقر بهم الرأي على أحدها  _وغالبا ما يختارون من يتصفون بالطموح مع محدودية الخبرة ..وانغراد قيادات قليلة بالقرار .. ومن يملكون مفاتيح للضغط عليه_ لاقناعه بالفوائد التي سيجنيها سواء على المستوى الشخصي أوللشريحة التي يمثل .. وتبدأ ثنائية الضغط بالمزاوجة بين الترغيب (مصالح ومكاسب متوخاة) .. والترهيب (كوارث..واستئصال وإقصاء محتمل) ..

   وهكذا حتى تقتنع بالمشاركة والتحالف مع رجالهم - ولو مرحليا كماتظن_..

وعندما تلوح معالم الموافقة .. يتم تلميع حمار المرحلة الذي اختاروه .. ودعمه ليتقدم الصفوف وينافس مجايليه أو يستغلوا تقدمه الطبيعي.

وعندها يستخدم لإكمال شكل المسرحية بمشاركة جميع الأطياف -كما في العراق- أو محاولة إسقاط النظام المخالف لتوجهاتهم –كما في مصر- ... وبمجرد ما ينتهي الدور المرسوم له .. ويوصلهم على ظهره إلى المحطة المرادة  تتبخر الوعود .. ويطلب منه أن يتراجع لخلفية المشهد كجزء من الديكور أو يطلقوا عليه مجموعة أخرى من الحمير لترفسه خارج المشهد.. ومن يرفع عقيرته تنتظره التهم المعلبة  (الهاشمي مثالا:بعد أن وقع لهم الإعدامات التي رفض الطالباني توقيعها انقلبوا عليه واتهموه ..)

وهكذا في كل مرة يستخدمون حمارا يتجاوزون به المرحلة ..

- المشكلة في مصر أن مصير حمار المرحلة معروف مسبقا .. فمستحيل  بعد أن عرفوا حجم وقوة السلفيين-ممثلين في أكبر أحزابهم ( النور) .. وأفكارهم التي لايمكن أن يطول نفس التحالف معها (موقفهم النصارى والمرأة والحريات .. واختياراتهم الفقهية والعقدية)  وكونهم خطرا مستقبليا مؤكدا

    والمشكلة الأخرى أته في كل مرة يتذاكى الحمار بل ويرى نفسه من يستغلهم للوصول لأهدافه (مع أنه لايملك من خيوط اللعبة ولاضماناتها إلا أحاديث شفوية ووعود لاوزن لها في عالم السياسة القذر).. ويعاند أصحاب الخبرة والرأي.. ويمثل دور الخبير الاستراتيجي الواعي بدهاليز السياسة ..

وهو لايزال تمهيدي سياسة

   والقوم يتبادلون النكات على بؤس الدور الذي يمثله : دعوه يفرح بخيبته..

  المشكل في الحالة المصرية أن هؤلاء القادة في الدعوة السلفية كل مهم كان يدرس طلابه أن التدرج والأناة وعدم استعجال النتائج من أساسيات طلب العلم وتحصيل المرادات الدنيوية والأخروية نظريا ..

بينما يدعي لنفسه خوارق العادة وسنن التعلم فيما هو أعقد من شؤون السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية..

هل التيار الإسلامي المصري لازال مراهقا .. لايستفيد من تجارب من سبقه .. بل يصر على خوض التجربة بنفسه حتى نهايتها مهما كانت خطورة العواقب .. وكلمة السر دائما غرور (إحنا غير ..) ؟؟

ويستمر فيتقديم مقاطع منوعة من مأساة الصراع مع شركاء المركب فيغرق الجميع ..
فمن صراع بين جناحي الإخوان في العراق المقاوم ومن معه (هيئة علماء الملمين وكتائب العشرين) وحمار المرحلة الإخواني أيضا (الحزب الإسلامي) ومن معه..

