يقول
الحق عز وجل: وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن
تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا
إِثْمَ عَلَيْهِ
لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ
إِلَيْهِ تُحْشَرُونَِ.. السؤال: نجد أن الزيادة في الخير دائما تمدح في
القرآن ولكن في هذه الآية نجد أن من تعجل فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم
عليه، فهل التأخير ليس له أجر زائد، فأرجو تفسير هذه الآية الكريمة؟ وجزاكم
الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجاب العلماء عن هذا الاستشكال ومنهم الإمام القرطبي في تفسيره فقال: وفي
ظاهر هذه الآية الشريفة إشكال من وجهين: أحدهما: أنه ذكر قوله تعالى (فلا
إثم عليه) في المتعجل والمتأخر جميعاً، وهذا إن كان يستقيم في حق المتعجل
لأنه يترخص لا يستقيم في حق المتأخر، لأنه أخذ بالعزيمة والأفضل.
الثاني:
أنه قال تعالى في المتأخر (فلا إثم عليه لمن اتقى) قيده بالتقوى، وهذ
التقييد بالمتعجل أليق، لأنه أخذ بالرخصة، ولم يذكر في هذا التقييد.
والجواب
عن الإشكال الأول ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في هذه
الآية: فمن تعجل في يومين غفر له، ومن تأخر غفر له، وكذا روي عن ابن مسعود
رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: فلا إثم عليه رجع مغفوراً له.
وأما قوله تعالى (لمن اتقى) فهو بيان أن ما سبق من وعد المغفرة للمتعجل والمتأخر بشرط التقوى. انتهى.
ومما سبق يفهم أن المتأخر للرمي في اليوم الثالث أفضل في اختيار القرطبي،
لأن في ذلك زيادة طاعة ولأن فيه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا
مما يتفق عليه عامة الفقهاء، وبه تفتي اللجنة الدائمة، ومن أهل العلم من
ذكر سبباً لنزول الآية يزول به الإشكال ويزداد به التوضيح.. جاء في تبيين
الحقائق في الفقه الحنفي قوله: والأفضل
أن يمكث ويرمي في اليوم الرابع بعد الزوال، لأنه عليه الصلاة والسلام صبر
حتى رمى الجمار الثلاث في اليوم الرابع، ولا يقال نفي الإثم عنهما يقتضي
المساواة بينهما والإباحة، لأنا نقول نزلت الآية على سبب، وهو أن الجاهلية
كانوا فرقتين، منهم من يقول: المتعجل آثم، ومنهم من يقول المتأخر آثم، فنفى
الإثم عنهما لأخذ أحدهما بالرخصة والآخر بالفضل. ولا نسلم أن التخيير
يقتضي المساواة، ألا ترى أن المسافر يخير بين الصوم والإفطار ثم الصوم أفضل
إن لم يتضرر به، وإلا فالفطر أفضل. وقيل: يغفر لهما بسبب تقواهما فلا يبقى
عليهما ذنب، يروي ذلك عن علي وابن مسعود وابن عباس. انتهى.
هذا
والمراد بالأيام المعدودات في الآية أيام التشريق الثلاثة الحادي عشر
والثاني عشر والثالث عشر، فمن ينفر من الحجاج بعد رمي جمراته اليوم الثاني
عشر بعد الزوال وقبل الغروب فقد تعجل ومن بقي بمنى إلى أن يرمي جمرات اليوم
الثالث عشر فقد تأخر... والمراد بذكر الله في هذه الآيام التكبيرات أدبار
الصلوات وعند رمي الجمرات وعند ذبح الأضاحي والقرابين وغير ذلك من الأوقات
في تلك الأيام الفاضلة، وظاهر الآية أن
قوله (فمن تعجل) يفيد العموم، فسواء في ذلك الآفاقي والمكي، لكل منهما أن
ينفر في اليوم الثاني... فتكون الرخصة لجميع الناس، وهذا قول جماهير
العلماء، وقال مالك: لم يبح التعجيل إلا لمن بعد قطره لا للمكي ولا للقريب إلا أن يكون له عذر... وقول الجمهور أرجح.
والله أعلم.
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..