الثلاثاء، 1 أبريل 2014

تعريف الحق

مقــدمـــــة:
المبحث الأول: تعريف الحق.
المطلب الأول : النظريات التقليدية في تعريف الحق.

الفرع الأول: المذهب الشخصي ( النظرية الإرادية).
الفرع الثاني: المذهب الموضوعي ( النظرية الحديثة).
الفرع الثالث: المذهب المختلط.
المطلب الثاني: النظريات الحديثة في تعريف الحق.
الفرع الأول: بيان النظرية ( المضمون).
الفرع الثاني: انتقاد النظرية .
المبحث الثاني : وجود الحق.
المطلب الأول : إنكار فكرة الحق( نظرية دوجي)
المطلب الثاني: إثبات فكرة الحق.( نقد نظرية دوجي )
المطلب الثالث: تمييز الحق عما يشابهه.
الفرع الأول : الحق و الحريات العامة.
الفرع الثاني : الحق و الرخصة .
خــاتــمــة :
مقـدمـة:
القانون عبارة عن مجموعة قواعد تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع على وجه الإلزام، وتكون مقترنة بجزاء بقصد فرض احترام الناس لها.
السلوك الذي يهتم القانون بتنظيمه يتمثل في العلاقات القانونية بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض، أو بينهم وبين الدولة.
وتنتج هذه العلاقات القانونية حقوقا للبعض تقابلها واجبات تقع على البعض الآخر، ويتولى القانون تنظيم هذه الحقوق والواجبات.
ونعرف الحق على أنه رابطة بين شخص و شيء وهو معترف به قانونيا ، فكلمة الحق كثيرة الاستعمال في حياتنا اليومية، ولا يوجد الشخص العادي صعوبة في الإحساس بمدلولها، إلا أن الفكرة في اللغة القانونية أثارت خلاف شديد بين الفقهاء فمنهم من رفضها ، ومنهم من دافع عنها، واختلفوا أيضا حول مدلولها. و هذا ما يجعلنا نتساءل ما التعريف الكامل للحق ؟ وما النظريات القائلة فيه ؟
المبـحـــث الأول : تعـريــف الحـــق :
لقد اختلف فقهاء القانون في تعريف الحق، حيث حاول كل منهم تعريف الحق حسب انتمائه الفقهي
المـطلــب الأول: النظريات التقليدية في تعريف الحق:من بين الاتجاهات التي عرفت الحق من خلال هذه النظريات نذكر:
الفــرع الأول: المذهب الشخـصي ( النظرية الإرادية):
نشأ هذا المذهب في أحضان الفقيه الألماني في القرن التاسع عشر ونادي بهذا المذهب الفقيه Savigny
أولا: مضمـونــه:
يعرف هذا المذهب الحق على أنه " قدرة أو سلطة إرادية" ولكن ينبغي أن نبادر بالقول بأن هذه القدرة أو السلطة الإرادية تستمد من القانون. فهذه القدرة أو السلطة الإرادية تنشأ في كنف القانون.فالقواعد القانونية عند تطبيقها على علاقات الأفراد في المجتمع و تنظيمها لنشاطهم فيه تحدد لكل شخص نطاقا معلوما لتسود فيه إرادته مستقلة في ذلك عن أية إرادة أخرى. فالإرادة حرة في استعمال الميزة أو المكنة التي منحها القانون، و الذي لا يترك لصاحب الحق السلطة المطلقة في تقدير ذلك. إضافة إلى ذلك فإن صاحب الحق يستطيع أن يتنازل عن حقه أو يعدله وأن ينهيه. وهذا الوجه الآخر للسلطة الإرادية الذي يعبر ليس فحسب عن استعمال الحق وإنما أيضا عن التصرف فيه.(1)
فالمذهب الشخصي يبين كيفية استعمال الحق دون أن يعرفه، كما يتعارض تعريفه للحق باعتباره قدرة إرادية يخولها القانون لشخص معين - مع المنطق- إذ من غير المنطق ومن غير المتصور أن يعرف أمر معين بما ينتج عن وجوده، فالقدرة تنشأ عن وجود الحق، فهي تعبر عن مضمونه.(2)
ثانيا: انتـقــاده:
1- ارتباط الحق بالإرادة: بينما قد يثبت الحق للشخص دون أن تكون له إرادة كالمجنون والصبي غير المميز والجنين، كما قد تثبت للشخص حقوق دون علمه بها كالغائب والوارث الذي تنشأ له حقوق دون تدخله في ثبوتها.
