الصيام وشروطه
الصيام هو إمساكٌ عن المفطِّر، على وجه مخصوص، مع النِّية؛ "الإقناع في حلِّ ألفاظ أبي شُجاع".
يجب على كلِّ مسلِم، عاقل، بالِغ، قادِر،
فيدخل في هذا: المقيم والمسافِر، والصحيح والمريض، والطاهِر
والحائض،
والمُغمى عليه؛ فإنَّ هؤلاء كلَّهم يجب عليهم الصوم في ذِممهم، بحيثُ
يُخاطبون بالصوم؛ ليعتقدوا الوجوبَ في الذِّمة، والعزم على الفِعْل: إما
أداءً وإما قضاءً،؛ "ابن تيمية، شرح العمدة".
نَعَم،
يُؤْمر الصِّبيان الذين لم يَبْلُغوا بالصيام إذا أطاقوه، كما كان
الصَّحابة - رضي الله عنهم - يفعلون ذلك بصِبيانهم، وقد نصَّ أهلُ العلم
على أنَّ الولي يَأمُر مَن له ولاية عليه مِن الصِّغار بالصوم؛ مِن أجل أن
يتمرَّنوا عليه ويألفوه، وتنطبع أُصول الإسلام في نُفُوسهم، حتى تكونَ
كالغريزة لهم، ولكن إذا كان يشقُّ عليهم أو يضرُّهم، فإنَّهم لا يُلزَمون
بذلك؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
العقْل هو ما يحصُل به الميزة:
أي التمييز بيْن الأشياء، فإذا لم يكنِ الإنسان عاقلاً فإنَّه لا صومَ
عليه، كما أنَّه لا يجب عليه شيءٌ من العبادة سوى الزكاة، ومِن هذا النوْع -
أي: ممَّن ليس له عقل - أن يبلغَ الإنسان سِنًّا يسقط معه التمييز، وهو ما
يُعرَف عند العامة بالهذرات، فلا يلزم المهذري صوم، ولا يلزم عنه إطعام؛
لأنَّه ليس مِن أهل الوجوب؛ "السابق".
يحصل البلوغُ بواحد من أمور ثلاثة:
إما بأن يتمَّ الإنسان خمسَ عشرة سَنة، أو أن تنبت العانة، وهي الشَّعر
الخَشِن الذي يكون عند القُبل، أو يُنزل المني بلذَّة، سواء كان ذلك
باحتلامٍ أو بيقظة، وتَزيد المرأة أمرًا رابعًا هو: الحيض، فإذا حاضتِ
المرأة، بَلَغت؛ "السابق".
إذا أسْلَم الكافر في أثناء رمضان، لم يلزمْه قضاءُ ما سبق إسلامَه.
وإذا أسلم
في أثناءِ اليوم، لَزِمه الإمساكُ دون القضاء،....، فنأمرُه بالإمساك؛
لأنَّه صار مِن أهل الوجوب، ولا نأمره بالقضاء؛ لأنَّه قام بما وجَب عليه،
وهو الإمساك من حينِ أسْلم، ومَن قام بما يجب عليه لم يُكلَّف بإعادةِ
العبادة مرَّة ثانية؛ "الشرح الممتع، ابن عثيمين".
♦ إذا بلغ الصبي أثناء النهار (الأوجه أنه يجب عليه الإمساك دون القضاء؛ لحديث عاشوراء)؛ "ابن تيمية شرح العمدة".
♦ إنْ
فَقَد الوعي جميعَ النهار أو غالبه، وقد عقَد النِّيَّةَ من اللَّيْل،
فيصحُّ صومه لو أفاق بعضَ النهار، فلا يُشترط وجودُ الإمساك في جَميع
النهار؛ بل اكتفَيْنا بوجوده في بعضِه؛ لأنَّه داخلٌ في عمومِ قوله:
((يدَعُ طعامَه وشهوتَه مِن أجْلي))؛ "ابن تيمية مجموع الفتاوى".
زمان الصيام:
زمان الوجوب:
الطريقة الشرعيَّة لثبوت دخولِ الشَّهر أن
يتراءَى الناسُ الهِلال، ويَنبغي أن يكونَ ذلك ممَّن يُوثَق به في دِينه
وفي قوَّة نظرِه، فإذا رَأوه وجَب العمل بمقتضَى هذه الرؤية صومًا، إنْ كان
الهلال هلالَ رمضان، وإفطارًا إنْ كان الهلال هلالَ شوَّال، ولا يجوز
اعتمادُ حِساب المراصِد الفلكية إذا لم تكُن رؤية، فإنْ كانت هناك رؤيةٌ
ولو عن طريق المراصدِ الفَلكية فإنَّها معتبَرة؛ لعمومِ قول النبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم -: ((إذا رأيتموه فصُوموا، وإذا رأيتمُوه فأفْطِروا))؛
البخاري (1900)، ومسلم (1080)، أمَّا الحساب: فإنَّه لا يجوز العمَل به،
ولا الاعتماد عليه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
والذي أَميل إلى ترجيحِه القول المردَّد
في جميعِ هذه المذاهب، والذي يُقرِّر أنه لا عِبرةَ باختلافِ المطالع؛
لقوَّة دليله، ولأنَّه يتفق مع ما قصَدَه الشارع الحكيم مِن وَحْدة
المسلمين، فهُم يصلُّون إلى قِبلة واحدة، ويصومون شهرًا واحدًا، ويحجُّون
في أشهر محدَّدة، وإلى مواقيتَ ومشاعرَ معيَّنة، وعلى هذا فإنَّه متى
تحقَّقت رؤية هلال رمضان في بلَد مِن البلاد الإسلامية يُمكن القولُ بوجوب
الصوم على جميع المسلمين الذين تشترك بلادُهم مع البلد الإسلامي الذي ثبتتِ
الرؤية في جزء مِن اللَّيْل ما لم يقُمْ ما يُناهِض هذه الرؤية، وشكك في
صحَّتها؛ امتثالاً لعمومِ الخِطاب في الآية الكريمة، والحديث الشريف
السالفَيْن؛ "جاد الحق على جاد الحق، فتاوى علماء الأزهر".
زمان الإمساك:
مَن عندهم ليل ونهار في ظرْف أربع وعشرين
ساعة، فإنَّهم يصومون نهارَه سواء كان قصيرًا أو طويلاً، ويَكفيهم ذلك -
والحمد لله - ولو كان النهار قصيرًا، أمَّا مَن طال عندَهم النهار أو الليل
أكثرَ مِن ذلك، كسِتَّة أشهر؛ فإنهم يَقْدُرون للصيام وللصلاة قدرهما، كما
أمَرَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذلك في يومِ الدجَّال الذي
كسَنَة، وهكذا يومه الذي كشَهر أو كأسبوع، يَقْدُر للصلاة قدرَها في ذلك؛
انظر مسلم (2937)؛ "تحفة الإخوان، ابن باز".
