الجمعة، 14 فبراير 2014

التشريح علومه وأحكامه

التشريح علومه وأحكامه 
إن تشريح جُثث الموتى أمر قد عَرفَتْه البشرية منذ أزمان مُتطاوِلة؛ فقد عَرَفه المصريون القدماءُ عندما كانوا يُشَرِّحون جُثَث مَوْتاهم، ويُزيلون الأمعاء؛ ليقوموا بتحنيط تلك الجُثَث، وبذلك استطاعَتِ المُومْياوَات المصرية البقاءَ لعادِيات الزمن.
وقام اليونان - وخاصة أبقراط وجالينوس - بتشريح جُثَث الموتى من البشر؛ كما قارنوا ذلك بمعلوماتهم عن الحيوانات.
ويَدَّعي الغربيون أن المسلمين لم يَعرفوا التشريح، ولم يُمارسوه؛ بسبب ما يَفرضه الإسلام من احترام الجُثث؛ كما ورد في الحديث الصحيح: ((كَسْر عظام الميت كَكَسْره حيًّا))[1]، ولا شك أن الإسلام قد احترم الإنسان حيًّا وميتًا، وجعل له كرامة ينبغي المُحَافظة عليها في جميع الأحوال؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: 70]، وقد وقف رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عندما مرَّت به جِنازة يهوديّ، فقال أحد الصحابة مُتعجّبًا: "إنها جنازة يهوديّ!!". فقال الرسول الكريم - عليه أفضل الصلاة والسلام -: ((أليست نَفْسًا؟))[2] وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التمثيل ولو بكلب عقور، فكيف بالإنسان؟!

وبرغم أن الإسلام قدِ احترم الإنسان حيًّا وميّتًا؛ منَ التمثيل بالجُثَّة أوِ العَبَث بها، فإنَّ تعلُّم الطب يعتبر من الأهداف النبيلة التي تَخْدم الإنسان، وما لا يتم الواجب إلا به يصبح واجبًا، وسنذكر هذه النقطة فيما بعدُ بما تستحقُّه منَ التفصيل، وأقوال الفُقَهاء فيها.
والخلاصة: أنَّ عُلماءَ الطّبِّ من المسلمين، اتَّجَهُوا إلى علم التشريح في الإنسان والحيوان ومَارَسُوه؛ ليتعلَّمُوا الطّبَّ. والإمام الشافعي يقول: "العِلْم عِلْمَان: علم الأديان، وعلم الأبدان". ولا يقوم عِلْم الأبدان إلا بتعلُّم التشريح، ووظائف الأعضاء.
ويقول القاضي الطبيب الفيلسوف الفقيه المالكي أبو الوليد محمَّد بن رشد: "مَنِ اشتغل بالتشريح ازداد إيمانًا بالله".
وسنذْكُر في هذا البحث بعض الأدلة التي تُوَضِّح أن المسلمين قد مارسوا التشريح، وأنهم أسهموا فيه بإسْهَامَات جَمَّة، وأن جهودهم فيه قد أتاحت للبشرية التقدُّم في علم التشريح، وعلوم الطب الأخرى.

وليس صحيحًا أن الأطباء المسلمين كانوا لا يُمَارسُون التشريح؛ بسبب خوفهم من مَحَاكم التفتيش، ومِن بَطْش الفُقهاء كما يدعي "بول غليونجي" حيث يقول: "إني أُرَجِّح أن ابن النفيس قام بصفات تشريحه في الحيوان، إن لم يجرها في جثث آدمية، وكان عليه إجراؤها في جَوٍّ من السرية التامَّة، كما فعل زملاؤه في الغرب في عصر النهضة؛ فإنما فَعَل هذا الإسكات رجالُ الدين؛ كما فعل بعده "جاليليو"، و"كبلر"، و"كوبرنيكس"؛ خوفًا من محاكم التفتيش"[3]:
ولا شَكّ أنَّ كلام "بول غليونجي" مُتناقِض، ومضطرب، ومناقض للحقيقة، فهو يدعي تارة أنه لم يُشَرِّح إلا الحيوانات، ثم يَدَّعي أنَّه مَارَس التشريح سرًّا؛ خوفًا من رجال الدين!! وإذا كان لم يُشَرِّح إلا الحيوانات، فلماذا السرية؟ ثم ادَّعى أن هناك محاكمَ تفتيش، وقتلاً، وسَحْلاً للعُلماء؛ كما حدث في أوروبا "لجاليليو"، و"كبلر"، و"كوبرنيكس".. وهو كذب وافتراء.

فابْنُ النفيس فقيه شافعي، وابن رشد فقيه مالكي؛ وكل الأطباء المُسلمين كانت لهم ثقافة دينية واسعة وكان بعضُهم - كما سيأتي - من أساطين الطب والفِقْه، أو علوم الحديث.
ولم يكن هناك فِصَام نَكِد بين علوم الدين وعلوم الدنيا، ولم يحدث قط أن عُذِّب عالم من علماء المسلمين؛ من أجل بحوثه الطبية، أو الفلكية، أو الكيميائية، أو الفيزيائية.. إلخ؛ بل وجدوا التكريم، والتشجيع من الخُلَفاء، والعامَّة.

المَوْقِف الفِقْهي من تشريح جُثَث الموتى.
لم يبحث الفُقهاء الأقْدَمُون بحثًا مُفَصَّلاً في موضوع تشريح الجثث، سوى ما جاء في شق بطن الحامل الميت؛ لإخراج جنينها إذا ترجَّح حياة الولد في بطنها:
قال ابن عابدين في "حاشيته"[4]: "حامل ماتت وولدها حي يضطرب، يُشَقُّ بطنها من الأيسر ويخرج ولدها، ولو مات الولد في بطنها وهي حيَّة، وخِيف على الأم قطع (الولد)، وأخرج؛ بخلاف ما لو كان حيًّا"؛ أي: إذا كان حيًّا، فلا يجوز تقطيعه.
وقال النووي في "المجموع"[5]: "إذا ماتَتِ امرأة وفي جَوْفها جنينٌ حي يُشَقُّ جَوْفها؛ لأن استبقاءه بإتلاف جزء من الميت، فأشبه ما إذا اضطرَّ إلى أكل جزء من الميت"، ويشترط لذلك أن ترجى حياة الولد بأن يكون له ستة أشهر فأكثر.

وجاء في كتاب "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني[6]، وهو شرح "منهاج الطالبين" للنووي. أنه "لو دُفِنَتِ امرأة وفي بطنها جنينٌ حيٌّ، تُرْجَى حياته بأن يكون له ستة أشهر فأكثر، نُبِشَ قبرُها، وشُقَّ جَوْفها، وأُخرج؛ تداركًا لِلواجب؛ لأنه يجب شق جَوْفها قبل الدفن".
وفي المذهب الحنبلي جاء في "تصحيح الفروع"[7]: "أنه إذا ماتتِ امرأة حامل شُقَّ جَوْفها"، وجاء في "المغني" لابن قُدامة [8]: "يحتمل أن يُشَقّ بطن الأم (الميتة) إن غلب على الظن أن الجنين يَحْيَا".
وذَكَرَ ابْنُ حَزْم في "المحلَّى"[9] أن "لو ماتت حاملٌ، والجنين قد تجاوز سِتَّة أشهر وكان يتحرك، فإنَّ بَطْنَها يُشَقّ، ويخرج منها الطفل، ومَنْ تركه عَمْدًا حتى يموت، فهو قاتل نفس".

