يُفاجأ الإنسان بأن أغلب خريجي الثانوية
يعانون ضعف اللغة العربية لديهم، خصوصاً في الكتابة! وقد نتساهل في عدم
تخاطبهم باللغة العربية الفصحى لحتميات اجتماعية وبيئية أفرزت اللهجات
المحلية الخاصة بكل منطقة عربية، ولكن الأمر الأصعب أن هؤلاء الخريجين لا
يُلمون بأبسط قواعد الإملاء أو النحو أو التراكيب اللغوية، فضلاً عن
المُحسنات البديعية التي تعنى بجماليات اللغة.
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
والمشكلة
- عندما تسأل هؤلاء الطلاب والطالبات - عن سبب هذه الظاهرة، فإنهم
يُرجعونها إلى النظام التعليمي الذي فُرض في المدارس، ما قبل الجامعة، بحيث
تم التركيز على اللغة الإنجليزية كأداة تعليمية حتى خارج المواد العلمية
المتعارف عليها، ولئن قضى الطالب 12 عاماً وهو يدرس باللغة الإنجليزية،
وكان قبلها طفلاً في الروضة لثلاثة أعوام، وقبلها طفلاً مع الشغالة منذ
ولادته، لا يتحدث العربية، فبالله عليكم كيف سيتعامل هذا الإنسان مع
مجتمعه؟ وكيف سيواجه متطلبات المجتمع العربي المسلم؟! بل وكيف سيستطيع
قراءة تاريخه أو شعر أمته أو مشكلاته الحضارية أو أدب ثقافته؟!
نحن
لا نقلل من أهمية تعلّم اللغة الإنجليزية، فكثير منا تخرّج من جامعات
أميركية أو بريطانية، ولكن مع ذلك مازال هذا الكثير يكتب باللغة العربية
ويناقش باللغة العربية، بل ويؤلف كتباً باللغة العربية، ويعود إلى المراجع-
لو احتاج الأمر لمعرفة موضوع معين- مع قدرته على الاتصال باللغة
الإنجليزية قراءة وكتابة ومحادثة! وهذا لا يتوافر للذين لا يتقنون اللغة
العربية، حتى وإن رجعوا إلى المصادر المترجمة - وهي نادرة ومشوهة - فلن
يجدوها بنفس الزخم والأصالة التي كُتبت بها.
القضية من جانب حضاري وإسلامي أيضاً!
كيف
لهذا الإنسان المفصول عن تاريخه وثقافته والملتصق بمخرجات التكنولوجيا
التي تحمل إليه المعلومة الأجنبية، بكل إغراءاتها ولربما «قدحها» في العرب
والمسلمين، أن يتشكل له رأي عام تجاه قضايا أمته ودينه؟! وكيف سيواجه
الطلاب غداً عندما يدخل الجامعات الأميركية أو الأوروبية، وهو غير مُلم
بتراثه الحضاري، ونماذج تلك الحضارة من كتب وفنون وأشعار وملاحم ومسرحيات
وسِير؟! ثم كيف سيُعلّم أبناءه في المستقبل ويراجع لهم الدروس، بعد أن تمت
العودة إلى اللغة الغربية من جديد؟
إن الإنسان
المفصول عن حضارته وتراثه يعيش وحيداً معزولاً عن هذه الأمة وهمومها، مهما
تغنى بالإنجليزية و«افتخر» بعدد (الأكسنات- Accents) أي اللكنات التي
يجيدها.
كما أنه لا يستطيع التعامل مع مجتمعه، حتى وإن عمل في مؤسسة تدير كل أعمالها ومراسلاتها باللغة الإنجليزية!
كما
أنه لن يستوعب ما يجري في إعلام بلاده، بكل تنوعه، طالما لا يستسيغ اللغة
العربية، ولا يشاهد محطات عربية، ويتحدث في الهاتف ويتراسل عبر الإنترنت
ووسائل التواصل الاجتماعي بالإنجليزية، ماذا لو ضرب معه الحظ وأُعطي منصب
وزير؟! واو.. وهذا المنصب يتطلب منه الخطابة في المؤتمرات والاجتماعات
المتخصصة أو الأعياد الوطنية باللغة العربية؟! هل سيخطب باللغة الإنجليزية
في بلد لغتها الرسمية هي العربية، وجميع مراسلاتها باللغة العربية، وسكانها
يتحدثون العربية! إنه سيكون في وضع حرج جداً، ولربما تصبب عرقاً إن «لوى»
لسانه عندما يلفظ كلمة «استقلال» أو «مضرجاً بدمائه» أو «استدرار العطف» أو
«استشكالات الموقف»؟ ثم ماذا سيعمل إذا ما شاهد أبناءه لا يلفظون آيات
القرآن الكريم لفظاً سليماً؟ وهو أيضاً لا يعرف ذلك!
أنا
أنظر للقضية من منظور ثقافي حضاري، لأن هذا الإنسان واحد من مجتمع، وإذا
ما تشكل المجتمع على هذه الشاكلة، طبقاً للتوجهات التعليمية، فإننا سنواجه
مأزقاً حضارياً بعد جيل أو جيلين، وستنقطع الصلة بين كل مبدعينا وعلمائنا
ومثقفينا وبين الأجيال القادمة! يكفي أن أغلب وسائل إعلامنا تتخاطب باللهجة
المحلية، وأغلب مذيعينا ومذيعاتنا لا يتقنون اللغة العربية، ويبثون
اللهجات المحلية في أكثر من مرفق، كما أن التحولات التكنولوجية الحالية
ساهمت في «تغريب» الإنسان العربي عبر المسلسلات الأجنبية وتلك المدبلجة،
والبرامج الكمبيوترية، والشخصيات الهوليودية وأدوات التخاطب التي تعتمد على
لغة الأرقام، وهذه تهدد اللغة الإنجليزية ذاتها، لأن الشاب الذي يتعود على
هذه اللغة المُختصرة سوف ينسى الإملاء الإنجليزي!؟ فهل نتوقعه عندما
تساعده الظروف ويصبح سفيراً لبلاده أن يكتب لمسؤول في وزارة الخارجية التي
يمثل بلاده فيها بكلمات مثل:
Best wishes 4 U،I no u be 4 u no me أو I C U 2morrow؟
بصراحة،
نحن نحتاج إلى وقفة شجاعة ونواجه ما يجري حولنا إذا ما تلاشت اللغة
العربية تتلاشى الحضارة العربية ويصل الخطر إلى الدين الإسلامي، فهل من
مبادرة لوقف هذا التخريب؟
المصدر_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..