السبت، 6 يوليو 2013

بين (المشخصاتي) و(محرك الدمى)

بمناسبة اقتراب شهر رمضان الكريم – لهذا العام 1434هـ - والذي تحول إلى شهر المسلسلات .. يسرني أن أقدم للمشاهدين الكريم .. نزل يراعي هذا :
يقول ديورانت في قصة الحضارة :
( ليست المشكلة الحقيقية التي تواجه العقل الحديث ذلك الخلاف بين الكاثوليكية والبروتستانتية، ولا بين الإصلاح البروتستانتي والنهضة، إنها بين المسيحية والتنوير ؟ هذه الحقيقة التي ليس من اليسير تحديد بدأ تاريخها ؟ والتي بدأت بفرانسيس بيكن، وعقدت آمالها على العقل والعلم والفلسفة، وكما كان الفن ركيزة النهضة، والدين روح الإصلاح البروتستانتي، كذلك أصبح العلم والفلسفة إلهي التنوير.).

قبل سنوات غسلت يدي من متابعة ذلك المسلسل الكوميدي الذي أعترف له بأنه نقل الكوميديا السعودية من (التهريج) الذي كانت تظنه (كوميديا). غسلت يدي منه بعد اكتشافي عدم جدوى الكتابة وأن (الفن) يقتات على (اللعن)،لا بمعناه الشرعي،وإنما بمعنى (التشهير)،فكلما لعناه انتشى وطلب المزيد،تماما مثل البخيل الذي ذكر الجاحظ أنه – البخيل – تمنى لو أن عشرة من الفقهاء،وعشرة من الشعراء ..إلخ،تباروا في وصفه بالبخل حتى لا يبقى فيه مطمع لمحتاج. هي الفكرة نفسها،كلما تبارى الكتاب في ذم ذلك المسلسل كلما زاد لمعان نجومه،وزادت شهرته.
منذ أن بدأ المسلسل يخرج من بساطة سنواته الأولى – وكان بعضها دون عناصر نسائية – وبدأ يدس بعض الأفكار بشكل فيه الكثير من (التخابث)،المخلوط بالاحترافية،منذ ذلك الوقت نبتت أسئلة عديدة في ذهني : من صاحب تلك الأفكار؟! وهل (المشخصين) مجرد (دمية موهوبة)،وجدت من يستغلها؟!
و(المشخصاتي) بالمناسبة هو الاسم الذي كان يُطلق على الفنان في مصر،بداية القرن العشرين .. وكانت المحاكم الشرعية لا تقبل (شهادته) .. لأنه (ساقط العدالة).
ثم استمعت إلى لقاء مع أحدهما في الإذاعة السعودية،وذلك بعد أن ثارت ضجة حول حلقة تحدثت عن (الكاو بوي)،- وهي بالمناسبة حلقة طلب الكونجرس الأمريكي نسخة منها – فقال (المشخص)،إنها مجرد حلقة للأطفال أُعطيت أكبر من حجمها!!!!!
فقلت في نفسي،إما أن (المشخص) يكذب أو أنه مجرد (دمية)،تتحرك دون أن تعرف معنى لما تقول.
كنت قريب عهد بمشاهدة تلك الحلقة،وكنت أكتب عن المسلسل،وسأذكر بمشهدين،لنرى هل الحلقة موجهة للأطفال أم لا.
قبل المشهدين .. الحلقة تتحدث عن أبطال المسلسل وقد وجدوا أنفسهم في أمريكا .. في نهاية الحلقة يتضح أن الأمر مجرد حلم.
المشهد الأول : تأخذ الكاميرا (المشخص) المشهور بـ(رقية)،وهو يرتدي لباس رعاة البقر،ويجلس على كرسي. يسأله (المشخص)،عن معلومات عن البلد،ومن ضمنها سؤال عن اقتصاد البلد،على ماذا يعتمد؟
رقية : من زندك واللي مت.
المشخص : يعني حنشل.
هل يقال هذا لتسلية الأطفال؟!!!!!!!
المشهد الثاني : في مطعم مجهز بكل ما يوحي بأنك في أمريكا،باستثناء أسماء الأطعمة .. و .. (الربابة) التي تصدح،والمغنى يقول :
"نشمية حشو الهدومي ... والنهد" {كت} وقُطع المشهد. فهل تتم تسلية الأطفال عادة بمثل هذا الكلام؟!!!!!!
بطبيعة الحال المقصود بـ(محرك الدمى) هم الكتاب تحديدا ... حين أتحدث عن (محرك الدمى) فإن المثال الأقرب هو مسرحية (مدرسة المشاغبين). تلك المسرحية التي أفسدت أجيالا وأجيالا،والتي تدثرت بالكوميديا لتحطم قيمتين عظيمتين (الأب و المعلم)،ولا يخفى على متتبعي الثقافة العربية الحديثة كثرة تكرار (المجتمع الأبوي) – وشتمه والدعوة إلى (تغييره) – وهي مظلة تخفي خلفها السعي نحو الطعن في الدين،فالمصدر الأصلي – كالعادة - هو الغرب .. حيث التمرد على الدين .. (أبونا الذي في السماء) – تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا - .. ثم (الأب / رجل الدين) وإن شئت فقل (البابا) .. ثم (الأب) المسكين رأس الأسرة.
بعد هذا الاستطراد،نعود لمسرحية مدرسة المشاغبين،ولكن باستطراد آخر،وهو مفيد لوضعنا الراهن – أو المستجد – في خضم تحطيم قيمتي (الأب و المعلم)،يدخل عنصر جديد (المرأة / المعلمة) أو (أبلة عفت) بهذا الاسم الملتبس بين (الذكورة والأنوثة) – أو الذي يستعمل لكلا الجنسين – صحيح أن (توحش الذكور) بدا واضحا في البداية من (الناظر / المدير) الذي طلبها للزواج،إلى التلاميذ الذين تحرشوا بها - مزقوا ملابسها - ،ولكن في النهاية (تم ترويض الجميع)،صحيح أن (خيطا) من (الحب) – بمعنى من المعاني – كان حاضرا،ولكن العنصر الجديد (المرأة)،كان مؤثرا وحاسما. لذلك أقترح على دعاة التعليم المختلط عندنا أن يبثوا المسرحية مرة كل شهر على أقل تقدير!!!!!!!
