رأسه سنة 1920 هو
وكل من علي احمد عبيد وحامد عسكرية، وبحكم زمالة حسن البنا لعلي عبيد دعاه
الاخير لمشاركتهم اجتماعات الشعبة التي ضمت كثيراً من ابناء المحمودية،
وكان السكري رئيساً لهذه الجمعية والبنا مساعدا له حيث لم يتجاوز عمره في
ذلك الوقت 14 سنة والسكري 20 سنة.
ما
لا يعرفه الناس ان السكري اسس الجماعة في المحمودية مسقط
وكان السكري صاحب الفضل الوحيد على حسن البنا لاستكمال دراسته، بعد ان
اعتزم التوقف عنها في المرحلة الأولى، الا ان السكري اقنعه بضرورة استمراره
في الدراسة ودخول كلية دار العلوم، وبعد تخرجه عين البنا مدرسا الزاميا
بمدينة الاسماعيلية، وقام بجمع عمال القناة الذين يعملون في المعسكرات
البريطانية واسس شعبة للاخوان في الاسماعيلية سنة 1928.
ونشط البنا بعد ان انتقل للقاهرة سنة 1932 وكانت علاقته وثيقة بالسكري واشتركا معا في اقناع الناس بالانضمام الى الجماعة وفضل السكري البنا على نفسه وقدمه للناس وطلب مبايعته مرشداً عاماً، وعين السكري وكيلاً للجماعة.
ثم انضم للجماعة عبدالحكيم عابدين صهر البنا وصاحب الفضائح الشهيرة وسعيد رمضان زوج ابنة البنا، وكان للسكري تحفظات كثيرة على سلوكهما الشخصي وحاول السكري النصح والارشاد ولكن البنا لم يستمع لشيء وسد اذنيه واطاح به وانفرد بكل شيء.
ورغم ذلك فقد كان حسن البنا واعظاً من الدرجة الأولى تنفذ كلماته بسرعة الى العقول والقلوب، كان يظهر غير باطنه، ويتحدث في اتجاه ويسير في اتجاه اخر مختلف تماماً، تماماً مثل الزئبق الذي يصعد ويهبط حسب درجات الحرارة، كان معسول القول واللفظ والعبارة ولكن قلبه يضمر اطماعاً لا حدود لها.
وقد حصلت على خطاب سري بخط يده يمثل نموذجاً للرسائل التي كان يبعثها لاعوانه ويستحوذ بها على قلوبهم وعقولهم ويقول نص الخطاب الذي ينشر لأول مرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد نور الكون وجماله وعلى آله وصحبه، ومَن تبع هداهم إلى يوم الدين.
أيها الإخوان المسلمون الكرام، أيد الله بكم الحق، وألهمكم الرشد، وأمدكم بروح منه، وجعلكم من القائمين بأمره المهتدين بهدي رسوله، الداعين إلى شريعته، الظاهرين على الحق لا يضرهم مَن عاداهم حتى تقوم الساعة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحنين نحوكم، والحمد لكم والشوق إليكم.
وبعد فاعلموا إخواني أوضح الله لي ولكم نهج الحق أن الغرض من هذه الرسالة الخاصة بكم وبمن أحبكم من الإخوان الكرام التحدث إليكم والتذكرة بمبادئكم والتعاون معكم على الوصول إلى الغاية التي عاهدتم الله على العمل لها والجهاد في سبيلها، فأنصتوا تؤجروا وتفهموا ما يُتلى عليكم بقلوبكم فإن كنتم تعلمونه فهو ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين، وإن كان غير ذلك فهو طلب للعلم، وقد أمرنا رسولنا بطلب العلم ولو في الصين.
واعلموا إخواني أن العلم علمان؛ علم في القلب، فهو العلم النافع، وعلم على اللسان، فذلك حجة الله على ابن آدم، وقد بيَّن الله لكم صنفين من الناس في كتابه؛ صنفًا وصفهم بقوله »وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولِئكَ كَالأْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ »الأعراف: 179« وصنفًا وصفهم بقوله »اللًّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ« »الزمر: 23«.
فالصنف الأول: هم الغافلون الذين لا يستمعون للعلم، ولا يفقهون العظة والنصح.
والصنف الثاني: هم المؤمنون الذين رقَّت قُلوبهم، وانشرحت بالإيمان صدورهم، فهم للعلم يستمعون وبالموعظة يتأثرون »وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِّرُوا عَلَيْهَا صُمًّا وُعُمْيَانًا الفرقان: 73« فانظر أي الطريقين تسلك أيها الأخ الكريم.
يا أخي.. إن القلب المظلم لا يستفيد شيئًا كالأرض إن سبخت لم ينفع المطر، وإن القلب الرقيق اللين الذي يفهم ما يسمع ويعمل بما يفهم هو موضع الفائدة »وَالْبَلَدُ الطَّيْبُ يَخْرُجُ نَبَاتُه بِإذْنِ رَبِّه« »الأعراف: 58« فكن قلبًا مستنيرًا وفؤادًا واعيًا وجارحة مستعدة للعمل تكن من الفائزين، وإن قليلاً من العلم تحسنه ثم تعمل به خير من كثير تحفظه بدون عمل، وقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علم لا ينفع.
يا أخي أرسل أحد تلامذة الإمام الغزالي- رضي الله عنه- إلى شيخه يطلب إليه أن يبعث له برسالة تتضمن ما ينفعه في دنياه وآخرته مع الاختصار، فأجابه الشيخ برسالة عظيمة جعل أولها وصيته بأن يعمل بما يعلم، ولأنقل لك ملخص هذا الفصل من هذه الرسالة لعظيم فائدته فاسمع ما قال له الإمام الغزالي رضي الله عنه:
»يا ولدي النصيحة سهلة، ولكن الصعب قبولها؛ لأنها في فم مَن لم يتعودها مرة المذاق، وإن مَن يحصل العلم ولا يعمل به تكون الحجة عليه أعظم، كما قال رسول الله »أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه«.