مَن أكَل أو شرب شاكًّا في طلوعِ الفجْر،
فلا شيءَ عليه، وصومه صحيح ما لم يتبيَّن له أنه أكَل أو شرب بعدَ طلوع
الفجر؛ لأنَّ الأصل بقاءُ الليل، والمشروع للمؤمن أن يتناول السحورَ قبل
وقت الشكِّ؛ احتياطًا لدِينه، وحِرصًا على كمال صيامه، أما مَن أكَل أو
شَرِب شاكًّا في غروب الشمس، فقد أخطأ وعليه القضاء؛ لأنَّ الأصل بقاءُ
النهار، ولا يجوز للمسلِم أن يُفطِر إلا بعدَ التأكُّد من غروب الشمس، أو
غَلبة الظنِّ بغروبها؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
لو سافَر صائمٌ في طائرة،
وكانت على ارتفاعٍ شاهِق، فإنَّ المعروف أن الشمس تغيب عن الأرْض قبلَ
غيابها عن رُكَّاب الطائرة، وذلك بحُكم كروية الأرض، وبهذا لا يجوز له أن
يُفطِر ما دامت الشمس ظاهرةً له، وقد يحدُث أن يكون متجهًا إلى الشرق فيقصر
النهار، أو يكون متجهًا إلى الغَرْب، فيطول النهار، فالعِبرة بمغيب الشمس
عنه في أي اتِّجاه، ولا عِبرةَ بتوقيت المنطقة التي يمرُّ عليها، ولا
بتوقيتِ البلد الذي سافَر منه، فإنْ شقَّ عليه الصيام لطولِ النهار، فله
رُخْصة الإفطار للمشقَّة، وإن لم يشقَّ عليه، وآثَر إتمام الصيام، فلا يفطر
حتى تغيبَ الشمس؛ "عطية صقر فتاوى علماء الأزهر".
النية في الصيام:
التردُّد في النيَّة:
منهم مَن قال: إنَّ صومَه يبطل؛ لأنَّ التردُّد يُنافي العزم، ومنهم مَن قال: إنه لا يبطُل؛ لأنَّ الأصل بقاءُ النيَّة حتى يعزمَ على قطعها وإزالتها، ثم قال: وهذا هو الراجحُ عندي؛ لقوَّته، والله أعلم؛ "ابن تيمية، مجموع الفتاوى".
وجوب تبييتِ النية لصومِ كلِّ يوم واجب، هو
الذي عليه الجمهور، أمَّا أبو حنيفة فلا يرَى تبييتَ النية، ومَن يقول
بقوله، وهم بَنَوا ذلك على أنَّ سندي الحديثين فيهما مقال، وفُهِم من كلام
ابن القيم ويُفهَم من كلام شيخه موافقةُ أبي حنيفة؛ وهذا لأمرين: أولاً: قياسًا على ما ثبَت في النفْل، ثانيًا: قصَّة فرضية صيامِ يوم عاشوراء، والاحتياط في قولِ الجمهور ظاهرٌ وأحوط؛ "مجموع فتاوى محمد بن إبراهيم آل الشيخ".
ما يُفطر وما لا يُفطر:
ما يتعلق بالشهوة:
مَن جامع
في أوَّل النهار، ثم مرِض أو جُنَّ، أو سافَر، فأفطر، وجبَتْ عليه
الكفَّارة، ويترتَّب على الجِماع في نَهار رمضان لغير صاحِب عذر:
♦ فساد الصوم.
♦ وجوب الإمساك بقيةَ اليوم.
♦ قضاء ذلك اليوم.
♦ الإثم.
♦ الكفّارة؛ "ابن عثيمين، الشرح الممتع".
الاستمناءُ في رمضان وغيرِه حرام، لا يجوز فعلُه؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ
﴾ [المعارج: 29 - 31]، وعلى مَن فعَلَه في نهار رمضان وهو صائِم أن يتوبَ
إلى الله، وأن يقضيَ صيامَ ذلك اليوم الذي فعَلَه فيه، ولا كفَّارة؛ لأنَّ
الكفارة إنما وردتْ في الجِماع خاصَّة؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 2192".
الاحتلام لا يُبطل الصوم؛ لأنَّه ليس باختيارِ الصائم، وعليه أن يغتسلَ غُسلَ الجنابة؛ إذا رأى الماء؛ وهو المني؛ "ابن باز، فتاوى رمضان".
تقبيل الرَّجلِ امرأتَه ومداعبته لها،
ومباشرته لها، بغَيْر الجماع وهو صائِم، كل ذلك جائزٌ ولا حرَجَ فيه؛
لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُقبِّل وهو صائم، ويباشِر وهو
صائم، ولكن إنْ خشِيَ الصائم الوقوعَ فيما حرَّم الله عليه؛ لكونه سريعَ
الشهوة، كُرِه له ذلك، فإنْ أمنَى لزمه الإمساك والقضاء، ولا كفَّارة عليه،
عندَ جمهور أهل العلم، أمَّا المذي، فلا يفسد به الصوم في أصحِّ قولي
العلماء؛ لأنَّ الأصل السلامة، وعدم بطلان الصوم، ولأنَّه يشقُّ التحرُّز
منه، والله ولي التوفيق؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
ما في معنى الأكل والشرب:
مَنِ اغتسل أو تمضمض أو استنشق، فدخَل
الماء حلْقَه من غير اختياره، لم يفسد صومه؛ لما رُوي عن النبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((عُفِي لأمَّتي عن الخطأ والنِّسيان وما
اسْتُكرهوا عليه))؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 5733".
وبعدَ استعراضِ ما قيل في السواك في
الصيام، أختارُ القول بعدمِ كراهة تنظيف الأسنان بأيَّة وسيلة، شريطةَ
ألاَّ يصل إلى الجوف شيء من المعجون، أو الدم ونحوها، ومِن الأحوط استعمالُ
ذلك ليلاً؛ "عطية صقر، فتاوى علماء الأزهر".
البلغَم الخارِج من الصدر، ومثله
النخامة النازِلة من الرأس، فإنْ وصل إلى الفم ثُمَّ بلعَه الصائم بطَل
صومه - على ما رآه الشافعية - إذ يصدُق عليه أنه شىء دخَل إلى الجوف مِن
منفذ مفتوح، ولا يشقُّ الاحتراز عنه، وقال بعضُ العلماء: إنَّ بلْعَه في
هذه الحالة لا يضرُّ ما دام لم يتجاوزِ الشفتَيْن، بل قاسَه آخرون على
الرِّيق العادي فقالوا: إنَّ بلْعَه لا يبطل الصوم مطلقًا، وفى هذا القوْل
تيسيرٌ على المصابين بحالةٍ يكثر فيها البَلْغَم، أمَّا غير هؤلاء
فيتَّبعون أحد القولين الأولين؛ "عطية صقر، فتاوى علماء الأزهر".
لا بأس به "الجلوس قُرْب أجهزة لها بُخار أو دُخَان"،
ولكنَّه لا يتعمَّد ويتقصَّد أن يستنشقَ هذا الدخان أو هذا الغبار، فإذا
دخَل إلى جوفه من غيْر قصْد ولا إرادة، فإنه لا بأسَ به ولا يضرُّه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
لا حرَج في تذوُّق الإنسان للطعامِ في نهار الصيام عندَ الحاجة، وصيامه صحيحٌ إذا لم يتعمدِ ابتلاعَ شيء منه؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 9845".
تجوز السِّباحةُ في نهار رمضان، ولكن ينبغي للسابحِ أن يتحفَّظ من دخولِ الماء إلى جوْفه؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 6483".