2- جعل الإرادة مناط الحق:فالموصى له تنشأ له حقوق عن الوصية دون علمه بها، فالحق ينشأ ويثبت لصاحبه دون تدخل إرادته. أما استعمال هذا الحق فلا يكون إلا بالإرادة، ولذا فالصبي غير المميز لا يستعمل حقوقه إلا عن طريق نائبه(الولي أو الوصي ) .
- د مصطفى الجمال،نبيل إبراهيم سعد، النظرية العامة للقانون «القاعدة القانونية -الحق»،منشورات الحلبي الحقوقية،د ط ، 2002، ص 417-418 .
2- د محمدي فريدة زواوي، المدخل إلى العلوم لقانونية،نظرية الحق، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 1998، ص5-6 .
3- الخلط بين الحق و استعماله: فهناك بعض الحقوق التي تنشأ لصاحبها دون أن يكون لإرادته دور فيها كالحقوق التي يكون مصدرها المسؤولية التقصيرية، فحق المضرور يثبت دون أن يكون لإرادته دخل فيه.(1)
الفــرع الثـانـي: المذهــب الموضــوعي(النظرية الحديثة):
في مواجهة نظرية الارادة ، قام الفقيه الألماني Ihering بعرض نظرية المصلحة.
أولا:مضمــونــه :
يعرف الحق بأنه مصلحة يحميها القانون و هو بذلك أهمل كلية الإرادة في تعريف الحق و ركز على موضوع الحق والغاية منه، فالغاية العملية من أي حق هي الفائدة أو المنفعة التي تعود على صاحبه ، سواء كانت منفعة مادية أو معنوية،بالإضافة إلى الوسيلة التي تؤمن هذه المنفعة،أي الحماية القانونية،أي الدعوى. فمجموع هذين العنصرين يمثل الحق فالإرادة عندما تتدخل لا يكون لها دور ثانوي لا يظهر إلا عند استعمال الحق. لكن الاستفادة أو إمكانية الاستفادة التي يضمنها القانون هي التي تشكل روح الحق.(2)
ثانيا : انتقــاداتــه:
1- ولقد انتقدت هذه النظرية أيضا بأنها تعرف الحق بغايته إلى جانب أنها تعتبر المصلحة معيارا من وجود الحق، بينما الحق ليس كذلك دائما، فإذا كان من المسلم به أن الحق يكون مصلحة فالعكس ليس صحيح. فمثلا:فرض الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية حماية للصناعات الوطنية تحقق مصلحة لأصحاب هذه الصناعات، لأن هذه الرسوم تحد من منافسة البضائع الأجنبية لبضائعهم، ورغم ذلك فإن هذه المصلحة لا تعطيهم الحق في فرض تلك الرسوم بأنفسهم.
2- المصلحة أمر شخصي وذاتي يختلف من شخص إلى آخر، فالمصلحة التي يحصل عليها الشخص من نفس الشيء قد تختلف من شخص إلى آخر حسب هدف كل واحد من الشيء وإذا طبقنا هذه النظرية فالحماية تختلف و تتنوع باختلاف فائدة الأشخاص، مما يؤدي إلى استعصاء تنسيق القواعد القانونية وتوحيدها.
وإذا كان هدف الحق هو المصلحة، فيجب تحديد إطارها لأن القانون لا يحمي إلا المصالح ذات القيمة الاجتماعية الأصلية. والحقيقة هي أن هذا المذهب لم يعرف الحق وإنما عرف هدفه وما يترتب عليه من حماية قانونية. (3)
- د محمدي فريدة زواوي، مرجع سابق ، ص 5-6 .
2- د مصطفى الجمال،نبيل إبراهيم سعد، مرجع سابق، ص 420 .
3- د. فتحي عبد الرحيم عبد الله و أحمد شوقي محمد الرحمن، النظرية العامة للحق، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2001، ص7.
الفــرع الثـالــث: المذهــب المخـتـلـط:
يعرف أصحاب هذا المذهب الحق بأنه سلطة إرادية وهو في ذاته مصلحة يحميها القانون يعرف الحق بالقدرة الإرادية المعطاة لشخص في سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون. وقد تعرضت هذه النظرية لعدة انتقادات، والتي وجهت للنظريتين السابقتين معا طالما أن التعريف يعتد بهما معا. حيث لا تجتمع السلطة الإرادية والمصلحة لدى نفس الشخص، فإن مقتضى النظريات المختلطة عدم ثبوت الحق لأحد، كما لو كانت المصلحة ثابتة لعديم الأهلية بدون السلطة الإرادية، بينما تثبت هذه السلطة لنائبه دون أن تتوافر فيه المصلحة المقصودة. كما يعاب على هذا التعريف عدم تحديد لجوهر الحق (1).
