الأحد، 21 يوليو 2013

الداخل الإيراني .. بركان ثائر يطفئه إشعال الحروب الخارجية

  يصعب على كل المتابعين للشأن الإيراني الإدراك بصورة يقينية بحقيقة مدى حاجة كل من النظام السياسي لإيران
والفكرة الشيعية للآخر , فبين دراسات ترجح أن الفكرة الشيعية تستمد بقاءها وانتشارها في العالم من الدعم الإيراني الفكري والسياسي والمالي وبين دراسات أخرى تؤكد أن الفكرة الشيعية هي الأساس الذي يحمي المجتمع الإيراني كله من التفكك والهلاك والانهيار ومن ثم الاندثار.

ولعل التصور الأول مفهوم ومدروس ومعلن كثيرا إذ لا يجهله الكثيرون وفق كافة البيانات والإحصاءات التي تؤكد أن النظام الإيراني ينفق ما يقارب خمس إيرادات البترول لنشر التشيع في العالم [1] .

ولكن التصور الثاني هو ما لا يتناول كثيرا في كتاباتنا –كإسلاميين – حينما نبدأ في تسليط الضوء على الواقع الفعلي في الداخل الإيراني لنجد أن هذه الدولة تموج بمشكلات داخلية شديدة تكفي لإسقاطها بل وتفتتيتها وتفتيت دول أخرى أضعاف قوتها , ولكنها لا تزال – حتى الآن – متماسكة ظاهريا لاعتمادها على الفكرة الشيعية والشعور بالتحفيز الدائم المعركة ولسلطة الملالي عليها وإرغامهم للشعب على الخنوع والسكون وتخديرهم بالأوهام مهما طال تألمهم.

ولعل المنهج الأمريكي والصهيوني في البقاء هو نفس المنهج الذي تتبعه إيران لضمان بقائها وتماسكها , فمنهج الإدارة بالتخويف , ومهم منهج إدارة الداخل بالمعارك الخارجية وإثارة الشعور الشعبي الدائم بالاستنفار هو المنهج الذي تتبعه الدول التي تغلي ببراكين الاختلافات بين أبنائها , فلا يجد الساسة عند احتدام المشاكل الداخلية والشعور بان المجتمع على حافة الانفجار على نفسه إلا أن يوجهوا طاقات المجتمع المادية والذهنية لعدو خارجي – حقيقي أو حتى مبتكر مختلق – ليعود المجتمع إلى تماسكه تحت هذا الضغط وفق المنطق الذي لخضه جمال عبد الناصر في إدارته لمصر أيضا إبان حكمه " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ".

الداخل الإيراني ظاهره التماسك وباطنه الغليان

ومن الآفات والمشكلات التي يعاني منها الداخل الإيراني والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- مشكلات سياسية : مشكلة العنصرية ضد الأقليات

أ – العنصرية ضد المسلمين السنة

ملف العنصرية ضد المسلمين السنة داخل إيران ملف طويل يحوي الكثير من التفاصيل المؤلمة , فالمسامون السنة أقلية مسلمة في بلد تدعي أنها مسلمة وعلى الرغم من ذلك لا يسمح لهم إطلاقا بالشعور بأنهم جزء من إيران بل يصدر لهم دوما أنهم نتوءات زائدة غير مرغوبة ينبغي استئصالها , فالسني في إيران لا يستطيع أن يشغل وظيفة عامة إذ بحكم دستورهم الطائفي في فقرته الخامسة من المادة 115 التي تنص على أن " الاعتقاد بالمذهب الاثنى عشري الجعفري شرط لتولى المناصب " , فأغلق الباب أمامهم في تولي أي منصب داخل الدولة الإيرانية , كما تجري لهم بين الفينة والأخرى اعتقالات ومداهمات وتصدر فيها أحكام بالإعدام دون وضوح جريمة ودون فرصة للدفاع ودون إمكانية استئناف كما هو متبع في كل بلاد الدنيا ويتم التنفيذ سريعا وعلنيا , كما يحرم المسلمون السنة من أداء شعائرهم ولا يسمح لهم بتجمعات ولا جمعيات ولا مساجد , هذا ويلقى عرب الأحواز كل هذا العنت مع زادة فيه وهي الاستيلاء الدائم على ممتلكاتهم وأموالهم وتسليمها للشيعة لتغير الواقع الديموجرافي العربي السني.

