الجمعة، 20 سبتمبر 2013

الحزب على أساس ديني !

أهم أوجه الجدل المبكر الذي ينتشر الآن بين لجنة الخمسين المعنية بإعداد الدستور الجديد للبلاد
هو قضية الأحزاب الدينية ، وضرورة منع قيام الأحزاب على أساس ديني ، وقد تحدث عمرو موسى رئيس اللجنة نفسه مرارا وتكرارا عن خطورة الأحزاب الدينية وأنه لا يجوز السماح بتأسيس حزب على أساس ديني ، ولما كانت حكاية "الأساس الديني للحزب" مسألة شديدة الغموض والالتباس ، وكأنك تتحدث عن الغول والعنقاء مثلا ،

طلبت من الزملاء في المصريون إجراء استطلاع رأي بين شريحة مختلفة من الرموز الفكرية والسياسية بمن فيهم الذين يشاركون في لجنة إعداد الدستور ، وكان السؤال واحدا للجميع : ما هو الحزب الديني أو الحزب القائم على أساس ديني ، وكانت المفاجأة أن السؤال وجهوه إلى سبعة أشخاص ، فجاءت الإجابة مختلفة بين الأشخاص السبعة ، كل واحد حدد صفات للأساس الديني حسب وجهة نظره تختلف عن ما حدده الآخرون ، وعلى سبيل المثال أجاب القطب الناصري المحامي المعروف عصام الإسلامبولي بقوله أنه هو الحزب الذي ليس لديه برنامج، ولا مشروع سياسي ويأخذ من الدين غطاءً له ، ثم أردف ذلك بالمطالبة بحل الأحزاب الدينية القائمة ، دون أن يحدد من هي هذه الأحزاب ، رغم أن جميع الأحزاب لها برنامج سياسي ومشروع سياسي وكلها تبدي احترامها للدين بدرجة أو أخرى ، وأن اللجنة القضائية الرفيعة التي قبلت أوراق الحزب رأت فيه حزبا سياسيا بمشروع سياسي وليس حزبا دينيا ،

المهم أن الدكتور عبد الله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر والمشارك ممثلا للأزهر أجاب بأنه الحزب الذي ينتمي جميع أعضائه إلى دين واحد ويتخذ الدين ستارا سياسيا ، وهي إجابة مختلفة ، كما أن جميع الأحزاب تفتح أبوابها لأي مواطن للمشاركة والعضوية وغالبية الأحزاب الممثلة للتيار الإسلامي نفسه فيها أعضاء أقباط ، وأما اتخاذ الدين ستارا فهي شتيمة وسباب سياسي أكثر منها محدد علمي أو موضوعي ، والغريب أن الدكتور النجار رأى أن هناك أحزابا في الغرب تنطلق من الهوية الدينية لمجتمعها وتحترمه مثل الحزب المسيحي الاجتماعي في ألمانيا والذي تولى الحكم لأكثر من ثلاثين عاما متصلة ، فرأى النجار أن هذا يخصهم وحدهم ، وقال أن الدين هناك لا يتسبب في الفتن بخلاف عندنا ، وهي إهانة غير لائقة من "أزهري" لدين الإسلام ،

أما أميرة العادلي، عضو تنسيقية "30 يونيه"، فقالت أن الأحزاب القائمة على أساس ديني، هي ذات مرجعية مغايرة لطبيعة المجتمع ومعتقداته، وتحاول تصدير فكر معين مختلف عن المجتمع ، والحقيقة أن هذه الصفة ستكون لصالح الأحزاب الممثلة للتيار الإسلامي أكثر من غيرها لأنها الأكثر توافقا مع طبيعة المجتمع ومعتقداته ، غير أن المهم أن الإجابة تختلف عن السابقين ، أما القطب اليساري المعروف عبد الغفار شكر ، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فقال أن الحزب الذي يقوم على أساس ديني هو الحزب الذي ينطلق من القرآن والسنة ويريد تطبيق الشريعة، فيقوم بتقسيم الناس على أساس الإيمان والكفر، ومن معه على صواب وما عداه خطأ، وهذا الحزب يعتمد على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية للتأثير على الشعب ، وهو كلام بالغ الصعوبة لأن هذا يعني أن أي مواطن مصري متدين لا يجوز له أن يشارك في عمل حزبي أبدا ، لأنه سيقع في "جريمة" دستورية وهي أن يستشهد بآيات القرآن أو السنة ، رغم أن جميع رؤساء مصر وشخصياته السياسية الرفيعة وحتى العسكرية يفعلون ذلك ، والأغرب أنه يحذر من الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية رغم أن النص عليها مجمع عليه في الدستور الماضي والحالي واللاحق ، والأهم أن كلامه يختلف تماما عن سابقيه ،

 وأما مارجريت عازر، الأمين العام لحزب المصريين الأحرار, فقالت إن الحزب الديني هو الذي يقوم بتوصيل مفاهيم خاطئة إلى أذهان المواطنين, لإقناعهم أن الحزب يسير على نهج ديني ، وهذا الكلام هو من نوع التهارش السياسي وكلام الإنشا ، كما يقولون ، ولا صلة له بمحددات قانونية أو علمية ،

أما الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية فقال أن الحزب الديني له عدة معايير وهي أن يكون قادة الحزب رجال دين، وأن ينتمي أعضاء الحزب إلى دين واحد ، ثم أقر السيد بأن الأحزاب ذات الهوية الدينية ناجحة في بلاد عدة مثل ألمانيا والهند ولكنه قال أنها تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة وليس مثل عندنا ، رغم أن "عندنا" هذه تجربة لم تتجاوز عدة أشهر ، فلم يكن لدينا أي تاريخ من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أساسا ، كما أن قيادة أحزاب التيار الإسلامي الموجودة هم أساتذة وأكاديميين ومحامين وخبراء اقتصاد وزراعة وبيئة وطب ولا يوجد من يسمى رجل دين ،

وأما صديقنا القيادي القبطي جمال أسعد عبد الملاك فقال بأنه الحزب الذي يقوم بعملية الخلط بين الدين والسياسة, وذلك من أجل استقطاب المواطنين ذوي الفكر الضعيف, عن طريق إقناعهم أنه إذا عارضوا الحزب فإنهم كافرون ويعارضون الدين . والخلاصة فيما تقدم أنه لا يوجد أي تعريف علمي محدد يضبط لنا حكاية "الأساس الديني للحزب" ، وأن كل ما يقال هو إما ستار لصراع أيديولوجي يريد إقصاء تيارات سياسية مخالفة وتحظى بشعبية كبيرة بين الشعب "المتدين" لكي تخلو له الساحة السياسية ، وإما أنها مكايدة سياسية ساخطة على نجاح أحزاب التيار الإسلامي في اكتساح أي انتخابات أو استفتاءات شعبية طوال العامين ونصف اللذين مرا بعد ثورة يناير ، وكل ما يقال أبعد من هذه الحقيقة هو "هجايص" لستر عورة الإقصائيين والفاشيين الجدد .


المصريون

 جمال سلطان

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..