مَن أصْبَح وفي فمِه بقايا طعام فلَفَظَه لم يفسدْ صومه؛ "ابن عثيمين، الشرح الممتع".
نوازل طِبية:
الإبر العلاجية قسمان:
1 - ما يُقصَد بها التغذية والاستغناء عن الأكْل والشُّرب بها، فتكون مفطِّرة.
2 - الإبر التي لا تُغذِّي؛ أي: لا يُستغنى بها عن الأكْل والشرب، فهذه لا تُفطِّر، كحقنة العروق والعضَل؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
3-
الاحتقان بالحُقن المعروفة الآن عملها تحتَ الجلد،، سواء كان ذلك في
العضدين أو الفخِذين، أو رأس الأليتين أو في أي موضِع من ظاهِر البدن - غير
مفسِد للصوم؛ "محمد بخيت، فتاوى علماء الأزهر".
علاج الرَّبْو على نوعين:
النوع الأول:
بخاخ غاز ليس فيه إلا هواء يَفْتَح مسام الشرايين؛ حتى يتنفسَ صاحب الربو
بسهولة، فهذا لا يُفطِّر ولا يُفسِد الصوم، وللصائم أن يستعملَه، وصومُه
صحيح.
النوع الثاني:
نوعٌ مِن أنواع الحبوب، وهو عبارةٌ عن كبسولة فيها دقيق، ولها آلةٌ تضغط
ثم تنفجِر في نفس الفم، ويختلط هذا الدقيق بالرِّيق، فهذا لا يجوز
استعمالُه في الصيام الواجب؛ لأنَّه إذا اختلط بالرِّيق وصَل إلى المعدة،
وحينئذٍ يكون مفطِّرًا، فإنْ كان الإنسان مضطرًا إلى استعماله، فإنَّه
يفطِّر، ويقضي بعدَ ذلك، فإنْ كان مضطرًا إليه في جميعِ الوقت، فإنه
يُفطِّر ويُغذِّي، فيُطعِم عن كل يوم مسكينًا، فيكون كالشيخِ الكبير،
والمريض الذي لا يُرجَى بُرْءُ مرضه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦
الأقراصُ التي توضَع تحتَ اللِّسان لعلاجِ بعض الأزمات القلبيَّة، وهي
تمتصُّ مباشرة بعدَ وضعها بوقت قصير، ويحملها الدم إلى القلْب، فتوقف
أزماته المفاجئة، ولا يدخل إلى الجوفِ شيءٌ من هذه الأقراص - لا تفطِّر؛ "مجلة مجمع الفقه، العدد 10، ج2 ص 96".
♦
مِنظار المعدة: الصحيح أنه لا يُفطِّر، إلا أن يكونَ في هذا المنظار دُهن
يصِل إلى المعِدَة بواسطة هذا المنظار، فإنَّه يكون بذلك مفطَّرًا، ولا
يجوز استعمالُه في الصوم الواجب إلاَّ للضرورة؛ "ابن عثيمين، الشرح الممتع".
♦
القَطرة في الأنف تفطِّر الصائم إذا استعط بها؛ لأنَّ الأنف من المداخِل
التي تنفذ إلى المعدة؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وبالِغْ في
الاستنشاق إلا أن تكونَ صائمًا))، وقيَّدها ابن باز بألاَّ يجد طعمَها في
حلْقه، وقَيَّدها ابنُ عثيمين بألاَّ يصل منها شيء إلى المعِدَة؛ "مفطِّرات الصيام المعاصرة".
♦ غاز الأكسجين، يذهب معظمُه إلى الجهاز التنفسي، فلا يعتبر مفطِّرًا؛ "المفطرات المعاصرة".
♦ التخدير (البنج) وهو على نوعَين: تخدير كُلِّي، وتخدير موْضِعي، وقد يكون عن طريق الشمّ، وقد يكون عن طريقِ الإدخال الجاف "إدخال إبرة مُصْمَتة جافة إلى مراكز الإحساس تحتَ الجلد"، وهو في الغالِب تخديرٌ موضعي لا يدخل شيءٌ منه إلى البدن، "وهذا لا يؤثِّر على الصيام؛ لأن الشمَّ لا يؤثر، وإدخال الإبرة الجافة كذلك" إلا أن يُغمى عليه ويستغرق النهار كاملاً، فحكمه حكم المُغمى عليه. "مجموع فتاوى ابن باز".
♦ قطرة الأذن، وغَسول الأذن لا تفطر؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
♦ قطرة العين والكُحل، الصواب أنَّها لا تفطِّر؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
♦ الدهانات والمراهم، واللصقات العلاجية، لا تفطِّر؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
♦ غسيل الكُلَى عبارة عن إخراج دمِ المريض إلى آلة (كلية صناعية)
تتولَّى تنقيته، ثم إعادته إلى الجِسم بعدَ ذلك، ويتم إضافة بعض المواد
الكيماوية والغذائية كالسُّكريات والأملاح وغيرها إلى الدم، وبعد دراسةِ
اللجنة للاستفتاء، والوقوف على حقيقة الغسيل الكُلوي بواسطة أهْلِ الخِبرة،
أفْتَتِ اللجنة بأنَّ الغسيل المذكور للكلى يفسد الصيام؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 9944".
♦
لا بأسَ أن يستعملَ الصائِم التحاميل التي تجعل في الدُّبر إذا كان مريضًا؛
لأنَّ هذا ليس أكْلاً ولا شُربًا، ولا بمعنى الأكْل والشُّرب، والشارع
إنَّما حرَّم علينا الأكْل أو الشرب، فما كان قائمًا مقامَ الأكْل والشُّرب
أُعطِي حكمَ الأكل والشرب، وما ليس كذلك، فإنَّه لا يدخل في الأكْل والشرب
لفظًا ولا معنًى، فلا يثبت له حُكْم الأكْل والشُّرب، والله أعلم؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦ الحقنة الشرجية:
حكمها عدم الحرَج في ذلك إذا احتاج إليها المريضُ في أصحِّ قوْلَي
العلماء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وجمْعٍ كثير من
أهل العلم؛ لعدمِ مشابهتها للأكْل والشرب؛ "تحفة الإخوان، ابن باز".
♦ التطعيم بالطعم المذكور بالسؤال (الجدري والكوليرا والتيفود) لا يفطِّر الصائم؛ "عبدالمجيد سليم، علماء الأزهر الشريف".
القيء وهيجان المعدة:
مَن تعمَّد القيء، فسَدَ صومه؛ لقول النبي
- صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن ذَرَعه القيء فلا قضاءَ عليه، ومَنِ
استقاء فعليه القضاء))؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
وهنا مسألة: لو أنَّ إنسانًا أحسَّ بالقيء، هل يجب عليه أن يمنعَه؟ الجواب: لا يجب، كما لو فكَّر وأحسَّ بانتقال المنيِّ، فإنه لا يلزمه أن يحجزَه؛ لما في ذلك من الضرر، ولأنه لم يتعمَّد.
