فقد قرأتُ المقالة المنشورة في المجموعة، المعنونة ب( تهافت التعاطف :
بنكهة سعودية ) للزميل الآخ
الأستاذ أحمد عدنان، وقد قرأتها قبل ذلك حيث تفضل الأخ
أحمد بإرسالها لي على بريدي الإلكتروني، ولكن قراءتي لها الجادة والمتمعنة كانت حين
رأيتها في مجموعتك البريدية المباركة ،وقبل الشروع في الموضوع، فإني أستهله باستهلالة
مختصرة عن الأخ والزميل والصديق أحمد عدنان،
فقد عرفته في وقت مبكر من بداياته، يوم كان ساعدك الأيمن ٍ- أنت يا أبا أسامة - في
تحرير الملحق الديني لجريدة المدينة " الرسالة " وكنتُ أنا ممن يعملون في
تلك الجريدةً كما تعلم ، ولعلك تذكر ما كنتُ أقوله لك من توقعاتي لما يمكن أن يكون
مستقبلا واعداً له في مجال الفكر والكلم ، وهي تنبؤات ساعد ما يتمتع به الأخ أحمد من
الخُلق والتهذيب ولين الجانب، وكونه من أسرة مدينية كريمة لها إسهاماتها الجُلّى في
نشر العلم والمعرفة في المدينة النبوًية المطهرة، أسرة ( السيد أحمد الفيض آبادي) مؤسس
منارة من منارات العلم بطيبة الطيبة ، وهي " مدرسة العلوم الشرعية" التي
خرّجت العلماء وأرباب الفكر والقلم ، ولا تزال حتى يومنا هذا تضطلع بالمسؤوليات التي
أُسست من أجلها قبل ما يزيد عن ثمانين عاما....
أحمد عدنان وإخلاف الظن :
ومع كل الأسى والأسف ، فإنّ الأخ أحمد عدنان، ما لبث، أن أخلف ظنّي الحسن
فيه، حين اختار لقلمه ولسانه وفكره، أن يكون الحرب المعلنة بغير هوادة، على كل ماله
صلة أو علاقة بالإسلام والمسلمين، فهو صاحب الطعنة الأولى في خاصرة الإسلام، التي تسبق
كل طعنات أعداء الإسلام للإسلام وللمسلمين... ولقد استفزتني المغالطات والإستعداءات
التي تضمنها مقاله هذا الذي نحن بصدده، حتى إن تلك الاسعداءات والإفتراءت بلغت حدودا
لا يمكن لها أن تلتقي ، مع الشهامة والفروسية وشرف الخصومة ، كما سنرى.
الخلفية التي انطلق منها أحمد عدنان في استعدائه على د.
عوض القرني :
تتجلّى تلك الخلفية التي انطلق منها أحمد عدنان فْي إساءته لفضيلة الشيخ
الدكتور عوض القرني من مسألتين اثنتين استهل مقاله بواحدة منهما ، وختمه بالأخرى.. فأمى الأولى
التي استهل بها ، فهي : تبرئة القضاء المصري للدكتور عوض القرني بعد ثورة ال 25 من
يناير2011م من التهمة التي ألصقها به نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، من إنتمائه إلى التنظيم الدولي
للإخوان المسلمين، ودعمه ووقوفه إلى جانب ذلك التنظيم... والمراد البيّنُ والواضح وضوح
الشمس من مقال الأخ عدنان،هو محاولة إلصاق تلك التهمة بالدكتور عوض القرني، باستدلاله
بكتاباته وتغريداته في تويتر، المرصودة رصد استهداف ، وإرادة إيقاع المُسْتَهْدَف فٍي
الشّٓرَك المنصوب له بإحكام ...!
أما المسألة الأخرى والتي ختم
أحمد عدنان مقاله بها، وكانت أحد دافعيْهِ في استهدافه للشيخ عوض القرني - فيما
يظهر لي - ما تنبأ به من أنهم ( أي : الإخوان
) (( أصبحوا أهدافاً مكشوفة في مرمى عقابٍ أو استئصالٍ محتملين )) انتهى بنصه!!