يا ولدي لا تكن من الأعمال مفلسًا، ولا من الاجتهاد في الطاعة خاليًا، وتيقن أن العلم المجرد لا يأخذ باليد- مثاله: لو كان مع رجل عشرة أسياف هندية وأسلحة أخرى، وهو في صحراء فخرج عليه أسد مهيب، فهل تدفع عنه هذه الأسلحة بدون أن يستعملها؟ فذلك مثل العلم والعمل لا فائدة في الأول بدون الثاني، ومثل آخر- لو مرض شخص بمرض مستعص ووُصف له دواء مركب من عقاقير مختلفة، فأحضر الدواء ولم يستخدمه هل يشفيه هذا الدواء من مرضه؟ كذلك العلم لا يفيد النفس في الدنيا ولا يؤدي إلى النجاة في الآخرة إلا بالعمل.
والفُرْسُ يقولون: »كرمي دوخرار رطل هي بيمائي بأمي نحوري نباشرت سيداتي«
ومعناها بالعربية: »لو كلمت ألفي رطل خمر لم تكن لتصير نشوانًا إذا لم تشرب«.
يا ولدي- لو قرأت العلم مئة سنة، وجمعت ألف كتاب لا تكون مستعدًا لرحمة الله إلا بالعمل وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى، فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا«.
يا ولدي: ما لم نعملْ لم نأخذْ الأجرَ، وفيما يُنسب إلى سيدنا عَلِيٍّ كرم الله وجهه: »مَن ظن أنه بدون الجهد يصل فهو متمنٍ، والمُنى بضائع الموتى«، وقال الحسن البصري رضي الله عنه: »طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب«، وفي الخبر عن الله تعالى: »ما أقل حياءً مَن يطمع في جنتي بغير عمل..«، وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:»الكيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني«.
يا ولدي: عشْ ما شئت فإنك ميت، وأحبب مَن شئت فإنك مفارقه، واعملْ ما شئت فإنك مجزى به، والعلم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون، ولابد منهما معًا، وإن العلم وحده لا يبعدك اليوم عن المعاصي ولا ينجيك غدًا من النار، فإذا لم تجتهد اليوم في العمل.. تقول يوم القيامة: »ارجعنا اعمل صالحًا« فيقال لك: »يا هذا أنت من هناك جئت« انتهى.
أرأيت أيها الأخ المسلم هذه الوصية الغالية، إنها وصيتي إليك في هذه الرسالة فتفهمها، واستعد للعمل بها، واجعلها أساسًا تلاحظه، وتذكره فيما سيُعرض لك من الرسائل التالية إن شاء الله، والله ولي توفيقي وتوفيقك ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفقير الى الله تعالى
حسن أحمد البنا
خادم مبادئ الاخوان المسلمين
حزب مصر الفتاة الذي أسسه أحمد حسين كان العدو رقم واحد للإخوان وكان من بين الأشداء الذين تصدوا للإخوان المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل حالياً، والمستغرق في شهر عسل طويل مع اعداء الامس الذين اصبحوا حلفاء اليوم.
لم يترك قادة مصر الفتاة فرصة الا وكشفوا فيها انحرافات الاخوان، وكانوا أول من نبه بحدوث فتنة بسبب اتجاهات الاخوان العنيفة وهاجموا بشدة الشعار الذي رفعه الاخوان في ذلك الوقت بانهم »جماعة المسلمين« ومن لا يدخل الجماعة يعتبر كافراً.
وكان الصدام العنيف بين الاخوان ومصر الفتاة في مارس1948 بعد ان قتل الاخوان احد شباب مصر الفتاة في قرية كوم النور، وفشل الاخوان في تصفية الازمة بعد اجتماعات مطولة حضرها ابراهيم شكري واحمد حسين مع حسن البنا في حضور صالح باشا حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين في ذلك الوقت.
واحتد احمد حسين على حسن البنا بشدة وقال رئيس مصر الفتاة كلمات حادة تصلح عنواناً للاحداث التي وقعت في السنوات الاخيرة وتشخيصاً دقيقاً لداء الارهاب الذي ابتلينا به.
وهذا المقال يلخص جذور الازمة بين الطرفين ويفضح ممارسات الاخوان واساليبهم الاجرامية.
وعنوانه »نحن والشيخ حسن البنا.. تعالوا الى كلمة سواء ولعنة الله على الكاذبين« توقيع احمد حسين ويقول نصه: »بمناسبة حادث عرضي جرى بين الاخوان وشباب مصر الفتاة جاء وفد من الاخوان الى دار الحزب ليعتذروا عما بدر من اخوانهم الطائشين، ثم جاء الشيخ حسن البنا وقابل الاستاذ ابراهيم شكري وابدى اسفه واستنكاره لان يفكر نفر من الاخوان ان يعتدوا على مصر الفتاة، وتفصيل ما وقع ان الاخوان كانوا يحتفلون بتأبين الشهيد عبدالقادر الحسيني ثم عمد البعض منهم ان ينتهزوا فرصة تجميعهم وينقضوا على دار مصر الفتاة ليحدثوا بها حدثاً«.
وعلى الرغم من ان ابناء مصر الفتاة فوجئوا بمثل هذا الحادث لم يدر في خلد احد ان الجرأة ستصل ببعض الاخوان الى هذا الحد فقد استطاعوا ان يعالجوا الموقف وارتد المهاجمون بعد ان اصيب ثلاثة منهم بجراح بالغة وكان انهزامهم ايذاناً لبقية المحتشدين من الاخوان ان يتفرقوا خاصة بعد ان عرفوا ان المفاجأة قد ضعفت وان فرسان مصر الفتاة المغاوير قد اصبحوا لهم بالمرصاد والويل لمن يتحدى ابناء مصر الفتاة ويتحداهم في دارهم.
ولقد ادرك الشيخ خطورة الموقف وادرك ما قد يترتب عليه من هنا وهناك فاسرع ليعتذر ويهدئ الخواطر الثائرة واعتبر الحادث منتهياً.
وفي اليوم التالي اتصل الشيخ البنا بي تلفونياً وطلب مني ان نتقابل لنعمل على تصفية ما بيننا فافهمته ان ليس ما بيننا ما يصفى من الناحية الخاصة، ولكنها سياسة عامة وخطط معينة ومبادئ نلتزمها ونقرها احياناً ولا نقرها احياناً اخرى وانه من يحسن نقول له احسنت ومن يسيء نقول له اسأت.
