الأربعاء، 23 أبريل 2014

«نفوس مريضة» تستغل «السيرة الذاتية» للمتقدمات على وظائف..!

يكفي استغلالاً وبحثاً عن خصوصيات المرأة وكأنها من «كوكب آخر» 
جدة، تحقيق - منى الحيدري

    تُعدّ "السيرة الذاتية" من أهم متطلبات التقديم لحصول الفتاة على وظيفة ما ضمن الوظائف الشاغرة
في العديد من المنشآت، وتحمل هذه السيرة كثيرا من المعلومات الشخصية للمتقدمة؛ إذ تكشف بياناتها المدونة فيها بعض الخصوصيات، ومن ذلك أرقام الهواتف والبريد الالكتروني "الإيميل"، وأحياناً صورتها الشخصية التي قد تتيح لبعض ضعاف النفوس استغلالها وابتزازها وتعريضها لمواقف محرجة في كثير من الأحيان.

استغلال الموظف للسيرة الذاتية للفتاة يعد مخالفة تستوجب المساءلة والعقوبة


"الرياض" ناقشت البعد الاجتماعي والقانوني لاستغلال السيرة الذاتية للفتاة الباحثة عن عمل مع عدد من المختصين فكانت الحصيلة التالية:
سريَّة المعلومات
وأشار "د. عوض العساف" –محام- إلى أنَّ استغلال السيرة الذاتية من قبل الجهات التي تعلن عن وجود وظائف شاغرة خاصة بالنساء يُعد إخلالاً بواجب المحافظة على سرية وخصوصية المعلومات التي تم وضعها لهدف محدد هو التوظيف، موضحاً أنَّ استغلالها خارج هذا النطاق يُعدُّ مخالفة تستوجب المساءلة والعقوبة، خصوصاً حينما يتم استغلال هذه المعلومات لأغراض غير مشروعة في محاولة للتأثير على صاحبة الطلب.
وبيَّن أنَّ الشرع يعدّ هذا التصرف تدخلا في الخصوصية، لافتاً إلى أنَّ الرسول الكريم -عليه السلام- حرَّم في خطبة الوداع الأعراض والأموال، مضيفاً أنَّ من يستغلون ذلك يتجاوزون هذه الحرمة، موضحاً أنَّ جميع الأنظمة المرعيَّة في "المملكة" تُحرم هذا الفعل، داعياً أيّ فتاة تتعرض لمثل هذا النوع من الابتزاز باللجوء إلى الجهات المختصة مثل: "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لإبلاغهم بذلك، ومن ثمَّ رفع قضية لدى الجهات الأمنية لتؤدي دورها برفع الدعوى ل "هيئة التحقيق والادعاء العام" لمعاقبة الشخص المبتز.
وأوضح أنَّ للابتزاز أنواعا كثيرة، ومن ذلك ما يحدث عند إعطاء الفتاة رقم هاتفها الشخصي لبعض ضعاف النفوس، ومن ثمَّ الاتجاه لمعاكستها والتحرش بها عبر افتعال قصص غير حقيقية عنها وتهديدها بإخبار أقاربها أو استغلال بريدها الالكتروني "الإيميل" في إرسال أمور مُخلِّة بالأدب إليها، مؤكداً على أنَّ الابتزاز بشكل عام محرم شرعاً وقانوناً، مبيِّناً أنَّ العقوبات في هذا الشأن تتدرج بين السجن والغرامة المالية.
بيانات شخصية
وأضاف "د. العساف" أنَّ الشخص المُبتز يسعى عادةً للحصول على معلومات مُفصَّلة عن فريسته؛ لكي يتمكن منها، مشيراً إلى أنَّ مما يؤسف له أنَّ السيرة الذاتية التي تُقدَّم لجهة العمل تُعدُّ من الأمور التي تتيح سهولة الحصول على البيانات الشخصية، سواءً للفتيات أو الشباب، مُلقياً باللوم في هذا الجانب على قطاع الأعمال والقطاعات الحكومية؛ وذلك لأنَّ السيرة الذاتية تتنقل في مختلف القطاعات المعنية بالوظائف.
وشدَّد على ضرورة أن تُولي تلك الجهات البيانات الشخصية للباحثات عن عمل جانباً من الاهتمام وأن تتعامل معها معاملة خاصة، على اعتبار أنَّ من يعمل في إدارة الموارد البشرية من المسؤولين عن هذه المعلومات وقطاع التوظيف هم من ذوي الأخلاق العالية ومن المؤهلين، وبالتالي فإنَّه يجب عليهم أن يتعاملوا بشكل احترافي مع تلك البيانات، داعياً الفتيات المتقدمات للعمل إلى عدم إرسال سيرتهنَّ الذاتية قبل التحقق من المنشأة التي أعلنت عن وجود وظائف شاغرة.