المطـلــب الثــانــي: النظــريــات الحـديثــة في تعــريــف الحــق:
على ضوء الانتقادات السابقة اتجه الفقه الحديث إلى محاولة التعريف بالحق على أساس الكشف عن جوهره و بيان خصائصه الذاتية المميزة له، و من أهم هذه الاتجاهات نذكر:
الفــرع الأول: نظـريــة دابــــان :
أولا : المضمــون:
بالنسبة لهذا الفقيه الحق يشمل أساسا الاستئثار و التسلط ،وأن الاستئثار هو الذي يسبب و يحدد التسلط.
* الاستئثـــار: هو الذي يميز الحق،فيمكن القول بأن الحق ينشأ علاقة بين علاقة صاحب الحق و محله. مثال: الشيء محل الملكية فهذه العلاقة تمثل الاستئثار بمعنى أن الحق هو ما يختص به صاحبه أي ماله، فالحق ليس المصلحة كما يقول Ihering حتى ولو كان القانون يحميها وإنما الاستئثار بمصلحة،أو بمعنى أدق استئثار بشيء يمس الشخص و يهمه،ليس بصفته مستفيدا أو له أن يستفيد لكن بصفة أن الشيء يخصه وحده .وينبغي ألا يكون للشيء موضوع هذا الاستئثار مفهوما ضيقا ، فالاستئثار لا يرد فقط على الأموال المادية، وإنما يشمل أيضا الأموال المادية، وإنما يشمل أيضا الأموال و القيم اللصيقة بالشخص الطبيعي أو المعنوي ،صاحب الحق كحياته وسلامة بدنه و حرياته. كما يمتد كذلك إلى الأشياء المادية و غير المادية التي تصير خارجة عن الشخص، ولكنها من إنتاجه وأيضا الأداءات أيا كانت و المستحقة لشخص آخر و حتى الواجبات و الوظائف.
*التســلــط: وهو النتيجة الطبيعية للاستئثار ويقصد به صاحب الحق على ماله، بمعنى أدق السلطة في التصرف الحر في الشيء محل الحق. فالتسلط لا يختلط إذن باستعمال الحق فاستعمال الحق يتضمن سلطة إيجابية تترجم في مجرد دور للإرادة ، أما سلطة التصرف فهي رخصة في التصرف في الشيء محل الحق من جانب صاحبه بصفته سيدا عليه.
1- د محمدي فريدة زواوي ، نفس المرجع السابق ص 7
على ذلك فسلطة التصرف ليست فقط حرية التصرف وإنما أيضا حرية الاختيار بين العمل و الامتناع المحض و هذا يكون الاختيار بين أشكال متنوعة من العمل ، وقد يصل الأمر إلى التصرف في الشيء أو في الحق الذي يتضمنه، كل هذا مشروط بمراعاة الحدود التي رسمها القانون ، وبصفة خاصة طبيعة الشيء الخاضع له، ولذلك نجد أن التصرف في الأشياء المادية يكون تصرفا تاما بينما يكون في الحقوق اللصيقة تصرفا نسبيا .
لكن من المهم أن نشير إلى أن التسلط لا يستلزم القيام فعلا بأعمال التصرف و على ذلك إذا حال حائل أيا كان دون الإمكانية المادية للتصرف فإنه التسلط يبقى مع ذلك طالما بقيت الإمكانية المعنوية للتصرف.
*الحمـايـــــة:
فمن وجهة نظر الأخلاق يكف في تكوين الحق الاستئثار و التسلط وما ينتج عنهما من احتجاج، لكن على نطاق القانون الوضعي،يجب أن يتدخل الضمان الذي تعطيه الدولة ، والدعوى هي الطريق الذي رسمه القانون لتحقيق هذه الحماية. فبدون الدعوى فإن هذه الحقوق ستكون غير فعالة و ناقصة هذه الحماية ليست إلا نتيجة لفكرة الحق.
ثانيا: نـقــد النظــريـــة:
· إذا كان تعريف الحق كاستئثار و تسلط يتفق تماما مع الملكية إلا أنه يحتاج لبعض المجهود ليتلاءم مع بعض الحقوق ، وبصفة خاصة عنصر التسلط باعتباره سلطة التصرف الحر في الشيء محل الحق ، حيث يصعب تصور ذلك عندما يمنع القانون أي نوع من أنواع التصرف كما هو الشأن بالنسبة للحقوق اللصيقة بالشخص كالحق في الحياة ...