وان هذا هو العهد بيننا وبين اي مصري في هذه البلاد ولكنه الح واصر على وجوب المقابلة فنزلت على رغبته وحددنا عدة مواعيد للمقابلة وانتهت بالاتفاق على المقابلة في دار المركز العام للشبان المسلمين قبل صلاة الجمعة يحضره صالح حرب باشا.
واجتمعنا ثلاثتنا في الموعد المحدد وقال الشيخ حسن لصالح باشا لقد اجتمعنا لنصطلح.
ولقد ابديت عجبي لهذا التعبير فليس بيني وبين الشيخ حسن خصومة شخصية حول قطعة ارض نتنازع على تقسيمها او تركة نوزعها او شركات اختلفنا على توزيع ارباحها حتى يمكن ان نصطلح وان نتصافى فيما بيننا على طريقة لتوزيعها او حلها، ولذلك فقد اسرعت بالقول: ان المسألة ليست مسألة خصام او صلح وانما المسألة مبادئ عامة وبرامج ومناهج اذا التزمها الشيخ حسن واتباعه فليس لهم عندنا سوى الاكرام والاحترام والتبجيل ولقد قدمنا الدليل على ذلك اكثر من مرة واخرها عندما استشهد بعض ممن كانوا ينتمون الى الاخوان المسلمين في فلسطين اسرعنا الى عزاء الاخوان في شهدائهم وفي غير هذا المكان يرى الاشادة بهؤلاء ففي سبيل الله ماتوا والى جوار القديسين والشهداء صعدت أرواحهم وهم شهداؤنا وشهداء المسلمين جميعاًبل المصريين، مسلمين واقباط فمصر الفتاة لا تفهم الحزبية بمعناها الكريه، وانما نعمل لمجد مصر وعلو شأن المسلمين فكل ما وتر بنا من هذه الغاية فنحن نعزه ونكرمه سواء كان في صفوفنا او خارج الصفوف.
وعندما احسن الاستاذ مصطفى مؤمن في القيام بدوره في اميركا كنا في مقدمة المهنئين له بالعودة وفي مقدمة من اكرمه واشاد بعمله.
فمصر الفتاة اذن لا تتردد في اي لحظة من اللحظات عن تشجيع العاملين المكافحين ولا يقعدها خلاف في الرأي عن ان تشيد بالعمل الطيب، فليس بيننا وبين حسن البنا اذن خصومة شخصية وانما هي مواقف عامة ومسؤولية ملقاة في اعناقنا سنضطلع بها ما دمنا على ظهر هذه الحياة.
لقد راعنا ان يقتل اتباع الشيخ شهيداً بريئاً في مدينة كوم النور باسم الدين راعنا ان يقتل مسلم مؤمن لم يعتد ولم يرتكب اثما يجرم، راعنا ان يقتل باسم الدين وان يهتف قاتلوه الله اكبر والحمد لله وان يتصوروا انفسهم مجاهدين في سبيل الله قد حطموا الشرك والمشركين، كان هذا موقفاً خطيراً اذا كانت الامة لم تدرك خطورته او مغزاه فقد ادركناها نحن منذ اللحظة الأولى وادركنا اننا مقبلون على فتنة لا يعلم سوى الله اين تنتهي وكيف تنتهي.
ولقد سكت الشيخ البنا عن هذا الحادث وتجاهله وللشيخ ان يتجاهله كما يحلو له ولكن بالنسبة لنا ستبقى هذه الحقيقة الصارخة وهي ان اتباع الشيخ البنا قد قتلوا مؤمنا مسلماً لم يعتد عليهم ولم يؤذهم باسم الدين والله اكبر والحمد لله وانه لا يمكن ان يوجد مسلم واحد يؤمن بالله واليوم الاخر يرضى عن هذا الوضع فضلاً عن ان يقره ويسكت عليه.
ثم كان حادث اليمن وما احاط به من ملابسات وموقف الشيخ البنا واتباعه من هذا الحادث وما اظهره من ابتهاج بهذا الانقلاب الجديد ويستطيع الشيخ ان يتهم كل انسان بالتجني عليه ولكن ستبقى الحقيقة الصارخة المادية وهي ان عبدالحكيم عابدين الان في صنعاء لا يستطيع مبارحتها.
تحت رحمة الامام الجديد وان كان هناك امل لعبدالحكيم عابدين ان ينجو من الموت الامل لا يرجع لشيء الا لمصريته فسوف يخدم الامام هذه المصرية ويبقي على حياته.
فمن العبث القول اننا نتجنى على الشيخ البنا عندما نصل بين اتباعه وبين قتلة الامام فلسنا نحن الذين ارسلنا عبدالحكيم عابدين الى اليمن ولسنا نحن الذين نبقيه هناك.
ثم كان حادث مقتل الخازندار بك ولسنا نحن الذين قتلنا الخاز ندار بك ولسنا نحن الذين اذعنا ان قتلته من اتباع الشيخ ويستطيع الشيخ ان يعتبرنا نتجنى عليه ما شاء له ان يعتبر ولكن الحقائق المادية تقول ان النيابة ولسنا نحن هي التي رأت ان تستدعيه للادلاء بشهادته، والصحف التي كانت تشد ازره وليست الصحف التي تنتقده هي التي ربطت بين جماعته وبين هذه الجريمة.
فنحن لم نخلق هذه الحوادث ولم نخترعها ولم ندخل الى الشيخ في خصوصياته ولم ندخل داره في داخل حزبه، لم نقل انه اختلس هذا او ذاك او انه سرق ونهب ولكننا هاجمنا روحاً عامة لا نستطيع الا ان نهاجمها وسنظل نهاجمها ما شعرنا انها لا تزال قائمة.
هاجمنا وسوف نهاجم ان يتصور اتباع الشيخ البنا انهم هم المسلمون حقا وصدقاً والا مسلمين الا في صفوفهم وان من ليس منهم فليس من الاسلام في شيء مثل هذا الوهم حاربناه وسنحاربه وسنحاربه بشدة وبعنف ونحن على استعداد ان نسحق كل من تحدثه نفسه ان يتبجح به وان يدعيه.