نظرة قاصرة
ورأى "د. عبدالغني الشيخ" -مستشار إداري- أنَّ بعض المؤسسات حينما تطلب السيرة الذاتية لا تطلبها للتوظيف بل للمتاجرة بها، مضيفاً أنَّها قد تبيعها لمؤسسات أُخرى –على حد رأيه-، موضحاً أنَّ ذلك يحدث عادةً في المؤسسات أو الشركات الصغيرة التي لا تستطيع توظيف مزيد من الموظفين؛ نظراً لمحدودية نشاطها، إلى جانب عدم وجود إدارة للموارد البشرية فيها تعمل على فحص السيرة الذاتية، وبالتالي فإنَّها تبيعها لشركات التوظيف الكبيرة في الداخل والخارج.
وأشار إلى أنَّ نشر السيرة الذاتية للباحثات عن العمل أمر سلبي، مضيفاً أنَّ البعض لا تزال نظرتهم قاصرة تجاه المرأة، وبالتالي فإنَّه من الضروري أن يكون هناك حجب للمعلومات المتاحة إلاَّ للمختصين، موضحاً أنَّ هناك مكاتب توظيف عالمية ومحلية تستخدم السيرة الذاتية في ترويج بعض الإعلانات التجارية وتبيعها لشركات حسب نشاط الشركة وكل شركة تبيع لأخرى، إذ أنَّ أبرز المعلومات المدونة فيها عبارة عن أرقام الهواتف و"الإيميلات"، مبيِّناً أنَّها تُباع لشركات السيارات وشركات الدعاية والإعلان والمطاعم.
ودعا إلى ضرورة إتقان المتقدمة للعمل لكتابة السيرة الذاتية بطريقة صحيحة وأن تحرص أيضاً على عدم تقديمها إلاَّ لمن تثق في حقيقة وضعهم الوظيفي، مشيراً إلى وجود بعض المعلومات الأساسية التي لا بُد من تدوينها في السيرة الذاتية، ومن ذلك البريد الالكتروني "الإيميل"، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن إرسال الصورة الشخصية، على أن تحرص الفتاة على وضع رقم هاتف و"إيميل" أحد أقاربها، بحيث يكون هذا القريب قادرا على التعامل في الحالات الطارئة، وأن لا تعرض الفتاة بياناتها الشخصية بشكل عام؛ لكي تتجنب الإزعاج.
عصر التكنولوجيا
وقال "أحمد السعد" -أخصائي اجتماعي- :"انتشرت هذه الظاهرة –للأسف- في الآونة الأخيرة تماشياً مع عصر التكنولوجيا، إذ أصبح التقديم على الوظائف في الغالب يتم بطريقة إلكترونية؛ مما يتطلب تقديم السيرة الذاتية عبر البريد الإلكتروني أو بواسطة إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، مثل (الواتس أب)، وغيره من البرامج؛ مما يُقلل من عناء البحث الشخصي ومراجعة الدوائر الحكومية والخاصة بهدف تسليم السيرة الذاتية أو السؤال عن توفّر الوظائف".
وبيَّن أنَّ بعض الفتيات قد يتعرَّضن للابتزاز عبر المعلومات المكتوبة في السيرة الذاتية، مضيفاً أنَّ بعض الفتيات يتحمَّلن المسؤولية عن انتشار هذه الظاهرة، إمَّا نتيجة عدم الالتزام بالاحتشام عند مقابلة مسؤولي التوظيف، أو بسبب تجاوز الحد المنطقي والمعقول في آداب الحديث مع المسؤول عبر الخوض في أمور شخصية ليست في لبّ الموضوع، مشيراً إلى أنَّ البعض –للأسف- قد يستغل حاجة الفتاة للوظيفة بشكلٍ ينتهي بتقديمها بعض التنازلات؛ من أجل تسهيل إجراءات التوظيف.
تعامل رسمي
