الجمعة، 13 يونيو 2014

‏عندما يكافأ المقصر؟

 آثار نشر الوثائق الرسمية والمقاطع المصورة بواسطة الرسميين العاملين في الأجهزة الرسمية التي
تمكنهم وظائفهم من الاطلاع عليها، موجة من الغضب والاستنكار العام خاصة مشاهد القضايا الجنائية، ونادت أصوات كثيرة بالمعاقبة بالفصل لكل من يخل بأمانة العمل، والحقيقة أن أصحاب تلك الأصوات جمحوا كثيراً عن أسلوب الحكمة في المعالجة، لأن القضية ليست ردود أفعال بقدر ماهي تفادي وقوع تلك الأفعال، وإذا وقعت تتم معالجتها تدريجياً حسب كل مرحلة، إضافة إلى أن مسألة الفصل عقوبة يتعدى أثرها عقاب الفاعل إلى أناس لاذنب لهم تشملهم العقوبة كالأسرة والأبناء بالذات والمجتمع، لذلك لم يتحقق الهدف من العقوبة، وهو ردع الفاعل عن التكرار والعبرة للآخرين.
وهذا يقودنا إلى أمر لايقل أهمية بل قد يكون هو أحد الأسباب الرئيسية الداعية لاستهتار الموظف وهو إهماله في عمله وتقصيره وعدم تقيده بالدوام الرسمي المكلف به في الأجهزة الحكوميه، فليس أمام المدير المسؤول إلا الفصل بعد غياب خمسة عشر يومًا بدون عذر، وأنا أكاد أجزم أن هذه العقوبة لم تطبق على أحد منذ أقرت، ومسألة خصم الأيام اعتقد أنها تكلف إدارياً أكثر من قيمتها إضافة أنها ليست رادعة، والمفارقة الغريبة في عالم الوظائف الحكومية أن المقصر في العمل هو الذي يترقى أكثر من الملتزم بعمله بل ويستحوذ على الدورات الداخلية والخارجية على حساب المجتهد الذي سيختل العمل فيما لو أعطي حقه من الدورات، لذلك وبمنتهى الأنانية يحرم منها وفي النهاية عند إجراء المفاضلة يفوز المتلاعب والمهمل، وفي ذلك قمة الإجحاف والظلم الوظيفي وأكبر معول هدم ومثبط يثير الندم والحسرة ويضطر المخلص في العمل إلى التراجع عن إخلاصه وينتهج نفس أسلوب زميله المهمل.
والأمر يحتاج إلى تحرك من قبل وزارة الخدمة المدنية ومن المعنيين والمختصين في إيجاد نظام رادع ومتدرج في المعاقبه وإعطاء سلطة إدارية تجعل حق الترقية والامتيازات مرتبطاً بحسن الأداء والتقييم التراكمي مما يحفز المجتهد ويضمن حصوله على حقه من المكافأة على حسن أدائه ولو لم يبحث عنه، وفي المقابل تُذكر المقصر وتنذره بأن سلوكه سيلقى جزاءه ولو لم يؤنبه مديره ويبح صوته محذراً ومهدداً بشيء لا يملكه قانوناً.
ولنعترف أن أداء الموظف الحكومي في تراجع مستمر، واعترافنا يقودنا إلى بحث الأسباب ثم المعالجة، ولو لم تكن معالجة حاسمة أو كاملة، المهم أن نلتفت لصيانة المقدرات العامة ونتذكر دائماً أن وطننا أمانة في أعناقنا.
الجمعة 15 شعبان 1435 هـ - 13 يونيو 2014م - العدد 16790, صفحة رقم ( 6 )

شور

د. محمد عبدالعزيز السليمان
  


مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..