وكذلك أباح الفُقهاء الأَقْدَمُون شَقَّ بطن الميت لو بلع مال غيره في أثناء حياته، واختلفوا في التفاصيل؛ فبعضهم لم يجز شق بطنه إذا كان للميت مال، أو إذا كان المال عائدًا له، وبعضهم أجاز ذلك، لأن من حق صاحب المال (جَوْهَرَة مثلاً) أن يُطالِبَ بعَيْن المال، وإن بَلَع الميت (قبل وفاته) مالاً له، فإن المال يصبح بعد وفاته مال الورثة، ومن حقّهم أَخْذ مالهم؛ لذا أجاز بعض الفقهاء الشقُّ (يدعى أحيانًا: البَقْرُ)، ولم يعتبروا ذلك مُثْلَةً.
وقد كتب الأطباء، وكثير منهم فقهاء؛ مثل: القاضي أبي الوليد محمد بن رشد، وابن النفيس كُتُبًا في التشريح؛ ولكنَّ أول مَنْ كَتَب مِنَ الفُقهاء في علم التشريح، وجواز استخدامه: هو شيخ الأزهر العلاَّمة أحمد بن عبدالمنعم الدمنهوري - المتوفى سنة 1192 هـ - الذي صنَّفَ رسالة أسماها: "القول الصريح في علم التشريح"، وشرحها في كتابه "منتهى التشريح بخلاصة القول الصريح في علم التشريح"[10].

وتولى مشيخة الأزهر بعد ذلك الشيخ/ حسن بن محمد العطَّار (1766 – 1834)، وكان مُتفنِّنًا في العلوم الحِكْمِيَّة، إلى جانب تَضَلُّعِهِ في علوم الدين، وله رسائل عدة في الطب والتشريح، وعندما تم تأسيس كلية الطب عام 1827م في القاهرة في أبي زعبل، وتولى زمامها الطبيب الفرنسي كلوت بك، وكان شيخ الأزهر حسن العطار يُفَنِّدُ للطلبة أهمية التشريح وجواز استخدامه؛ لأنه يُؤَدِّي إلى علم الطب، وعلم الطب أحد فروض الكفاية التي اهتم بها الإسلام اهتمامًا شديدًا، واستطاع هذا العلاَّمة أن يقنع طلبة الأزهر الذين كانوا نواة كلية الطب آنذاك بأهمية علم التشريح، وجواز تعلّمه، عندما رأى ثورتهم على كلوت بك، وهو يُشَرِّح الجثث[11]، وفي القرن العشرين أصدر الشيخ/ عبدالمجيد سليم مُفْتِي الديار المصرية فتوى برقم 639 في شعبان 1356 هـ (31 أكتوبر 1937م)[12]، بإباحة التشريح بناءً على أنَّ قواعدَ الدّين الإسلاميّ مبنية على المَصَالح الراجحة، وتحمُّل الضَّرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشدَّ من هذا الضرر، وقد تمثَّلَت الفتوى في النقاط التالية:-
الأولى: في تشريح جُثَّة القتيل؛ لإثبات التُّهْمَة على القاتل، أو لإثبات براءته.
الثانية: في حالة تشريح جُثَّة المتوفَّى بالسم؛ لمعرفة سبب الوفاة، ونوع السم.
الثالثة: تشريح الجثة؛ لتعليم الطب، ومعرفة الأمراض، والمصلحة في ذلك أعمّ وأشْمَل.
وصدرت بعد ذلك فتوى الشيخ/ حسنين مخلوف عام 1951م، وأكَّد فيها: جواز تشريح الجثث للأغراض السابقة (مفتي الديار المصرية في تلك الفترة).
وتَتَالَتِ الفتاوَى من مختلف أصقاع العالم الإسلامي، وكان من آخرها بحث اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، حول موضوع تشريح جثث الموتى في 21/7/1396 هـ[13]، وقرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية (الدورة التاسعة) رقم 47 وتاريخ 20/8/1396 هـ[14].

وقَرار المَجْمَع الفقهي لرابطة العالم الإسلام، الدورة العاشرة (24 – 28 صفر 1408 هـ /17 – 21 أكتوبر 1987م) بشأن تشريح جُثَث الموتى[15].
وقد أباحَتْ هذه الفتاوى، وكثيرٌ غَيرُها التشريحَ لأحد الأغراض التالية:
(أ) التحقيق في دَعْوَى جنائيَّة؛ لمعرفة أسباب الموت، أو الجريمة المرتكبة، وذلك عندما يُشكل على القاضي معرفة أسباب الوفاة، ويتبيَّن أنَّ التشريح هو السبيل لمعرفة هذه الأسباب.
(ب) التَّحقُّق من الأمراض التي تستدعي التشريح؛ ليتَّخذ على ضَوْئه الاحتياطات الواقية، والعلاجات المناسبة لتلك الأمراض.
(ج) تعليم الطب وتعلّمه؛ كما هو الحال في كليات الطب.

وقَدِ اسْتَخْدَمَ الأطبّاء والفقهاء المسلمون علم التشريح في الأغراض التالية:-
1- تعلُّم التشريح لمعرفة الأعضاء وصفاتها وارتباطاتها؛ أي: لغرض تعلم الطب، وكان علم التشريح مُرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بعلم وظائف الأعضاء (الفسيولوجيا)، ولم يكونا قد انْفَصَلا بعدُ إلى عِلْمَيْنِ مستقلّينِ. لذا كانت أهمية علم التشريح مُضاعَفَة.
2 – غرض معرفة الأمراض، وأنواعها، وتأثيراتها المختلفة في البدن، وهو ما يعرف اليوم باسم Autopsy or Necropsy  .
3 - معرفة سبب الوفاة، أو الإصابة في حوادث القتل، أو التسمّم، أوِ الإصابات مما يعرف اليوم باسم الطب الشرعي (القانوني) Forenisc Medicine  .
4 - تعلُّمُ التَّشريح وتعليمُه؛ من أجْلِ الدَّعوة إلى الله وتعميق الإيمان.
وفيما يلي تفصيل لهذه النقاط الأربع.

