الأربعاء، 7 أغسطس 2013

الإخوان.. متى الوقت المناسب؟

متى يمكن الحديث عن أخطاء الإخوان؟
 لا أعرف، وبالتأكيد ليس هذا الوقت المناسب أبدا، الدنيا تغلي في مصر، وهناك مواجهة حامية
الوطيس على مستقبل البلاد، بل على مسألة الديمقراطية في العالم العربي كله، أنت تعرف ماذا تعني مصر للجميع، وكيف تؤثر على كل أحوالنا، ولا يجوز انتقاد جماعة في موقع الضحية الآن، وفي خندق الديمقراطية شئنا أم أبينا، وتم اغتصاب سلطة منتخبة من يدها، ورئيسها مختطف، وكل ما لا يخفى عليك! هذا صحيح، معك كل الحق، لكن متى الوقت المناسب برأيك؟ لا أعرف، وحقيقة، لا أستطيع تقدير الوقت المناسب لهذا الأمر.

أنت تعلم أن الأمر مؤجل من عقود، الأيام الأولى كانت أياما أولى، والتجربة في بدايتها، ولا يجوز الحكم عليها، وفي مرحلة الاستبداد كان الأولى نقد الاستبداد والمستبد لا الضحية، وكانت السهام موجهة إلى صدر الجماعة، وأي نقد مهما كانت موضوعيته، لا بد وأن يكون سهما في تلك الظروف، في بدايات الثورة كنا نكتشف الأشياء، نتلمس الطريق الجديد، وكان لكل منا أخطاؤه، وارتكب الإخوان الخطايا واحدة تلو الأخرى، لكن الناس مشغولة بالأوضاع الجديدة، والتعرف على بعضها البعض، الاستبداد الذي أطبق على أنفاسنا، جعلنا بحاجة –أكثر مما ينبغي– للتنفيس، ولم يكن الوقت مناسبا لنقد الإخوان! هذا صحيح، مرة أخرى لا نجد الوقت لانتقادهم.

وكما تعلم، طوال حكم المجلس العسكري، في الجولة الأولى من حكمه، كان من اللازم انتقاد الجماعة وتقويمها، ورغم حساسية الظرف الانتقالي، وأهمية الأفعال والمواقف في تلك الفترة، إلا أن الإخوان ارتكبوا كل ما يمكن من الأخطاء القاتلة، ولم يكن الظرف يسمح بالتفرغ لنقدهم، في ظل حكم العسكر، والتعويل على دورهم كجماعة كبيرة في مرحلة التحول الديمقراطي، واضطر الإنسان للسكوت، أو ممارسة نقد خفيف وشكلي للأداء، شيء أشبه بالنيران الصديقة، ومع ذلك، لم يكن الأمر كافيا، لا من حيث التشخيص، ولا في تصحيح المسار. لكن، فترة الحكم كانت جيدة لهذا الفعل، وأعني رئاسة الدكتور محمد مرسي، كانت فرصة ذهبية للنقد. ليس تماما، كانت مجرد عام واحد، وكلما تحدثت عن شيء، أشار لك الناس إلى الدولة العميقة، وكل ما كان يحاك ضد الرئيس، وهو أمر لا ينكره عاقل، لكن الأمر وقف عائقا حتى عن نقد السلوك السياسي في ظل هذه الظروف، طالما أن الدولة العميقة فاعلة، والنشاط ضد الرئيس لا يتوقف لحظة واحدة، وهناك مؤامرة خارجية، والوقت قصير، فكيف يمكن التصرف وكأن شيئا من هذه الأمور لم يكن!

وحتى هذه لم تتح، كان زمن التمكين والنهضة والقدرة والفرصة والرهانات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وكانت الخطابات والتصرفات المفاجئة، والتفرد الأعمى حتى عن أقرب الحلفاء! لم يكن وقتا مناسبا!

إن مصير الديمقراطية في عالمنا العربي، مرتبط لا محالة بمصير حركات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التنظيم الأكبر في مصر، والأكثر انتشارا في بقية البلدان العربية، ولا أحد لديه «شهوة» ذاتية في انتقاد هذه الحركات، أو الانتقام منها، أو الانحياز للخيارات التي ترى بضرورة قمعها، لكن شيئا ما في هذه الحلم الديمقراطي لن يتقدم خطوة واحدة، ما لم تتقدم هذه الحركات وتصلح من نفسها وبرنامجها ومشروعها وأفكارها،

 وكل من تتحدث لديه من الإخوان، أو من المقربين منهم، يقول لك التالي: نعم، مرسي أخطأ كثيرا، والجماعة أخطأت أيضا، لكن ولكن ولكن، دون أن يقف ولو لدقائق عند الخطأ، يضع إصبعه عليه، يعترف به، يفصل في أسبابه، وفي مجمل التركيبة التي أدت –وتؤدي– دائما له، المهم إدانة الخصم، والمدان بلا شك، والذي قدم خدمة للجماعة، بإعادة تأهيلها جماهيريا، لم يقدمها أحد من أبنائها.
........
العرب القطرية

علي الظفيري
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..