الجمعة، 21 مارس 2014

من روائع قصائد الزهد والوعظ ... ( خانك الطرف الطموح )

 قال أبو العتاهية : كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلالات إذا ركبها، وكان يتأذى بفساد
كلامهم، وكثرة لحنهم، واستحالة معاني ألفاظهم، فقال يوماً لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه: قولوا لمن معنا يعمل شعراً لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه، ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم، فقيل له: ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه، وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية، وكان الرشيد قد حبسني وقال: لا أطلقك أو تقول شعراً في الغزل، وتعاود ما كنت عليه، فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعراً للملاحين، ولم يأمر بإطلاقي فغاظني ذلك، وقلت: والله لأقولن شعراً يحزن به ولا يسره، فعملت شعراً ودفعته إلى من حفظه الملاحين، فما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون:



خانَك  الطَّرْفُ   الطَّمُوحُ أيُّها      القَلبُ       الجَمُوحُ
   لِدَوَاعِي   الخَيْرِ   والشّرِّدُنُوٌّ                        ونُزُوحُ
    هلْ    لمطلوبٍ     بِذَنْبٍ توبةٌ       منه        نصُوحُ
   كيف   إصلاحُ    قُلُوبٍ إنّما          هُنَّ          قُروحُ
    أَحْسَنَ    اللهُ    بنا                 أَنَّ الخَطَايَا       لا        تَفُوحُ
     فإذَا     المستورُ      مِنَّابينَ      ثَوْبَيْهِ       فُضُوحُ
   كَمْ   رأينا   مِنْ   عَزِيزٍطُوِيتْ    عنه    الكشُوحُ
     صاحَ     منه     بِرَحِيلٍ صائحُ    الدَّهْرِ    الصَّدُوحُ
 موتُ بعضِ الناسِ في الأرْضِ    على    قومٍ     فُتُوحُ
    سيصير    المرءُ     يوماًجَسَداً    ما     فيه     رُوحُ
  بين   عَيْنَيْ   كُلَّ   حَيِّ عَلَمُ       الموتِ        يلوحُ
 كُلُّنا في  غَفْلةٍ  والْمَوْتُ يغدو                     ويروح
  لِبَنِي  الدُّنيا  مِنَ  الدُّنْيَاغَبُوقٌ                  وصَبُوحُ
 رُحْنَ في  الوَشْي  وأصْبَحْـنَ       عليِهنَّ        المُسُوحُ
  كلَّ   نَطَّاحٍ   مِنَ   الدَّهْــرِ     له      يومٌ      نَطُوح
 نُحْ على  نٌفْسِك  يا  مِسْـكينُ   إنْ   كنتَ   تنوح
     لتَمْوتَنَّ      وإنْ      عُمِّــرْتَ   ...   مـا   عُمِّر   نُـوح



قال فلما سمع ذلك الرشيد جعل يبكي وينتحب , كلما زادوا بيتاً زاد في بكائه ونحيبه ،
وكان الرشيد من أغزر الناس دموعا في وقت الموعظة وأشدهم عسفا في وقت الغضب والغلظة .
فلما رأى الفضل بن الربيع كثرة بكائه أومأ إلى الملاحين أن يسكتوا (1) .



استمع للقصيدة أو حملها من هذا الرابط :

http://www.epda3.net/iv/clip-2204.html

وهنا  إضافة   من  المنشد  / علي العامر 




_____________
(1)الأغاني (ج 4 / ص 108) , بغية الطلب في تاريخ حلب (ج 2 / ص 160) .


_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

هناك تعليق واحد:

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..