لقد تمت نعمة الاسلام وكملت رسالة الرسول منذ حجة الوداع ولقد دخلت مصر في دين الاسلام منذ ثلاثة عشر قرناً، ومنذ ذلك التاريخ لم ترتد مصر الى الشرك او الوثنية وفي مصر الجامع الازهر وفي مصر ألوف المساجد يؤمها ملايين المصلين والمصريون قد ساسوا اسرهم على اساس الدين، والمصريون في سرهم مثل ما في علانيتهم هم انقى مسلمين في هذه الدنيا في مجموعهم واصفاهم نفساً وروحاً فلسنا على استعداد ان نرضى ان يجتمع بعض شبان وعوام فيؤلفوا حزباً من الاحزاب التي ترمي للوصول الي الحكم ثم ينكرون الاسلام ويجعلونه وقفاً على انفسهم ويعتبرون بقية الامة غير مسلمة الا ان تنضم الى حزبهم وتساعدهم على تحقيق مآربهم في الوصول الى الحكم، مثل هذا القول لا نرضاه ونقولها بالخط العريض ونقولها باعلى صوتنا، ولا نقف عند حد رفضها بل نقاوم كل من يزعمها وكلما اشتد ترديد دعوته زدنا شدة في المقاومة، نفعل هذا بضمائر مطمئنة وبايمان عميق اننا نخلص لربنا وللاسلام الكريم »ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء« ولقد عرضنا هذا على الشيخ البنا فقال انه يقره ويؤكده ويعمل عليه، فقلنا له واذن فقد بقي عليك ان تعلمه لاتباعك حتى لا يداخلهم الغرور والكبرياء الذي يحملهم على الانحراف والظن بانهم هم المسلمون ومن عداهم فليسوا مسلمين.
وقلنا للشيخ ويجب ان يعرف اتباعك ان قتل مصري لمصري اخر هو اعظم الجرائم التي يمكن ان يرتكبها مسلم وان جهنم مأواه الى ابد الابدين، يجب ان يفهم اتباعك ان الجنة ليست من نصيب من يترك اعداء الله من الصهيونيين والانكليز ثم يزعم ان قتل مصري اخر لاي سبب من الاسباب هو عمل يتقرب به الى الله ولقد اسرع الشيخ عند هذا الحد فاعلن موافقته على ذلك وكل الموافقة فقلنا له اذن بقي عليك ان تنشره وان تغرسه في نفوس اتباعك بكل الوسائل الممكنة يجب ان نكتبه وان تخطب به، وان تبعد عن صفوفك كل من تشعر فيه نزقاً وانحرافا قد يؤدي به الى ارتكاب امثال هذه الجرائم.
اما نحن من ناحيتنا فلن نعتدي ابداً لان الله لا يحب المعتدين اما نحن من ناحيتنا فلسنا نحمل حقداًلمصري واحد ولا يمكن ان نفكر في الاساءة الى مصري واحد، ان احد مبادئنا هو احب اخاك المصري دائماً وكن مستعداً في كل وقت لنسيان اساءته لك واذكر دائماً ان المنازعات والخلافات الشخصية هي مصدر كل ما نعانيه من شرور وويلات.
فنحن لا يمكن ان نعتدي على مصري لاي سبب كان وحربنا بالليل والنهار ضد اعداء البلاد الحقيقيين الذين نعتبرهم المسؤولين عن كل ما نحن فيه، نحن نحارب الصهيونية ونحارب الانكليز ونحارب المستعمرين من كل شكل ولون ولا نجاح لحربنا لهذه العناصر التي تؤلب علينا الا بالاتحاد ولا سبيل للاتحاد الا اذا كف المصريون عن التنابذ والخلافات هذا هو ديننا »ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم«.
ومسألة ثانية بينتها للشيخ في وضوح واعيد سردها هنا ليطالعها العامة ولابرئ ذمتي انني وضحت طريقي ومنهاجي اننا نؤمن بالحرية وبحرية كل مواطن في ان ينكر كما يشاء ويدين بما يشاء لا اكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي فلسنا على استعداد ان نعيش في ظل ارهاب معين او اكراه على اي شكل من الاشكال، لسنا على استعداد ان نرضى بديكتاتورية زيد او عبيد من الناس، لسنا على استعداد ان نعيش الا احراراً كما تمليه علينا ضمائرنا واذا كان عمر بن الخطاب يضرب ابن عمرو بن العاص وهو من هو لاعتدائه على ابن قبطي ويقول له كلمته المشهورة »متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً« فنحن لا نقبل شيئاً بديلاً عن حريتنا وهذا مبدؤنا يقول: »احرص على الحرية اكثر من حرصك على الحياة لانها آية الكرامة الانسانية ولا معنى للحياة بغير حرية«.
فالحرص على الحرية عندنا اغلى من الحياة نفسها فلن نسمح بنمو قوة مسلحة يكون من شأنها في يوم من الايام ان تسيطر على الشعب بقوة السلاح لتحقيق اغراضها الخاصة، اقول لن نسمح وفي عروقنا نقطة دم لحزب من الاحزاب ولو باسم الدين - ان يستكثر من السلاح وان يرهب بهذا السلاح بقية المصريين مهما كان دينهم او عقائدهم او افكارهم.
هذه هي القواعد التي نحارب على اساسها ونوقف الحرب على اساسها كذلك وقد اعترف الشيخ البنا امام صالح باشا حرب ان كل هذا الذي اقوله وادعو اليه هو عين ما يؤمن به ويدعو اليه فلم يبق الا ان تطابق الاعمال الاقوال، وليس امامنا الا ان ننتظر طلائع الاعمال الصالحة والتوجيهات السليمة والسديدة وان تزول موجة الارهاب التي غمرت صفوف اتباع الشيخ ونحن اولا واخيراً في انتظار ما يفعله الشيخ بالنسبة لهذا الدم المطلوب في كوم النور هذا هو السبيل الذي لا سبيل غيره لكسب مودتنا وايقاف حملاتنا، اعلناه على الملأ ليكونوا شهداء علينا وليعرفوا اننا لا نعادي ولا نصادق الا في الله ولله اولاً واخيراً وان الاعتبارات الشخصية لا دخل لها في كل ما نقول او نفعل.
