الاثنين، 4 نوفمبر 2013

هذا ما ستفعله "داعش" بأبنائنا

من وحي تنادي بعض الشباب السعودي للذهاب لسوريا. .
  ---------------------------
أتاح لي موقعي الاعلامي كمقدم لبرنامج فضائي، المرور على حوادث نادرة لا تزال عالقة بالذاكرة،
ولربما كانت دمعات الناشط الوطني الشهير د.محسن العواجي في احدى حلقاتي وهو يبكي بسبب اتصالات أمهات بعض الموقوفين من تلك المواقف التي لا أنساها.
مررت بذات التجربة ، وقد خرجت من سجن "الطرفية" بالقصيم وأنا أبكي بعض شباب هذا الوطن الغضّ. ووالله إني لأتألم للآن، وأشعر بانقباض وألم شديدين، وحرقة في القلب، إن استحضرت صورة شاب وضيء هناك، بعمر ابني أسامة، التاث بفكر التكفير، ومخايل النعمة والأرومة الأصيلة تبدوان عليه، ووقتما سألته عن السبب، أطرق برأسه وحار جوابا، فيما أحمل قصصا مؤلمة لم أسردها عن شباب التقيتهم بتلك السجون، من هول ما يحملون من فكر حاد.
الشيخ محمد موسى الشريف وكاتب السطور، تهاملت دمعاتنا ونحن نستمع لأبنائنا المعتقلين في العراق، وهم يحدثوننا في بث على الهواء مباشرة، عبر إحدى حلقات برنامجي، عن سؤالهم الفتوى بجواز قتل النفس، مما تعرضوا له من تعذيب شديد، وهم الذين ذهبوا في أعمار الـ18 والـ16 عاما، وأمضوا بتلك السجون المخيفة قرابة العشر سنوات، وتحدثوا بكل الفجائع عما تعرضوا له.
كم أتمنى على كل داعية وكل ولي أمر في هذا الوطن، الاستماع لمقاطع أولئك الأبناء في "اليوتيوب" ليتحققوا في المآلات التي انتهوا إليها.
ما الذي استدعى هذه الحوادث المؤلمة اليوم، لأسردها بهذه السوداوية للقراء الأحبة، وأنا أعرف بأنني سأتعرض للسخط من تلكم اللوبيات؟
بدأ الحديث يدور في الساحة المحلية بشكل جهوري حيال أبنائنا الذين ينتفضون غيرة وحمية لإخواننا في بلاد الشام، وقد آلمتهم الانتهاكات الوحشية من لدن نظام بشار المجرم.
لا يرى أي مسلم به غيرة تلك الدواهي، إلا وينتفض حمية لإخوته هناك، ولكن يظل العقلاء يصيخون لصوت العقل، وقادة القوم هناك، من الذين يقومون بواجب الجهاد في أرض الشام يطلبون منا الدعم المالي فقط، ولكن بعض الشباب يمتثلون لما يفتي به بعض طلبة العلم بواجب الجهاد في أرض الشام بالنفس، دون تبصر لما يمكن أن تكون عليه مآلاتهم هناك.
لا تنتظم هذه السطور التي أكتبها ضمن حملة بعض الكتاب على إخوتنا وأبنائنا الذين يؤمنون بواجب الجهاد، لا والله، بل هي صرخة محب، وتحذير حادب، وتجربة رجل مرّ في شبابه بذات ما يمر به هؤلاء الشباب.
أكتب والله حبا في شباب وطني الحقيقي، في هؤلاء الذين يتفجرون ديانة وطمعا في الأجر الذي أعده الله لهم، لأقول لهم: تريثوا أيها الأبناء، وتبينوا خطواتكم، فإنكم ذاهبون لأداء فريضة عظيمة، ولا يشك أحد بأجرها العظيم، ولكن الإشكال في تلكم الساحات التي ستذهبون لها، والفكر الذي يسودها.
يا أولياء أمور هؤلاء الشباب، أناشدكم الله، أن تخففوا من حماسة هؤلاء الأبناء، فإنكم ستطعمون المآسي والألم والفجائع التي لا تتوقعونها، لأن الابن يذهب من بلاد التوحيد والعلم والعلماء، بعقيدة صافية، ونية حسنة لأداء فريضة الجهاد، فتتلقفه جماعات التكفير هناك، من "داعش" وأخواتها التابعة لتنظيم القاعدة،
ويقنعونهم بأساليبهم الشيطانية، بكفر حكام المسلمين، ويتدرجون مع أبنائنا، حتى يكفروا ولاة الأمر، ومن بعدهم يكفرون المجتمعات، بما فيهم نحن.
يذهب الشاب السعودي وغيره، بكل نية صادقة، وقلب مشحون بحب وطنه وأهله، وهناك يعاد تشكيل فكره وينحرف، وينقلب 180 درجة، وقد زهد في الحياة إلا من قتال من يراهم أنهم على الكفر، فيعود ويصوب فوهة بندقيته من جديد لوطنه، وقد آمن بأننا كفرة يجب قتالهم.. هذا ما ستفعله "داعش" بأبنائنا.
أسطر هذا الكلام، لا من خيال أفترضه، بل من واقع تجربة شخصية، عشتها بكل تفاصيلها بشرخ الشباب، وأنا من كان في عام 1407، مع بعض رفقتي نؤدي تلك الفريضة في جبال أفغانستان، ولولا وجود الشيخ عبدالله عزام وبعض الدعاة العقلاء كعدنان التميمي؛ لاكتسح أولئك التكفيريون ساحة "بيشاور"، والكل يعلم أن بن لادن لم ينحرف ويعتنق هذا الفكر إلا بعد موت عبدالله عزام.
لا أزال  أتذكر بكل الرعب كيف أن فوهات "الكلاشنكوف" ارتفعت صوبي وأنا أدافع عن بلدي وولاة أمري هناك، من قبل إخوة جزائريين ومصريين من الجماعة الإسلامية، وهم يوزعون تكفيرهم على كل حكام المسلمين، ووقتما قمت مدافعا عن وطني، كادوا أن يخترموني برصاصاتهم، لأن أدبياتهم العقدية تقول بأن من دافع عن الحكام أو حتى توقف في تكفيرهم، هو كافر حلال الدم.
هذا ما سيتكرر لأبنائنا هناك في سورية، طالما لا توجد راية واضحة وصريحة، وهو ما سأناشد به الدعاة الذين يفتون لهؤلاء الشباب، أن يتقوا الله في أنفسهم بالتبصر في المآلات، وألا يكون هؤلاء الشباب مجرد قطع شطرنج يتلاعب بها الساسة والاستخبارات وجماعات التكفير المخترقة، فلا أغلى من النفس.
اتقوا الله في الأمهات اللواتي سيبكين أبناءهن، والآباء الذين ستحترق قلوبهم، وهم لا يستطيعون الوصول لأبنائهم في تلك المفاوز، ليبتزهم الوسطاء ويذلوهم، فيما الكارثة عودتهم لنا بفكر التكفير.
لعلماء ودعاة هذا الوطن دور كبير، في تنوير الآباء ابتداء، ومن بعدهم الشباب، الذين لا يريدون إلا فتوى ولو من طويلب علم لا يفقه في الواقع والسياسة أبعد من أرنبة أنفه، كي يطيروا لساحة الشام، داعيا من هذا المنبر لحملة توعية عامة في الفضائيات الإسلامية التي عليها دور كبير أيضا في تنوير الشباب.
دعونا لا ندفع بأبنائنا لأحضان وفكر "داعش".. الوقاية أسهل وأيسر وخير من العلاج

          بقلم: عبدالعزيز قاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..