مسألة أخرى: لو أنَّه أحسَّ بهيجان المعِدَة، ثم استقاء، أيُفطِر أم لا؟ يُفطِر؛ لأنَّه تعمد القيء، والمعِدَة قد تهيج أحيانًا، ويتهيأ الإنسان للقيء ولكن تسكُن، ولا يحصل شيء؛ "ابن عثيمين، شرح حقيقة الصيام لابن تيمية".
خروج الدم من الصائم:
♦ لا يفسد الصوم بقَلْع الضرس، ولو خرَج الدم بفِعْله (لا يبلع الدم)، وأخْذ الدم للتحليل والبنج لا يُفطِّر؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦
ما قد يَعْرِض للصائم مِن جِراح أو رعاف أو قيء، أو ذهاب الماء أو البنـزين
إلى حَلْقه بغير اختياره، فكلُّ هذه الأمور لا تفسد الصوم؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
شروط المفطرات:
المفطِّرات التي تفطِّر الصائم، لا تُفطِّره في ثلاث حالات:
(1) إذا كان ناسيًا.
(2) إذا كان جاهلاً.
(3) وإذا كان غير قاصد.
فإذا نسِيَ فأكَل أو شرِب، فصومه تامٌّ؛
لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن نسِي وهو صائم، فأكَل أو
شرِب، فليتمَّ صومَه، فإنَّما أطعمه الله وسقاه)).
وإذا أكَل أو شرِب يظنُّ أنَّ الفجر لم يطلعْ، أو يظن أنَّ الشمس قد غربت، ثم تبيَّن أنَّ الأمر خلاف ظنِّه، فإنَّ صومه صحيح؛ لحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - قالت: "أفطرْنا في عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في يوم غيم، ثم طلعتِ الشمس، ولم يأمرْهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالقضاء".
ولو كان القضاءُ واجبًا لأمَرَهم به، ولو
أمَرَهم به، لنُقِل إلينا؛ لأنَّه إذا أمَرَهم به صار مِن شريعةِ الله،
وشريعةُ الله لا بدَّ أن تكون محفوظةً بالغة إلى يومِ القيامة.
وكذلك إذا لم يقصد فِعْل ما يفطِّر فإنَّه
لا يفطر، كما لو تمضمض فنزَل الماء إلى جوفِه، فإنه لا يفطر بذلك؛ لأنَّه
غير قاصد، وكما لو احتَلَم وهو صائم فأنزل، فإنَّه لا يفسد صومه؛ لأنَّه
نائم غير قاصد، وقد قال الله: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 5] ؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦
مَن تطايَرَ إلى حَلْقه شيءٌ من جرَّاء طحن الحبوب، فإنَّ ذلك لا يجرَح
صومَه، وصومُه صحيح؛ لأنَّ تطاير هذه الأمور بغيْر اختياره، وليس له قصْدٌ
في وصولها إلى جوْفه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦ الغُبار لا يُفطِّر، وإن كان الصائم مأمورًا بالتحرُّز منه؛ "ابن جبرين، فتاوى الصيام".
♦
مَن رأى صائمًا يأكُل أو يشرَب في نهار رمضان، فإنَّه يجب عليه أن
يُذكِّره؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين سهَا في صلاته: ((فإذا
نسيتُ فذَكِّروني))، والإنسان الناسي معذورٌ لنسيانه؛ لأنَّ الإنسان الذاكر
الذي يعلَم أنَّ هذا الفِعل مُبطِلٌ لصومه، ولم يدلَّه عليه، يكون
مقصِّرًا؛ لأنَّ هذا أخوه فيجب أن يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
أصحاب الأعذار:
الكبير والمريض:
الأعذار: إما: عُذرٌ يُرجَى زواله (فيه القضاء)، أو عذر لا يُرجى زواله (فيه الإطعام)، وغير القادِر ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول:
أن يكونَ عجزُه عن الصوم مستمرًّا دائمًا، كالكبير والمريض مرضًا لا
يُرْجَى بُرْؤُه، فهذا يُطعِم عن كل يوم مسكينًا، فإذا كان الشهرُ ثلاثين
يومًا أطعم ثلاثين مسكينًا، وإذا كان الشهر تِسعةً وعشرين يومًا أطعَم
تسعةً وعشرين مسكينًا.
أما القسم الثاني مِن العجز عن الصوم:
فهو العَجْز الذي يُرْجَى زواله، وهو العَجْز الطارئ، كمرَضٍ حدَث للإنسان
أثناءَ الصوم، وكان يشقُّ عليه أن يصوم، فنقول له: أفْطِر، واقضِ يومًا
مكانه؛ لقول - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]؛ "فقه العبادات، لابن عثيمين".
♦ متَى عجَز الكبير عن الصيام سقَطَ عنه، وانتقل إلى الإطعام، وعليه يُحمَل قوله- سبحانه وتعالى -: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ
﴾ [البقرة: 184]، فإنْ بلَغ سِنًّا لا عقلَ ولا معرفةَ لديه، سَقَط عنه
على الصحيح إلى غيرِ بدَل؛ لإلْحاقه بمَن رُفِع عنه القلم، فهو أوْلى
بالسقوط عن الصغير؛ "ابن جبرين، فتاوى الصيام".
♦
والمرَض المبيح للفِطر عندَ جمهور السَّلف والأئمَّة هو ما يؤدِّي الصوم
معه إلى ضرَر في النفْس، أو زيادة في العلَّة، أو إبطاء في البُرْء،
وإنَّما أُبيح الفِطر للمرض؛ دفعًا للحرَج والمشقَّة، وقد بُني التشريع
الإسلامي على التيسير والتخفيف.
ومعرفة حدِّ المرض المبيح للفِطر - كما في "فتح القدير"
وغيره - تكون باجتهادِ المريض، والاجتهاد غير مجرَّد الوهم والتخيُّل، بل
هو غَلَبة الظن عن أمارة أو تجرِبة، أو إخْبار طبيب مسلم حاذق غير معروف
بما يُنافي العَدَالة.
والأمَارة هي العلاَمة الظاهرة التي تُنذِر بالضرَر، والتجرِبة
هي تَكرُّر وقوع ذلك عندَ اتحاد المرض، فإذا تحقَّق ما ذكر، جاز للمريض
الفِطر، ووجب عليه قضاءُ ما أفطره بعدَ زوال العذر، فإذا ماتَ وهو على هذه
الحالة، لم يلزمْه القضاء؛ لعدمِ إدراكه عِدَّة من أيام أُخَر، ولا فِدية
عليه ما دام يُرْجَى أن يبرأ من مرضه، أما إذا تحقق اليأس من الصحَّة،
كالمرضى المصابين بأمراضٍ مستعصية شاقَّة، فيجب عليه الفدية إذا أفطَر كما
ذكرَه الكرْماني، وقال: فيندرج في ذلك أمراضُ السُّل والقُرحة المعوية،
والقرحة الاثنا عشرية، والحميات، والقلب والكبد والمرارة، وسائر الأمراض
الشاقَّة التي يعسر معها الصوم، ويُفضي إلى تفاقمها، أو تأخُّر برْئها أو
فساد عضو في البِنية؛ "حسنين محمد مخلوف، فتاوى علماء الأزهر".
المسافر:
الحمد لله:
الفِطر للمسافر جائزٌ باتفاق المسلمين، سواء كان سفرَ حج، أو جهاد، أو
تجارة، أو نحو ذلك مِن الأسفار، التي لا يكرهها اللهُ ورسولُه - عليه
الصلاة والسلام.