والله يوفقنا لما فيه الخير والرشاد ويهدينا جميعاً سواء السبيل ويقينا الزلل والغرور والكبرياء، ويحاسبنا بمقدار ما تنطوي عليه نفوسنا من خير أو شر، من صدق او كذب.
التوقيع : أحمد حسين
ونشط البنا بعد ان انتقل للقاهرة سنة 1932 وكانت علاقته وثيقة بالسكري واشتركا معا في اقناع الناس بالانضمام الى الجماعة وفضل السكري البنا على نفسه وقدمه للناس وطلب مبايعته مرشداً عاماً، وعين السكري وكيلاً للجماعة.
ثم انضم للجماعة عبدالحكيم عابدين صهر البنا وصاحب الفضائح الشهيرة وسعيد رمضان زوج ابنة البنا، وكان للسكري تحفظات كثيرة على سلوكهما الشخصي وحاول السكري النصح والارشاد ولكن البنا لم يستمع لشيء وسد اذنيه واطاح به وانفرد بكل شيء.
ورغم ذلك فقد كان حسن البنا واعظاً من الدرجة الأولى تنفذ كلماته بسرعة الى العقول والقلوب، كان يظهر غير باطنه، ويتحدث في اتجاه ويسير في اتجاه اخر مختلف تماماً، تماماً مثل الزئبق الذي يصعد ويهبط حسب درجات الحرارة، كان معسول القول واللفظ والعبارة ولكن قلبه يضمر اطماعاً لا حدود لها.
وقد حصلت على خطاب سري بخط يده يمثل نموذجاً للرسائل التي كان يبعثها لاعوانه ويستحوذ بها على قلوبهم وعقولهم ويقول نص الخطاب الذي ينشر لأول مرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد نور الكون وجماله وعلى آله وصحبه، ومَن تبع هداهم إلى يوم الدين.
أيها الإخوان المسلمون الكرام، أيد الله بكم الحق، وألهمكم الرشد، وأمدكم بروح منه، وجعلكم من القائمين بأمره المهتدين بهدي رسوله، الداعين إلى شريعته، الظاهرين على الحق لا يضرهم مَن عاداهم حتى تقوم الساعة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحنين نحوكم، والحمد لكم والشوق إليكم.
وبعد فاعلموا إخواني أوضح الله لي ولكم نهج الحق أن الغرض من هذه الرسالة الخاصة بكم وبمن أحبكم من الإخوان الكرام التحدث إليكم والتذكرة بمبادئكم والتعاون معكم على الوصول إلى الغاية التي عاهدتم الله على العمل لها والجهاد في سبيلها، فأنصتوا تؤجروا وتفهموا ما يُتلى عليكم بقلوبكم فإن كنتم تعلمونه فهو ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين، وإن كان غير ذلك فهو طلب للعلم، وقد أمرنا رسولنا بطلب العلم ولو في الصين.
واعلموا إخواني أن العلم علمان؛ علم في القلب، فهو العلم النافع، وعلم على اللسان، فذلك حجة الله على ابن آدم، وقد بيَّن الله لكم صنفين من الناس في كتابه؛ صنفًا وصفهم بقوله »وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولِئكَ كَالأْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ »الأعراف: 179« وصنفًا وصفهم بقوله »اللًّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ« »الزمر: 23«.
فالصنف الأول: هم الغافلون الذين لا يستمعون للعلم، ولا يفقهون العظة والنصح.
والصنف الثاني: هم المؤمنون الذين رقَّت قُلوبهم، وانشرحت بالإيمان صدورهم، فهم للعلم يستمعون وبالموعظة يتأثرون »وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِّرُوا عَلَيْهَا صُمًّا وُعُمْيَانًا الفرقان: 73« فانظر أي الطريقين تسلك أيها الأخ الكريم.
يا أخي.. إن القلب المظلم لا يستفيد شيئًا كالأرض إن سبخت لم ينفع المطر، وإن القلب الرقيق اللين الذي يفهم ما يسمع ويعمل بما يفهم هو موضع الفائدة »وَالْبَلَدُ الطَّيْبُ يَخْرُجُ نَبَاتُه بِإذْنِ رَبِّه« »الأعراف: 58« فكن قلبًا مستنيرًا وفؤادًا واعيًا وجارحة مستعدة للعمل تكن من الفائزين، وإن قليلاً من العلم تحسنه ثم تعمل به خير من كثير تحفظه بدون عمل، وقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علم لا ينفع.
يا أخي أرسل أحد تلامذة الإمام الغزالي- رضي الله عنه- إلى شيخه يطلب إليه أن يبعث له برسالة تتضمن ما ينفعه في دنياه وآخرته مع الاختصار، فأجابه الشيخ برسالة عظيمة جعل أولها وصيته بأن يعمل بما يعلم، ولأنقل لك ملخص هذا الفصل من هذه الرسالة لعظيم فائدته فاسمع ما قال له الإمام الغزالي رضي الله عنه:
»يا ولدي النصيحة سهلة، ولكن الصعب قبولها؛ لأنها في فم مَن لم يتعودها مرة المذاق، وإن مَن يحصل العلم ولا يعمل به تكون الحجة عليه أعظم، كما قال رسول الله »أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه«.
يا ولدي لا تكن من الأعمال مفلسًا، ولا من الاجتهاد في الطاعة خاليًا، وتيقن أن العلم المجرد لا يأخذ باليد- مثاله: لو كان مع رجل عشرة أسياف هندية وأسلحة أخرى، وهو في صحراء فخرج عليه أسد مهيب، فهل تدفع عنه هذه الأسلحة بدون أن يستعملها؟ فذلك مثل العلم والعمل لا فائدة في الأول بدون الثاني، ومثل آخر- لو مرض شخص بمرض مستعص ووُصف له دواء مركب من عقاقير مختلفة، فأحضر الدواء ولم يستخدمه هل يشفيه هذا الدواء من مرضه؟ كذلك العلم لا يفيد النفس في الدنيا ولا يؤدي إلى النجاة في الآخرة إلا بالعمل.