وأضاف "السعد" أنَّه لن يكون هناك ابتزاز دون وجود أسباب؛ وذلك لأنَّ العُرف الاجتماعي يشير إلى أنَّ الشخص المحترم يفرض نفسه واحترامه في أيَّ مكان، مشيراً إلى أنَّه حينما يكون التعامل رسميا ومحترما ولهدف محدد ولا تتجاوز المحادثة أو المقابلة الشخصية هذا الهدف المحدد، فإنَّه لن يكون هناك أيّ ابتزاز، موضحاً أنَّ بعض الفتيات تتعامل مع الآخرين بشكل عفوي أو بنيَّة طيبة وتتجاوب بشكلٍ سريع وتسمح بالتواصل عبر الهاتف في أيّ وقت، وبالتالي فإنَّ هناك من يفسِّر ذلك بأمور أخرى سلبية في كثيرٍ من الأحيان.
ودعا الفتاة التي تبحث عن وظيفة ما إلى الحرص حينما تتعامل مع المعنيين بأمور التوظيف في أيّ منشأة حكومية كانت أو خاصة، مشدداً على أهمية التعامل بحذر وأن يكون التعامل ضمن أُطر وحدود الهدف الأساسي وهو التقديم للحصول على الوظيفة، مشيراً إلى ضرورة وجود حواجز واضحة يحترمها الطرف الآخر، مبيِّناً أنَّ من أسلم الحلول في هذا الجانب هو وجود الأخ أو الأب معها أثناء المقابلة الشخصية.
أداة شر
وأوضح "أحمد البيشي" -متخصص في التنمية البشرية- أنَّ الإنسان في أحسن صورة هو مرآة للخلق الراقي والنفس العزيزة واليد المعطاءة لمن يحتاج إليه، مضيفاً أنَّه في أسوأ صورة له يكون مصدر أذى وإزعاج للغير، كما أنَّه يكون مبتزاً وأداة شر في يد الشيطان، وأضاف قائلاً : "أكاد لا أُصدق أنَّ هناك من يستغل المعلومات الشخصية للغير، مثل رقم الجوال المدوِّن في السيرة الذاتية لطالبة العمل بغرض المعاكسة والإغواء وبيع الوهم".
وطرح بعض الأسئلة على كل من يحاول استغلال المعلومات الشخصية للفتاة من أجل الإساءة إليها، قائلاً : "هل تريد أن تدفع إنسانة شريفة تبحث عن عمل -وربما تكون أماً أو أنَّها حينها هي العائل الوحيد لنفسها- إلى سكة التائهين؟ وهل تريد أن تحولها إلى امرأة فاسدة وتكون ممن يُشيع في الأرض الفساد؟ وهل تريد أن تثبت لها وللعالم أجمع أنَّ الشباب وحوش، وهي ترى شبابنا نجوماً مضيئة في سماء الإبداع؟".
وتابع توجيه الأسئلة قائلاً : "ألا تعلم أنَّ الفتاة السعودية تعتز بأبناء وطنها، وهل تريد أن تدفعها إلى فئة المتسوّلات عند مفترق الطرقات ومحطات الوقود لترتوي رئتها بأدخنة السيارات وتختزن عباءتها السوداء في وهج الظهيرة كل أشعة الشمس في أرض كلها شمس؟ وهل تريد أن تُقدِّم لأعداء المرأة الحجة والبرهان بأنَّها ليست أهلاً للثقة؟ وهل تريد أن تعطي أيَّ فرد من أسرتها الحق في إيقاع العقاب عليها حينما يرى صورها في وسائل الاتصال الالكتروني؟". وأضاف: "هل أنت على علم بالأنظمة التي أصدرتها الدولة –أيَّدها الله- لحفظ الضرورات الخمس، ومنها العرض؟ وهل تعلم أن بإمكان الفتاة أن يكون لها رقم خاص بالوظيفة من فئة الجوالات مدفوعة الثمن تستطيع أن تستغني عنه حينما تشعر بسوء النية وزيادة وتيرة الأذى، وقد يصاحب ذلك خسارة لها دون ذنب اقترفته؟".

التقديم اليدوي أكثر عرضة للابتزاز وتعدد المبتزين

التقديم الالكتروني أكثر أماناً ودقة من التقديم اليدوي للوظائف

بعض الفتيات قد يتعرَّضن للابتزاز الهاتفي من خلال المعلومات المكتوبة في السيرة الذاتية
الأربعاء 23 جمادى الاخرة 1435 هـ - 23 ابريل 2014م - العدد 16739 , صفحة رقم ( 35 )




------
التعليق :
احجبوا ارقام الجوالات  و ليكن التواصل عن طريق بريد الكتروني  يكون المرسل هي  الجهة
و عبر  بريدها الخاص الرسمي
او  يكون جوال ولي الأمر  !
او ان يحدد رقما معينا يشار اليه ويتم التواصل من خلاله وبتسجيل المحادثة آليا  لكشف ضعاف النفوس
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..