شاهدنا وسمعنا بكل أسى ما آل إليه حال أخواننا أهل السنة من طلبة
العلم في دماج مؤخرا حيث تم جلاؤهم من دماج بموجب اتفاقية أشرفت عليها الحكومة
اليمنية بين ( السلفيين ) من طرف وبموافقة
ورضا تام من الطرف الآخر والمستفيد ( الحوثيين ) !
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ورضا تام من الطرف الآخر والمستفيد ( الحوثيين ) !
ولم يكن مشهد الشيخ يحيى الحجوري والعشرات من طلبة العلم الذين غادروا
أراضيهم وتركوا مساجدهم ودار الحديث التي كانت أحد معاقل العلم في صعدة خاوية على
عروشها..لم يكن هو المشهد المؤسف والباعث للحزن بقدر ما سيلحقه من مشهد آخر ـ ربما
ـ يكون أكثر دموية وشراسة حيث أنه بهذا الإتفاق ( المشبوه) سيخلو الجو تماما لجماعة الحوثي
للسيطرة على صعدة بكاملها والقضاء على ما تبقى من أهل السنة المغلوبين على أمرهم ،
لتتحول صعدة بعد ذلك أحد أكبر المناطق في جنوب الجزيرة العربية تصديرا للقلاقل
والتوتر في المنطقة وربما التطهير الطائفي ..
المشهد من الناحية السياسية سيكون مؤسفا بحق ..لكن ما يعنيني هنا هو الجانب
( الإيدلوجي أو الفكري ) والقناعة التي جعلت المشهد ينتهي بهذه الصورة التراجيدية
من جميع النواحي .
بعث لي أحد الأخوة برسالة من أحد أتباع هذه المدرسة المنتسبة للسلف
والمنتمين لهذا الحزب الذي بات يعرف مؤخرا بـ( الجامية ) فيه الثناء الكبير والمدح
لهذا الموقف من الشيخ يحيى وبقية طلبة العلم وأن المكسب الكبير الذي حققوه في ترك
ديارهم ومساجدهم وحلقات علمهم هو ( أنهم لم يعتصموا ..لم يتظاهروا ..سمعوا وأطاعوا
لولي أمر بلادهم ..) !!
مبدأ وعقيدة طاعة ولي الأمر بهذا الغلو عند الجامية ليس بالأمر الجديد
..وقد كتبت عنه هنا مقالا في هذه المجموعة بعنوان ( الجامية بين الله والسلطان )
حتى أصبحت تشعر أن امتثالهم في طاعة ولي الأمر مقدم على طاعة الله ورسوله فيما فيه
مخالفة لولي الأمر عندهم فشابهوا الفرقة الإثناعشرية تماما في جعل الإمامة وطاعة
الأئمة من أولويات العقيدة إن لم تكن أولها ، مع أنها عند أهل السنة من المسائل
الفقهية التي لها أحكامها المتعلقة بها .
الجديد ليس هذا بل الجديد هو ما آل إليه مؤخرا هذا الفهم العجيب
للشريعة حين يتخلى المسلم عن ماله ووطنه وتركه لأهل البدع والشرك بزعم امتثال أمر ولي الأمر وإغفال عشرات النصوص
التي تدعوا للثبات قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله
لعلكم تفلحون )الأنفال . وفي الصحيحين: (يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا اللّه
العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) وقد حذر
الله تعالى من التولي يوم الزحف وإني لأخشى أن يكون هذا من التولي !!
. والدفاع عن المال والعرض وإن أدى ذلك للقتل فهو شهادة ومنها قول رسول
الله صلى الله عليه وسلم ( من
قتل دون ماله فهو شهيد ) رواه البخاري. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ..
إغفال هذا المعنى ( الفطري ) و( الشرعي) من الدفاع عن المال والأرض
والعرض بالتسليم المطلق لولي الأمر فيما يأمر به دون عرضه على كتاب الله وسنة
رسوله والتسليم بذلك طوعا دون إبداء رأي مخالف أو معارضة هو أحد أبرز عقائد ( الجبرية ) الذين تركوا
العمل ودعوا أنه مسيرون في هذه الحياة وفق مايقدره الله لهم ..هؤلاء شابهوا هذه
الفرقة بل هم في الحقيقة أسوأ فالجبرية الأوائل سلموا أمرهم لأقدار الله وهؤلاء
الجبرية المتأخرة سلموا وفوضوا أمرهم بيد الحاكم يفعل بهم كيف شاء دون رأي أو
مشورة منهم. مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو النبي وولي الأمر في زمانه
كان يُعارض في بعض الأمور التي ليس فيها وحي والشواهد على ذلك كثيرة .
هذه العقيدة كانت أحد أهم أسباب الإستعمار في العالم الإسلامي وقد فطن لها المستعمر الغربي في دعم المتصوفة
آنذاك الذين كان أحد مبادئهم وأقوالهم (إذا
سلط الله على قوم ظالماً فليس لأحد أن يقاوم أرادة الله أو أن يتأفف منها)
فترى المستعمر كان ولازال يدعم الطوائف الصوفية ويبارك وجودها وليس ذلك إلا أنهم
أخرجوا فكرة الجهاد ومقاومة الظلم بدعوى التسليم بالقدر وإرادة الله ..أما عند
الجامية فالتسليم هو لإرادة ومشيئة ولي الأمر !!
إنه لمن المؤسف حقاً أن يتسلل هذا المفهوم الدخيل الذي جنى على
الشريعة وطمس معالم عزتها وقوتها إلى بعض من ينسب نفسه ـ زورا ـ للسلف الصالح بل
ويتصدر المجالس والمنابر مدعيا أنه على عقيدة السلف ..كيف وكلنا يعلم جيدا أن غالب
أئمة السلف من الصحابة وتابعيهم مات تحت ظل سيفه وبذل ماله ونفسه دفاعا عن دينه
وما رضي الدنية والمساومة عليه ..
إنه لمن العار حقاً أن يترك المسلم بيوت الله يدنسها أهل الباطن
والباطل كما يدنس أعراض ودماء الحرائر من المستضعفين من النساء والولدان وهو يولي
بظهره ليس ناصراً لهم أو طالبا لنصره .. زاعما أنه بهذا الخور والجبن والإنسحاب
حقق مكسباً عقديا كبيرا في عدم مشابهة مخالفيه وخصومه بالإعتصامات والمظاهرات !! فجعل
هذا هو الهدف وهو الغاية وأقامه مقام الدليل ضاربا بأوامر الله ونبيه وراء ظهره ،
فأي خير يرجى من كان هذا معتقده ، وكأني بنساء تلك القرية وهن ينظرن لهؤلاء
المشائخ وطلبة العلم حاملين كتبهم وأسفارهم مولين ظهورهم ليخلفهم الباطنيون على تلك
الأعراض ..فيتساءلن تيك النسوة أي دين هذا الذي دعا هؤلاء الرجال لترك نصرتهن وأي
رجولة وأي موقف ( مخزٍ) سيسجله التاريخ !!!
بقلم: الشريف موسى الصعب
م عبدالعزيز قاسم_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..