والفُرْسُ يقولون: »كرمي دوخرار رطل هي بيمائي بأمي نحوري نباشرت سيداتي«
ومعناها بالعربية: »لو كلمت ألفي رطل خمر لم تكن لتصير نشوانًا إذا لم تشرب«.
يا ولدي- لو قرأت العلم مئة سنة، وجمعت ألف كتاب لا تكون مستعدًا لرحمة الله إلا بالعمل وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى، فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا«.
يا ولدي: ما لم نعملْ لم نأخذْ الأجرَ، وفيما يُنسب إلى سيدنا عَلِيٍّ كرم الله وجهه: »مَن ظن أنه بدون الجهد يصل فهو متمنٍ، والمُنى بضائع الموتى«، وقال الحسن البصري رضي الله عنه: »طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب«، وفي الخبر عن الله تعالى: »ما أقل حياءً مَن يطمع في جنتي بغير عمل..«، وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:»الكيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني«.
يا ولدي: عشْ ما شئت فإنك ميت، وأحبب مَن شئت فإنك مفارقه، واعملْ ما شئت فإنك مجزى به، والعلم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون، ولابد منهما معًا، وإن العلم وحده لا يبعدك اليوم عن المعاصي ولا ينجيك غدًا من النار، فإذا لم تجتهد اليوم في العمل.. تقول يوم القيامة: »ارجعنا اعمل صالحًا« فيقال لك: »يا هذا أنت من هناك جئت« انتهى.
أرأيت أيها الأخ المسلم هذه الوصية الغالية، إنها وصيتي إليك في هذه الرسالة فتفهمها، واستعد للعمل بها، واجعلها أساسًا تلاحظه، وتذكره فيما سيُعرض لك من الرسائل التالية إن شاء الله، والله ولي توفيقي وتوفيقك ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الفقير الى الله تعالى
حسن أحمد البنا
خادم مبادئ الاخوان المسلمين
حزب مصر الفتاة الذي أسسه أحمد حسين كان العدو رقم واحد للإخوان وكان من بين الأشداء الذين تصدوا للإخوان المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل حالياً، والمستغرق في شهر عسل طويل مع اعداء الامس الذين اصبحوا حلفاء اليوم.
لم يترك قادة مصر الفتاة فرصة الا وكشفوا فيها انحرافات الاخوان، وكانوا أول من نبه بحدوث فتنة بسبب اتجاهات الاخوان العنيفة وهاجموا بشدة الشعار الذي رفعه الاخوان في ذلك الوقت بانهم »جماعة المسلمين« ومن لا يدخل الجماعة يعتبر كافراً.
وكان الصدام العنيف بين الاخوان ومصر الفتاة في مارس1948 بعد ان قتل الاخوان احد شباب مصر الفتاة في قرية كوم النور، وفشل الاخوان في تصفية الازمة بعد اجتماعات مطولة حضرها ابراهيم شكري واحمد حسين مع حسن البنا في حضور صالح باشا حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين في ذلك الوقت.
واحتد احمد حسين على حسن البنا بشدة وقال رئيس مصر الفتاة كلمات حادة تصلح عنواناً للاحداث التي وقعت في السنوات الاخيرة وتشخيصاً دقيقاً لداء الارهاب الذي ابتلينا به.
وهذا المقال يلخص جذور الازمة بين الطرفين ويفضح ممارسات الاخوان واساليبهم الاجرامية.
وعنوانه »نحن والشيخ حسن البنا.. تعالوا الى كلمة سواء ولعنة الله على الكاذبين« توقيع احمد حسين ويقول نصه: »بمناسبة حادث عرضي جرى بين الاخوان وشباب مصر الفتاة جاء وفد من الاخوان الى دار الحزب ليعتذروا عما بدر من اخوانهم الطائشين، ثم جاء الشيخ حسن البنا وقابل الاستاذ ابراهيم شكري وابدى اسفه واستنكاره لان يفكر نفر من الاخوان ان يعتدوا على مصر الفتاة، وتفصيل ما وقع ان الاخوان كانوا يحتفلون بتأبين الشهيد عبدالقادر الحسيني ثم عمد البعض منهم ان ينتهزوا فرصة تجميعهم وينقضوا على دار مصر الفتاة ليحدثوا بها حدثاً«.
وعلى الرغم من ان ابناء مصر الفتاة فوجئوا بمثل هذا الحادث لم يدر في خلد احد ان الجرأة ستصل ببعض الاخوان الى هذا الحد فقد استطاعوا ان يعالجوا الموقف وارتد المهاجمون بعد ان اصيب ثلاثة منهم بجراح بالغة وكان انهزامهم ايذاناً لبقية المحتشدين من الاخوان ان يتفرقوا خاصة بعد ان عرفوا ان المفاجأة قد ضعفت وان فرسان مصر الفتاة المغاوير قد اصبحوا لهم بالمرصاد والويل لمن يتحدى ابناء مصر الفتاة ويتحداهم في دارهم.
ولقد ادرك الشيخ خطورة الموقف وادرك ما قد يترتب عليه من هنا وهناك فاسرع ليعتذر ويهدئ الخواطر الثائرة واعتبر الحادث منتهياً.
وفي اليوم التالي اتصل الشيخ البنا بي تلفونياً وطلب مني ان نتقابل لنعمل على تصفية ما بيننا فافهمته ان ليس ما بيننا ما يصفى من الناحية الخاصة، ولكنها سياسة عامة وخطط معينة ومبادئ نلتزمها ونقرها احياناً ولا نقرها احياناً اخرى وانه من يحسن نقول له احسنت ومن يسيء نقول له اسأت.
وان هذا هو العهد بيننا وبين اي مصري في هذه البلاد ولكنه الح واصر على وجوب المقابلة فنزلت على رغبته وحددنا عدة مواعيد للمقابلة وانتهت بالاتفاق على المقابلة في دار المركز العام للشبان المسلمين قبل صلاة الجمعة يحضره صالح حرب باشا.