أغراض علم التشريح عند المسلمين:
1 – تعلُّم التشريح لمعرفة الأعضاء وصفاتها، وارتباطاتها Anatomy  .
وهو مُرْتَبِط بِعِلْم وظائف الأعضاء ارْتِباطًا وثيقًا، ولا بُدّ أن يتعلم طالب الطب تشريح الجُثَث؛ للتعرف على الجسم الإنساني.
يقول أبو بكر محمد بن زكريا الرازي المتوفى سنة 322 هـ صاحب "الحاوي" و"المنصوري": "أول ما يُسْأَل عنه الطالب: التشريح، ومنافع الأعضاء، وهل عنده عِلْم بالقياس، وحسن فهمٍ ودرايةٍ في معرفة كُتُب القدماء، فإن لم يَكُنْ عِنده علمٌ فليس بك حاجة إلى امتحانه في المرضى"[16].
ويقول: "يحتاج في استدراك علل الأعضاء الباطنة إلى العلم بجوهرها أولاً، بأن تكون قد شوهدت بالتشريح"[17].

ويقول أبو القاسم خلف بن العباس الزهراوي في كتابه الفريد: "التصريف لمن عجز عن التأليف": "وينبغي لصاحبها - أي الجراحة - أن يَرْتَاضَ قبل ذلك في علم التشريح، حتى يقف على منافع الأعصاب، والعضلات، وعددها، ومخارجها، والعروق، والقوابص، والسواكن، ومواضع مخارجها؛ لأنه من لم يكن عالمًا بما ذكَرْنا من التشريح، لم يخلُ أن يقع في خطأ يقتل الناس به؛ كما شاهدتُ كثيرًا ممن تصور هذا العلم وادَّعاه، بغير علم ولا دراية، وذلك أني رأيتُ طبيبًا جاهلاً قد شقَّ على ورم ختوري في عنق امرأة، فأصاب بعض شريانات العُنُق فنزف دم المرأة حتى سقطت ميتة"[18].
وكان من ضِمْن الشروط الَّتي يَضَعُها المحتسِب - وهو الذي يعطي الترخيص بمزاولة مهنة الطب وغيرها من المهن - أن يعرف مَنْ يريد مُمارسة الطب علم التشريح، ووظائف الأعضاء.. وقد ذكر الشيرازي في كتابه "نهاية الرتبة في طب الحسبة": "أن الطبيب هو العارف بتركيب البدن ومزاج الأعضاء"، وأوجب المحتسب على الفصَّادين والحجَّامِين ألا يتصدى للفَصْد إلا من اشتهرت معرفته بتشريح الأعضاء، والعروق، والعَضَل، والشرايين، وأحاط بمعرفة تركيبها، وكيفيتها؛ لِئَلاَّ يقع المِبْضَع في عِرْق غير مقصود، أو في عضلة، أو شريان، فيؤدي إلى زمانة العضو، وهلاك المَفْصُود.

وطلب المحتسب من الكحال - طبيب العيون - أن يكون عارفًا بتشريح طبقات العين السبعة، وعدد رطوباتها الثلاث.
2 – معرفة الأمراض، وأنواعها، وتأثيراتها المختلفة في البدن Autopsy Necropsy  .
وقد عرفه الأطباء المسلمون كذلك.
يقول علاء الدين أبو الحسن علي بن الحزم القرشي المشهور بابن النفيس (607 - 687هـ) "إنَّ العُروقَ الصغيرة في الجِلْد يَعْسُرُ في الأحياء (ملاحظتها) لتألُّمِهم، وكذلك في المَوْتَى الذين ماتوا من أمراض تقلِّل الدم؛ كالإسهال، والدق، وأنَّه يَسْهُل فِيمَنْ ماتَ بالخَنْقِ؛ لأنَّ الخَنْقَ يُحَرّكُ الرُّوح والدَّمَ إلى الخارج فتنتفخ العروق، على أنَّ هذا التَّشْرِيحَ ينبَغِي أن يَعْقُبَ الموت مباشرة لتجنب تجمد الدم".
وهذا الوَصْف أيضًا يدخل ضمن الغَرَض التالي من أغراض التشريح، وهو معرفة سبب الوفاة في القضايا الجنائية، وهو ما يعرف بالطب الشرعي.
وذكر أبو القاسم الزهراوي في كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف": "وضرورة تشريح الأجسام بعد الموت؛ لمعرفة سبب الوفاة؛ للانتفاع بهذه النتائج في الأحوال المماثلة"[19].

ويقول أبو بكر الرَّازِيّ: "يحتاج في استدراك علل الأعضاء الباطنة إلى العلم بجوهرها أولاً بأن تكون قد شُوهِدَتْ بالتشريح" (كتاب الحاوي في الطب).
3 – معرفة سبب الوفاة أو الإصابة في حوادث القَتْل، أو التسمم، أو الإصابات مما يدخل تحت باب ما يعرف اليوم باسم "الطب الشرعي" Forensic Medicine  ، وما نقلناه عن ابن النفيس في الفقرة السابقة يمثل ذلك.
كما أن الفُقَهاء اهتموا بهذا الفرع من فروع علم التشريح اهتمامًا شديدًا.
وعلى سبيل المثال ذكر الفقهاء: شِجاج الرأس والوجه (لا يسمى شَجًّا في غير الرأس والوَجْه) وفصَّلوا فيه تفصيلاً عجيبًا يدُلّ على مَعْرِفة واسعةٍ بالتَّشريح.

جاء في "مُغْنِي المحتاج" التقسيم التالي للشِّجاج[20]:-
حارِصَة: وهي ما شقَّ الجلد قليلاً؛ كالخدش، وتُسَمَّى أيضًا القاشِرة.
دامية: وهي التي تُدْمِيه؛ أي الشقّ، غير سيلان دم.
دامعة: وهي التي يَسيل منها الدم.
باضعة: وهي التي تقطع اللحم الذي بعد الجلد شقًّا خفيفًا.
مُتلاحِمَة: وهي التي تَغُوص في اللحم، ولكنها تلتَحِمُ غالبًا.
سِمْحَاق: وهي التي تبلغ سِمْحَاقَ العظم Periostium  .
مُوضِحَة: وهي التي تُوضِحُ، وتكشف العظم بحيث يُقرَع بالمِرْوَد.
هاشِمَة : وهي التي تَهْشِمُ، وتَكْسِرُ الرأس.
مُنَقِّلَة:وهي التي تُنَقِّل العظم من مكان لآخر.
مَأْمُومَة: وتسمى آمَّة: وهي التي تبلغ خريطة الدِّماغ المحيطة به، وهي أمُّ الرأس دون أن تَخْرِقَها Dura mater  .
دَامِغَة: وهي التي تَخْرِقُ أمَّ الدماغ وتصل إلى الدِّماغ، وهي في الغالب مُذَفِّفَة، وتَقضي على المصاب.

