كنا بالأمس نحتفل بالنجاحات التي سجلتها سياسات الملك عبدالله بن عبدالعزيز ذو الحنكة السياسية العميقة بالشئون العربية والدولية بالمستوى السياسي.
واليوم ننعى الأمة العربية وسنبكيها كثيرا بسبب سياسات الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية , ليس تقليلا بعبقرية هذا الرجل الداهية , لكنه من المؤكد أن نقطة ضعف السياسة التي اختطها الأمير بندر مع الأمير سعود الفيصل أنها كانت تستجيب لحاجات خاصة وخلافات خاصة بينهما وبين بشار الأسد على خطأ فادح وقعت به الحكومة السورية في حق الأمير بحيث لاتدري في تلك القضية من الظالم ومن المظلوم إن صدقت تفاصيلها.
غير أنه من المؤكد أن تحويل السياسات السعودية خلف تصفية الحسابات بين الأميرين من جهة وبشار من جهة أخرى , سترينا كم أن الأميرين قادرين على تصفية الحسابات لصالحهما , وخلفهما المجتمع الدولي , غير أن المكتسبات التي نلناها من سياسات الملك عبدالله ستضيع فعلا وإلى الأبد .
فقد كنا قد قلبنا الطاولة في وجه الإخوان الماسون ومن ورائهم أمريكا وبريطانيا , وتمكنا من استعادة الباكستان ومصر ولجم قطر , وكنا مستبشرين بإعادة تونس وليبيا إلى أحضان السعودية الدافئة في ظل ملك حكيم.
غير أن زيارات الأمير بندر بن سلطان المكوكية بين فرنسا وموسكو قد قلبت الطاولة في وجه الأمة العربية وتطلعاتها واستجابت لحاجات الإخوان الماسون المؤقتة مع أن الجميع يدرك أن الأمير بندر عدواً لدوداً لتلك التطلعات , لأنه في سبيل تصفية الحسابات مع سوريا سيكون هناك الكثير من التنازلات للغرب والشرق, وقد أدار الأمير بندر عملية تصفية الحسابات باقتدار شديد , ولكنها محسوبة وقتيا , وكما أخطأ بشار الأسد خطأ فادحاً في التعامل مع الأمير بما يملكه من حنكة ومكانة ووضع مميز في دولته , كان يجب عليه أن يدرك أنه ماهكذا تؤكل الكتف , وأن التعامل كان يفترض أن يكون أرقى بكثير مع رجل بمكانته.
ومن المعروف أن العربي وبقدر مكانته لايمكن أن يغفر الإهانة ولا أن ينسى الثأر .
وقد قال زفر بن الحارث بعد معركة مرج راهط بين الزبيريين والأمويين :
اريـني سـلاحي لاابـالك انـني.ارى الحرب لاتزداد الا تمادياً
اتانـي عـن مـروان بالـغيب انـه مقيد دمى أو قاطع من لسانيا
ففي العيش منجاة وفي الأرض مهرب إذا نحـن رفـعنا لهن المثانيا
أيـذهب يـوم واحـد وان اسأته بصالح ايامي وحـسن بلائيا
ولم يـر مني زلـة قـبل هـذه فراري وترك صـاحبي ورائيا
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هيا
أتذهـب كلب لم تنل رمـاحنا وتتـرك قتلى راهط هي مـاهيا
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا وتثأر من نسوان كلب نسائيا

نعم , كل خطأ وراءه حساب ..
وكل فعل له ردة فعل يساويه بالمقدار ويعاكسه في الاتجاه .
ولن يجدي أن نناقش المشكلة كما لن يجدي أن نبين من هو الذي كان على خطأ غير أن تلك القصة لاتخلو منقصة مرج راهط التي قد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هيا .
***
نعم لسنا في زمن مثالي , وكل قوي يريد أن يستعرض قوته في الحلبة , وهناك الملايين من المشاهدين البسطاء يصفقون لمن يوجه لكمة أقوى وأكثر قوة , ويصرخون لمن يسقط مرددين صرخات الحكم : ثلاثة اثنين واحد صفر.
***
هاقد عدنا ياصلاح الدين
هاقد عدنا لسايكس بيكو 2
وألغينا بأيدينا يالطا جديدة بين روسيا وأمريكا بمجرد لقاء وحيد بين بوتين وبندر.
وهاقد أطل علينا المجوس بكل قوة مع أمريكا وإسرائيل .
وكانت بواكير استسلام العرب هو استسلام سلطان عُمان لإيران .
فقد ذهب سلطان عُمان لإيران لتوقيع اتفاقية هامة جدا , مع ايران وجلس بأدب جم كتلميذ مؤدب أمام أستاذه , مع أن التلميذ خارجي والأستاذ شيعي وكلاهما يكرهان بعضهما البعض بعلي بن أبي طالب.
كانت الاتفاقية هي إستعمار ايراني لعُمان بحيث تصبح عُمان الولاية رقم [كذا] من ولايات امبراطورية المجوس القادمة .
ووقعت الاتفاقية بصيغة مدغمة كي لايدري الشعب العُماني ويرفض ويقوم بشغب , بحيث أن اتفاقية الجزية التي ستدفعها عُمان لإيران ستكون 60 مليار دولار , وهي بحقيقتها ليس إلا دفع عمان لخمس ميزانيتها للدولة الأم السيدة , وفق المذهب الإثني عشري المجوسي .
وقد تمت صياغتها بأنها مقابل بيع ايران للغاز الإيراني لصالح عُمان .
أوليست عُمان دولة بترولية ؟ أو ليست قادرة على البحث عن مصادر الغاز بأرضها , أوليس الغاز المصاحب للبترول العماني كافيا فيما لو أحسن استخلاصه ؟
بلى ولكنها مجرد حجة لاستعمار خفي سيعلن حين تحتل ايران المجوسية الكويت والبحرين لاقدر الله .
رسالة للأمير بندر : الأمة تحت أعتاب مرحلة استعمارية جديدة , ولنا في سياسة خادم الحرمين الشريفين مثالا أعلى , لسلامة الأمة.
د.صالح السعدون