واجتمعنا ثلاثتنا في الموعد المحدد وقال الشيخ حسن لصالح باشا لقد اجتمعنا لنصطلح.
ولقد ابديت عجبي لهذا التعبير فليس بيني وبين الشيخ حسن خصومة شخصية حول قطعة ارض نتنازع على تقسيمها او تركة نوزعها او شركات اختلفنا على توزيع ارباحها حتى يمكن ان نصطلح وان نتصافى فيما بيننا على طريقة لتوزيعها او حلها، ولذلك فقد اسرعت بالقول: ان المسألة ليست مسألة خصام او صلح وانما المسألة مبادئ عامة وبرامج ومناهج اذا التزمها الشيخ حسن واتباعه فليس لهم عندنا سوى الاكرام والاحترام والتبجيل ولقد قدمنا الدليل على ذلك اكثر من مرة واخرها عندما استشهد بعض ممن كانوا ينتمون الى الاخوان المسلمين في فلسطين اسرعنا الى عزاء الاخوان في شهدائهم وفي غير هذا المكان يرى الاشادة بهؤلاء ففي سبيل الله ماتوا والى جوار القديسين والشهداء صعدت أرواحهم وهم شهداؤنا وشهداء المسلمين جميعاًبل المصريين، مسلمين واقباط فمصر الفتاة لا تفهم الحزبية بمعناها الكريه، وانما نعمل لمجد مصر وعلو شأن المسلمين فكل ما وتر بنا من هذه الغاية فنحن نعزه ونكرمه سواء كان في صفوفنا او خارج الصفوف.
وعندما احسن الاستاذ مصطفى مؤمن في القيام بدوره في اميركا كنا في مقدمة المهنئين له بالعودة وفي مقدمة من اكرمه واشاد بعمله.
فمصر الفتاة اذن لا تتردد في اي لحظة من اللحظات عن تشجيع العاملين المكافحين ولا يقعدها خلاف في الرأي عن ان تشيد بالعمل الطيب، فليس بيننا وبين حسن البنا اذن خصومة شخصية وانما هي مواقف عامة ومسؤولية ملقاة في اعناقنا سنضطلع بها ما دمنا على ظهر هذه الحياة.
لقد راعنا ان يقتل اتباع الشيخ شهيداً بريئاً في مدينة كوم النور باسم الدين راعنا ان يقتل مسلم مؤمن لم يعتد ولم يرتكب اثما يجرم، راعنا ان يقتل باسم الدين وان يهتف قاتلوه الله اكبر والحمد لله وان يتصوروا انفسهم مجاهدين في سبيل الله قد حطموا الشرك والمشركين، كان هذا موقفاً خطيراً اذا كانت الامة لم تدرك خطورته او مغزاه فقد ادركناها نحن منذ اللحظة الأولى وادركنا اننا مقبلون على فتنة لا يعلم سوى الله اين تنتهي وكيف تنتهي.
ولقد سكت الشيخ البنا عن هذا الحادث وتجاهله وللشيخ ان يتجاهله كما يحلو له ولكن بالنسبة لنا ستبقى هذه الحقيقة الصارخة وهي ان اتباع الشيخ البنا قد قتلوا مؤمنا مسلماً لم يعتد عليهم ولم يؤذهم باسم الدين والله اكبر والحمد لله وانه لا يمكن ان يوجد مسلم واحد يؤمن بالله واليوم الاخر يرضى عن هذا الوضع فضلاً عن ان يقره ويسكت عليه.
ثم كان حادث اليمن وما احاط به من ملابسات وموقف الشيخ البنا واتباعه من هذا الحادث وما اظهره من ابتهاج بهذا الانقلاب الجديد ويستطيع الشيخ ان يتهم كل انسان بالتجني عليه ولكن ستبقى الحقيقة الصارخة المادية وهي ان عبدالحكيم عابدين الان في صنعاء لا يستطيع مبارحتها.
تحت رحمة الامام الجديد وان كان هناك امل لعبدالحكيم عابدين ان ينجو من الموت الامل لا يرجع لشيء الا لمصريته فسوف يخدم الامام هذه المصرية ويبقي على حياته.
فمن العبث القول اننا نتجنى على الشيخ البنا عندما نصل بين اتباعه وبين قتلة الامام فلسنا نحن الذين ارسلنا عبدالحكيم عابدين الى اليمن ولسنا نحن الذين نبقيه هناك.
ثم كان حادث مقتل الخازندار بك ولسنا نحن الذين قتلنا الخاز ندار بك ولسنا نحن الذين اذعنا ان قتلته من اتباع الشيخ ويستطيع الشيخ ان يعتبرنا نتجنى عليه ما شاء له ان يعتبر ولكن الحقائق المادية تقول ان النيابة ولسنا نحن هي التي رأت ان تستدعيه للادلاء بشهادته، والصحف التي كانت تشد ازره وليست الصحف التي تنتقده هي التي ربطت بين جماعته وبين هذه الجريمة.
فنحن لم نخلق هذه الحوادث ولم نخترعها ولم ندخل الى الشيخ في خصوصياته ولم ندخل داره في داخل حزبه، لم نقل انه اختلس هذا او ذاك او انه سرق ونهب ولكننا هاجمنا روحاً عامة لا نستطيع الا ان نهاجمها وسنظل نهاجمها ما شعرنا انها لا تزال قائمة.
هاجمنا وسوف نهاجم ان يتصور اتباع الشيخ البنا انهم هم المسلمون حقا وصدقاً والا مسلمين الا في صفوفهم وان من ليس منهم فليس من الاسلام في شيء مثل هذا الوهم حاربناه وسنحاربه وسنحاربه بشدة وبعنف ونحن على استعداد ان نسحق كل من تحدثه نفسه ان يتبجح به وان يدعيه.