وتنازعوا في سَفَر المعصية، كالذي يُسافر ليقطعَ الطريق، ونحو ذلك، على قولين مشهورين، كما تنازعوا في قَصْر الصلاة.
♦ فأمَّا السفر الذي تُقصَر فيه الصلاة:
فإنه يجوز فيه الفِطر مع القضاء باتِّفاق الأئمَّة، ويجوز الفِطر للمسافر
باتِّفاق الأمَّة، سواء كان قادرًا على الصِّيام أو عاجزًا، وسواء شقَّ
عليه الصوم، أو لم يشقَّ، بحيث لو كان مسافرًا في الظلِّ والماء، ومعه مَن
يخدمه جاز له الفِطر والقصر......؛ "مجموع فتاوى ابن تيمية".
♦ ويُفطِر مَن عادتُه السفر،
إذا كان له بلدٌ يأوي إليه، كالتاجِر الجلاَّب الذي يجلب الطعام، وغيرَه
من السِّلَع، وكالمكاري الذي يَكري دوابَّه من الجلاب وغيرهم، وكالبريدِ
الذي يسافر في مصالِح المسلمين، ونحوهم، وكذلك الملاَّح الذي له مكانٌ في
البَرِّ يسكنه، فأمَّا مَن كان معه في السفينة امرأتُه، وجميع مصالحه، ولا
يزال مسافرًا فهذا لا يقصُر، ولا يُفطِر؛ "مجموع فتاوى ابن تيمية".
♦ مَن يَقصد بسَفره التحيُّل على الفِطر، فلا يجوز له الفِطر؛ لأنَّ التحيُّل على فرائضِ الله لا يسقطها؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦ ينطبق حُكمُ السفر على سائقي الشاحنات الذين يسوقون خارجَ المدن؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦ إذا قدِم المسافِر المفطِر من سفرٍ، فليس عليه الإمساكُ في يومه، وعليه القضاء؛ "الشرح الممتع".
♦ لا حرَج عليه في ذلك "أن يسافر الصائِم من بلده الحار، إلى بلدٍ باردٍ، أو إلى بلد نهاره قصير"،
إذا كان قادرًا على هذا الشيء، فإنَّه لا حرَج أن يفعل؛ لأنَّ هذا من فعل
ما يُخفِّف العبادة عليه، وفِعْل ما يخفف العبادة عليه أمرٌ مطلوب، "وقد
كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصبُّ على رأسه الماءَ مِن العطش،
أو مِن الحرِّ وهو صائم"؛ انظر: أبو داود (2365)، وأحمد (15903)... وعلى
هذا: فلا مانعَ من أن يبقَى الصائم حولَ المكيِّف، وفي غرفة بارِدة، وما
أشبه ذلك؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦ حُكم صيامه "المعتمِر":
أنَّه لا بأس به، وقد سبَق لنا قبل قليل أنَّ المسافِر إذا لم يشقَّ عليه
الصوم، فالأفضل أن يصومَ، وإنْ أفطر فلا حرَجَ عليه، وإذا كان هذا المعتمِر
يقول: إنْ بقيتُ صائمًا شقَّ عليَّ أداء نسك العمرة، فأنا بيْن أمرين: إما
أن أؤخِّر أداء أعمال العمرة إلى ما بعدَ غروب الشمس وأبْقى صائمًا، وإما
أن أُفطِر وأؤدي أعمال العمرة حينَ وصولي إلى مكَّة، فنقول له: الأفضل أن
تُفطِر وأن تؤدِّي أعمال العمرة حين وصولك إلى مكة؛ لأن هذا - أعني: أداء
العمرة مِن حين الوصول إلى مكة - هذا هو فِعل رسولِ الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم؛ "ابن عثيمين، فقه العبادات".
الحائض والنفساء:
♦
بعض النساء تطهُر في آخِرِ الليل، وتعلم أنَّها طهرتْ، ولكنَّها لا تصوم
ذلك اليوم؛ ظنًّا منها أنها إذا لم تغتسلْ لم يصحَّ صومها، وليس الأمر
كذلك، بل صومُها يصحُّ وإن لم تغتسلْ إلا بعد طلوع الفجْر.
♦ فالمرأة إذا غرَبتِ الشمس، وهي لم ترَ الحيض خارجًا، فصومها صحيح حتى لو خرَج بعدَ غروب الشمس بلحظةٍ واحدة، فصومها صحيح؛ "فقه العبادات، لابن عثيمين".
♦ وإن أحسَّتِ الحائض بانتقالِ الدم أو ألَمه، ولكنَّه لم يخرجْ ولم يبرز إلا بعدَ غروب الشمس، فصومُها صحيح؛ "مجالس شهر رمضان، لابن عثيمين".
♦ لا حرَجَ في ذلك "استعمال حبوب منْع الحمل لتأخيرِ الحيض"؛
لِمَا فيه من المصلحة للمرأة في صوْمها مع الناس، وعدم القضاء، مع مراعاةِ
عدم الضَّرر منها؛ لأنَّ بعض النساء تضرُّهنَّ الحبوب؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
الحامل والمرضع:
الحامل لا تخلو مِن حالتين:
إحداهما:
أن تكونَ نشيطة قوية، لا يلحقها مشقَّة، ولا تأثيرَ على جنينها، فهذه
المرأةُ يجب عليها أن تصومَ؛ لأنَّها لا عُذرَ لها في ترْك الصيام.
والحال الثانية:
أن تكونَ الحامل غيرَ متحمِّلة للصيام: إمَّا لثقل الحمل عليها، أو
لضَعْفها في جسمها، أو لغيرِ ذلك، وفي هذه الحال تُفطر، لا سيَّما إذا كان
الضَّررُ على جنينها، فإنه قد يجِب الفِطر عليها حينئذٍ، وإذا أفطرتْ فإنها
كغيرها ممَّن يُفطر لعذر، يجب عليها قضاءُ الصوم متى زال ذلك العذر عنها،
فإذا وضعتْ وجَبَ عليها قضاءُ الصوم بعدَ أن تَطهُرَ من النفاس، ولكن
أحيانًا يزول عُذرُ الحمل ويلحقه عذرٌ آخر، وهو عذر الإرْضاع، وأنَّ المرضع
قد تحتاج إلى الأكْل والشُّرب، لا سيَّما في أيَّام الصَّيْف الطويلة
النهار، الشديدة الحرّ، فإنَّها قد تحتاج إلى أن تُفطِر؛ لتتمكَّنَ مِن
تغذية ولدِها بلبنها، وفي هذه الحال نقول لها أيضًا: أفْطري، فإذا زال عنك
العُذر، فإنَّك تقضين ما فاتَكِ من الصوم؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦
الحامل لا يضرُّها ما نزَل منها مِن دم أو صُفرة؛ لأنَّه ليس بحيض ولا
نِفاس، إلا إذا كان عندَ الولادة أو قَبْلها بيوم أو يومين مع الطَّلْق،
فإنه إذا نزَل منها دمٌ في هذه الحال صار نِفاسًا، وكذلك في أوائل الحمْل،
فإنَّ بعض النساء لا تتأثر عادتهنَّ في أول الحمل، فتستمر على طبيعتها
وعادتها، فهذه يكون دَمُها دمَ حيض؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
الأعمال الشاقة والامتحانات:
♦
شخصٌ يعمل في فُرْن للرغيف، ويواجه حرَّ النار الشديد طوالَ ساعات النهار
وهو صائِم؛ لذلك فهو يواجه عطشًا شديدًا، وإرهاقًا في العمل: لا يجوز لذلك
الرجل أن يُفطِرَ، بل الواجب عليه الصيام، وكونه يخبز في نهار رمضان ليس
عُذرًا للفِطر، وعليه أن يعملَ حسبَ استطاعته؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 13489".
