لقد قامت هذه البلاد وأسست على أساس دعوة
التوحيد منذ أن تم اتفاق الدرعية التاريخي بين الإمامين المصلحين: الإمام
محمد بن سعود، والشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله -، ذلك اللقاء الذي
كان بداية تحول كامل في حياة نجد وما حولها، والذي يعتبر النواة الأولى في
صرح الدولة السعودية الأولى، التي قامت على الدعوة السلفية الإصلاحية
لتطهير الجزيرة العربية من مظاهر الشرك والوثنية وأسبابها، وتجديد أمر
الدين في أرجائها.
وقضى الله أن تظل هذه البلاد الطاهرة -
بلاد الحرمين - خالصة للتوحيد، محافظة على أصول الإسلام، منذ أن أسس الملك
عبدالعزيز- رحمه الله - المملكة العربية السعودية على هذا الأساس الوطيد،
ثم سار أئمة الدولة على ذات المنهج في فترات تاريخها.
لقد حرص أئمة الدولة السعودية على إصدار
نظام سديد للحكم الإسلامي، يستمد من الإسلام عقيدة وشريعة، وقد جاء في
المادة الأولى من هذا النظام [1]:
(المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها
الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -
ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض).
وجاء في المادة السابعة: (يستمد
الحكم في المملكة العربية السعودية، من كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى
الله عليه وسلم- وهما الحاكمان على هذا النظام، وجميع أنظمة الدولة).
كما جاء في المادة الثالثة عشرة: (يهدف
التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وإكسابهم المعارف
والمهارات وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم،
معتزين بتاريخه).
أما المادة الثالثة والعشرون فقد جاء فيها: (تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتُطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله).
بناء على ما ذكر يتضح أن الدين الإسلامي
هو المصدر الأساس الذي يشتق منه التعليم الثانوي - مع غيره من المراحل -
أهدافه، فالعقيدة الإسلامية بمنهجها الشامل للإنسان والكون، ودعوتها إلى
حياة متوازنة، وما تحويه من قيم سامية وأسس متكاملة، كل ذلك يجعلها صالحة
لكل زمان ومكان[2].
والغاية التي يسعى التعليم إليها هي: (فهم
الإسلام فهما صحيحا متكاملا، وغرس العقيدة ونشرها، وتزويد الطالب بالقيم
والتعاليم الإسلامية والمثل العليا، وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة،
وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة) [3].
والمرحلة
الثانوية بطبيعتها الخاصة - من حيث سن الطالبات وخصائص نموهنّ - تستدعي
تحديد أهداف خاصة للتوجيه والإعداد، وكان من أول هذه الأهداف كما ورد في
سياسة التعليم في المملكة:
1- متابعة تحقيق الولاء لله وحده، وجعل الأعمال خالصة لوجهه، ومستقيمة - في كافة جوانبها - على شرعه.
2-
دعم العقيدة الإسلامية التي تستقيم بها نظرة الطالب إلى الكون والإنسان
والحياة في الدنيا والآخرة، وتزويده بالمفاهيم الأساسية والثقافة الإسلامية
التي تجعله معنزّا بالإسلام قادرا على الدعوة إليه والدفاع عنه.
3- تمكين الانتماء الحي لأمة الإسلام الحاملة لراية التوحيد)[4].
وحين تتبنى المدرسة الثانوية هذه الأسس
والأهداف، فإنها تتيح فرصا كثيرة لنشر الخير والعلم والإصلاح بين طالباتها،
فهي تمثل بيئة تعليمية دعوية متخصصة مختارة، يُرتجى منها أن تقوم إلى جانب
التعليم بوظائف دعوية لا تستطيع كثير من الأسر القيام بها، حيث لا يزال
العديد من الآباء والأمهات أميين، كما أن كثيرا منهم لم يتلقوا أي معلومات
أو يمتلكوا أي خبرات في الثقافة الدعوية والتربوية.
ولعل أهم سمة تجعل المدرسة الثانوية بيئة
دعوية جيدة، أن تكون ذات التزام عام بالمبادئ والقيم الإسلامية، التي تشكل
الأساس العميق الذي يقوم عليه البناء الدعوي[5].
وحين تتبنى المدرسة الثانوية هذا الأساس،
فإنها تتطلب من معلمتها أن تكون مرشدة وموجهة ومصلحة وداعية قبل إن تكون
معلمة، إذ إن التربية الصحيحة هي بناء المسلم الواعي على أسس وتعاليم
الإسلام وقيمه العليا - إضافة إلى تزويده بالمعرفة العلمية - وليس هناك
قاعدة أقوى من العقيدة الإسلامية لبناء الأجيال.
وتترجم الوظيفة الدعوية للمدرسة هذه
القاعدة القوية في كلمات هي: أن تعيد تشكيل نفس الطالبة في المرحلة
الثانوية على الوضع الصحيح؛ إن كان ذلك قد فاتها في الطفولة لسبب من
الأسباب، وأن تثبت هذا الكيان في صورته السليمة؛ إن كان سائرا في طريقه
السليم من قبل، فيعمق كل القيم والمبادئ القويمة ويزيدها رسوخا[6].
[1]
ينظر: (النظام الأساسي للحكم) الصادر بتاريخ 27/8/1412هـ، في كتاب الأئمة
من آل سعود والنهج الإسلامي الفريد: فهد عبدالعزيز الكليب ص 150 -190،
المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية، الرياض، ط:1، 1418هـ/1997م.
[2]
ينظر: نظام التعليم في المملكة العربية السعودية: د. عبدالعزيز بن عبد
الله السنبل وآخرون ص 185، دار الخريجي، الرياض ط: 6، 1419هـ/1998م.
[3] المعلم السعودي، إعداده وتدريبه وتقويمه: سعود حسين الزهراني ص 115، دار البلاد للطباعة والنشر، جدة، ط:1، 1415هـ
[4] وثيقة سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية ص 21 وزارة التعليم العالي 1398هـ/1978م.
[5] ينظر: بناء الأجيال: د. عبد الكريم بكار ص 63، المنتدى الإسلامي، مطابع أضواء المنتدى الرياض ط: 1، 1423هـ/2002م.
[6] ينظر: منهج التربية الإسلامية: محمد قطب 2/227-228، دار الشروق، القاهرة/ بيروت، ط: 9، 1409هـ/1989م.
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..