لقد تمت نعمة الاسلام وكملت رسالة الرسول منذ حجة الوداع ولقد دخلت مصر في دين الاسلام منذ ثلاثة عشر قرناً، ومنذ ذلك التاريخ لم ترتد مصر الى الشرك او الوثنية وفي مصر الجامع الازهر وفي مصر ألوف المساجد يؤمها ملايين المصلين والمصريون قد ساسوا اسرهم على اساس الدين، والمصريون في سرهم مثل ما في علانيتهم هم انقى مسلمين في هذه الدنيا في مجموعهم واصفاهم نفساً وروحاً فلسنا على استعداد ان نرضى ان يجتمع بعض شبان وعوام فيؤلفوا حزباً من الاحزاب التي ترمي للوصول الي الحكم ثم ينكرون الاسلام ويجعلونه وقفاً على انفسهم ويعتبرون بقية الامة غير مسلمة الا ان تنضم الى حزبهم وتساعدهم على تحقيق مآربهم في الوصول الى الحكم، مثل هذا القول لا نرضاه ونقولها بالخط العريض ونقولها باعلى صوتنا، ولا نقف عند حد رفضها بل نقاوم كل من يزعمها وكلما اشتد ترديد دعوته زدنا شدة في المقاومة، نفعل هذا بضمائر مطمئنة وبايمان عميق اننا نخلص لربنا وللاسلام الكريم »ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء« ولقد عرضنا هذا على الشيخ البنا فقال انه يقره ويؤكده ويعمل عليه، فقلنا له واذن فقد بقي عليك ان تعلمه لاتباعك حتى لا يداخلهم الغرور والكبرياء الذي يحملهم على الانحراف والظن بانهم هم المسلمون ومن عداهم فليسوا مسلمين.
وقلنا للشيخ ويجب ان يعرف اتباعك ان قتل مصري لمصري اخر هو اعظم الجرائم التي يمكن ان يرتكبها مسلم وان جهنم مأواه الى ابد الابدين، يجب ان يفهم اتباعك ان الجنة ليست من نصيب من يترك اعداء الله من الصهيونيين والانكليز ثم يزعم ان قتل مصري اخر لاي سبب من الاسباب هو عمل يتقرب به الى الله ولقد اسرع الشيخ عند هذا الحد فاعلن موافقته على ذلك وكل الموافقة فقلنا له اذن بقي عليك ان تنشره وان تغرسه في نفوس اتباعك بكل الوسائل الممكنة يجب ان نكتبه وان تخطب به، وان تبعد عن صفوفك كل من تشعر فيه نزقاً وانحرافا قد يؤدي به الى ارتكاب امثال هذه الجرائم.
اما نحن من ناحيتنا فلن نعتدي ابداً لان الله لا يحب المعتدين اما نحن من ناحيتنا فلسنا نحمل حقداًلمصري واحد ولا يمكن ان نفكر في الاساءة الى مصري واحد، ان احد مبادئنا هو احب اخاك المصري دائماً وكن مستعداً في كل وقت لنسيان اساءته لك واذكر دائماً ان المنازعات والخلافات الشخصية هي مصدر كل ما نعانيه من شرور وويلات.
فنحن لا يمكن ان نعتدي على مصري لاي سبب كان وحربنا بالليل والنهار ضد اعداء البلاد الحقيقيين الذين نعتبرهم المسؤولين عن كل ما نحن فيه، نحن نحارب الصهيونية ونحارب الانكليز ونحارب المستعمرين من كل شكل ولون ولا نجاح لحربنا لهذه العناصر التي تؤلب علينا الا بالاتحاد ولا سبيل للاتحاد الا اذا كف المصريون عن التنابذ والخلافات هذا هو ديننا »ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم«.
ومسألة ثانية بينتها للشيخ في وضوح واعيد سردها هنا ليطالعها العامة ولابرئ ذمتي انني وضحت طريقي ومنهاجي اننا نؤمن بالحرية وبحرية كل مواطن في ان ينكر كما يشاء ويدين بما يشاء لا اكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي فلسنا على استعداد ان نعيش في ظل ارهاب معين او اكراه على اي شكل من الاشكال، لسنا على استعداد ان نرضى بديكتاتورية زيد او عبيد من الناس، لسنا على استعداد ان نعيش الا احراراً كما تمليه علينا ضمائرنا واذا كان عمر بن الخطاب يضرب ابن عمرو بن العاص وهو من هو لاعتدائه على ابن قبطي ويقول له كلمته المشهورة »متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً« فنحن لا نقبل شيئاً بديلاً عن حريتنا وهذا مبدؤنا يقول: »احرص على الحرية اكثر من حرصك على الحياة لانها آية الكرامة الانسانية ولا معنى للحياة بغير حرية«.
فالحرص على الحرية عندنا اغلى من الحياة نفسها فلن نسمح بنمو قوة مسلحة يكون من شأنها في يوم من الايام ان تسيطر على الشعب بقوة السلاح لتحقيق اغراضها الخاصة، اقول لن نسمح وفي عروقنا نقطة دم لحزب من الاحزاب ولو باسم الدين - ان يستكثر من السلاح وان يرهب بهذا السلاح بقية المصريين مهما كان دينهم او عقائدهم او افكارهم.
هذه هي القواعد التي نحارب على اساسها ونوقف الحرب على اساسها كذلك وقد اعترف الشيخ البنا امام صالح باشا حرب ان كل هذا الذي اقوله وادعو اليه هو عين ما يؤمن به ويدعو اليه فلم يبق الا ان تطابق الاعمال الاقوال، وليس امامنا الا ان ننتظر طلائع الاعمال الصالحة والتوجيهات السليمة والسديدة وان تزول موجة الارهاب التي غمرت صفوف اتباع الشيخ ونحن اولا واخيراً في انتظار ما يفعله الشيخ بالنسبة لهذا الدم المطلوب في كوم النور هذا هو السبيل الذي لا سبيل غيره لكسب مودتنا وايقاف حملاتنا، اعلناه على الملأ ليكونوا شهداء علينا وليعرفوا اننا لا نعادي ولا نصادق الا في الله ولله اولاً واخيراً وان الاعتبارات الشخصية لا دخل لها في كل ما نقول او نفعل.
والله يوفقنا لما فيه الخير والرشاد ويهدينا جميعاً سواء السبيل ويقينا الزلل والغرور والكبرياء، ويحاسبنا بمقدار ما تنطوي عليه نفوسنا من خير أو شر، من صدق او كذب.
التوقيع : أحمد حسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..