♦
الامتحان المدرسي ونحْوه، لا يُعتبَر عذرًا مبيحًا للإفطار في نهار رمضان،
ولا يجوز طاعةُ الوالدَين في الإفطار للامتحان؛ لأنَّه لا طاعةَ لمخلوق في
معصية الخالِق، وإنما الطاعةُ بالمعروف، كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن
النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 9601".
القضاء والإطعام:
♦ الأفْضل أن يكونَ القضاء متتابعًا، والأحوط الشروعُ فيه بعدَ يوم العيد (في اليوم الثاني من شوَّال)؛ "الشرح الممتع، ابن عثيمين".
♦ يجوز التنفُّل بالصوم قبلَ القضاء، إنْ كان في الوقت متَّسع، وتقديم القضاء أفضلُ. "السابق".
♦ مَن أخَّر القضاء إلى بعْدِ رمضان بدون عُذر، فهو آثِم، ويقضي، ولا إطعام عليه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦ الشيخ الكبير، والمريض (مرضًا لا يُرجَى زواله) لا يلزمه الصوم؛ لأنَّه عاجز، ولكن يلزمه بدلاً عن الصوم أن يُطعِمَ عن كل يوم مسكينًا، هذا إذا كان عاقلاً بالِغًا، وللإطعام كيفيتان:
الكيفية الأولى:
أن يصنعَ طعامًا غَداءً أو عشاءً، ثم يدعو إليه المساكينَ بقَدْر الأيام
التي عليه، كما كان أنس بن مالك - رضي الله عنه - يفعل ذلك حين كَبِر؛
أخرجه البخاريُّ معلقًا.
والكيفية الثانية:
أن يُوزِّع حبًّا مِن بُر، أو أرز، ومقدار هذا الإطعام مُدٌّ مِن البُر أو
من الأرز، والمدُّ يعتبر بمدِّ صاع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو
ربع الصاع، وصاع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يبلغ كيلوين وأربعين
غرامًا، فيكون المدُّ نصف كيلو وعشرة غرامات، فيطعم الإنسان هذا القَدْر من
الأرز أو من البُر، ويجعل معه لحمًا يُؤدِمه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
ما هو دليلُ وصولِ الصيام للميِّت؟
الجواب:
إذا كان عليه صيام، فإنَّ دليله قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن
مات وعليه صيامٌ صامَ عنه وليُّه))؛ رواه البخاري (1952)، ومسلم (1147) من
حديث عائشة - رضي الله عنها - وهذا عامٌّ في صيام الفرْض، وفي صيام
النَّذْر؛ "ابن جبرين، فتاوى الصيام".
الإفطار في نهار رمضان:
♦ إذا أفْطَر في رمضان مستحلاًّ لذلك، وهو عالِم بتحريمه؛ استحلالاً له - وجَبَ قتلُه، وإن كان فاسقًا عُوقِب على فِطره في رمضان؛ "ابن تيمية، مجموع الفتاوى".
♦
وقال الإمام الذهبي: وعندَ المؤمنين مُقرَّر أنَّ مَن ترك صوم رمضان من غير
عُذْر أنه شرٌّ من الزَّاني ومدمِن الخمر، بل يشكّون في إسلامه، ويظنّون
به الزَّنْدقة والانحلال.
♦ عن الإمام أحمد: "فيمَن
شرِبَ خمرًا في نهار رمضان، أو أتى شيئًا نحو هذا، أُقيم عليه الحدُّ،
وغلظ عليه مثل الذي قتَل في الحرَم دِية وثلث؛ "بدائع الفوائد لابن القيم".
♦ وقال ابن القيم أيضًا: إذا شَرِب في رمضان زِيد الحدُّ عشرين تعزيزًا؛ "بدائع الفوائد" .
♦
أما الذي يملك مطعمًا يتناول فيه الناسُ غذاءَهم، أو مقهًى تتناول فيه
المشروبات، فإنْ كان ذلك التناول في نَهار رمضان، وتأكَّد أن متناوله مفطِر
لا عُذرَ له في الإِفطار، كانتْ مساعدته على ذلك محرَّمة، وإذا كانتْ
معرفة المعذور وغير المعذور متعسِّرة في المجتمع الكبير الذي يجمع أخلاطًا
متنوِّعة قد تنتحل فيه الأعذار، فالأفْضل عدم القيام بهذا العمل نهارًا،
وفي ممارسةِ نشاطه ليلاً متَّسَع له دون حرَج.
♦ ذلك
أنَّ تيسير تناول الطعام والشراب في هذه الأماكِنِ في نهار رمضان فيه
إغراءٌ بالفِطر، وفيه تشويه لسُمعة المجتمع الإِسلامي، الذي يجب أن يُراعِي
حُرْمة هذا الشهر الكريم، والمتَّقون لربِّهم يستعدُّون قبلَ رمضان بما
يُغْنيهم عن العملِ فيه من أجْل العيْش، ليتفرَّغوا للعبادة، أو لمزاولة
عملٍ آخَر، والليل كلُّه مجال واسِع للعيش الكريم، إنَّ الأمر يحتاج إلى
مراقبةِ الضمير، وإلى يقظةِ المسؤولين وتعاونِ الجميع على مقاومة المنكَر،
والتمكين للخير والمعروف، وبخاصَّة في هذا الشهر المبارك العظيم؛ "عطية صقر، فتاوى علماء الأزهر".
♦ فكلُّ مَن أفْطَر في رمضان بمقتضَى دليلٍ شرعي، فإنَّه لا يلزمه الإمساك، والعكْس بالعكْس، لو أنَّ رجلاً أفطر بدون عُذر، وجاء يستفتينا: أنَا أفطرتُ وفسَد صومي هل يلزمني الإمساكُ أو لا يلزمني؟
قلنا: يَلْزمك الإمساك؛ لأنَّه لا يَحِلُّ لك أن تُفطِر، فقد انتهكتَ
حُرْمة اليوم بدون إذن مِن الشرع، فنلزمك بالبَقاء على الإمساك، وعليك
القضاء؛ لأنَّك أفسدتَ صومًا واجبًا شرَعْتَ فيه؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
متفرقات:
♦
إذا غضِبَ الإنسان مِن شيء، وفي حالة غضبه نَهَر أو شتَم، فلا يُبطِل ذلك
صومَه، ولكنَّه ينقص أجْره، فعلى المسلِم أن يضبطَ نفسه، ويحفظ لسانه من
السبِّ والشَّتْم، والغِيبة والنميمة، ونحو ذلك ممَّا حرَّم الله في الصيام
وغيرِه؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 7825".