وقد بادر ذلك ( العقاب ) و ( الاستئصال
) المنتظر للإخوان في السعودية، ليقول لسان حاله للمبارين والمستأصلين : " إن
عوض القرني يجب أن يكون على رأس من تعاقبونهم وتستأصلونهم، وإليكم الأدلة والبراهين
على خطأ القضاء المصري في تبرئته من الإنتماء للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وأدلة
وبراهين أخرى من خلال تغريداته في تويتر على ثبوت ما ينفيه عن نفسه من الإنتماء للإخوان
المسلمين"..!!
لن آتي بتغريدات الدكتور عوض القرني
التي رصدها أحمد عدنان على شهور ليجعلها أدلته وبراهينه على ما يُريد أن يُوقع الدكتور
عوض القرني فيه، فاستدلاله بتلك التغريدات ساقط من كل الوجوه، وهو ما سيتبينه كل من
يقرأ مقاله، وبخاصة فإنه قد وظّفه توظيفاً غريباً على إضفاء المشروعية على إنقلاب العسكر
في مصر على رئيس البلاد الشرعي المنتخب، فلن تجد في المقال إدانةً ولو واحدة لذلك الإنقلاب،
ولا للجرائم التي ارتكبها الإنقلابيون... وإن من أسوأ توظيف للمقال غضّه الطرف عن مصادر
المعلومات، ومنها : وكالات الأنباء والفضائيات ، فالتغريدة - على سبيل المثال - التي
يمكن للشيخ عوض أن يغرد بها ، تعليقا على حدث تناقلته الأنباء،وتبين بعد ذلك عدم دقتها،
سيُواخذ أحمد عدنان الشيخ عوض عليها ( وهو أي أحمد عدنان ، الإعلامي المفترض في مثله
أن يكون على علم، بأن المتلقي ليس مسؤولا عن صحة أو عدم صحة ما تنقله إليه وسائل الإعلام،
لإنتفاء إمكانية التحقق على الوجه المطلوب.. وإن كان يُماري في ذلك ، فليذكر لي وسيلته
للتحقق من خبر تلقاه مثلاً عن مذابح الروهنجا في بورما !؟)
أما عجائب وغرائب لوي الأخ أحمد عدنان لما يُقال وتطويعه له بحسب ما يريد
هو، وليس ما يريد الحق، فلا يأتي عليها الحصر... فالشيخ عوض القرني إذا قال مثلا :
( إن الرئيس مرسي ، هو أول رئيس مصري منتخب، يُسقطه الجيش وليس صناديق الإقتراع ) سيسارع
أحمد عدنان لتكذيبه ذلك، وإيراده لك أسماء رؤساء منتخبين وقد أسقطهم الجيش مثل الرئيس
اليوغسلافي !
هل هنالك إخوان مسلمون سعوديون ؟
لن يقول بوجود سعوديين ينتمون لتنظيم الإخوان المسلمين، إلا من كان بعيداً
كل البعد عن المدرسة السلفية التي تُشكل العقيدة الدينية لدى السعوديين، تلك العقيدة
التي لا صلة ولا التقاء بينها وبين الوسطاء بين الخالق والمخلوق، فما يتقرب به عامة
المنخرطين في التنظيم الإخواني من الوسطاء
بين الخالق والمخلوق ، والتمسح بالآضرحة والطلب من الأموات، هو عند عامة طلبة المدرسة
السلفية في السعودية، أمر هو إلى الشرك بالله، أقرب منه إلى أي شئ آخر..
فحين ينفي طالب من كبار طلبة العلم في المملكة العربية السعودية، بل عالم
وفقيه من فقهائها مثل الدكتور عوض القرني إنتماءه إلى تنظيم الأخوان المسلمين، لا نجد
ما يبرر استصحاب حسن النية تجاه من يصرون على إلصاق إنتمائه إلى التنظيم ، المغاير في الكثير من تفاصيل معتقده
العقدي...
المعضلة الآن فيما نرى ونعايش، أنك إما أن تكون موازرا للظلم، الذي نتج
عن الإنقلاب العسكري في مصر، وإلاّ فإن تهمة ( الأخونة ) وهي الإنتماء إلى تنظيم الإخوان المسلمين، تكون جاهزة ومفصلة
عليك !