ب- العنصرية ضد البلوش

على الرغم من أن البلوش كعنصر من المكونات الأساسية في المجتمع الإيراني إلا أنهم يتعرضون إلى حالات شديدة من القمع – كغيرهم من الأقليات مثل الأكراد وغيرهم – فلا يسمح لهم بحرية الحصول والامتلاك بل والانتفاع بكثير من المرافق الأساسية كالأراضي والسكن والمياه والصرف الصحي وفي كثير من الأحيان يتعرضون لمصادرة الممتلكات والحرمان من الخدمات العامة كما يحرمون من الحق في العمل في القطاع العام وشبه العام وفق نفس المادة الدستورية السابقة .

وبهذا فمن الناحية العرقية والسياسية يموج المجتمع بالفروقات الضخمة بين مكوناته والتي تنذر دوما بقيام انتفاضات لنيل حقوق الأقليات وخاصة أن الحكومة الإيرانية العنصرية تتعامل دوما مع المطالبات بالحقوق بنوع شديد من القمع الذي لا ينتهي إلا بإعدامات بالجملة.

2- مشكلات اقتصادية .. الفقر والتضخم

فعلى الرغم من أن إيران دولة نفطية وهي من أوائل المصدرين , فهي بحسب بيانات منظمة أوبك في اقرب إحصاء لها أن متوسط إنتاج إيران من الوقود السائل بلغ 4ر3 مليون برميل يوميا في مارس وابريل الماضيين , وهو مبلغ يومي ثابت يكفي لإنعاش أية دولة والقضاء على أي ملمح للفقر فيها , إلا أنها ووفق إحصاءات رسمية إيرانية[2] التي أكدت أن  47 مليون إيراني يقعون بالفعل تحت خط الفقر , والتي أشارت أيضا باعتراف صارخ أن أعداد الفقراء في إيران في ازدياد مستمر , وتأتي هذه الرواتب المتدنية التي يمكن أن ينال فيها المعلمون مبلغا أقل من ثلاثمائة دولار شهريا بينما تتضاعف الأسعار بشدة لتؤثر على قطاعات كبيرة من الفقراء والموظفين من ذوي الدخول الأدنى.

وتسبب الفقر المتفشي في الداخل الإيراني في قطاعات مختلفة , فعلى قطاعات الطلبة ذكر باحث اقتصادي إيراني[3]  : بأن " أكثر من7 ملايين طالب مدرسي(37% من الطلاب) تركوا صفوفهم في السنوات الأخيرة وهذا هو دليل على حالة الفقر الموجودة ودليل على أن الفواصل الطبقية الحاصلة حدث غير بسيط" .

وفي  قطاع بالعمال يؤكد فرامرز توفيقي عضو لجنة العمال الإيرانيين : " إن خط الفقر في إيران مليون و300 ألف تومان في العام فيما يتقاضى العمال ما يعادل 400 ألف تومان " , وأضاف: " انه بالاستناد إلى قيمة خط الفقر فإن جميع العمال في إيران باتوا في خط الفقر!! " [4]

فماذا جلبت الثورة الإيرانية والسعي نحو نشر الفكرة الشيعية على الشعب الإيراني إلا المزيد من الفقر والجهل والتخلف الذي سيحصده الإيرانيون بعد فترة وجيزة نتيجة لهذه الأفعال ؟.

3- مشكلات اجتماعية .. السعار الجنسي  

على الرغم من ان إيران تعلن أنها دولة إسلامية وأنها تظهر للعالم – خصوصا الإسلامي – للمظهر الإسلامي في مظاهرها , وعلى الرغم من كونها تبيح لأبنائها المنتسبين للشيعة إقامة العلاقات غير المشروعة " الزنا " بأسماء خادعة براقة وشرعية وفق دينهم الخبيث ومسماة ب" زواج المتعة " إلا أنها تعاني معاناة شديدة في ارتفاع مستويات الانحرافات اللا أخلاقية بوجود سعار جنسي شديد فيها.

فأوردت صحيفة الفورين بوليسي تقريرا عن إيران حمل عنوان : " الجمهورية المثيرة" والتي ذكرت فيه عدة إحصاءات إن إيران في مخاض " ثورة جنسية غير مسبوقة ".

فأشار التقرير إلى عدة إحصاءات ذات دلالات خطيرة مثل تراجع معدل المواليد، انتشار وسائل منع الحمل وطرق أخرى لتنظيم الأسرة، تدهور الدور التقليدي للعائلة الانخفاض الشديد في معدلات الخصوبة , ارتفاع متوسط سن الزواج من 20 إلى 28 عاما بين الرجال ، ومن 24 إلى 30 بين النساء , وكذلك في الوقت نفسه ارتفع معدل الطلاق , وهي الظواهر التي تنتج دوما من الانفلات الجنسي بين أفراد أي مجتمع.

