لا
يمكن لك حين تقيِّم الموقف تقييماً جاداً إلا أن تؤكد أن كلمة الملك عبد
الله وفقه الله في افتتاح ملعب الجوهرة محض سبق لسان حين قال مخاطباً
الجماهير الحاشدة ( الشعب السعودي الشقيق) ومع أنها من حيث الدلالة
اللغوية صالحة في مثل هذا الموقف ، وهو ما أكد عليه كُتَّابٌ وشُعراء
تفاعلوا مع الكلمة ، إلا أنها في مصطلح الخطاب السياسي تُخَصَّصُ لخطاب
مُوَجَّه لدولةٍ أو شعبٍ تربطهما معنا علاقاتٌ أعمقَ من الصداقة ، وفي
الدبلماسية السعودية تُطلق فقط على الدول الإسلامية وشعوبها دون غيرهم .
إلا
أن سبق اللسان هذا حدث جراءه من التفاعل في الإعلام البديل ما يجعله أو
يجعل التفاعل معه يحمل دلالاتٍ أعمقَ في وزن توجهات المُجْتَمع السياسية ،
رُبْمَا ، وأقول :ربما تُغَيِّر من نظرة الكثيرين وتقييمهم لهذه التوجهات .
الانطباع
الذي استفدته من هذا التفاعل : أن ما تمتلئ به المواقع الإلكترونية من نقد
للدولة ومؤسساتها لا يعني أن للشعب أو قل للغالبية الساحقة منه -ولاسيما
الشباب- خياراً آخر غير هذه الدولة وقيادتها ، وإنما يعني : أن هناك تشوفاً
واشتياقاً كبيراً للإصلاح ، وأن التعبير عن هذا التشوف وهذا الاشتياق قد
يأتي بعبارات ساخطة وناقمة ، لكنها في الحقيقة خالية من معنى السخط والنقمة
ممتلئة بمعاني الاستحثاث والاستعجال .
وهناك
تشوفٌ أقوى وأكبر لمكافحة هجمات التغريب القادمة من الخارج والمنبعثة من
الداخل ، وهو أيضا قد يُعَبَرُ عنه بكلمات ناقمةٍ وشديدة الوقعِ ، لكنها
تحمل معانيَ الألم من الواقع كما يراه قائلها ، دون أن تحمل كثيراً من
دلالاتها اللغوية الساخطة .
هذا التفاعل
الشعبي الجميل مع سبق لسان الملك جاء في الكثير الغالب منه بمعرفات حقيقية
وأسماء صريحة ليقطع الطريق أمام كل من يحاولون حفر خنادق بين الدولة والشعب
، ويمُدَّ جسُوراً عريضة حاول البعض التضليل للحيلولة دون الوصول إليها .
وتأتي
أيضا في وقت راهن الأعداء فيه على الجبهة الداخلية للمملكة العربية
السعودية ليؤكد أن الخلافات كما كان لكلمة عفوية أن تطغى بمشاعر المحبة
عليها ، فإن أي مساس أو اقتراب من هذا الكيان سيكون له من الأثر في تناسي
الخلافات أعظم بمراحل مما تمَّ جراءَ كلمةٍ جاءت عفوَ الخاطر وعفوَ اللسان
.
قال
الملك في عفويته ( تستاهلون أكثر) نعم إن هذا الشعب المحب يستحق الكثير ،
مع أنه في الحقيقة لا يطلُب الكثير ، فلو جمعنا أكثر ما قِيل وأكثر ما
كُتِب من مطالبات ، لا نجدها تخرج عن ثلاث كلمات ، هنَّ كما يلي :
١- إصلاح ما فسد .
٢- محاسبة من أفسد .
٣- إنجاز ما تأخر.
وأعلم
أن هناك رغبة صادقة في تحقيق هذه المطالب ، لكن نيل المطالب كتسلق الجبال
لا يمكن أن يكون إلا بأدواته ، وأعظم أدوات هذا المبتغى هم الرجال الأكفَاء
، ومالم تتغير الطريقة التقليدية في اختيار المسؤولين ، من أسلوب الاعتماد
على التزكية ، إلى أسلوب يضيف إلى التزكية أمرين آخرين أكثر أهمية ، وهما
: المفاضلة بين المرشحين لمنصبٍ ما على أساس خطة العمل التي يجب أن تُطلب
من المُرشح قبل تعيينه ، والثانية : محاسبته بعد التعيين على نسبة إنجازه
من خُطته التي عمل بها .
أقول : مالم
تتغير تلك الطريقة إلى هذه الطريقة التي أشرتُ إليها ، فإن كفاءة الرجال
ستبقى رأياً خاصاً بمن زكاه لهذا المنصب ، بل إن توليته للمنصب تبقى نوعاً
من أنواع المجازفات ، بل ربما كانت شر أنواع المجازفات .
نسأل
الله تعالى لخادم الحرمين ومن شاركه حِملَه ومسؤوليته التوفيق والسداد
والعون على هذه الأمانة العظيمة والعبء الجسيم ، ونسأل الله تعالى لبلادنا
دوام الأمن ومزيد الرخاء والسلامة في الدين وسائر بلاد المسلمين والحمد لله
رب العالمين.
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..