♦
صيام ستٍّ من شوال سُنَّة ثابتة عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -
ويجوز صيامُها متتابعةً ومتفرِّقة؛ لأنَّ الرسولَ - صلَّى الله عليه وسلَّم
- أطْلق صيامَها، ولم يذكر تتابعًا ولا تفريقًا، حيث قال - صلَّى الله
عليه وسلَّم -: ((مَن صام رمضانَ، ثم أتْبَعه ستًّا من شوال كان كصيامِ
الدَّهْر))؛ صحيح مسلم؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
الإفطار الجماعي:
س:
هناك جماعةٌ من الجماعات العاملين في حَقْل الدعوة في مُعْظَم الجامعات
الجزائرية يقومون بالإعلانِ كلَّ يومِ أحد على أنه سيكون إفطارٌ جماعي، وهم
يصومون الاثنين، ثم يجتمعون في قاعةٍ من القاعات، ويُفطرون معًا، فلمَّا
استفسرنا عن هذا العمل، قيل لنا: إنَّه لصالِح الدعوة، ونحن نريد أن نجمعَ
صفوفَ المسلمين. والسؤال هو حُكْم الشرع حولَ ذلك؛ هل هو مِن مُحْدَثات
الأمور، أو لا؟
ج:
إذا كان الأمرُ كما ذكر في السؤال، فلا حرَجَ في الاجتماع المذكور،
والإعلان عنه، وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وآله وصحْبه
وسلم؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 11596".
التراويح:
♦ ومِن الأمور التي قد يَخْفَى حُكْمها على بعضِ الناس: ظَنُّ
بعضهم أنَّ التراويح لا يجوز نقصُها عن عشرين ركعة، وظنَّ بعضُهم أنه لا
يجوز أن يُزاد فيها على إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا كله ظنٌّ
في غير محلِّه، بل هو خطأ مخالِف للأدلَّة، وقد دلَّت الأحاديثُ الصحيحة عن
رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أنَّ صلاة الليل مُوسَّع فيها،
فليس فيها حدٌّ محدود، لا تجوز مخالفتُه، بل ثبَت عنه - صلَّى الله عليه
وسلَّم - أنَّه كان يُصلِّي مِن الليل إحدى عشرة ركعة، وربَّما صلى ثلاث
عشرة ركعة، وربَّما صلى أقلَّ مِن ذلك في رمضان وفي غيره، ولما سُئِل -
صلَّى الله عليه وسلَّم - عن صلاةِ الليل، قال: ((مَثْنَى مَثْنَى، فإذا
خشي أحدُكم الصبح صلَّى ركعةً واحدة تُوتِر له ما قدْ صلَّى))؛ متفق على
صحته... ومَن تأمَّل سُنَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم -
عَلِم أنَّ الأفضل في هذا كله هو صلاةُ إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة
في رمضان وغيره؛ لكون ذلك هو الموافقَ لفِعْل النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم - في غالِب أحواله، ولأنَّه أرفق بالمصلِّين، وأقْرَب إلى الخشوع
والطمأنينة، ومَن زاد فلا حرَج ولا كراهية - كما سبق.
♦ والأفْضَل
لمَن صلَّى مع الإمام في قِيام رمضان ألاَّ ينصرِفَ إلا مع الإمام؛ لقول
النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الرجل إذا قام مع الإمامِ حتى
ينصرفَ، كَتَب الله له قيامَ ليلة))؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
♦
المحافظة على العَدَد الذي جاءتْ به السُّنَّة مع التأنِّي والتطويل الذي
لا يشقُّ على الناس أفضلُ وأكمل، وأمَّا ما يفعل بعضُ الناس مِن الإسراع
المفرِط، فإنَّه خلاف المشروع، فإنْ أدَّى إلى الإخلال بواجِبٍ أو رُكْن،
كان مبطلاً للصلاة، وكثيرٌ من الأئمة لا يتأنَّى في صلاة التراويح، وهذا
خطأٌ منهم، فإنَّ الإمام لا يُصلِّي لنفسه فقط، وإنما يصلِّي لنفسه
ولغيره، فهو كالوليِّ يجب عليه فِعْلُ الأصلح، وقد ذكَر أهلُ العلم أنه
يُكرَه للإمام أن يُسرِع سرعةً تمنع المأمومين فِعْلَ ما يجب؛ "فصول في الصيام والتراويح والزكاة،ابن عثيمين ".
الاعتكاف:
♦
يُشرَع الاعتكاف في مسجدٍ تُقام فيه صلاةُ الجماعة، وإنْ كان المعتكف ممَّن
تجب عليهم الجُمُعة، ويتخلَّل مدَّة اعتكافه جُمُعة، فالاعتكاف في مسجد
تُقام فيه الجُمُعة أفضل، ولا يلزم له الصَّوْم، والسُّنة ألاَّ يزور
المعتكفُ مريضًا أثناءَ اعتكافه، ولا يُجيب دعوةً، ولا يَقضي حوائجَ أهله،
ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارجَ المسجد؛ لِمَا ثبَت عن عائشة -
رضي الله عنها - أنَّها قالت: "السُّنة على المعتكف ألاَّ يعود مريضًا، ولا يشهَد جنازة، ولا يمسَّ امرأة، ولا يُباشرها، ولا يخرُج لحاجة إلاَّ لِمَا لا بدَّ منه"؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 6718".
♦ مصليات البُيوت أو المكاتب، ومُصلِّيات النساء في مدارسِ البنات وغيرها، لا يصحُّ الاعتكاف فيها (للمرأة أو للرجل)؛ لأنها ليستْ مساجدَ حقيقةً ولا حُكمًا؛ "الشرح الممتع".
خروج المعتكف من معتكفه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
أن يَكونَ خروجًا لِمَا ينافي الاعتكاف، كما لو خرَج ليجامع أهلَه، أو
خرَج ليبيعَ ويشتري، وما أشبهَ ذلك ممَّا هو مضادٌّ للاعتكاف، ومنافٍ له،
فهذا الخروجُ لا يجوز، وهو مُبطِل للاعتكاف، سواء شَرَطه أم لم يشترطْه،
ومعنى قولنا: "لا يجوز" أنَّه إذا
وقَع في الاعتكاف أبطلَه، وعلى هذا، فإذا كان الاعتكافُ تطوعًا وليس بواجبٍ
بنذر، فإنَّه إذا خرَج لا يأثم، لأنَّ قطْعَ النفل ليس فيه إثمٌ، ولكنَّه
يبطل اعتكافه، فلا يَبني على ما سبق.
القسم الثاني مِن خروج المعتكف:
أن يخرُج لأمرٍ لا بدَّ له منه، وهو أمرٌ مستمر، كالخروج للأكْل إذا لم
يكن له مَن يأتي به، والخروج لقضاءِ الحاجة إذا لم يكن في المسجد ما يَقْضي
به حاجتَه، وما أشبه ذلك مِن الأمور التي لا بدَّ منها، وهي أمورٌ مطَّردة
مستمرة، فهذا الخروج له أن يفعلَه، سواء اشترَط ذلك أم لم يشترطْه؛ لأنَّه
وإن لم يشترطْ في اللفظ، فهو مشترط في العادة، فإنَّ كل أحدٍ يعرِف أنه
سيخرج لهذه الأمور.
