الأحد، 25 أغسطس 2013

قصة يوم وحكاية 100 عام‏

لا شيء أقسى على قلبي سِوى تفاصيل ذاك اليوم المرعب  :(
أغمض عيناي فترى تقلبات سياره وَ تناثر أجساد وسط الطريق ،أنصت لِـ أذناي فتسمع صراخ أم وَ بكاء
أطفالها ، أضع يدي على قلبي فأجده ينزف فقد الراحلين ،
عندما خرجت من تحت السيارة زاحفة ، أبحث عن م يستر وجهي وشعري وَ أُلملم بقايا عباءتي ع جسدي ، أبحث عن أمي وَ اخوتي ، أصرخ بلا صوت ( ماامااا)+
كنت ع يقين بِ أنها تسمع صوتي المكتوم بالبكاء ، أتت من خلفي ضمتني لِ صدرها هدأت من روعي ذكرتني بالله ، أعطتني م يستر وجهي وشعري ، أخذت بيدي+
وضعتني جانب الطريق قريب من السيارة، حيث آرى أخي محمد وكنت أظنه يلفظ أنفاسه الآخيره كنت أصرخ بصوت مسموع للجميع (لقّنوه الشهادة)أعدتها كثيرا+
أمسكت كتفي ويداي ذكرتني بالله أخذت وجهي وضمته لِ حضنها ، كنت أبكي بحرقه وَ أردد( مؤمنة بقضاء الله بس تكفين خليهم يلقنونه الشهادة )إرضاء لي+
ذهبت لهم وَ أخبرتهم م قلت لها ، ثم عادت لي وَ أنا أجمع بقايا اخوتي وَ أضمهم لصدري وَ أبكي لهم وَ معهم ، أخبرتها بأني آرى أخي عبدالله بعيدا+
قلت لها ( شوفي عبدالله هناك روحي شوفيه يرفس لا يموت :( ) ذهبت تركض له وتنادي الرجال المتفرجين ليأخذوه ويسعفوه وَ عادت لي بعد مَ أصغوا لها +
تلك المرأة لم تكن أمي :( بل أم لِ أطفال آخرين :( قلت بصوت راجي وَ متأمل ( عجزت أشوف أمي دوريها لا تصير تحت السياره وتشب فيها :( ) +
وَ لكن لم تفعل :( قالت لي ( أركبي السيارة هذي مع أخوانك هم محتاجينك الحين بيودونكم المستشفى وَ أمك هناك أنا شايفتها ) وذهبت وَ كنت أظن +
كنت أظن أني سَ آرى أمي ثانية :( لم أكن أعلم أن رؤيتي لها بعد هذا مستحيلة :( وصلت للمستشفى وبين يدي أطفال أمي يبكون بهلع وَ عدم تصديق :( +
بعدها فرقونا أخذوا عبدالله ورائد بعيداً ، ونواف لوحده وكنت مع حسان بسبب بكائه الشديد ، جاء لي رجلان طرحوا علي أسئلة لا أتذكر منها شيء ! +
لا أتذكر سِوى ( طيب تتذكرين أرقام خوالك ولا عمانك ، اي أحد يقرب لك ؟ ) قلت بلهفه ( اي أتذكر ) مد لي جوال عمي رحمه الله الذي رأيته بعيد جدا+
رأيته بعيد جداً جداً عن السيارة :( ضغطت الأرقام بلهفه وَ لكن وقفت في المنتصف لم أتذكر بقية الرقم حاولت جاهده حتى استطعت تذكره فَبقيت أترقب+
عندما سمعت صوت خالي يرد علي ب ( سم أبو عبدالرحمن ) وَ كأني غريق وجد طوق النجاة أخيراً ، قلت ( خالي خالي خالي ...) فلم أستطيع الإكمال ! +
بكيت بحرقة وَ ألم وَ ضياع ، بكيت فقدي وَ عجزي ، بكيت قلة حيلتي وَ ضعفي ، بكيت وَ كأني لم أبكِ من قبل ، قال ( منال وشفيك وش صاير تكلمي ) +