· إن فكرة الاستئثار و التسلط كما عرضها دابان تؤدي في الواقع إلى فكرة موسعة للحق. و يبدو أن هذا السبب في الصعوبات التي واجهت تطبيق هذه النظرية.
الفــرع الثـــاني :نظــرية رويـبـيــه:
كان لها الفضل في إظهار النظرة الجزئية التي تجمع كل المراكز القانونية التي يوجد فيها الشخص في مجرد مجموعة من الحقوق ،فهذه النظرة تقتصر عن استيعاب المراكز القانونية التي تنشأ عن تطبيق قواعد القانون الجنائي ، وكذلك عن بعض الحالات في القانون المدني كحالة الأشخاص أو نظام الأسرة ،فكل هذه المراكز يصعب اختزالها في مجرد مجموعة من الحقوق. (1)
1- د مصطفى الجمال،نبيل إبراهيم سعد ، نفس المرجع السابق ،ص 423-428 .
المبــحــث الثــاني: وجــود الحــق:
في الحقيقة أن الفقهاء الذين يذهبون إلى حد إنكار فكرة الحق كان لكل منهم منطلقه الخاص.
المطــلــب الأول: إنـكــار فـكــرة الحــق نـظـريــــة دوجـــــي:
هناك من الفقهاء من أنكر وجود الحق وأبرزهم الفقيه دوجي Duguit الذي رفض فكرة الحقوق التي ينشئها القانون، ويرى أن الحق ما هو إلا سيطرة إرادة الشخص صاحب الحق على إرادة الشخص الملزم به. ويعتبر هذا التصور تصورا غير واقعي، إذ من الناحية الواقعية توجد إرادات متساوية.
ففي رأيه أن الشخص الذي يرتكب جريمة مثلا لا يعاقب على أساس مساسه بحق غيره، وإنما يعاقب لأنه خالف قاعدة من قواعد قانون العقوبات. فيكون في مركز قانوني معين... مركز السارق، أو مركز القاتل...
فلا يمكن القول بأن القاعدة القانونية تنشئ حقا لشخص وتحمل آخر بالتزام، إذ القاعدة القانونية لا تضيف لا القليل ولا الكثير من إرادة المكلف بالواجب أو المستفيد من أدائه.
المـطـلـــبالثــــانــي: إثـبـــــات فــكــرة الحـــــق(نـقــد نـظــريـــة دوجي ):
عرضت فكرة دوجي لانتقادات شديدة، ذلك لأن فكرة الحق باعتبارها سلطة ممنوحة لشخص معين، فكرة موجودة فعلا. ويرى ريبير Ripert أن الحق هو سلطة ممنوحة لشخص، وهذه السلطة موجودة ولا يمكن لأحد إنكارها، إذ تجعل المدين في خدمة الدائن، بل كان في الماضي يجوز للدائن حبس المدين واعتباره أسيرا وقتله، كما تجعل العامل في خدمة رب العمل، ويخضع كذلك الابن لأبيه، وتجعل المالك حرا في الاستئثار بملكه وكان من الضروري تحديد سلطته في هذا المجال.
ولكن وجود هذه الحقوق المسيطرة لا يعني تفوق إرادة شخص على إرادة شخص آخر، إذ الإرادات الفردية متساوية في جوهرها، ولكن حدوث وقائع قانونية معينة هو الذي يجعل شخصا ملزما إزاء شخص آخر، كعقد القرض مثلا: يجعل المقترض ملزما في مواجهة المقرض، وكذلك الخطأ كواقعة مادية يجعل محدث الضرر ملزما بالتعويض إزاء صاحب الحق وهو المضرور.
جديد لفكرة الحق، فلو كان الحق هو القانون ذاته لما كنا بحاجة إلى مراكز قانونية والحقيقة هي أن المركز القانوني ذاته الذي يتكلم عنه دوجي ما هو إلا تصور ، فإذا كان الأفراد متساوين أمام القانون إلا أن كلا منهم يوجد في مركز خاص به يميزه عن غيره، فقد يكون - في مركز المستفيد من القاعدة القانونية أي صاحب الحق، أو في مركز الملتزم بها. ولعل إنكار دوجي فكرة الحق ناتج عن تخوفه من سيطرة أصحاب الحقوق وانتصار المذهب الفردي، ولكن محاربة هذا التعدي يمكن أن تكون عن طريق مراقبة استعمال هذه الحقوق وتقييدها أحيانا، إذ لا يمكن إنكار فكرة الحق مهما كان المبرر. (1)
1 - 1- د محمدي فريدة زواوي ، نفس المرجع السابق ، ص 3-4 .
