الأحد، 8 ديسمبر 2013

عمارة أم عبد الله

يرفع الشيطان قبعته احترامًا لبعض أفكار بني البشر، وقد يتبرأ من بعضها لفظاعتها، كتلك الفكرة، والخطة البشرية المجنونة، التي أبدعتها، وأقرتها عقلية عقيلتنا الموقرة بعد أكثر من أسبوع من الاجتماعات المغلقة مع بنات أفكارها، مقصية قرينها الذي أظهر معارضته الشديدة رأفة بحالي !، ولكنها الحاجة كما عللت لي ذلك فقناعتها إن لم يكن إلا التحايل وسيلة لأخذ الحق، فلا مانع فالغاية تبرر الوسيلة ..( غفر الله لها ).
تعود القصة إلى ما قبل أسبوعين عندما مررنا بجانب ( عمارة أم عبد الله ) الموظفة التي استطاعت في فترة وجيزة أن تبني عمارة سكنية فقد ( حطت القرش على القرش ) وبدأت ( طوبه طوبه ) حتى أكملت عمارتها المكونة من خمس شقق، بعيدًا عن شروط صندوق التنمية العقارية ، لترتاح بعدها من همّ يثقل كاهل أعتى الرجال في زمن صعب فيه الحصول على ( مفحص قطاة ) .
أشغلت زوجتي ذهنها في كيفية بناء ليس عمارة بل شقتين فقط لتُؤجرهما، ولكن ظهرت أمامها عوائق فالأراضي ( طايره ) ووصلت أسعارها إلى المليون ، وتكلفة البناء عالية، وقبل ذا، وذا فلا تملك من حطام الدنيا إلا مصروفها الشهري الذي لا يشتري لها حتى خيمة من خيام السنيدي، فكان لابد لها من البحث عن داعم يشتري الأرض ويساعد في البناء، وبما أنني ( بلشان بنفسي ) لم يعد أمامها إلا صندوق التنمية العقارية، شمرت - حرمنا المصون - عن ساعدها، و استفسرت، وسألت، وقرأت ضوابط الصندوق، فوجدت أن المرأة لا يحق لها أن تقترض إلا إن كانت مطلقة، أو أرملة، أو متزوجة وتعول أسرتها كأن يكون الزوج مسجونًا، أو مريضًا نفسيًا، أو معاقاً، أو مدمناً.... ( ياساتر ) ..!!
استبعدت زوجتي فكرة الطلاق الصوري ( فالرجال ما لهم أمان )، والحمد لله أنها استبعدت الحالة الثانية ( فيا روح ما بعدك روح )، ولكنها توقفت عند الحالة الثالثة لكونها تنطبق جزئيًا عليها فهي متزوجة، ولكنها لا تعول أسرتها، فأنا - من فضل الله - بكامل قواي الجسدية، والعقلية، وهذه عقبة ( عويصة ) في سبيل حصولها على القرض !!! فلابد من تجاوزها بأي طريقة كانت، وبأقل الأضرار، فكان القرار الذي لابد منه، وهو اللجوء إلى الحيلة، والطرق الملتوية، لإثبات أنها تعول أسرتنا الصغيرة، وبعد نقاشاتٍ، و أخذٍ، وردٍ، و ( هوشات ) تم استبعاد خيار السجن لصعوبته، وحفاظاً على سمعتي، و لارتباطي بعمل فالإجازة الصيفية لا تكفي !!، أما الإعاقة فغير آمنة المضاعفات، و المخدرات كفانا الله وإياكم شرها ( ما فيها مزح ) ، فكان أخفها – من وجهة نظرها – ( النفسية ) بحيث أمثل أني مريض نفسي لبعض الوقت ( حسبي الله ونعم الوكيل ) !! حتى إخراج التقارير اللازمة من أقرب مستشفى حكومي مختص، وضمان الموافقة على القرض، ويمكن أيضًا البحث عن واسطة لتسريع الإجراءات ( عجيب والله )!!. مع أني تضايقت من هذه الطريقة الملتوية، والتحايل على الأنظمة، والتي ألجأنا النظام إلى استخدامها، إلا أنى ألتمس لها كل العذر، فمن حقها أن تستفيد من جميع خيرات البلد، وأن يكون لها كيانها المالي المستقل، و للأسف أن هذه هي الطريقة الوحيدة لحصولها على القرض.
من المستغرب استبعاد المتزوجة التي لا تعول من الاستفادة من صندوق التنمية العقارية!! فليس كل المتزوجات يعشن في بحبوحة، ورخاء، زد على ذلك أن الموظفة منهن في ظل هذا الارتفاع المستمر لتكلفة المعيشة لا يكفي راتبها غالبًا لشراء أرض وبنائها، فالصندوق أرحم لها من الوقوع في فخ البنوك، مع أنها - أي البنوك - شر لابد منه، فحتى قرض الصندوق يحتاج إلى قروووووض .
إن الضوابط التي وضعت لحصول السعوديات على قرض عقاري تحتاج إلى إعادة نظر، فالمرأة السعودية قادرة على المساهمة في بناء هذا الوطن، ونتطلع إلى اليوم الذي تلغى فيه كل هذه الضوابط والاستثناءات، وتتساوى مع الرجل في نفس الشروط ، فبلادنا – بحمد الله – مترامية الأطراف ولن تزدحم هذه المساحات الشاسعة ولو أعطي لكل مواطن ومواطنه ألف متر مربع.
عمارة أم عبد الله


خربشات فاضي

احمد بن جزاء العوفي
الأحد 01/12/2013

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..