الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

السعودية : هل يكون الخيار"مرسي"؟!!

 تذكرت قول الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان :
أمامك أيها العربي يوم * تشيب لهوله سود النواصي
مصيرك بات يلمسه الأداني * وسار حديثه بين الأقاصي
لنا خصمان ذو حول وطول * وآخر ذو احتيال واقتناص
تواصوا بينهم فغدا وبالا * وإذلالا لنا ذاك التواصي
لا توجد صعوبة في أن يستبدل القارئ عبارة (العربي) بـ(الخليجي).
الشاعر يتحدث عن خصمين (ذو حول وطول) أي الإنجليز .. و(ذو احتيال واقتناص) أي الصهائنة.
أما نحن فقد ابتلينا بأكثر مما تحدث عنه الشاعر الفلسطيني ..
لا يستطيع المنصف أن يخفي – رغم الاختلاف – إعجابه بالطريقة التي تلاعب بها إيران الغرب،في ملفها النووي ..
والفرس سادت الشطرنج .. وأهل السجاد الفارسي .. أي العمل البطيء المتقن .. إلخ.
لكن حالة واحدة أخرجت الإيرانيين عن نعومة لاعب السياسة المحترف .. وذلك عند قيام الثورة السورية .. عندها بدا وكأن المشروع الإيراني على وشك أن يتداعى ..
فكشرت عن أنيابها .. ودعمت بشار الأسد .. بشكل علني ..
في الوقت الذي كان دعم الثوار على استحياء ،ودون المستوى المطلوب .. وحين قصف بشار شعبه بالكيماوي .. ورأى العالم تلك المجزرة .. بدا كأن أوباما سيتخذ موقفا ضد تلك الجريمة .. ولكن.
نعم،ولكن .. قلق أمريكا من سوريا التي تحكم نفسها .. أو قلقها على إسرائيل .. جعلها تعمل على الطريقة الأمريكية .. أي تحويل المجرم إلى شاهد .. من أجل تبرئته .. أو حصوله على حكم مخفف!
نعم. لقد تحول بشار إلى (شاهد) على امتلاك دولة سوريا – وهي أكبر من بشار ومن الثوار – تمتلك أسلحة كيماوية .. ووافق بشار على تدميرها .. فتحول الأمر من جريمة ضد الإنسانية .. إلى (جنحة) امتلاك أسلحة كيماوية .. وكأنها لم تستعمل .. فيكفي إتلافها .. والذي يقتضي وقتا .. وجهدا ..
من هنا اجتمع علينا الخصمان .. ذو الحول والطول – والحول والقوة لله سبحانه وتعالى – أي أمريكا .. وخصم ذو احتيال واقتناصي .. أي إيران.
تعودت دول العالم الضعيفة أن تلجأ إلى أمريكا .. لتكون في حمايتها ... أو تلجأ إلى روسيا – أول دولة اعترفت بالكيان الصهيوني بالمناسبة – في حالتا .. وخذلان أمريكا لنا .. لا يمكن اللجوء إلى تلك التناقضات المعتادة بين أمريكا وروسيا.
فروسيا داعم رئيس لبشار الأسد .. وهاي الحامي الرسمي لإيران في صراعها على الملف النووي .. أو كانت هي الغطاء الجاهز لتغطيتها بـ(الفيتو) الروسي لكي لا يصدر ضدها قرار من مجلس الأمن ..
ليس هذا فقط .. بل في تصريح قريب لبوتين جاء فيه :
ملف إيران لا يمكن إغلاقه تماما إلا بحق إيران في إنتاج الطاقة السلمية وأمن إسرائيل!!
ما الجديد .. هل قالت إيران يوما أنها تريد شيئا أكثر من إنتاج الطاقة السلمية؟
من عجائب هذا الزمان ..
حين نجحت ثورة 25 يناير في مصر .. وانتخب رئيس مدني لأول مرة ..
حين ثار الشعب السوري .. صارخا .. (سلمية .. سلمية)
فجأة .. اختفت – او كادت – التناقضات الدولية ..
ضد مصر المدنية .. ضد ثورة الشعب السوي .. اتحد .. الأمريكان – في مصر : أصبح انقضاض وزير الدفاع على رئيس مدني منتخب،وتعطيل الدستور،ليس انقلابا !! – والروس .. وإيران .. والأوربيون.
عجبي!!
قرأت ذات مقالة .. نقلا عن باتريك تيلر في كتابه"عالم من القلاقل : البيت الأبيض والشرق الأوسط - من الحرب الباردة إلى الحرب على الإرهاب" أن الملك فهد قال للأمير بندر بن سلطان عند تعيينه سفيرا في واشنطن :
الولايات المتحدة هي أخطر شيء علينا.ليس لدينا ارتباط ثقافي بهم،ولا ارتباط عرقي،ولا ارتباط ديني،ولا ارتباط لغوي ..إلخ
كتب أحد المحللين السياسيين أن الأمير سعود الفيصل بدا منفعلا في أحد مؤتمراته الصحفية،بعد أحد المواقف الأمريكية التي خذلت فيها السعودية .. ثم علق ذلك المحلل .. بأن ذلك لم يكن جيدا .. أي انفعال وغضب الدبلوماسي ..
كان من الممتع جدا لو أننا قرأنا أن دبلوماسيا سعوديا رفيع المستوى زار مصر،وطلب مقابلة الدكتور محمد مرسي!!
لنرى وقتها من سينفعل ومن سيغضب !!
مؤسف جدا ألا يكون لدى الدبلوماسي خيارات يلعب .. أو حتى يلوح بها مجرد تلويح !! خصوصا وقد قيل لنا أن السياسة فن الممكن .. وليست فيها صداقات دائمة .. ولا عداوات دائمة .. ولكن مصالح دائمة.
ورأينا إيران وأمريكا – الشيطان الأكبر سابقا – يطبقان ذلك عمليا .. وليس عبر قاعات الدروس النظرية،ولا عبر تنظيرات الكتاب السياسيين.

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني


_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..