المــطــلــــب الثـــالـــث : تمـيــيـــز الحــــــق عــما يـشــابـهــه:
الفــــرع الأول: الحــــق والحـــريات العامـــة :
الحق هو كل ما يثبت للشخص على سبيل التخصيص والإفراد، كحق الشخص في ملكية عين من الأعيان أو حقه في اقتضاء دين من الديون أو حقه في تطليق زوجته...
أما الحرية يعترف بها القانون للناس كافة دون أن تكون للاختصاص الحاجز، وينطبق ذلك على كل الحريات العامة التي يكفلها الدستور كحرية الاعتقاد وحرية التنقل) المادة 47 وحرية المسكن (المادة 40) وحرية التعبير (المادة 41) وحرية الرأي) (المادة 36 وغيرها من الحريات العامة. (
يتضح من ذلك أن الحرية تختلف عن الحق في عدة أوجه:
1. يرد الحق على أمر محدد وقابل للتحديد، أما الحرية مجرد إباحة للشخص في أن يمارس كل ما لم يمنحه القانون من نشاط.
2. للحق صفة الخصوصية أما الحرية فلها صفة العمومية، فالحرية لا تعرف فكرة الاستئثار أو الاقتضاء، أي كل الأشخاص في نفس المركز القانوني من حيث التمتع بما يتضمنه من سلطات. فالحرية أشبه بطريق عام بينما الحق أشبه بالطريق الخاص.
3. تستند الحرية إلى المبادئ العامة أما الحق فيرتبط بوجود واقعة معينة تؤدي إلى تطبيق قاعدة قانونية.
4. ترتبط نشأة الحق بوجود واقعة قانونية تؤدي إلى تطبيق قاعدة قانونية أما الحرية فتستند إلى المبادئ العامة ومن ثم فهي موجودة ولو لم توجد وقائع أو قواعد محددة.
الفـــرع الثـــــانــــي: الحـــــق والرخــصـــة:
يسوي البعض بين الحرية والرخصة فاعتبروهما مرادفين لنفس المعنى، ولكن الرأي الراجح يرى أن الرخصة هي منزلة وسطى بين الحرية والحق، فمثلا هناك حق الملك وحرية التملك يوجد بينهما مركز متوسط يتمثل في رخصة الشخص أن يتملك، فالشخص له حرية تملك أي شيء من الأشياء، فإذا اشتراه أصبح صاحب حق ملك، وهناك مرحلة وسطى هي تلك التي يعرض عليه شراء الشيء. هنا يكون المشتري قبل قبول الصفقة في مركز خاص،أي صاحب رخصة في أن يتملك، فالرخصة تمثل تجاوز الشخص لمرحلة الحرية وتقدمه نحو الوصول إلى الحق، ويقتضي ذلك وجد سبب أو واقعة معينة مستمدة من القانون. غير أن هذا السبب لا يؤدي إلى وجود الحق وإنما ينشأ عنه ما هو دون الحق وهي الرخصة.
مثال ذلك رخصة الموصى له في قبول الوصية، فله أن يقبلها أو يرفضها. وكذلك الرخصة الممنوحة
للشفيع في أن يطلب الشفعة أو لا يطلبها، فالشفيع يملك الشيء المبيع إذا أخذ بالشفعة، وقبل بيع الشريك لنصيبه فإن الشفيع لا يكون له سوى حرية التملك. أما إذا باع الشريك نصيبه يكون هنا للشفيع رخصة التملك حيث يكون له أن يطلب الشفعة أو لا يطلبها. (1)
1- د. محمد حسين منصور، مدخل إلى القانون، القاعدة القانونية، نظرية الحق، رمضان وإخوانه للطباعة والتجليد، ص،37.38 .
خاتـمــة:
على ضوء ما تقدم، فإنه يتضح مدى صعوبة وضع تعريف للحق يأخذ في الاعتبار الجوانب المختلفة. وإذا كان لنظرية دابان Dabin في تعريف الحق أثر كبير في الفقه الحديث، لما فيها من مزايا على النحو السابق بيانه، لذلك فإن التعريف الذي نستخلصه مما سبق يقع في نفس هذا الإطار، وهو:
 الحق :هو الاستئثار الذي يقره القانون لشخص من الأشخاص، ويكون له بمقتضاه إما التسلط على شيء معين أو اقتضاه أداء معين من شخص آخر . 



