الجمعة، 7 فبراير 2014

جواب أسئلة من الأستاذ بسام ناصر حول الثورات العربية والموقف منها

هذا حوار عبر البريد الإلكتروني بدأه الأستاذ بسام ناصر الكاتب والصحفي والمراسل الإخباري
المعروف حول الثورات العربية وتباين مواقف الشرعيين منها ، وقد نشر أجزاء منه على عدد من الصحف الإردنية ، ورأيت أن أنشره هنا كاملاً . 

بسام ناصر : فضيلة  الدكتور محمد السعيدي حفظه الله ورعاه 
السلام عليكم وبعد
فأرجو أن تكون بخير وعافية
أود إحاطتكم علما بأنني أقوم بإعداد تحقيق صحفي بعنوان" مواقف الشرعيين من الربيع العربي بين الرفض والتأييد
أملا منك التكرم بالإجابة على الأسئلة التالية


بسام  : تباين الرأي الشرعي في حكم المظاهرات والاعتصامات والمسيرات. ما هي الأسباب  برأيك؟

السعيدي - ربما نجد أسباباً متعددة لهذا التباين ، لكن الغالب في تصوري  هو تباينهم في تقدير المصلحة والمفسدة ، فبينما يرى فريق أن المظاهرات والاعتصامات والمسيرات تحقق ضغطاً على متخذي القرار كي يراعوا إرادة الأمة في كل قراراتهم ويحترسوا أشد الاحتراس من العمل بما لا يحقق مصالح الشعوب ، يرى آخرون أن هذه الإجراءات ومن خلال سبر لتاريخها في العالم الغربي والإسلامي لم تحقق ما يُزعم أنها وُضعت لأجله ، فلا زالت الحكومات القوية في الغرب لا ترضخ لمثل هذه الإجراءات إلا شكليا ، بل إنها تقمعها بشدة حين تتجاوز الحد الذي قُرِّرَ لها أن تمضي فيه  ، ويُضيفون : إنهم لو رحبوا بمثل هذه الإجراءات في العالم العربي فلن يكون ذلك إلا إجراءً عبثياً يؤخر اتخاذ القرار ويزيد من نفوذ المنظمات الحقوقية الدولية المغرضة في شؤون بلادنا العربية ، وينشغل بها الناس عما هو أنفع لبلادهم ودينهم ودنياهم . 
هذا الاختلاف في تقدير المصالح والمفاسد هو في رأيي أبرزُ أسباب الاختلاف في هذه القضية .


بسام: كيف تنظر كشرعي إلى الربيع العربي؟  
هل ترى فيه روحا جديدة تسري في الأمة ، أم مقدمات لتقسيم العالم العربي؟

السعيدي :الروح الجديدة بدأت تسري في الأمة ولله الحمد قبل الثورات العربية بزمن بعيد ، هذه الروح هي التي أطلقت الثورة الجزائرية ضد الفرنسيين،  والليبية ضد الإيطاليين ، والثورات المتعددة في المغرب الأقصى ضد إسبانيا وفرنسا مجتمعتين ، هذه الروح هي التي كونت المملكة العربية السعودية من لا شئ لتكون دولة تشغل ثلثي مساحة الجزيرة العربية ، الأمة من ذلك التاريخ لم تفقد الروح الباعثة التي أصبح كل عام يرينا تضاعف أثرها على أفراد الأمة .
بل إن  هذه الروح هي السبب في نجاح الفصل الأول من فصول الثورات العربية ، 
هي السبب في النجاح وليست السبب في فشل النيجة كما يتصور البعض .
هذه الروح العظيمة استغلتها للأسف أجهزة الاستخبارات العالمية لإشعال هذه الثورات ، حيث كانت التجربة من تونس ثم توالت بعد ذلك لتتوقف وقفتها الماساوية في سوريا .