أقترح ذلك – مازحا – قبل أن أشير إلى أن المقالات الكثيرة التي كتبت عن الأثر السيئ لتلك المسرحية لم يحل دون استمرار عرضها!!!!! بل إن الأستاذ منير عامر ذكر – ربما في كتابه "تربية الأبناء في الزمن الصعب " – أن مؤلف المسرحية ذكر له أن (ندم) على كتابتها!!ومع ذلك ظلت تعرض ولم يتغير شيء !!!!!
بغض النظر عن ندم المؤلف من عدمه،فهو – بالنسبة لي على الأقل – يمثل أنموذجا بارزا لدور (الكاتب)،والذي يتضح من خلاله أن (النص) هو الأهم أما (المشخص) فهو صاحب الدور الثاني،مع عدم تناسي أهمية (موهبة المشخص)،وتأثيرها على العمل.أعتقد أن مؤلف مسرحية (مدرسة المشاغبين) كان يشعر بأهمية دوره،لذلك نجده في المشهد الذي يتحدث فيه عادل إمام وأحمد زكي عن مجنون ليلى،يجعل – أي المؤلف – المسرح يضج بالضحك على كلمة قالها (أحمد زكي) – خطأه في معرفة اسم مجنون ليلى – وكأن المؤلف يقول (أنا) الذي أجعلكم تضحكون وليس (عادل) ولا (سعيد) .. إلخ.
الحديث عن تحطيم (قيمة الأب)،يعود بنا إلى مسلسلنا الرمضاني الشهير،حيث عرض – قبل سنوات – حلقة بعنوان (آباء نت)،وهي تسعى لنفس فكرة (مدرسة المشاغبين)،حيث تصور الحلقة (مشخصيها) يحثان ابنيهما على الاقتداء بهما في جدهما وتميزهما عندما كانا تلميذين. يعود الولدان إلى (الماضي) عبر موقع إلكتروني،فيكتشفا( كذب "الأب") .. يجدا تلميذين بليدين يُضربان من قبل المعلم،ويفران قفزا من فوق سور المدرسة!!!!! ثم يعود الولدان إلى الحاضر لتنتهي الحلقة على الموعظة المعتادة .. ذاكرا وكنا ممتازين ومتميزين .. مثلي ومثل أخوي (أبو نزار)!!!!!!!!
قلنا في بداية حديثنا أن الباحثين عن الشهرة لا يسعدهم شيء مثل (التشهير) بهم،لذلك أعتبر حلقتي أبناء أخت جورج أو بطرس،وحلقة معددة الأزواج ناجحتين بمقياس (تشهير)،حيث أثارتا ضجة كبيرة.
بما أنني لم أشاهد الحلقتين – من فضل الله – سبحانه وتعالى – عليّ أنني لم أشاهد أي مسلسل أصلا في رمضان – فلن أتحدث عنهما،ولكنني أعود إلى ماضي المسلسل الرمضاني الشهير،لأتذكر حلقة صورة المرأة هي التي تتقدم لتخطب الرجل،بينما يجلس هو في المنزل متوترا في انتظار من ستأتي لــ(تنظر ) إليه!!! ثم يأتي مشهد ضمني (تفاكهي) يصور رجلا يخرج رأسه من باب الفيلا و ينظر يمينا ويسارا ليتأكد من خلو الشارع – من النساء – قبل أن يخرج ليلقي بكيس القمامة في المكان المخصص لها.
لم تلفت الحلقة نظري في الموضوع الذي طرحت بقدر ما لفت نظري أنها لم تتدثر – كالعادة – بالحلم!!!!!
فـ(الحلم) هو الدثار الذي تتغطى به الأفكار التي لا يستطيع صاحبها أن يطرحها مباشرة،فبعد (بث) الفكرة،يأتي من يوقظ (البطل) من نومه!!!!! وقد رفع القلم عن النائم كما هو معلوم.
بطبيعة الحال غضبت – كما غضب الشيخ (البريك) والذي طالب بمحاكمة (مشخصي) المسلسل – عندما قرأت أن الأمر وصل إلى (الثوابت) – بالمناسبة غضب كثيرون من ضمنهم الشيخ سلمان العودة،وتحدث هو أيضا عن "الثوابت" التي ديست – ولكن الغضب لم يمنعني من تذكر مشهد مشابه من رواية (بنات الرياض) – الرواية الفقاعة التي صنعها الإعلام – حيث نجد شابا – غير مسلم - (يحب) شابة سعودية مسلمة،أمها أمريكية .. إلخ.
ولكن الزواج لم يتم لأنه لا يجوز للمسلمة الزواج بغير المسلم. إذا هذه (مرحلة) تشبه المرحلة التحضيرية،تلتها الحلقة المذكورة.
أقدر غضبة الغاضبين ولكن لا يمكنني تجاهل حقيقتين :
الحقيقة الأولى : أن قناة (إم بي سي) هي الناقل أو الموصل،وبالتالي كان يجب التركيز عليها قبل الحديث عن (المشخصين) – بالتثنية أو الجمع لا فرق - ... الصدق مع النفس يقتضي أن توجه السهام إلى القناة أولا وقبل كل شيء... فلاشك – عندي على الأقل – أن تلك القناة أصبحت (منكرا) على الصادق مع نفسه أن يزيلها من بيته.
وهنا لابد من الخروج قليلا عن الموضوع،إذ أنني تذكرت أحد الأفاضل كان يكتب في مجلة مصورة كل صورها للنساء العرايا،وحين يعاتب،يقول لماذا تريدون أن تقطعوا هذه (الوردة) ؟ وهذه – في الغالب - هي نفس فكرة من يقدمون برنامجا – أو يظهرون – في قناة مثل (إم بي سي)،وأعني تحديدا الدكتور سلمان العودة في برنامجه الشهير (حجر الزاوية)،فمع احترامنا لوجهة نظره،إلا أنه يقدم (غطاء) للقناة .. وسيقول البعض : ألا يكفي أن الشيخ (العودة) يقدم برنامجا عبرها؟!! هذا (غطاء) أم أنا واهم؟ ثم هل يستطيع الشيخ (العودة) أن يخرج على نفس القناة ويقول رأيه في المسلسل،وتخطيه الخطوط الحمراء،وتجاوزه على الثوابت؟
الحقيقة الثانية : لعل المسلسل في حلقة أبناء أخت جورج أو بطرس،تجاوز الحد حين (أجاز) زواج المسلمة بغير المسلم – ربما أخذتهم النشوة،أو انفعلوا أكثر من اللازم – أما الجزء الآخر أي اعتبار النصارى غير (كفار) فهذا بالضبط :