______________________________________
______________________________________
_______________________________________



إضافة من مصدر آخر

تعريف الحق
تحمل كلمة الحق العديد من المعاني سواء منها اللغوية و الإصطلاحية، و سنحاول بداية إستعراض المعنى اللغوي بعدها سنحاول التطرق للمعنى الإصطلاحي الذي أسال الكثير من الحبر.

تعريف الحق لغة
إن المعنى العام لكلمة الحق تعني :
الثبوت والوجوب: وفي هذا المعنى تفيد ثبوت الحكم ووجوبه كقوله تعالى : " لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون".
ولم يبتعد علماء اللغة عن هذا المعنى اللغوي كثيراً، ومن هذه المعاني:
فقد يقصد به الأمر الثابت،أي الأمر الموجود كقوله تعالى : " ونادى أصحابُ الجنَّة أصحابَ النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين".
الحق ضد الباطل: كقوله تعالى :"و لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون" .
يقصد بالحق معنى اليقين: كقوله تعالى : " فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون".
قد يستعمل الحق بمعنى العدل: كقوله تعالى :" والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير" ، وقوله تعالى : " و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق".
وقد يراد بالحق الواجب أو الحظ : كقوله تعالى : " و في أموالهم حق للسائل والمحروم " .

تعريف الحق إصطلاحا
تعددت المذاهب القانونية في تعريف هذه المفردة (الحق) كأساس و نظرية واقعية .
النظرية الشخصية
ظهرت هذه النظرية في القرن 19 و من أهم أنصار النظرية الشخصية فى تعريف الحق نجد الفقيه الألماني سافينى و الفقيه وانشيد.
هذا الاتجاه يعرف الحق بانه " قدرة او سلطة ارادية تثبت للشخص يستمدها من القانون " .
فهو اتجاه يعرف الحق بالنظر إلى شخص صاحبه أو إرادته فالحق فى مفهوم هذه النظرية هو سلطة أو قدرة إرادية يخولها القانون لشخص معين بموجبها يستطيع أن يقوم بأعمال معينة فى حدود القانون ، فالقانون هو الذى يمنح الشخص القدرة على القيام بهذه الأعمال، فلا يجوز للشخص أن يمنح نفسه هذه القدرة ، فحق الملكية يخول المالك سلطة استعمال الشىء واستغلاله والتصرف فيه .
هذه النظرية تنتمى إلى المذهب الفردى ، وما يترتب عليه من الأخذ بمبدأ سلطان الإرادة فالإرادة تكفى لإنشاء الحق وإنهائه .
النقد:
أول من هاجم هذه النظرية الفقيه أيرنج ، فهو يرى أن هذه النظرية منتقدة للأسباب الآتية:
أ- أنها تتعارض مع ما هو مستقر من تقرير حقوق دون وجود إرادة لأصحابها، ومن أمثلة ذلك إعطاء الصبى غير المميز والمجنون حقوقاً على الرغم من انعدام إرادتهما و الأشخاص الطبيعيين كالغائبين ، وكذلك الاعتراف للأشخاص المعنوية بحقوق .
بالتالي فربط تقرير هذه الحقوق بالإرادة يؤدى إلى عدم إمكان تقرير أية حقوق للأشخاص المذكوره آنفا لأنه ليست لها إراده حقيقية.
فقد يكتسب هؤلاء حقوقاً رغم عدم انصراف إرادتهم إلى اكتسابها، أى عدم علمهم بها، فالغائب يمكن أن يكتسب حقه فى الإرث رغم عدم علمه بذلك.
واضح من الأمثلة السابقة أنه من المتصور أن توجد حقوق دون وجود إرادة.
ب- أن هذه النظرية تخلط بين وجود الحق ومباشرته ، إذ من الممكن أن تثبت حقوق لأشخاص ، ومع ذلك يمتنع عليهم مباشرتها أو استعمالها بأنفسهم لانعدام أرادتهم وقيام آخرين بمباشرتها نيابة عنهم .
فالإرادة ليست ضرورية لوجود الحق ، وإنما ضرورية لمباشرته أو استعماله، والقول بغير ذلك يؤدى إلى عدم إمكان ثبوت حق لعديم الإرادة، وثبوت الحق لمن ينوب عنه، وهذا ما لا يمكن التسليم به، فالصبى غير المميز والمجنون يثبت لكل منهما حقوق، لكن لا يستطيعان مباشرتها لانعدام إرادتهما، فينوب عنهما من يمثلهما قانونا.
وعلى ذلك، تكون النظرية الشخصية قد جانبها الصواب عندما أقامت تعريفها للحق على إرادة صاحبه، إذ من المفروض أن ينصب التعريف على خصائص وجود الحق وليس على استعماله أو مباشرته .
