الأربعاء، 21 مايو 2014

توطين الصناعة.. لا استهلاكها..

كلنا يعلم أنه لا مستقبل لنا في الصناعة الزراعية وذلك لافتقارنا لأساسياتها، بل في التركيز على الصناعات البتروكيماوية، والتعدين وما ينجم عنهما من صناعات تحويلية تبدأ من قطع الغيار وأصناف أخرى يحتاجها سوقنا المحلي في المراحل الأولى، ثم التحول إلى التصدير بجودة الصناعات العالمية، ليأتي عامل التطوير والانتقال من قطع الغيار إلى الصناعات الأساسية، ونحن لدينا كافة الإمكانات، رأس المال والقوى البشرية، والمواد الأساسية..
أقمنا شركات كبرى في استخراج النفط والغاز، والبتروكيماويات والتحلية وشركات الكهرباء وملايين السيارات والآليات الثقيلة التي نستوردها ومطالب القوات المسلحة والأجهزة الحديثة والاتصالات، ثم ما نزمع إنشاءه للطاقة البديلة من مفاعلات نووية وطاقات الرياح والشمس، إلى آخر تلك المنظومة الطويلة التي نستورد كل شيء لها..
أولى الخطوات هي إعداد الكوادر البشرية التي تنتهج تربية العمل كأحد مصادر التحدي لخلق جيل غير اتكالي يعمل على بناء وطنه، وهذا يحتاج لاستراتيجية تشارك فيها الجامعات ومراكز التدريب المهني والمعاهد الأخرى، ومساهمات من وزارات المالية والتجارة والدفاع والصناعة والكهرباء، وكل من له علاقة بمخرجات التعليم التي أصبحت العذر بعدم توطين الوظائف، والاعتماد على القوى العاملة المستوردة وضرورة استبدالها بالوطنية..
صحيح أننا نفتقد الخبرة والقواعد الصناعية لإنشاء مشاريع تستطيع سد حاجاتنا من قطع الغيار، وإيجاد صناعات ذاتية، ولكن في وجود شركات ومصانع سبقتنا في ابتكار وإنتاج كل شيء وامتلكت السوق العالمي، فإن المبادرة بمشاركتها في نقل خبرتها باستثمارات يدخل فيها الرأسمال الوطني الخاص والحكومي تمكننا من تأسيس البدايات، وهذا سيوفر لنا مئات الملايين ويساعد على إيجاد وظائف لعشرات الآلاف من الشباب، ويفتح لنا مبادرات للتصدير والابتكار، والأهم الوصول إلى سد احتياجاتنا التي تستنزف قدراً هائلاً من دخلنا..
ومثلما تحقق الحلم مع أول شحنة نفط صُدرت للخارج قبل عقود، ثم نجاح سابك وشركاتها وستلحقها صناعات التعدين، فالمستقبل يعني أن نكون بمستوى التحديات باستغلال ثرواتنا الطبيعية والبشرية، لا أن نعيش على هامش اقتصادات الأراضي والعقار والأسهم فقط، ونبقى مجتمعاً ريعياً لموارد ناضبة، وليس في الأمر قفزة فوق المستحيل والواقع، وإنما رسم الخطط وتنفيذها على مبدأ التحدي الوطني الذي يشارك فيه الرجل والمرأة والمال وقوى الإنتاج المختلفة..
فالحديث عن أزمات مياه، وطاقة وغذاء، وسكن وتنامٍ سكاني نحن من وضعها كأزمات، لأن البديل موجود ومن داخل بيئتنا، لكن بوجود أسلوب إداري عقيم وغير مرن بسبب تراكم البيروقراطية المستوطنة، فلابد من كسر الحاجز والذهاب إلى حل معضلة الإعاقات، وإلى تطوير ذاتنا بخبرة وجدية من سبقونا..
كثيرون وصمونا بالاتكالية والدونية في الإنتاج ورغبة العمل وجديته، وهذا مقبول في الدوائر الحكومية فقط، ولا يعمم على قطاعات صناعية وتجارية وشركات أخرى تبنت مبدأ الثواب والعقاب وإيجاد الحوافز بدون محاباة لقريب بصلة الرحم والقبيلة والمنطقة، ونجحت، وتطبيق مشروع كهذا على مستقبل صناعي متكامل، سوف يضعنا على عتبة حياة جديدة لا مكان فيها لمتقاعس..

الأربعاء 22 رجب 1435 هـ - 21 مايو 2014م - العدد 16767

كلمة الرياض

يوسف الكويليت
   
-----
التعليق:
أحسنت
كان الأصل أن يكون استثمارنا  واقعيا يمس حاجاتنا  المجتمعية  ويسهم في إيجاد قيمة مضافة لمنتجاتنا البترولية
وليس فتح المجال على مصراعيه  للإستثمار في مطاعم و تعبئة الملح بأكياس  !!
نبهت قبل سنين  عن ان المفترض هو نقل التقنية مع ابحاث وتطوير  وليس مجرد نقل مصانع متقادمة تخلص منها  أربابها واستبدلت بالجديد !!
الحديث يطول
ولكن
شكرا لك



مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..