السبت، 26 أكتوبر 2013

صدق أو لا تصدق: المرأة إنسان ومواطن أيضاً!

منظر معيب ومخزي ذلك المقطع المصور الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي لحادثة تحرش جماعي ارتكبها شبان مستهترون في وضح النهار أمام الجميع في أحد المجمعات التجارية في الظهران!
مطاردة علنية همجية يقوم بها «قطيع» من الشباب لخمس فتيات، ومحاولات يائسة من الفتيات للإفلات من الهمج الذين كانوا يتلفظون بكلمات وعبارات بذيئة ويلاحقونهن إلى مواقف السيارات!
أصوات تتعالى، مثل تلك التي تُسمع في حدائق الحيوانات، وصراخ، وهرج ومرج، و»ذكور» بلا «رجولة» ولا مروءة ولا حياء يلاحقون فتيات يرتدين عباءات في سوق عام، وآخرون يلتقطون الصور دون أن يهبوا لنجدة الفتيات!!
أجزم أن هذا المنظر لا يمكن أن تجده في أي دولة في العالم! لن تجده في الدول التي نلعنها كل يوم لأنها «كافرة» ولا في الدول الإسلامية التي نتهم مجتمعاتها بأنها مجتمعات تعشش فيها «البدع والشركيات»!
نفس هؤلاء الشباب المبتهج بذكورته لا يملك الجرأة على ملاحقة فتاة شبة عارية في شارع من شوارع نيويورك أو حتى لاس فيغاس لأنه يعلم أن هناك قانونا يحمي البشر وينصف النساء ولا يتحيز للذكور. هؤلاء الشباب العابثون لن يجرؤا على مجرد الاقتراب من امرأة، حتى عندما تكون سعودية، لو صادف أنها كانت تمشي وحيدة وشبه عارية في أي شارع من مدن العالم ما عدا في السعودية!
لماذا يتجرأ الشباب على مضايقة النساء والتحرش بهن عندما يكونون في السعودية ولكنهم يكونون في منتهى الجبن عندما يكونون في الخارج!؟ هل الأمر يتعلق بالتبرج، كما يدعي المدافعون عن تحرش الشباب الذي بدا من تعليقاتهم كما لو أنهم كانوا في منتهى السعادة والشماتة بما حدث لفتيات كل ذنبهن أنهن خرجن للتسوق أو إلى مطعم؟
لو كان الأمر يتعلق بالتبرج فإن أكثر النساء تبرجاً وحتى عُرياً هن تلك اللاتي يمشين في شوارع مدن الدول «الكافرة» دون أن يتعرضن لتطفل المتطفلين والمتحرشين لأنهن يتمتعن بحماية المجتمع والقانون! حتى في إسرائيل، التي نلعنها صباح مساء، قبضوا على رئيس الدولة وأودعوه السجن لأنه تحرش بامرأة!
واقع الأمر أننا في مأزق كبير! لابد أن نفتش في أعماق ذواتنا عن أسباب هذه التناقضات التي تحدث في مجتمعنا. لقد كان منظر الشباب المتحرش بالفتيات مؤلماً، لكنَّ تعليقات المبتهجين بما حدث لهن بحجة التبرج كان أشد إيلاماً. كانت تعليقات البعض منتشية وسعيدة حتى ظننت أنهم سيطالبون بتكريم الشباب المتحرش!
لابد من وقفة مراجعة صادقة مع الذات. لابد من معرفة أسباب هذه الازدواجية المذهلة التي باتت سمة رئيسية في مجتمعنا. وبموازاة ذلك لابد من قانون صارم لحماية المرأة فهي ـ صدقوا أو لا تصدقوا ـ إنسان أيضا ومواطن أيضا. أما من ارتكبوا تلك الواقعة المخزية فيجب معاقبتهم والتشهير بهم، ولن تعدم أجهزة الدولة الوسيلة لتحديد هويتهم والوصول إليهم، فالحادثة علنية وكل شيء موثق بالصورة.

26-10-2013

د/ عبدالواحد الحميد

 المصدر
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..