وقد استدلّ بعض الفُقهاء على نتائج الأحكام الشرعية، التي وصلوا إليها بما جاء في التشريح، ومن ذلك ما ذكره الإمام الْقَرَافِيُّ في كتابه "الفروق"[21]، من أنَّ الأَعْوَر الذي ذهبت إحدى عينيه، إذا اعتدى شخص على عَيْنِه الباقية له دِيَة كاملة (وهي دية العينينِ)، ويستشهد على ذلك بعلم التشريح للاستدلال على صِحَّة ما ذهب إليه، من أن العين الذاهبة يرجع ضوؤها للباقية؛ لأن مجراهما في النور واحد؛ كما يشهد به علم التشريح (حَسَبَ قوله).
وقد ذكر أبو الوليد محمد بن أحمد بن رُشْد في كتابه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"[22] قريبًا من هذا القول "وقالوا: إنَّ فَقْءَ عين الأعور يستوجب الدية كاملة، وعُمْدَة مَنْ قال بهذا القول أن عين الأَعْوَر بمنزلة العينينِ، فمَنْ فقأها فكأنه أصاب اثنتينِ".
وذكر الإمام النووي في "المجموع" أنَّ القاضيَ أبا الطيِّب قد شقَّ ذَكَرَ الرَّجُلِ فوجد أنَّ مَجرى البول غير مَجرى المَنِيِّ، وعليه فإن المَنِيَّ طاهر[23]، وبرغم أنَّ هذا الكلام غير صحيح إلا أنه يوضح مدى استخدام التشريح من الفقهاء أنفسِهِم؛ لإثبات قضايا فقهية وتشريعية.

4 – تعلُّم التشريح؛ من أجل الدعوة إلى الله وزيادة الإيمان: قال القاضي الطبيب الفيلسوف أبو الوليد محمد بن رشد: "منِ اشتغل بالتشريح ازداد إيمانًا بالله". وقال الإمام الشافعي - رحمه الله -: "العلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان"[24]، وعلم الأبدان لا شك يشتمل على علم التشريح، وعلم وظائف الأعضاء.
وقد اهتم القرآن الكريم والسنة المطهرة بتوضيح مراحل خلق الإنسان وتطور خلقه من نطفة إلى مضغة مخلَّقَة وغير مُخَلَّقَة، وإلى العظام التي تتكون من المُضْغَة فيكسوها اللحم ثم يُنشِئُها الله خَلْقًا آخر؛ قال تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 12- 16].

وتعرَّض القرآن الكريم والسنة المطهرة لِلَفْتِ الانتباه إلى قدرة الله - سبحانه وتعالى - في خلق الإنسان، وتكوين جسمه، ووظائف أعضائه وحواسه، واستخدام ذلك كله لإثبات البعث والمعاد؛ ولتثبيت الإيمان بالله وباليوم الآخر[25].
وقدِ اهتمَّ عُلماءُ الإِسلام منذ عهود طويلة بهذه الحقائق، واستخدموا علم التشريح، ووظائف الأعضاء؛ لتدعيم الإيمان وتقويته حتى اشتُهِرَ قول القائل: "مَنْ عرف نفسه فقد عرف ربَّه"[26]. كيف لا؟ والمولى سبحانه وتعالى قد أمر بذلك قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21].
ومن أبرز العلماء الذين استخدموا علم التشريح في الدعوة إلى الله الإمام الغزالي وخاصة في كتابه: "الحكمة في مخلوقات الله"[27] الذي جعل فيه فصولاً عن التشريح وحكمة الأعضاء.
وكذلك فعل الإمام ابن القَيِّم، الذي استخدم معلوماته الواسعة في التشريح في كثير من كُتُبه مثل: "التبيان في أقسام القرآن"، و"مفتاح دار السعادة" و"طريق الهجرتين" و"تحفة المودود في أحكام المولود".

واستطاع الفخر الرازيّ الأصوليّ المفسِّر الفقيه الشافعيّ أن يستخدم معلوماته الواسعة في الطب، وفي التَّشريح، ووظائف الأعضاء على وَجْه الخُصوص؛ لإثبات قُدْرة الله وحكمته في كتابه الواسع: "التفسير الكبير" (تفسير القرآن العظيم)، وفي كتابه "المباحث الشرقية".
وقد استخدم القاضي الطبيب الفيلسوف أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد، معلوماته الواسعة في التشريح بالذات في الغرض ذاته في كتابه "الكليات"، وفي كتابه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، والأول: من أهم المراجع الطبية في القرون الوسطى، والثاني: من أهل المراجع الفقهية إلى يومنا، وقد استخدم ابن الطفيل الأندلسي (المتوفى سنة 1185م) علم هذا التشريح في قصته حي بن يقظان الذي شرح الظبية؛ لإثبات قُدْرة الله - سبحانه وتعالى - وبث في هذه القصة فلسفته وآراءَهُ الخاصَّة التي تختلف عن بعض آراء الفقهاء، ورجال الشريعة.
وقد عارَضَ هذه القِصَّة بِقِصَّة مماثلة أبو العلاء علي بن الحزم القرشي المشهور بابن النفيس (607 - 687 هـ / 1210 - 1288)، وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى؛ كما هو معروف وهو - بالإضافة إلى كونه طبيبًا ماهرًا حاذقًا – أحدُ علماء الشافعية، وعدَّه الإمام السُّبْكي في طبقات الشافعية.
وسمى ابن النفيس رسالته هذه "الرسالة الكاملية"، وتعرف أيضًا باسم بطل القصة "فاضل بن ناطق"، وغرض الرسالة بيانُ ما بين الشريعة والحكمة (الفلسفة) من اتصال، وقد حاول ابن النفيس أن يثبت على لسان بطل قِصَّته: أنَّ العقل البشري قادِرٌ في تأمُّله المنطقيّ البَحْت على الوصول إلى الإيمان بالله، وضرورة إرسال الرسل، وإثبات اليوم الآخر، وقد استخدم ابن النفيس معلوماته الواسعة في علم التشريح، ووظائف الأعضاء؛ للوصول إلى غرضه ذلك.

إسهامات الحضارة الإسلامية في علم التشريح:
أسهمتِ الحضارة الإسلامية في مختلف فروع الطِّبِّ، وحظيَ التشريح بقسم وافِر منها، ولم يسهم في ذلك الأطباء المسلمون فحسب؛ ولكن كما هو متوقَّع، أسهم أيضًا أهل الذمة في تلك الحضارة.
ومن المعلوم أن أطباء الملوك والخلفاء كانوا في كثير من الأحيان من النصارى، أو الصابئة، أو اليهود؛ فعلى سبيل المثال: كان أبو الحكم الدمشقي النصراني طبيبًا خاصًّا لمُعاوية بن أبي سفيان، ثم لسلسلة خلفاء بني أمية، حتى عهد الوليد بن عبدالملك، وتولَّتْ عائلة (بختيشوع) النصرانية هذا المنصب لدى الدولة العباسية، منذ عهد المنصور العباسي حتى عهد المأمون، وكذلك اشتهرت عائلة ماسويه الذي كان منهم "يُوحنَّا بن ماسويه" رئيس بيت الحكمة، وأحد أطباء المأمون العبَّاسي.