القسم الثالث: ما
لا يُنافي الاعتكاف، ولكنَّه له منه بُدٌّ، مثل الخروج لتشييع جنازة، أو
لعيادةِ مريض، أو لزيارة قريب، أو ما أشبه ذلك ممَّا هو طاعَة، ولكنَّه له
منه بُدٌّ، فهذا يقول أهلُ العلم: إنِ اشترطَه في ابتداء اعتكافِه فإنَّه
يفعله، وإن لم يشترطْه، فإنه لا يفعله، فهذا هو ما يتعلَّق بخروجِ المعتكف
مِن المسجد، والله أعلم؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦
يجوز للمعتكِف أن يتَّصل بالهاتِف لقضاءِ بعض حوائجِ المسلمين إذا كان
الهاتف في المسجد الذي هو مُعْتَكِف فيه؛ لأنَّه لم يخرجْ من المسجد، أمَّا
إذا كان خارجَ المسجد فلا يخرُج لذلك، وقضاء حوائجِ المسلمين إذا كان هذا
الرَّجل معنيًّا بها لا يعتكف؛ لأنَّ قضاء حوائجِ المسلمين أهمُّ مِن
الاعتكاف؛ لأنَّ نفعها متعدٍّ، والنفع المتعدِّي أفضل مِن النَّفْع
القاصِر، إلا إذا كان النَّفْع القاصِر مِن مهمَّات الإسلام وواجباته؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
♦
لا بأسَ أن يعتكفَ الإنسان يومًا أو يومين، فأقل الاعتكاف يوم أو ليلة؛ كما
ورَد أن عمر - رضي الله عنه - سألَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه
نَذَر أن يعتكف ليلةً في المسجد الحرام، فقال النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم -: ((أوفِ بنَذْرك))، فأقلُّ الاعتكاف يومٌ أو ليلة، هذا ما ورَد في
الشرع، لكن السُّنة أن يعتكف العشر كاملة؛ "د. خالد بن علي المشيقح، فقه الاعتكاف".
♦
الغُرَف التي داخلَ المسجد وأبوابها مشرَعة على المسجد لها حُكم المسجد،
أما إنْ كانت خارجَ المسجد، فليستْ من المسجد، وإنْ كانت أبوابها داخلَ
المسجد؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 6718".
♦
مَن نذَر أن يعتكفَ في أيِّ مسجد غيرِ المساجد الثلاثة، جاز له أن يُوفيَ
بنذره باعتكافه في أيِّ مسجدٍ آخر؛ لأنَّ البِقاع كلَّها سواء، وكذلك مَن
نذَر أن يعتكِف في مسجد في البلْدة الفلانية، جاز له أن يُوفي باعتكافِه في
أيِّ بلد، وهناك قاعدةٌ في هذا، وهي: أنه إذا عيَّن الأفضل تعيَّن، ولم
يجزْ فيما دونه، فمَن نذَر أن يعتكف في المسجد الحرام لزِمَه الاعتكاف فيه،
ولم يَجُزْ فيما دونه؛ لأنَّ كلَّ المساجد دونه في الفضْل، وإذا عيَّن
المفضولَ جاز في الفاضِل؛ دليلُ ذلك: أنَّ رجلاً قال للنبيِّ - صلَّى الله
عليه وسلَّم -: إنِّي نذرتُ إنْ فتح الله عليك مكة أن أصلِّي في مسجد بيْت
المقدس قال: ((صلِّ ها هنا))، قال: إني نذرتُ أن أصلي في ذلك المسجِد، قال:
((صلِّ ها هنا))، فلمَّا رآه مصرًّا قال: ((شأنك إذًا))؛ رواه أبو داود
والحاكم وصحَّحه؛ "ابن جبرين، فتاوى الصيام".
♦
يخرج المعتكف مِن اعتكافه إذا انتهى رمضان، ويَنتهي رمضان بغروبِ الشمس
ليلةَ العيد، والعشر الأواخر تبتدئ بغروبِ الشمس ليلةَ العشرين مِن رمضان؛ "مجموع فتاوى ابن عثيمين".
زكاة الفطر:
♦ زكاةُ الفِطْر فرْضٌ على كلِّ مسلِم،
صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، حرًّا أو عبدًا؛ لِمَا ثبَت عن ابن عمر -
رضي الله عنهما - قال: "فرَض رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاةَ
الفِطر صاعًا مِن تمر، أو صاعًا مِن شَعير، على الذَّكر والأنثى، والصغير
والكبير، والحرِّ والعَبْد من المسلمين، وأمَر أن تُؤدَّى قبلَ خروج الناس
للصلاة"؛ متفق على صحَّته.
♦ وليس لها نِصاب،
بل يجب على المسلِم إخراجُها عن نفسِه وأهل بيته مِن أولاده، وزوجاته،
ومماليكه إذا فضلَتْ عن قُوته وقُوتِهم يومَه وليلتَه، أمَّا الخادم
المستأجَر فزكاتُه على نفسه، إلا أن يتبرَّع بها المستأجِرُ أو تُشترط
عليه، أما الخادِم المملوك فزكاتُه على سيِّده - كما تقدَّم في الحديث.
♦ والواجب إخراجُها من قوت البلد،
سواء كان تمرًا أو شَعيرًا، أو بُرََّا أو ذُرة، أو غير ذلك، في أصحِّ
قولي العلماء؛ لأنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يشترطْ في
ذلك نوعًا معينًا، ولأنها مواساة، وليس على المسلِم أن يواسيَ من غير
قُوتِه؛ "مجموع فتاوى ابن باز".
♦ يُستحبُّ إخراجُها عنه - الطفل في بطْن أمه - لفِعْل عثمان - رضي الله عنه - ولا تجِبُ عليه؛ لعدمِ الدليل على ذلك؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 1474".
وقت زكاةِ الفِطر:
يبدأ مِن غروب شمس آخِر يوم مِن رمضان،
وهو أوَّل ليلةٍ من شهر شوال، ويَنتهي بصلاة العيد؛ لأنَّ النبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم - أَمَر بإخراجِها قبلَ الصلاة، ولِمَا رواه ابن عبَّاس -
رضي الله عنهما -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن
أدَّاها قبلَ الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومَن أداها بعدَ الصلاة فهي صَدَقةٌ
من الصَّدَقات))، ويجوز إخراجُها قبلَ ذلك بيوم أو يومين؛ لِمَا رواه ابن
عمر - رضي الله عنهما - قال: "فرَض رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - صدقةَ الفِطر مِن رمضان..."، وقال في آخره: "وكانوا يُعطون قبلَ ذلك بيومٍ أو يومَيْن"، فمَن أخَّرها عن وقتها فقد أثِم، وعليه أن يتوبَ مِن تأخيره، وأن يُخرِجَها للفقراء؛ "فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى: 2896".
♦
وصَدَقة الفِطر مِن جنس الكفَّارات، هذه معلَّقة بالبدن، وهذه معلَّقة
بالبدن، بخِلافِ صدقة المال، فإنَّها تجب بسببِ المال مِن جنس ما أعطاه
الله؛ "ابن تيمية، مجموع الفتاوى".
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..