إلى صراع سلفي بين الدعوة السلفية بالأسكندرية (جناح المقامرة السياسية وادعاء الفهم والخبرة .. والمتناقض مع أبجديات التصور السلفي للعلاقة بالآخر وخارطة التحالفات – استبعد تماما كل معاقد الولاء للمؤمنيين بقدر إيمانهم والبراءة التامة من الكفار والمنافقين .. والعصاة بقدر معصيتهم ..)  وبقية مكونات التيار السلفي ( التي كانت أثبت على المباديء و أبصر بمآلات الأمور وأكثر أخلاقية مع ذاتها وأتباعها ..) ومعهم جميع اتجاهات التيار الإسلامي.

من كان يتصور يوما أن يرى من كان يدرس مباديء العقيدة وأصول التوحيد .. وربما اتسع في تطبيقاته للولاء والبراء ورأى أن غيره مداهن ومميع ومنغمس في السياسة .... قد عطل كل ذلك .. وتورط  في تحالف يتناقض كليا مع ذلك .. ودخل مجالا لاخبرة له به ..

سيكتب التاريخ أن حزبا انتمى للاتجاه السلفي اصطف مع النصارى الذين يرون أن الله ثالث ثلاثة . ومع الشيوعيين اللادينيين الذين يرون الدين أفيون الشعوب .. والليبراليين الذين لايرون للدين دخلا في الحرية الشخصية المطلقة .. والعلمانيين الذين يرون أنه لا دخل للدين في حياة الناس السياسية أو الاقتصادية .. والشيعة الباطنيين .. ومع الفاسدين والمرتشين والقتلة والبلطجية ..

مقابل صف تجمعت فبه جميع الأطياف الإسلامية .. وقضاة مصر الشرفاء .. ورجالها الوطنيين المخلصين .. وشبابها الصادق .. وفلاحيها المظلومين .. وفقرائها المحرومين...

ثم ستكون الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل أن يصدموا بعد أن قايضوا المباديء بمكاسب محدودة وكانوا فيها من الزاهدين

ستبدء عليهم حملة إعلامية ظالمة –هي الأخرى – ثم يتنكر لهم حلفاء المرحلة أو (راكبوا الحمار ) .. فلا الوعود ستنجز ولا المكاسب الحالمة ستتحقق .. بل الصور تشوه .. والتهم تلفق .. والقصص تختلق.. والواجهات تغلق .. والظهور ستجلد .. والضحكات الشامتة والعبارات الشاتمة ستتوالى .. والأحكام الجائرة ستتلاحق ..

وفي الختام .. وبعد كل هذا الرفس لحمار المرحلة من قبل حمير العلمنة .. سيجر إلى مزبلة التاريخ .. ليرمى وحيدا . وسيحكى عنه ضمن أسباب انكسارات الأمة .

آمل من جميع الاتجاهات الإسلامية أن تستفيد من هذا الدرس وتعيه جيدا .. ولاتقع في هاوية شيطانية (إحنا غير ) .. وتتوقف عن التشرذم .. والانفراد بالرأي ..و اعتقاد الصوابية المطلقة .. والقدرات الخرافية .. والنظرة الفردية للأمور ..

تواضعوا رحمكم الله .. وتعاونوا على البر والتقوى .. وطرحوا خلافاتكم جانبا .. فالأيام القادمة حبلى بمعارك نخوضها كأمة  ..  لا تتفردوا في المواقف المفصلية .. فيد الله مع وعلى الجماعة .. ولاتقبلوا أن تنفرد القوى الموالية للغربي بكم سواء على سبيل التقارب والتحالف أم على سبيل المهاجمة والضرب .. فمن انفرد به شياطين الإنس أكلوه .. ومن خذل أخاه وترك نصرته رجاء أن يسكت عنه فهو غبي سيردد: أكلت يوم أكل الثور الأسود.. واعلموا أنكم مهابوا الجناح في حزمة التوحد مستعصون على الكسر .. أقوياء ببركة التعاون .. محفوظون بحفظ الله.

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرور أنفسنا .. ورد من شذ وند من إخواننا عن الصف ردا جميلا

د. عبدالله الشنقيطي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..