النظرية الموضوعية ( نظرية المصلحة )
من أهم أنصار النظرية الموضوعية نجد الفقيه الألمانى ايهرنج ، حيث يرى أنه يجب تعريف الحق بالنظر إلى موضوعه وليس من خلال صاحبه.
لذا نجده يعرف الحق بأنه " مصلحه يحميها القانون" .
يتضح من هذا التعريف أنه أغفل ذكر الإرادة فيه ، وذلك لأن الإرادة ليست مطلوبة لوجود الحق، وإنما لمباشرته أو استعماله، حيث قام هذا التعريف على إبراز جوهر الحق أو موضوعه الذي هو المصلحة أو الفائدة التى تعود على شخص معين، كما أنه أضاف إلى عنصر المصلحة، عنصراً آخر وهو عنصر الحماية القانونية ، فكل حق لابد أن تحميه دعوى تكفل احترام المصلحة التى يرمى الحق إلى تحقيقها.
وعلى ذلك يحتاج الحق إلى توافر عنصرين:-
1- العنصر الموضوعى : (هو عنصر المصلحة ) وهو يتصل بالهدف أو الغاية العملية من تقرير الحق والمصلحة أو المنفعة التى يهدف الحق إلى تحقيقها قد تكون مصلحة مادية أو أدبية .
(أ) المصلحة المادية : هى التى يمكن تقويمها بالنقود مثالها المصلحة التى تعود على الشخص من ملكيته لمنزل معين، فهى مصلحة مادية لأنه يمكن تقويمها بالنقود.
(ب) المصلحة الأدبية : هى التى لا يمكن تقويمها بالنقود، ومع ذلك قد تفوق المصلحة المادية فى الأهمية، كالحرية والشرف مثلا.
2- العنصر الشكلى : وهو يتصل بالحماية القانونية، أى الدعوى التى يمنحها القانون لحماية الحق ، فتقرير المصلحة وحده لا يكفى لقيام الحق، وإنما لابد من حماية تكفل احترام هذه المصلحة التى هى جوهر الحق .
النقد:
تعرضت هذه النظرية بدورها إلى العديد من الانتقادات منها:
(أ) أن النظرية تعرف الحق بالنظر إلى هدفه أو غايته ، وتعتبر المصلحة هى غاية الحق ، بينما تعريف الشيء يجب أن ينسب إلى الشىء ذاته المراد تعريفه أي ذاتية المعرف و ليس إلى هدفه أو غايته ، فالمصلحة التى يعتبرها أنصار هذه النظرية غاية الحق تختلف عن الحق ذاته ، لذلك يجب عدم الخلط بين الحق وبين هدفه أو غايته ، إذ كان يجب أن ينصب التعريف على الحق نفسه هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لا يمكن اعتبار المصلحة معياراً لوجود الحق، لكونها أمر شخصي و ذاتي يختلف من شخص لآخر .
(ب) إن عنصر الحماية القانونية الذى يعتبره أنصارها من عناصر وجود الحق ، فالأصل أن القانون لا يمنح هذه الحماية للحق إلا بعد وجوده، فالقانون يفترض وجود الحق ثم يمنح صاحبه وسيلة حمايته وهى الدعوى، أى أن وسيلة الحماية يقررها القانون للحق بعد نشوئه ، فكيف يتصور أن تكون هذه الوسيلة من عناصر نشوء الحق بحيث تدخل فى تعريفه .
النظرية المختلطة
حاول بعض الفقهاء الجمع بين النظريتين السابقتين ، بحيث يرى أنصار النظرية المختلطة الأخذ بالإرادة والمصلحة معاً، إلا أنهم اختلفوا فيما بينهم حول تغليب أحد العنصرين على الآخر .
فالبعض يغلب دور الإرادة على دور المصلحة فيعرف الحق بأنه "هو تلك القدرة إلارادية المعطاة لشخص من الأشخاص فى سبيل تحقيق مصلحة يحميها القانون" ، بعبارة أخرى هو قدرة إرادية تقوم على خدمة مصلحة.
والبعض الآخر يغلب دور المصلحة على دور الإرادة ، فيعرف الحق بأنه "هو المصلحة التى يحميها القانون ويقوم على تحقيقها والدفاع عنها قدرة معترف بها لإرادة معينة" .
يتضح من ذلك أن أنصار هذه النظرية المختلطة يجمعون بين كل من النظرية الشخصية والنظرية الموضوعية ، وعلى ذلك، يمكن أن يوجه إلى هذه النظرية بإتجاهاتها ما سبق أن وجه إلى النظريتين المذكورتين .