واشتهر كذلك حنين بن إسحاق النصراني، وابنه إسحاق، وابن أخته حبيش، وتولَّوْا مناصبَ باذخةً، وكان ابن القف النصراني أحد الأطباء المشهورين، وكذلك كان موسى بن ميمون (أبو عمران) اليهودي الذي اشتهر في الغرب باسم ميمونيدس، الذي تولى منصب الطبيب الخاص للناصر صلاح الدين الأيوبي، وفيما يلي بعض الأمثلة من هذه الإسهامات في علم التشريح.

من إسهامات أبي بكر الرازي (251 – 311 هـ) في التشريح:
هو أحدُ أعلام الطب في الإسلام؛ بل في التاريخ البشري، وُلِد بالري (بالقرب من طهران) من أصل فارسي، ونبغ في الطّبّ، والكيمياء، والفلسفة، ومن إسهاماته في علم التشريح أنَّه كان أوَّل مَنْ وصف الفرع الحنجري الراجع للعصب الصاعد (N.   Recurrent Larngel  ) وقد وصف الأعصاب المغذّية لأصابع اليد بِدِقَّة، حيث قال في كتابه "الحاوي": "رجل سقط من دابته فذهب حسُّ الخنصر والبنصر، ونصف الوسطى من يديه، فلما علمتُ أنه سقط على آخر فقار في الرقبة، علمتُ أنه مخرج العصب الذي بعده الفقرة السابعة أصابها في أول مخرجها؛ لأني كنت أعلم من التشريح أنَّ الجزء الأسفل من أجزاء العصبة الأخيرة النابت من العنق، يصير إلى الإصبعين الخنصر والبنصر، ويتفرَّق في الجلد المحيط بهما، وفي النصف من جلد الوسطى".
ويصف الرازيُّ تشريح الرَّحِمِ[28] فيقول: "الرحم موضوع فيما بين المثانة والمِعاء المستقيم إلا أنه يفضل على المثانة إلى ناحية فوقُ... وهو مربوط برباطات سلسلية... وله بطنان ينتهيان إلى فم واحد وزائدتان، تسميان قرني الرحم، وخلف هاتين الزائدتين بيضتا المرأة، وهما أصغر من التي للرجل وأشد تفرطحًا، وينصبُّ منهما مَني (أي إفراز البيضات) إلى تجويف الرحم".

من إسهامات ابن سينا (الشيخ الرئيس الحسين بن عبدالله بن سينا) (370 – 428 هـ)[29] في التشريح:
يعتبر ابن سينا أشهر أطبَّاء المسلمين، وظل كتابه الموسوعيّ الطبيّ "القانون" المرجعَ الأول لتدريس الطب في العالم الإسلامي وفي أوربا لعدة قرون، وقد وزع ابن سينا ما كتبه عن التشريح في مختلف فصول كتابه، ثم جمعها مفردة ابن النفيس، وشرح ما فيه، وهو كتاب نفيس جدًّا، وسماه "شرح كتاب التَّشريح من قانون ابن سينا".
وقد تحدث ابن سينا بتفصيل وافٍ عن العظام والمفاصل والعضلات[30].
وتحدث عنها عظمًا عظمًا، كما تحدث عن كل مفصل، وكل عضلة من عضلات الجسم، وتحدث عن تشريح الأعصاب، وجعل ذلك في ستة فصول.
تحدث عن تشريح العصب الدِّماغيّ ومسالكه، وعصب نخاع العنق، وعصب فِقار الصدر، وعصب فِقار القَطَن، وتشريح العَصَب العَجُزِي والعُصْعُصِيّ بدقة عجيبة، وهو لا يختلف عما يدرس اليوم في كليَّات الطب.

ثم تحدث عن الشرايين في خمسة فصول، وتحدث عن الأوردة في خمسة فصول أخرى، وفي ذلك كان قريبًا مما يدرس اليوم في كليات الطب، مع وجود بعض الأخطاء البسيطة.
وتحدَّث ابن سينا عن تشريح القلب عند حديثه عن القلب وأمراضه، وتشريح الرئتين عند حديثه عن الرئتين وأمراضها، وعن الكُلَى والكبد والطِّحال والمثانة... إلخ عند حديثه عن أمراض هذه الأعضاء في مواضعها.
وما كتبه ابْنُ سينا في التشريح مُفَرَّقًا يُشَكِّل ثروة كبيرة، وفيها بعض الأخطاء العلمية، ومع ذلك تُعْتَبَرُ مَفْخَرَةً بالنسبة لعصره وزمانِه، ولولا أنَّنا التَزَمْنا بِالاخْتِصار لَنَقَلْنا عِدَّة نُقول، توضّح تضلّعه في علم التشريح ووظائف الأعضاء، التي كانت معروفة في زمنه، وإسهاماته وملاحظاته الدقيقة فيها.
إسهامات ابن النفيس (علاء الدين أبو الحسن علي بن الحزم القرشي) (607 – 687هـ).
يُعتبر ابْنُ النفيس بحقٍّ مكتشِفَ الدورة الدموية الصغرى قبل ويليام هارفي بعدة قرون، ولا يزال أهل الغرب يحاولون طمس فضله على الطب، والتشريح بصفة خاصة.

وقد قام ابن النفيس بتشريح القلب تشريحًا دقيقًا، وردَّ على ابن سينا وجالينوس وغيرِهِم من أساطين الطب، وقد ردَّ على مَنْ قال: "إنَّ في القلب ثلاثةَ بطون"، وقال: "هذا الكلام لا يصح؛ فإنَّ القلب له بطنان فقط، والتشريح يكذّب ما قالوه".
وكان ابن النفيس أول من وصف الشرايين التاجية (الإكليلية) المغذية للقلب، وانتقد في ذلك ابن سينا الذي ظن أن القلب يتغذَّى من الدم الموجود في تجويفه مباشرة، قال ابن النفيس في "شرح تشريح القانون": "وقوله (أي ابن سينا) والذي في البطين الأيمن يغذي القلب، لا يصح فغذاؤه من العروق المارة في جسمه".
ووصف ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى بدقة، حيث قال: "إذا لَطُفَ الدم في التجويف الأيمن (من القلب) فلا بد من نُفُوذه إلى التجويف الأيسر، حيث تولد الروح[31] وليس بين التجويفين منفذ، فإن جِرْم القلب هناك سميك، وليس فيه منفذ ظاهر كما ظن جماعة (يقصد ابن سينا)، ولا غير ظاهر يصلح لنفوذ الدم كما ظنَّ جالينوس، فإنَّ مسامَّ القلب هناك مستحصنة، وجِرْمَهُ غليظ، فلا بد وأن يكون هذا الدم إذا لَطُفَ نفذ في الوريد الشرياني (يسمى الآن الشريان الرئوي) إلى الرئة، لينبث في جِرْمِها، ويخالط الهواء، ويتصفَّى ما فيه (أي يخرج ثاني أوكسيد الكربون، ويتلقَّى الأوكسجين)، وينفذ إلى الشريان الوريدي (تسمى الآن الأوردة الرئوية، وهي أربعة تصب في الأذين الأيسر)؛ ليوصله إلى التجويف الأيسر من القلب".