( أكدت وزارة التربية والتعليم السعودية أنها أحدثت "تعديلات كثيرة" في مقررات المناهج الدينية في المدارس السعودية وكذلك المدارس التابعة للمملكة في الخارج، بينها تلك التي في أوروبا وأميركا، والتي تشتمل على تعاليم دينية تكفر أتباع الديانات الأخرى من مسيحيين ويهود وغيرهم وتحث على الكراهية.
وأعلن عن هذه "التعديلات" المدير العام للمناهج في الوزارة، د.صالح الشايع، في اللقاء السنوي السابع لمديري المدارس والأكاديميات السعودية في الخارج، الذي استضافته مدينة جدة في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري.
وأضاف أنه "سيتم تغيير كامل مناهج ومحتوى الكتب في مدارس وأكاديميات المملكة في الخارج خلال الثلاث سنوات المقبلة، فيما سيتم تغييرها في الأعوام التالية لها بما لا يقل عن نسبة %10 سنوياً".
وأوضح الشايع أن "هناك دولاً لديها تحفظات حيال تلك المقررات، لدواع سياسية أو اجتماعية".
وشدد على أن "
تطوير المناهج التعليمية السعودية هو مشروع استراتيجي انطلق قبل 12 عاماً".){رسائل "مجموعة أبوماجد 2010" أخبار يوم 23/7/2010م}.

كتبتُ هذا الكلام في رمضان سنة 1431هـ،وقبل إيقاف برنامج الدكتور سلمان العودة في القناة المذكورة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..