موقفي الشخصي من الإخوان المسلمين :
كنتُ من الذين فرحوا أشد الفرح ، لنجاح الإخوان المسلمين في الإنتخابات
التي أدّتْ بهم إلى سدة الحكم، واستمر ذلك التأييد والمؤازرة، إلى أن فتح الأخوان المسلمون
أبواب مصر للتشيع
الأمر الذي لم يحدث منذ أن طهّر صلاح الدين الأيوبي مصر من التشيع ، فتقلّصتْ
عندئذ مؤازرتي لحكم الإخوان المسلمين لمصر.. وتضمنت ذلك كتاباتي وتغريداتي في تويتر،
إلى أن جاء الإنقلاب العسكري، الذي أطاح بالرئيس الشرعي المنتخب، فلم يتغيّر موقفي
من حكم الإخوان المبني على فتحهم أبواب مصر للتشيع وسب الصحابة والولوغ في عرض رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن موقفي ذلك من الإخوان، ليُثنيني عن رفض إنقلاب العسكر
على الحكم المدني الشرعي، وكان ما كنتُ آمله وأتمناه ، هو أن يكون من يُسقط حكم الإخوان
هو صناديق الإقتراع وليس الإنقلاب العسكري، إن ظلوا على الإصرار بفتح أبواب مصر للتشيع،
وذلك هو ما آدين الله به وأستعد للقائه عليه.
ومنذ وقت كتبتُ موقفي من الإخوان المسلمين، كررتُ نشره، كلما وجدتُ من
يصعب عليه فهم أن لا تكون إخوانيا، وأنت تقف ضد الإنقلاب العسكري، وأختم به هنا... وهو فيما يلي :
( الأخوان المسلمون .. وهذا رأي فيهم:
كان لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر المبررات القوية لمولد ذلك التنظيم
فهو قد أُنشئ في بلد مليئ بالتنظيمات والأحزاب والهيئات المماثلة له من
حيث التنظيم والأداء وإن اختلفت النيات والمقاصد والأهداف ، فمصر وإن كانت من أكبر
وأجل البلدان الإسلامية إلا أن بها ديانات ونحل غير دين وملة الإسلام
فما يُسوّغ و يبرر لأصحاب تلك الديانات والفرق والمذاهب والأحزاب أن تكون
لها
تنظيماتها الخاصة بها، أفلا يُسوغ ويبرر للمسلمين، أو لطائفة منهم أن يكون
لهم تنظيمهم الخاص بهم، والممثل لهم والناطق باسمهم لدى مختلف الهيئات وأجهزة الدولة
؟ا
ألم تكن بمصر أحزاب وتنظيمات يمثل بعضها الشبان المسيحيون
وأخرى اليساريًون والشيوعيون؟!.... بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى
وجود تنظيمات في مصر ، تحوم حولها الشبه لصلتها بالماسونية والصهيونية
كالروتري، والليوجونز وغيرهما، من غير أن يُثير ذلك من اللغط
ما أثاره وجود تنظيم الأخوان المسلمين
ولكن هل كل ما يمكن قبوله وتبرير وجوده في بلد تتعدد فيه الديانات
والفرق والمذاهب، والمشارب السياسية كمصر، يجوز وجود مثله في بلد
موحد الديانة ، ومن غير أحزاب أو مشارب ومذاهب سياسية أو انتماءات حزبية
كالمملكة العربية السعودية؟ا
فما الذي يا تُرى سيبرر وجود تنظيم للإخوان المسلمين في السعودية لو وُجد
والسعودية كلها على دين واحد، وكلمة واحدة ،وسياسة واحدة ؟ا
ومن هنا فإن مؤسس الإخوان المسلمين
الشيخ حسن البنا رحمه الله عندما قابل مؤسس
المملكة العربية السعودية الحديثة
جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله أواخر العشرينيات
الميلادية ،استأذن جلالته في فتح فرع للأخوان المسلمين في المملكة
فسأله الملك عن أهداف الأخوان وما ،يريدون الوصول إليه؟
فقال له الشيخ البنا: إن أهداف
الأخوان لا تخرج عن الدعوة إلى الإسلام والدفاع عنه وتحكيمه.
فقال له الملك : إنني لم أقاتل إلا من أجل تلك الأهداف، وهي التي أسستُ قواعد هذه المملكة عليها و من أجلها
فلك أن تعتبرني أنا الممثل للإخوان المسلمين في المملكة العربية السعودية...
ومن المؤكد أن الشيخ البنا وقيادات الأخوان التي أتت بعده قد أيقنوا بعد
ذلك اللقاء مع الملك عبد العزيز أن السعودية ليست البلد المأمول فيه وجودٌ لتنظيم الأخوان المسلمين لإنتفاء المبرر.