إسهامات علي بن العباس المجوسي[32] (القرن الرابع الهجري):
صاحب كتاب "الكامل في الصناعة الطبية"، والذي اشتُهِرَ باسم الملوكي.
كان أوَّل مَنْ أشارَ إلى الدَّورَةِ الدَّمَوِيَّة في الأوْعِية الشعرية، حيث قال: "إنَّ العروق غير الضوارب فيها منافذ إلى الضوارب، والدليل على ذلك أن العِرْق الضارب إذا انقطع استفرغ منه الدم من العروق غير الضوارب"[33].
إسهامات ابن القف (أبو الفرج بن موفق الدين يعقوب بن إسحاق) النصراني (من الكرك في الأردن):
له كتاب "العمدة في صناعة الجراحة"، ووصف فيه منافذ القلب الأربعة، وعدد أغشية القلب، ووصف الشعيرات الدموية، وقال إنها شبيهة بأنسجة العنكبوت.

إسهامات عبداللطيف البغدادي المتوفى سنة 629 هـ: 
كان البغدادي أحد أعلام الطب واللغة والحديث، وكان أوَّل من اكتشف أن الفَكَّ الأسفلَ مكوَّن من عظم واحد؛ وليس عظمين بينهما درز كما زعم جالينوس ومن جاء بعده، وقد فَحَصَ البغدادي أكثر من عشرة آلاف جثة أخرجت من تل بالقاهرة وذلك سنة 597 هـ فلم يجد في عظم الفك درزًا قط. وقد ذكر ذلك في كتابه "الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة بأرض مصر".

مثال من كتاب "الكليات" في الطب لابن رشد.
(فصل تشريح العين ووظيفتها)
"ليس الإبصار بشيء يَخرج من العين - على ما يرى ذلك جالينوس - بلِ العين تقبل الألوان بالأجسام المشفة التي فيها، على الجهة التي تقبلها المرآة، إذا انطبعت الألوان فيها أدركتها القوة الباصرة".

ويقول: "العين مركَّبة من سبع طبقات، وثلاث رطوبات، فأولها مما يلي القحف طبقة غِشائية تنشأ من الغشاء الغليظ من أغشية الدِّماغ، وتسمى الصُّلْبة، ثم يليها إلى خارج طبقة أخرى غشائية تنشأ من الغشاء الرقيق من أغشية الدماغ، وتسمى هذه الطبقة المَشِيمة، ثم يلي هذه طبقةٌ شبيهةٌ بِالشَّبكة تنشأ من نفس العصبة الخارج من الدماغ، ثم في وسط هذه الطبقة جسم لين تسمى الرطوبة الزجاجية، وفي وسط هذا الجسم جسم كري، إلا أن فيه أدنى تفرطح شبيه بالجليد في صفائه، وتسمى هذه الرطوبة الجليدية (تسمى الآن العدسة)".
وهو وصف دقيق كلَّ الدِّقَّة، مع معرفةٍ تامَّة بكيفية تكون هذه الطبقات في الجنين، وأنها مرتبطة بالدماغ وأغشيته.

إسهامات ابن الهيثم المتوفى سنة 430 هـ رائد علم البصريات:
يعتبر الحسن بن الهيثم أوَّلَ مَن نبَّه إلى خطأ جالينوس، الذي كان يظن أن الإبصار نتيجة مادة شُعاعية تخرج من العين، وأوضح ابن الهيثم أن العين تنعكس فيها المرئيات بسبب وجود الأجسام المشفة، وهي القرنية والرطوبة الجليدية (العدسة)، وأن هذه المرئيات تنطبع على الشبكية، ثم تنتقل إلى الدماغ بواسطة العَصَب البصري، ويصف ذلك فيقول: "إن المرئيات تنتقل إلى الدماغ بواسطة عَصَب البصر، وإن حِدَّة النظر بين الباصرتين عائدٌ إلى تماثل الصور على الشبكتين"، وهو كلام دقيق ونَفِيس في علم فسيوليجيا الإبصار، ثم ينتقل إلى ذكر الوصف التَّشريحي لعصب الإبصار، وهو وصف رائع ودقيق، حيث يقول: "تنشأ في قرني الدماغ عَصَبَتان، ثم تتَّجِهُ كُلّ واحدةٍ منها نحو الأخرى، فتلتقيان في وسط مقدم الدماغ، بعدئذٍ تعودان فتَفْتَرِقان، وتذهبُ كُلّ عَصَبَة إلى المحجر الخاص بها، وفي المحجر ثقب تدخل منه العصبة، ثم تنتشر وتتَّسع حتى تصبح كالقمع، وتتَّصل حينئذٍ بالشحمة البيضاء".

إسهامات الفخر الرازيّ (محمد بن عمر القرشي المتوفى 606 هـ) الفقيه المفسر الأصولي المتكلم[34]:
يتحدث الفخر الرازيّ عن البصر والإبصار في كتابه الفذّ "المباحث المَشْرِقِيَّة"[35]؛ فيقول: "البصر هو قوة مرتبة في العصبة المجوَّفة، تدرك صورة ما ينطبع (ينعكس) في الرطوبة الجليدية (العدسة) من الأجسام ذوات اللون المتأدّية في الأجسام الشفافة بالفعل إلى سطوح الأجسام الصقيلة..."
ثم يذكر أقوال جالينوس وغيره، ويعلّق عليها قائلاً: "والقول الصحيح هو أنَّ الإبصارَ إنَّما يحصُل بانْطِباع أشباح المرئيات (Images  ) بتوسط الهواء المُشِفّ في الرطوبة الجليدية (العدسة)، ومنها ينتقل إلى عصب الإبصار".
وهو كلام دقيق ورائع في فسيوليجيا الإبصار، وهو مطابق تقريبًا لما نعرفه اليوم.

مساهمات الفقهاء في علوم الطب:
والعجيب حقًّا أن الفقيه والأصوليّ والمتكلم، كان كثيرًا ما يكون متبحّرًا في علوم الطبّ، ومنها علم التشريح ووظائف الأعضاء، وكان الإمام الشافعيّ مُلِمًّا إلمامًا جيّدًا بالعلوم الطبية، وكذلك كان الإمام عليٌّ الرضا، ووالده موسى الكاظم، وجده جعفر الصادق، واشتهر الإمام محمد المازري الفقيه المالكي بالطّبِّ كما اشتهر بالفقه، وكذلك كان القاضي الفيلسوف الطبيب أبو الوليد محمد بن رشد صاحب كتاب "الكُلّيَّات" في الطب، وكتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، وكلاهما من المراجع؛ أحدهما في الطب، والآخر في الفقه.