قلت بصوت بالكاد يُسمع ( خالي جانا حادث وأحنا بضريه تكفى تعال خذنا أنا لحالي هنا خايفه خالي خايفه ) حاول تهدأتي وَ وعدني بقدومه حالاً +
طلب مني الرجل أن أملي عليه الرقم لِ يكلم خالي وَيخبره التفاصيل ، جمعوني بِ نواف وحسان وَ من ثم آتوا برائد معنا وَ أجهل حينها مَ جرى للبقيه+
حاولت سؤال الممرضات عن أمي وعمي ومحمد وعبدالله وَ لم يكن الجواب سوى أن أمي وعمي والخادمه واخوتي ذهبوا للمستشفى الكبير لسوء حالتهم ! +
حلّ الظلام ، أتت أم مدير المستشفى وَ بصحبتها نسوة لا أعلم مَ صلتهم بها ، وَ إبنها ورجال آخرون ، ضمتني لصدرها كانت تعلم أن أمي رحلت +
وَ عمي برفقتها :( آه مَ أقسى الرحيل وَ مَ أقسى الذكرى وَ التفاصيل :( قرأت علي آيات من القرآن ناولتني تمرات وَ فنجال قهوة ، أسقتني ( عصفر) +
رأيت الرجال يمسحون رؤوس إخوتي فَ علمت أن عمي فارق الحياة ، لم أجرؤ ع السؤال كنت أخبء بصدري أمل مزعوم :( همست لتلك المرأة الكبيرة ( خاله ..+
( خاله احنا أي وقت ؟ ) أجابتني ( المغرب يابنيتي ) نزلت دمعة يأس وقت الحادث كان الظهر أين خالي :( قلت لها ( م صليت أبي أصلي الظهر والعصر +
والمغرب ) أشارت لي مكان دورات المياه وَ القبله وفرشت سجادة وَ وضعت كرسي لِ أجلس عليه ، شكرتها بإمتنان ، وقضيت م علي ، وَ كأنها الجنة حين +
حين رأيت خالي عبدالكريم وخالي علي يدخلون علينا ، آه لو كنت بعافيتي ذاك الوقت لسجدت شكر ع تلك الفرحه التي أصابتني حين رأيتهم ، ضممتهم وبكيت+
بكيت وَ بكيت وَ بكيت حتى تعبت رأيتهم يضمون إخوتي ويمسحون رؤوسهم فزاد بكائي وَ أيقنت أن أباهم وَ عمي قد رحل الحياة وَ ترك أطفاله وحدهم +
تركهم لِ ظلام الدنيا تركهم يقاسون الحياة ، تركهم وَ لم يعد :( أخذ خالي بيدي ركبنا السيارة متجهين لبيت جدتي البعيد جدداً ، حاولوا يشرحون لي+
حال محمد وعبدالله ، كنت أود سؤالهم عن أمي وَ لكن خوفي يمنعني ، أخبروني أن عمي والخادمة رحلوا عن هذه الحياة رحلوا إلى الجنة بإذن ربنا رحلوا+
رحلوا بلا عودة ، كان خالي عبدالكريم يتواصل مع أبناء عمي ، وخالي علي يستقبل مكالمات خالاتي وخوالي وَ جدتي ، وقفنا في منتصف الطريق ذهب خالي +
ذهب خالي عبدالكريم مع أبناء عمي وَ ذهبنا نحن إلى مدينتنا سألت خالي أين هم ؟ أجابني ( مستشفى الرس أقرب واحد لمكان الحادث ) كنت أبكي بلا صوت+
وصلنا أخيراً ، كان باستقبالنا خالي الكبير عبدالرحمن أخذ إخوتي بأحضانه وابنه يساعده ، مشيت أتعثر بخطواتي ، كان الجو بارد جداً وعباءتي ممزقه+
