الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

التدين الإعلامي

التعليقات على قرار رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال إعفاء مدير قناة الرسالة طارق السويدان، وأقصد هنا تعليقات عامة الناس، تعطي مؤشرات اجتماعية فكرية على انقسام الناس حول الإخوان المسلمين، هكذا «الإخوان المسلمين» مجردة من كلمات حزب أو حركة أو جماعة، فرغم أن أغلب التعليقات جاءت مؤيدة للقرار، وهذا متوقع، لكن التعليقات الممتعضة ترتكز على انطباعاتها عن الجماعة، الانطباع العفوي البسيط أنهم «مطاوعة». هكذا هي الصورة، وهذه الصورة هي إحدى مشكلات محاربة الأفكار الضالة، إذا كان أصحابها لهم شكل ديني معين في الأذهان، الشكل الذي يظلم معه المتدينين الحقيقيين من طلبة العلم، والملتزمين بالدين معتقداً وسلوكاً، ونعرف أن بعضهم يتأذى نفسياً من انطباعات أو أوصاف سيقت في الماضي عليهم في شكل جماعي لمجرد أن بعض الإرهابيين تلبسوا بلباس الدين.

يقنع أصحاب التدين الذي له أهداف سياسية أو اقتصادية أو أي هدف غير التدين بذاته، العامة بأن أي مظهر لمحاربتهم هو محاربة للدين يسهل إيصال ذلك إلى عدد غير قليل من الناس، وإذا أخذنا قضية السويدان مثالاً لكونها حدثاً طازجاً، فالبعض لا يرى منه إلا أحاديثه الدينية الوعظية في بعض البرامج، فترق له قلوبهم على أنه رجل دين، فهل هو كذلك؟
في بداية إنشائي لصفحة على «الفيسبوك» وضعت صورة تجمعني بالـ«سويدان» في مناسبة عمل، من باب أنه شخصية مشهورة، وهو كذلك، لكنني حينها عندما رغبت في كتابة التعليق لم أجد وصفاً له، لا وصفاً شخصياً، ولا مهنياً، فهو عندي ليس بداعية بالمعنى العميق والعملي الذي يمثله الشيخ عبدالرحمن السميط الداعية المعروف رحمه الله مثلاً، ولا هو بالمفتي، وليس بالمذيع، أو مقدم البرامج، تجده في كل شيء، وقابلاً للبس أية عباءة، ووجدتها جميعاً تصب في خانة واحدة، خانة الاتصال، فهو حاضر دوماً، وهو ذكي في حضوره.
بالأمس والصحف تنشر خبر إقالته، لفتني إعلان ليس صغيراً لإحدى شركات التدريب عن برنامج تدريبي على الذكاء مدفوع القيمة معتمد من مؤسسة التدريب التقني والمهني، وكتب في الإعلان يقدمه «المدرب» الدكتور طارق السويدان، ويعلم أهل سوق الإعلام وسوق التدريب مستويات أجر السويدان «اللهم لا حسد». وهنا قضية أخرى، ملخصها أن التدريب التقني والمهني كجهة حكومية تعليمية، يبدو أنها إما حسنة النية، وإما مخترقة من الفكر الإخواني الذي يركز منذ عقود على الجهات المعنية بالتعليم، وتفهمون معنى ذلك، بل وتعرفون نتائجه. حسناً، إننا أمام ذكاء اتصالي، هكذا انظر مهنياً إلى الرجل، وإذا نظرنا بعيون السياسة، فله مواقف سياسية معلنة، لا تتفق ومصلحة بلادي «السعودية»، وبالتالي مصلحتي الشخصية، فأجدني مرتاحاً لأن رجل الأعمال الوليد بن طلال، أزاح رجل الأعمال المتخصص في الاتصال والتدريب عن سدة قناة فضائية دينية.
يجب الاعتراف بأن الإمكانات الاتصالية للمتلبسين بالدين وهم من أصحاب الأجندات المختلفة، ، يجب الاعتراف بأنها قوية، وكثيرة، وأن محافظتهم على صور ذهنية معينة يجعلهم يستميلون العامة أسهل من المثقفين الحقيقيين، والإعلاميين المحترفين، وهنا ليس للأمر علاقة بعلماء الدين وفقهائه الحقيقيين الذين نحبهم ونجلهم، وغالبهم لا يخالف ما عليه ولي الأمر ونهج بلاده السياسي، فالحديث عن الاتصال الجماهيري، والسيطرة على قنوات التعليم قبل قنوات الفضاء.
المصدر
محمد اليامي


_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..