واشتهر أبو يحيى هاني بن الحسن اللَّخمي الغرناطي المتوفى سنة 614 هـ بتبحُّره في أصول الفقه، كما اشتُهر بتبحُّره في الطبّ، والإمام السنوسيّ الفقيه المحدّث الفَرَضِيّ[36] له شرح على أرجوزة ابن سينا في الطب، وله شرح على صحيح البخاري.
وكان أحمد بن محمد الذهبيّ المتوفى سنة 601 هـ (وهو غير الحافظ أبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة 748 هـ) عالمًا بصناعة الطب مع تَبْرِيزِهِ في الفقه، والقراءات، والنحو، والحديث.

مساهمات الأطباء في علوم اللغة والدين:
وكان الأطباء المشهورون على دِراية واسعة بعلوم الحديث، والفقه، واللغة؛ فقد كان الموفَّق عبداللطيف البغداديّ من علماء الحديث واللغة البارزين، وكان مع ذلك من أعلام الطب.
وكان أبو بكر بن مَرْوانَ بن زهر طبيبًا شاعرًا، يحفظ صحيح البخاري بأسانيده، وكذلك ابن النفيس من أعلام الطب، وهو أيضًا من المشاركين في الفقه؛ حتى عَدَّهُ السبكيّ في "طبقات الشافعية".
وكان الكحَّال بن طَرْخَانَ مبرِّزًا في طُبِّ العيون، وكان متبحِّرًا في اللغة، مُجِيدًا لعلم الحديث.
وكان كثير من شُيوخ الأزهر من المتبحّرين في علومهم الدينية واللغوية، مع تبحُّر في علوم الطبِّ، نذكر منهم العلامة شيخ الأزهر أحمد بن عبدالمنعم الدمنهوريّ المتوفى سنة 1192 هـ صاحب كتاب "القول الصريح في علم التشريح"، والعلامة شيخ الأزهر حسن بن محمد العطار المتوفى سنة 1834 م، وله رسائل عدَّة في الطب وعلم التشريح.

ولولا ضِيق المجال لتَوَسَّعْنَا في إيراد الشواهد والأدلة على أن المسلمين قد ساهموا إسهاماتٍ واسعةً في علم التشريح والفسيوليجا، وأن الأطباء والفقهاء كانوا متفقين متعاضِدِينَ، ولم يكونوا في حرب شعواء؛ كما يدَّعي بعض الغربيين وأتباعهم من أمثال الدكتور بول غليونجي؛ بل كان الأطباء على اطِّلاع على علوم الدين، وكان الفقهاء والمحدثون على اطلاع على علوم الطب.
وكانت علوم الطب في كثير من الأحيان تدرس في المساجد الكبيرة (بما في ذلك علم التشريح)، وكان ابن رشد الطبيب الفيلسوف الفقيه يدرس الطب والفقه في جامع قُرْطُبَةَ، كما كان عبداللطيف البغداديّ يدرس شتى العلوم من حديث، وفقه، وطب في الجامع الأزهر.
وتذكر وثيقة وقف حسام الدين لاجين تخصيص أموال وأوقاف لتدريس الطب في جامع أحمد ابن طولون بالقاهرة.

واتَّسع في عهد السلاجقة، ثم عهد الأتراك العثمانيين إقامة مُجَمَّعات ضخمة، تحوي الجامع الكبير، والمدرسة، والمستشفى، ولا يَزال الكثيرُ منها باقيًا في تركيا إلى يومنا هذا، وقد كانت تُوقَفُ لها الأوقافُ الضخمة، ويتعلم الطلبة الطّبَّ، كما يتعلمون الفقه، والعلوم الدينيةَ واللغويةَ، ثم تأتي سنواتُ الدّراسات العملية في المستشفى تحت إشراف كبار الأطباء.
وكان لا بد أن يَسكن الطلبة قريبًا من المستشفى، والمدرسة، والمسجد الجامع في سكن أُعدَّ لهم خِصِّيصَى لذلك، كما كان كثيرٌ من أساتذتهم يَسكنون قريبًا منهم، ومن الطريف حقًّا أن نجد أن المثقَّف العامّ كان عليه أن يُلِمَّ بعلوم الطّبِّ، وخاصَّةً التشريح وعلم وظائف الأعضاء مثلما عليه أن يُلِمَّ بأحكام الفقه، وعلوم الحديث، والتفسير، واللغة، والنحو، والشعر.

وقد وردتْ قصَّة ظريفة ضِمن قِصص "ألف ليلة وليلة"، جاء فيها أنَّ هارون الرشيد اشترى جارية موهوبة بثمن باهظ، بعد أن امتحنها علماءُ البلاط في مختلف فروع المعرفة المشهورة في عصره، وبدأ امتحانها بالأدب والشعر والبلاغة والنحو، ثُمَّ امتحنها أهل الفقه والحديث والتفسير، وهي تُجِيبُ عن ذلك كله إجاباتٍ دقيقة بارعة، ثم امتحنها علماء الفلك والهيئة فكانتْ إجاباتُها موفَّقة، ثم امتحنها أحدُ الأطبَّاء في علم التشريح ووظائف الأعضاء، وعلم الصِحَّة والغذاء وكيفية تشخيص الداء، وهي في ذلك كله تُجِيبُهم إجابات مقنعة، ثم سألتهم فأَحْرجَتْهُم بالأسئلة العويصة، التي حاروا لها جوابًا[37] [38].

علم التشريح المقارن:
اهتم المسلمون منذ فترة مبكرة من تاريخهم بالتشريح المقارن، وقد وضع محمد على المستنير - المشهور باسم قُطْرُب، وهو من أئمة اللغة والنحو، والمتوفى سنة 206 هـ / 821 - كتابًا في التشريح المقارَن بعنوان "ما خالف فيه الإنسان البهيمة".
وقد قام ابنُ الطفيل بتشريح الظَّبْيَة، ووصف ذلك مفصَّلاً في كتابه "حَيُّ بنُ يَقْظَانَ"، وطلب يوحنا بن مَاسَوَيْهِ من المعتصم العباسي أن يكتب إلى واليه في بلاد النوبة في مصر، أن يرسل مجموعة من القِردة لتشريحها، وكان الأطباء يكثرون من تشريح القردة؛ لقربها من الإنسان ومشابهتها له إلى حد كبير في تركيب جسمه.

وشرَّح الطبيبُ أحمد بن أبي الأشعث (المتوفى سنة 360هـ / 970م) سَبُعًا في حضرة الأمير الغَضَنْفَر، وقد اسْتَصْغَرَ بَعْضُ الحاضرين مَعِدَتَهُ، فصبَّ فيها من الماء ما بلغ أربعين رطلاً[39].
واعتنى أهل اللغة وأهل الطب بتشريح الخيل، ومفردات أسماء كُلِّ جزء منها، حتَّى إنَّ الأصمعيَّ أحضر فرسًا إلى مجلس هارون الرشيد وسمَّى أجزاءها من الأذن حتى الخاصرة[40].
وقدِ اهتمَّ المسلمون على مدى القرون بأمراض حيواناتهم، وخاصَّةً الخيل، والجِمال، والأنعام، ولذا تعرَّفوا على تشريحها، وقارنوها ببعضها، وفي بعض الأحيان قارنوها بالإنسان.