كان جدتي تجلس بلا حيل لها ولا قوه تبكي حرقه تبكي عجز تبكي ابنتها وأبناءها وزوجها :( لم أجد نفسي الا مستلقيه راميه برأسي لصدرها متناسية آلم+
آلم قلبها ، كانت تمسح برأسي وتبكي معي ، كانوا خالاتي يضمون اخواني ويطعمونهم ويبكون معهم ، كان الجميع يبكي علينا إلا أنا أبكي أمي وعمي أبكي+
أبكي محمد وعبدالله ، أبكي ضياعي وعجزي وَ آلم قلبي وقدمي ، أبكي تيتم إخوتي الصغار أبكي وحدتي ، أبكي ضعف جدتي وَ آلمها ، أبكي خوف وذكرى :( +
هيئوا لنا غرفة دافئة ، فرشوا لنا بجانب بعضنا ، كان رائد يبكي آلم رأسه وَ فكه ، وَ نواف يبكي بعده عن أمي وَ خوفه ، وَ حسان يبكي ضياع وآلم +
كنت أحاول منع نفسي من البكاء ، أضمهم وَ أعدهم برجوع أمي :( ، حيث أن التعب أخذ منا مَ أخذ ما إن وضعنا رؤوسنا حتى ذهبنا في نوم عميق ، وَ لم +
ذاك النوم إذ بدأت كوابيس تقلبات السيارة وصراخ أمي ، استيقظت فزعه وَ بقيت بلا حراك ، كان الجميع يغط بنوم عميق ، جاءزالفجر ، تظاهرت بالنوم +
جاء خالي عبدالكريم لجدتي حيث كانت جالسه فوق سريرها وخالاتي حولها جلس بجانبها ، وَ أطلق الصاعقة ، الخبر الذي كنت أنتظره من الأمس ، السؤال +
الذي كنت أخاف أن أسألهم إياه ، نهاية الحياة بنظري ، توقف الزمن ، أخيراً أخبرها بوفاة إبنتها ، رحيل أمنا ، وداع جنتي ، فراق أختهم أبدياً ، +
توقف السمع عندي بعد قوله ( بيصلون عليها اليوم الظهر ) آه وَ آه ، رحلت أمي وَ أختي وَ صديقتي وَ جنتي وَ كل مالدي بهذه الحياة ،رحلت بلا عودة+
من كنت أظنها باقي لي رحلت ، من كنت أظنها لن ترحل قبلي رحلت ، من كنت أظنها حياتي الباقية رحلت ، من أغنتني عن فقد أبي رحلت ، من ضمتني بين +
بين ذراعيها رحلت ، من عوضتني فقدي وَ طفولتي وَ مراهقتي وَ شبابي رحلت ، من كنت أظن أن لا غيرها سَ يزفني لِ قبري غيرها رحلت ، من كنت آراها +
من كنت آراها الحياة رحلت ! رحلت تاركة خلفها أولاد وَ حوريّة ، رحلت وليس رحيلها هيّن وَ لو بعد ألف عام ! أمي وَ جنتي سَ نلتقي في الجنة :(
فقدت أبي ، فقدت خالي ، فقدت عمي ، فقدت ابنة عمتي ، فقدت جدي ، فقدت الكثير ، وَ لكن ليس لفقد الأم مثيل :(
وهَأنا اليوم أطلقت العنان لقلمي أخيراً ليخط مأسأة يوم ٢٦ / ٢ / ١٤٣٣ه ، وَ ليشبع فضول الكثير لمعرفة قصتي كما يقولون ، قصة يوم وحكايه ١٠٠ عام .
-------------------
اللهم اغفر لهم وارحمهم ، اللهم اجمعهم بأبنائهم في أعالي جناتك .
اللهم اشف مريضهم ، واجعل ما أصابهم تكفيراً لذنوبهم ورفعة في درجاتهم
@dreeam14

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..