وذكرت الصحيفة دراسة لوزارة الشباب الإيرانية في 2008 ، والتي ذكرت أن أغلبية الشباب الإيراني أقام علاقة جنسية واحدة على الأقل قبل الزواج، وأن حوالي 13% من العلاقات غير الشرعية تسببت في حمل غير مرغوب وعمليات إجهاض , فيما ذكرت عدة إحصائيات أخرى  وجود 85 ألف عاهرة بطهران وحدها , وأن الدعارة علنية.

وليس أدل على هذا الانفلات القرار الحكومي الإيراني الذي قضى بالعمل الحكومي على نشر بيوت للزنا وللدعارة المقننة من الدولة تحت شعار " بيوت العفاف " , وسميت ببيوت الزواج المؤقت وهو المرادف لاسم زواج المتعة وذلك ليوم واحد , وتقام في الشوارع والأحياء بحجة – كما زعموا - القضاء على مشكلة الاغتصاب المنتشرة بكثرة بإيران , بل وطالب أحد نوابهم وهو النائب علي مطهري بتطبيق هذا المشروع بشكل واسع النطاق حتى في المدارس الثانوية والجامعات.

هذا قليل من كثير لرصد المجتمع مشكلات المجتمع الإيراني المفكك سياسيا وعرقيا المهدم اقتصاديا والمضطرب اجتماعيا , والذي لا يستطيع البقاء إلا بإشغال هذا الشعب دوما بالخيالات والخرافات وسيطرة الملالي باسم الدين واعتبار مرشدهم الأعلى نائبا عن إمامهم الغائب المزعوم حتى يمكنه أحكام القبضة على الإيرانيين ويمنعهم من التفلت , وليس أدل على هذا من قيام المخابرات الإيرانية – وهي المنظمة التي يفترض بها أن تتعامل مع الواقع والأرقام والإحصاءات تعامل شعبها كطفل ساذج إذ تعرض عليه صورة لرجل معمم قالت أنه المهدي.

ولهذا أيضا نفهم أن الدولة الإيرانية الشيعية على مدى عمرها منذ نشأتها في عام 1979 لم تتوقف عن الحرب أو التهديد به وخصوصها مع جيرانها , فخاضت حربا مع العراق ثم شاركت في حروب الخليج كمعينة للأمريكان وللغرب ثم خاضت معركة في سوريا لا تزال تدور رحاها لليوم , ولن تكف عن الحروب مطلقا لأنها تعلم أن اليوم الأول الذي يمر على إيران دون حرب ودون التهديد به سيكون اليوم الأول في تفككها وانفراط عقدها.

ويجب أن نعي أن تعطشهم للحرب الدائم ليس شجاعة ولا رغبة في التوسع فحسب بل يظل دوما هدفا يُخاطب به الداخل قبل الخارج , وهو تحقيق لوصية كبيرهم الهالك الخميني الذي احتلت صورته غلاف مجلة بريطانية , وتحت عنوان هذه وصيتي قال الخميني : " عندما تنتهي الحرب مع العراق علينا ان نبدأ حربا أخرى , أحلم أن يرفرف علمنا فوق عمان والرياض ودمشق والقاهرة والكويت " [5] .



[1]  بمثله قال الشيخ أبو اسحق الحويني حفظه الله  " "ما آلمني أنه ليس لأهل السنة دولة تقف خلفهم، وتنفق من أجل نشر السنة، كما يفعل الشيعة، فإنهم ينفقون 1/5 إيراد البترول من أجل نشر التشيع ".
[2] في إحصائية للبنك المركزي الإيراني ونشرتها على موقعها جريدة الوطن الدولية في عددها بتاريخ 17-صفر-1431هـ / 1-فبراير-2010م
[3]  هو الدكتور فرشاد مؤمني، الباحث الاقتصادي في "جامعة العلامة الطباطبائي" ونشر في تقرير للمركز الإعلامي للجبهة الديمقراطية للشعب العربي في الأحواز
[4] صحيفة " المدينة "  السعودية في 2012-04-21 -- 29/5/1433
[5] مجلة الدستور اللندنية عدد 297، أغسطس





يحيي البوليني

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..