السعودية والإخوان المسلمون :
عندما كانت السجون والمعتقلات " ومحاكم التفتيش " تجتاح
الإخوان المسلمين في حقبة عهد عبد الناصر في مصر
كانت السعودية هي ملاذهم ملجأهم الأول والمفضل على سائر البلدان الأخرى
وكان علماء الأخوان هم الأساتذة والمدرسون في سائر مراحل التعليم
بل وأجزم أنه يندر اليوم وجود من هو من جيلي وفي مثل سني
لم يتلق العلم والمعرفة من واحد أو أكثر من علماء وأساتذة الأخوان المسلمين
الذين كانت تحفل بهم جامعات ومعاهد ومدارس بلادنا.
ولكن..... وما أمر ( ولكن) هذه ، إن للأخوان المسلمين مشكلة أزلية تستعصي
على الحل
هي التي كدرت صفو ما بينهم وبين المملكة العربية السعودية في فترة من الفترات
وحقبة من الحقب.
وتلك المشكلة هي أن ( تنظيم ) الإخوان من أشد التنظيمات إحكاما وتكتما
وسرية
فما يخطط له فرعه الجهادي ،من المؤامرات والخطط، هو بمعزل تماماً عن ما ينتهجه فرعه الدعوي والتعليمي الذي يمثله
عامة الفضلاء الذين درسوا في مدارسنا وجامعاتنا من فضلاء وعلماء الإخوان المسلمين ،فالشكرى
المرة التي فجرها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله من الإخوان
المسلمين لم تنفجر إلا بعد أن بلغ السيل الزبى، فالرجل كان وزير الداخلية
وسائر الملفات والأسرار كانت تحت يده، وهو مطلع على ما هو بمعزل عن إطلاع
غيره.
فذلك الفرع الجهادي من الإخوان، هو الذي انطلق منه الفضيل الورتلاني وتآمر على إمام اليمن ( يحي حميد الدين ) مع فرع
من أسرته ( الوزير ) على حياة الأمام فأدى ذلك إلى قتل الإمام والفتنة بعد ذلك في اليمن.
علما بأن الورتلاني قد ذهب أساسا إلى اليمن مبعوثا من الشيخ البنا لمساعدة
اليمن في وضع دستور إسلامي للبلاد
ولكن هاجس ( إحياء الخلافة الإسلامية ) الذي هو هاجس فرع الأخوان الجهادي
فضّل قتل الإمام على وضع الدستور!ا
وتتمثل أيضا خطورة الفرع الجهادي للإخوان، في أنه هو من فرّخ الدكتور أيمن
للظواهري، وفي كونه من شجّع أسامة بن لادن وأقنعه أن يصدّق أنه هو المؤهل الوحيد على
وجه الأرض للخلافة
بعد أن كان مجرد مجاهد وداعي..ا
وخلاصة ما سبق وما أردت قوله وضاق عنه الوقت والحيّر ،في النقاط التالية:ا
١) الأخوان المسلمون في مصر تنظيم كانت لوجوده في مصر المبررات التي لا
تستوجب بالضرورة وجود مثله في بلدان أخرى كالسعودية
٢) المملكة العربية السعودية كانت من أوائل من أوائل من احتضن علماء الأخوان
المسلمين وفضلاءها يوم كانت تمتلئ بهم السجون والمعتقلات في حقبة وعهد عبد الناصر،
حتى وإن منهم من أعطيت له هوية وجنسية المملكة العربية السعودية، واُعتبر أحد أبنائي،
له ما لهم وعليه ما عليهم.
٣) من أوجب الواجبات التفريق بين الفرع الدعوي والفرع الجهادي للأخوان
المسلمين... فالخطر كل الخطر، بل والخطورة كل الخطورة إنما هي من فرع الأخوان الجهادي.
٤) وأما ما على الإخوان المسلمين أن يفعلوه اليوم، لتصحيح مساراهم فليس مثلي ولا غيري هو المؤهل لإسداء مثل ذلك النصح لقوم تمتلئ جوانب الأرض بمفكريهم وعلمائهم
والله الموفق والمسدد،،
بقلم: عبد الرحمن بن محمد الأنصاريمن مجموعة قاسم
----------------------------
التعليق :
نفي وجود من ينتسبون لجماعة الإخوان في السعودية .. يقوض الموضوع بكامله !!
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..