الاثنين، 29 يوليو 2013

هل ينتهي ربيع الثورات بخريف علماني؟

نعم لم يكن الهدف- المبدئي- من ثورات الربيع العربي هو تحويل بلدان هذا الربيع إلى بلدان خلافة، أو دُول إسلامية بالمعنى الراديكالي، إنما جاءت هذه الثورات دون ترتيب أو حسبان من أحد. فقط قامت ضد
طغيان حكام هذه البلدان، وما حولهم من أجهزة قمعية استبدادية، جعلت شغلها الشاغل الحفاظ على النظام، وإن أدى هذا إلى قهر شعب بأكمله، والإتيان على مقدراته وثرواته وقيمه بل ودينه.

فالثورات العربية كانت ثورات شعبية، ضد الظلم، واستبداد الحكم، ولأسباب تتعلق بطبيعة البلدان الإسلامية والمشهد الدولي لم تعلن كثير من الحركات الإسلامية عن توجهاتها الدينية ونياتها من المشاركة في هذه الثورات، حيث شاركت تيارات الإسلام السياسي بنصيب كبير في إنجاح هذه الثورات، ولولا ذلك لما نجحت، ولظلت أنظمة الفساد جاثمة على صدر شعوبنا لأزمنة عديدة.

وعندما نجحت الثورات العربية بدأت حالة من الصفاء الثوري، وسارت معظم الشعوب خلف فطرتها، ما أدى إلى حصول التيارات الإسلامية على غالبية كاسحة في غالب الاستحقاقات الانتخابية التي خاضتها، وفي مصر تحديدا وصل أول رئيس إسلامي إلى سدة الحكم في بلدان الربيع العربي، ولهذا اشتدت حالة الصراع العلماني/الإسلامي، وزادت ضراوتها، إلى أن جاء العسكر بالاتفاق مع المعارضة العلمانية وأزاحوا أول رئيس مصر مدني منتخب بشكل حر من قبل الشعب المصري.

بعد أزاحة الرئيس المصري كشَّر التيار العلماني (علمانيون وليبراليون ونصارى) عن أنيابه، وأعلن عدائه الصريح لكثير من المعتقدات والمظاهر الإسلامية، وصار العنف في الشارع لا يتوجه إلا للمؤيدين لشرعية الرئيس المعزول، أو من تبدو عليه مظاهر الالتزام، كاللحية للرجال أو النقاب بالنسبة للنساء، حتى وصل الأمر إلى التعدي على مساجد الله، ورواد هذه المساجد، بل زاد الأمر فوصل إلى منع الصلاة في عدد من المساجد وإغلاقها في وجه روادها.

خلاصة الأمر، إن الصراع في مصر وفي غيرها من البلدان الإسلامية، صراع بين الإسلام من جانب وبين العلمانية ودعاتها من جانب آخر، فهو صراع على الهوية، وعلى مستقبل هذه البلدان، ومستقبل الإسلام فيها، وهو صراع مرتبط بشكل كبير بالصراع الغربي ضد الإسلام، والسؤال الآن، هل ينتهي الربيع المصري بخريف علماني كما يخطط له العلمانيون والعسكر؟

يؤكد هذه الرؤية- رؤية الصراع (الإسلامي/العلماني)- انتشار تسجيل مرئي عبر الكثير من المواقع، تمت إذاعته على قناة (أون تي في) التابعة لرجل الأعمال النصراني نجيب ساويرس، قد حوى هذا التسجيل جانبًا من اجتماع الانقلابيين، وهم يتآمرون على الهوية الإسلامية للبلاد، ويؤكدون على أن مصر بلد علماني، ففي هذه الفضيحة لم ينتبه المتآمرون إلى أن حديثهم يبث على الهواء مباشرة إلا بعد تنبيههم من قبل طاقم القناة.

وقد ظهر في هذا الفيديو الكاتب الصحفي العلماني "حلمي النمنم" وهو يقول أنه مُصرٌ على عمل دستور جديد لمصر، وأنه قد آن الأوان أن يخرج تيار الإسلام السياسي من اللعبة، وأضاف "النمنم" أن حزب النور أخطر من الإخوان، واصفًا حزب النور بالزوجة التي تهدد زوجا بالزنا إن رفض إعطائها ما تريد من الأموال، في إشارة منه إلى وجوب إزاحة حزب النور.

وعن مقولة: "مصر دولة متدينة بالفطرة" أشار النمنم إلى أنها أكذوبة خدع بها العلمانيون الشعب المصري، والحقيقة أن "مصر دولة علمانية بالفطرة" على حد كلامه.

وتابع "النمنم" كلامه بالتحريض على سفك مزيد من الدماء، حيث قال أنه لا ديمقراطية وتقدم بالمجتمع للأمام بغير سفك للدماء، في إشارة منه إلى دماء المعارضين للعلمانية من أبناء التيار الإسلامي، وهو ما رأيناه في الأيام السابقة ونراه يوميا في ميادين مصر وساحاتها.

من جانبها لامت تهاني الجبالي- المحامية التي عينها مبارك في المحكمة الدستورية لعلاقتها بسوزان زوجته- جبهة الإنقاذ على قبولها بالتعديلات على دستور 2012م إرضاءً لحزب النور، وأكدت على كلام "النمنم" الذي يطالب فيه بعمل دستور جديد لمصر مشبع بقيم العلمانية.

فالملاحظ من هذا التسجيل أن العلمانيين المصريين يسعون إلى تحويل وجهة الثوارات العربية، والثورة المصرية على وجه الخصوص من الوجهة الإسلامية إلى الوجهة العلمانية، مستعينين في ذلك بقوة العسكر، ودجل الإعلام، وخداع الساسة، فهل ينجح سعى هؤلاء أم أن للمصريين، وللشعوب الإسلامية كلمة أخرى؟
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

الجماعة الإسلامية:هناك مؤامرة لعلمنة مصر وطمس هويتها الإسلامية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..