النظرية الحديثة
يتزعمها الفقيه البلجيكي دابان الذي يرى أن " الحق هو إستئثار الشخص بقيمة معينة أو شيء معين عن طريق التسلط على تلك القيمة أو الشيء ".
بالتالي فالحق حسب هذا الإتجاه يقوم على عنصرين :
الإستئثار : و هو الذي يميز الحق عن غيره ، هذا الحق الذي ينشأ علاقة بين صاحب الحق و موضوعه أو محله ، فهذه العلاقة هي التي تمثل الإستئثار ، بمعنى أن الحق هو ما يختص به صاحبه ، أي ما له ، بالتالي فالحق ليس مصلحة حتى و لو كان القانون يحميها ، و إنما هو الإستئثار بمصلحة .
بمعنى أدق هو إستئثار بشيء يمس الشخص و يهمه ، ليس بصفته مستفيدا أو له أن يستقيد ، لكن بصفة أن هذا الشيء يخصه وحده .
و يجب أن لا يكون للشيء موضوع الإستئثار مفهوما ضيقا ، فالإستئثار يرد على الأشياء المادية سواء مانت منقولة أو عقارية ، كما يرد على القيم اللصيقة بالشخص كالحق في الحرية و سلامة الجسم أو يرد على عمل أو إمتناع عن عمل يلتزم به الغير اتجاه صاحب الحق .
التسلط : و هو النتيجة الطبيعية للإستئثار ، و يقصد به سلطة صاحب الحق على ماله ، بمعنى سلطة التصرف الحر في الشيء محل الحق .
و التسلط لا يختلط بإستعمال الحق ، لأن إستعمال الحق يتضمن سلطة إجابية تترجم في مجرد دور للإرادة ، أما سلطة التصرف فهي رخصة للتصرف في الشيء محجل الحق من جانب صاحبه بصفته سيدا عليه .
عنصر الحماية : بمعنى أن القانون يكفل لصاحب الحق مباشرة السلطات اللازمة التي تمكنه من تحقيق ذلك الإستئثار .
غير أن هذه الحماية لا تختلط بالحق فهي تتبعه و تخوله حقا جديدا متميزا عن الحق المحمي و هو الحق في الدعوى .
النقد :
هذه النظرية لا تعطينا إجابة كافية و مقنعة حول مدى سلطة الشخص في التصرف في نفسه ( الحقوق اللصيقة بالشخصية ) .
التعريف الذى نفضله
على ضوء التعاريف السابقة خاصة منها تعريف النظرية الحديثة ، نرى أن الحق يتحلل إلى عناصر جوهرية يتكون منها ، و هي الإستئثار و التسلط و إحترام الكافة لإستئثار صاحب الحق و تسلطه و إمكانية المطالبة بإحترام هذا الحق .
لذلك نقترح التعريف التالي للحق :" الحق هو الإستئثار الذي يقره القانون لشخص من الاأشخاص و يكون له بمقتضاه إما التسلط على شيئ أو إقتضاء أداء معين ".
حيث نرى أن هذا التعريف يلقي الضوء عèلى جوهر الحق و هو الإستئثار كما أن هذا الإستئثار يقره القانون ، بالتالي تظهر العلاقة الوثيقة بين الحق و القانون ، فلا يوجد حق إلا إذا كان القانون في سنده و يعترف به و يقره ، و هو ما يميز الإستئثار المشروع لصاحب الحق على الإستئثار غير المشروع ، كإستئثار السارق بالشيئ المسروق .
كما أن هذا الإستئثار قد يكون بقيمة مادية أو معنوية ، و إستئثار صاحب الحق بقيمة معنوية معينة لا يحول دون إستئثار أقرانه بمثلها ، هذا الإستئثار قد يتجسد في الواقع قي صورة تسلط على شيء كما هو الحال بالنسبة لحق الملكية ، او في صورة إقتضاء أداء معين كما هو الحال بالنسبة لحق الدائنية .
و منه فإن فكرة الإستئثار الذي يقره القانون و التسلط و الإقتضاء توضح بذاتها علاقة صاحب الحق بالغير و ضرورة إحترام الكافة لهذا الحق ، لذلك لم يذكر في صلب التعريف و سيلة حماية الحق و المتمثلة في الدعوى ، لأنها ليست عنصرا من عناصر الحق الجوهرية ، فهي تكون لا حقة لوجوده أي هي أثر من آثار وجود الحق



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..