بسام : لماذا لا يتفق الشرعيون على تأييد الربيع العربي بما يمثله من إحياء وإشاعة لقيم جوهرية كالحرية والعدالة وإعادة الاعتبار للشعوب كمصدر للسلطة؟

السعيدي : من الشرعيين من يرى ذلك ويؤيد ما يسمى بالربيع العربي ، وهذا الأمر ليس له علاقة بالشرعي وغير الشرعي ، بل علاقته باستشراف المستقبل وتفاوت الناس فيه . بالنسبة لي لا أزال على رأيي الذي عبرتُ عنه من بداية الثورة التونسية ، وهو أن هذه الثورات خرجت على الناس بكفنها سائرة نحو مدفنها ، وكل يوم تزداد قناعتي لما أرى من واقع بلاد الربيع العربي المزري  الذي لم يكن مستغرباً لدي .
وقولك : إن الثورات تمثل الحرية والعدالة ، غير صحيح ، فكلنا تابعنا هذه الثورات ولم نجد في مطالب الثوار شيئاً سوى إسقاط النظام ، كان الكل منشغلاً بالمطالبة بسقوط النظام ،  ولم تكن الحرية والعدالة تشكل سوى دافعٍ تعبوي كي يخرج الناس للشارع ، ولم تكن مطلباً.
تبين لي من أحداث الثورات أن أكثر النخب لا تحسن التفريق بين الشعارات التعبوية وبين المطالب ، المطلب كان إسقاط النظام والحرية والعدالة كانت مجرد شعار تعبوي.
الشعارات التعبوية هي صراخ في الشوارع فقط ، أما المطالب فهي مشاريع متكاملة .
لم تكن هذه الثورات تحمل مشروعاً لذلك كانت أزمة البحث عن مشروع هي ملخص الصراع الحاصل بعد الثورات.


بسام :  ما هي بدائل وآفاق التغيير عند الشرعيين الرافضين للربيع العربي؟

السعيدي : أكثر الشرعيين الرافضين لهذا الربيع المزعوم -ولعلي أحدهم- لا يمنعهم اعتراضهم على أصل الثورة من الدعوة إلى المشاركة في ثمارها المرة  وغير الناضجة ، لأنهم واقعيون ويرون الأمر قد تم وعدم المشاركة فيه وفق رؤيتهم ربما تزيد الأمر سوءً. 

وآفاق التغيير عند هؤلاء تبدأُ من فهم الواقع وليس من التعالي على الواقع ، ولا يشكون أن كل من دفع باتجاه هذه الثورات وتحمس لها كان متعالياً على الواقع غير محيط بتفاصيله ، مغتراً بقوة الشارع متصوراً أن قوة الشارع هي الورقة الوحيدة في موازين التغيير وبالتالي هي الورقة الرابحة، وهذا هو منتهى الغرور والاغترار، إذ إن لاحق الأيام أثبتت أن ورقة الشارع ليست الورقة الوحيده وأن اللعب بورقة واحدة مضيعة للوقت .
وجد الجميع بعد لاحق الأيام أن الجماهير تستطيع أن تُسقِط الواقف على رأس الهرم لكنها لا تقدر على اقتحام الهرم  كما في مصر وتونس ، وتستطيع كسر الزجاجة لكنها لا تستطع لملمتها كما في ليبيا وتستطيع إشعال النيران لكنها لا تستطيع التخلص من الاحتراق بها كما في سوريا ، وتستطيع حفر البئر لكنها لا تستطيع الحصول على الماء كما في اليمن .
كل ذلك كان يدركه أكثر من عارضوا الثورات من الشرعيين ، وتعامى عنه من تحمس لها من الشرعيين وغيرهم .  
آفاق التغيير أيضا تأتي من تقدير هذا الواقع بقدره والإعداد لتغييره بما يتناسب مع حجمه وما يتناسب أيضا مع حجمنا داخله .
آفاق التغيير تأتي بعد إعدادالمشاريع وليس في حال لا تزال الخصومة على أشدها في مشروعية هذه المشاريع. 
   

Shared by د محمد السعيدي
(@mohamadalsaidi1)
18 hours ago


_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..