[1]   أخرجه أبو داود، وابن ماجه، والبيهقي، وأخرجه أحمد في مسنده.
[2]    أخرجه البخاري في صحيحه؛ كتاب الجنائز 2/107، وأخرجه أحمد في مسنده.
[3]   بول غليونجي "سلب الغرب؛ فضل ابن النفيس عليه"؛ المؤتمر الثاني للطب الإسلامي، الكويت ج2، ص78.
[4]   ابن عابدين: "رد المختار على الدر المختار" ج1 ص 628.
[5]   الإمام النووي: "المجموع شرح المهذب" ج5 ص 300.
[6]   الخطيب الشربيني: "مغني المحتاج في شرح ألفاظ المنهاج" ج1 ص 207.
[7]   سليمان المقدسي: "تصحيح الفروع" ج1 ص 691.
[8]   ابن قدامة الحنبلي: "المغني" ج2 ص 551.
[9]   ابن حزم: "المحلى" دار الفكر؛ تحقيق الشيخ/ أحمد شاكر. ج2 ص 166، المسألة رقم 607.
[10]   أحمد بن عبدالمنعم الدمنهوري: علامة مُتفنن طبيب، تولى مشيخة الأزهر له كُتُب مُتعددة في الفقه، والطب، وعلم المساحة، وعلم الهيئة.. وله كتاب "القول الأقرب في علاج لسع العَقْرَب" بالإضافة إلى ما ذكرناه.
مولده سنة 1689م، ووفاته 1778م (الموافق 1192هـ) انظر الدكتور/ فؤاد الحفناوي: "الطب في الأزهر قديمًا وحديثًا". المؤتمر الثاني للطب الإسلامي. الكويت ج2 ص 811 – 818، والدكتور/ محمد عيسى الصالحية: "التشريح بين اللغة والطب" المؤتمر الثاني للطب الإسلامي ج2، 183 - 194.
[11]   د / محمد الحفناوي: "الطب في الأزهر قديمًا وحديثًا". المؤتمر الثاني للطب الإسلامي، الكويت 1982 ج2 ص 811 – 818.  
[12]   الفتاوى الإسلامية: دار الإفتاء المصرية، جـ 4 ص 1331.
[13]   د/ محمد علي البار: "علم التشريح عند المسلمين". الدار السعودية جدة 1989م. ص 69 - 76.
[14]   المصدر السابق ص 78.
[15]   كتاب: "قرارات المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي". مكة المكرمة.
[16]   ابن النديم: "الفِهْرِسْت" ص 290.
[17]   د/ محمود الحاج قاسم: "الطب عند العرب والمسلمين، تاريخ ومساهمات" الدار السعودية 1987م، ص99 – 103. 
[18]   نقلاً عن الدُّكتور/ يحيى حَقِّي في كتابه "تاريخ الطب العربي" ص 28 – 29.
[19]   محمود الحاج قاسم: "الطب عند العرب والمسلمين". الدار السعودية جدة 1987 م ص 99 ـ 103.
[20]   محمد الخطيب الشربيني: "مغني المحتاج"، دار الفكر بيروت، ج4 (كتاب الجراح) ص 25 – 26.
[21]   "أنوار البروق في أنواء الفروق". عالم الكتب. بيروت ج4 ص 191.
[22]   "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" ص 305.
[23]   "المجموع شرح المهذب". تحقيق/ محمد نجيب المطيعي، ج2 ص 508.
[24]   ذكره الذهبي في "الطب النبوي" - ونَبَّه إلى أنه من كلام الشافعي، وذكر كذلك السيوطي في مقدمة كتابه. "المنهج السوي والمنهل الردي في الطب النبوي". وذكره العجلوني في "كشف الخفاء ومُزِيل الإلباس"، وقال: إنه موضوع، ولا يصح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنه من كلام الشافعي".
[25]   انظر كتاب: "خلق الإنسان بين الطب والقرآن"، وكتاب "الوجيز في علم الأجنة القرآني" للدكتور/محمد علي البار، وكلاهما من إصدارات الدار السعودية. جدة.
[26]   هو من قول يحيى بن معاذ الرازي وليس بحديث. وفي كتاب "أدب الدنيا والدين" للماوردي عن عائشة. سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أعرف الناس بربه؟" قال: ((أعرفهم بنفسه)) انظر: "كشف الخفاء" للعجلوني ج2. 343.
[27]   الإمام الغزالي. "الحكمة في مخلوقات الله". دار إحياء العلوم بيروت. 1984 م تحقيق الشيخ/ محمد رضا قباني ص 55، 86. 
[28]   كتاب المنصوري ص 76 و 77.
[29]   "القانون" ج1، ص19 – 72.
[30]   ولد الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن سينا في إحدى قرى بخارى (في جمهورية أوزبكستان في الاتحاد السوفيتي حاليًّا) من أصل فارسي، وأبوه من بلخ في شمال أفغنستان، وأمه من أهل بخارى. تولى الوزارة وثار عليه الجند. كان من نوادر الزمان في النبوغ والذكاء، ويعتبر بحق أعظم أطباء المسلمين، واشتهر أيضًا بالفلسفة، وله فيها عدة كتب منها: كتاب "الشفاء"، وأشهر كتبه كتاب "القانون في الطب"، وله شعر رقيق. توفي بهمدان (في إيران اليوم) سنة 428 هـ. 
[31]   انظر مبحث الروح في كتاب "موت القلب أو موت الدماغ" للدكتور محمد على البار، الدار السعودية، جدة، 1986، وفيه شرح لما يقصده الأطباء السابقون عن كلمة الروح الحيواني، التي يشيرون بها إلى الأوكسجين.
[32]   علي بن العباس المجوسي من أشهر أطباء القرن الرابع الهجري، ولد بالأهواز، واعتنق الإسلام، وعاش في حاشية بني بويه، وألف لعضد الدولة البويهي كتابه المشهور "الملكي" في 20 جزءًا.
[33]   العرق الضارب هو الشريان، والعرق غير الضارب هو الوريد.
[34]   الأصولي أي المتضلع في علم أصول الفقه، والمتكلم العالم بعلم الكلام، وهو علم أوجده المسلمون للرد على الفلاسفة والدهريين وغيرهم لإثبات العقائد باستخدام المنطق وشيء من الفلسفة، بالإضافة إلى كتب العقائد والقرآن والسنة. 
[35]   ج2. 287.
[36]   المحدث أي العالم بعلم الحديث النبوي، والفرضي: أي العالم بعلم المواريث (الفرائض).
[37]   د. نظير أحمد: المؤتمر الثاني للطب الإسلامي 1982 م. الكويت. ج2 ص 898 – 907.
[38]   بروفيسور براوك (أ.ج) الطب العربي Arabian Medicine   1962. ص 31 و 32.
[39]   ابن أبي أصيبعة: "عيون الأنباء في طبقات الأطباء". 252.
[40]   كتاب "تاريخ بغداد" ج13 ص 255، 266.

 

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..