الجمعة، 20 يونيو 2014

الرسالة التي أوصلتها داعش

سنة المالكي، من نجيفي وصحوات، الذين تجاوزتهم الأحداث وانقطع رزقهم الآن، يتحدثون عن وجود مؤامرة واتفاق بين داعش والمالكي.
 ميدل ايست أونلاين
تحول الصراع إلى عسكري في العراق، شئنا أم أبينا، يؤدي إلى خسارة طرف سياسي سني. وهو الطرف
الذي شارك في العملية السياسية الطائفية، وحظي بالإمتيازات المالية. فالرئيس الأميركي أوباما يتصل بالسيد أسامة النجيفي ليعرف منه ماذا يريد السنة، فالسيد النجيفي، وإن لم يكن من داعش، فهو من المفترض أن يعرف ماذا يريد السنة. الحقيقة أن تطور الأحداث لا بد أن يأتي بوجوه سياسية جديدة.

هناك من جهة أخرى قوات الصحوات السنية التي تتمنى تراجع الشيعة عن التطوع، فلماذا يدفع المالكي 600 دولار شهريا لمليوني متطوع؟ هذا مبلغ فلكي برأيهم، فلو يعطيهم المالكي ربع هذا المبلغ لدحروا المسلحين في أسبوع وأصبحوا من أشهر أثرياء العالم.

سنة المالكي الذين تجاوزتهم الأحداث، وانقطع رزقهم الآن، يتحدثون عن وجود مؤامرة واتفاق بين داعش والمالكي. وربما عندما تنتصر قوات المالكي والحرس الثوري ستعلو أصواتهم، وتحليلاتهم، وتزداد ثقتهم بأنفسهم، وسيقولون بأنهم عرفوا المؤامرة من البداية. فلا يمكن التوصل إلى حلول إلا إذا ملأت الحكومة حساباتهم وكروشهم وإلا فهي بطبيعة الحال مؤامرة دولية.

الحديث عن مؤامرة لا يتوقف هنا فالسيد المالكي أيضا يعتقد بأنها مؤامرة سعودية. المالكي وبشار يتهمان السعودية بالوقوف خلف الثورة السنية في العراق وسوريا. إذا كانت السعودية تستطيع هكذا ببساطة تخريب الدولتين العلوية في سوريا والصفوية في العراق فكيف يقولون أنفسهم بضعف العرب وإن إيران هي اللاعب الأساسي العلني في المنطقة؟ الذي يقرأ مقالات الكاتب عبدالباري عطوان مثلا سيعتقد بأن بشار الأسد يحتل نصف أوروبا وأن طهران تبسط نفوذها على شمال أميركا. لا يوجد منطق في معظم ما نقرأ.

الحديث عن سعي المالكي لإغلاق القنوات العراقية المعارضة في الأردن ومصر ربما غير صحيح. أعتقد بأن هذه الدول العربية رأت بأن الحدث حساس، وتريد السيطرة عليه من قنواتها المتخصصة. وقد كتبت أكثر من مقال عن لا مهنية هذه القنوات، وأنها تضر بالسنة وتشوه صورتهم. شيء جيد أن القنوات العربية المتخصصة تسيطر بشكل كامل على هذا الملف الآن. ليس هذا وقت قنوات تعيدنا إلى الكتب الصفراء أو الشتائم، نحن بحاجة إلى خطاب عصري ديناميكي يحرج الخصم وليس إلى ورطة إعلامية.

المهم الآن نحن أمام حقيقة مضحكة فلمواجهة خمسمئة مسلح داعشي نحتاج 300 خبير عسكري أميركي، وآلاف الضباط الإيرانيين، وطلعات جوية أميركية بدون طيار، ومليوني متطوع تقود بهم فتوى السيستاني وشفاعة العباس والكاظم و"يا حوم اتبع لو جرينه."

الرئيس الأميركي يقول صراحة "إذا تدخلت إيران في العراق فقط باسم الشيعة فإن الوضع سيتفاقم"، والمسؤول السابق عن القوات الأميركية في العراق يقول "لا يمكن للولايات المتحدة ان تكون قوة جوية لحساب الميليشيات الشيعية او لشيعي في معركته ضد العرب السنة."

هذا يعني بأن الولايات المتحدة أخيرا بدأت تفهم بأن تسليم العراق لإيران يضر بمصالحها ويهدد أمن المنطقة ولابد من إصلاحات سياسية في العراق، هذه الإصلاحات السياسية ستكون لصالح الشيعة أيضا. النساء في المجتمع الشيعي بدأن يتذمرن من حكم إسلامي يقوده المراجع الفرس، ويتطلعن إلى دولة عربية علمانية تعيد للمرأة دورها السابق في المجتمع العراقي قبل الإحتلال. فالمرأة تشعر بالقلق منذ تداول القانون الجعفري في البرلمان العراقي الطائفي. وشيوخ العشائر الشيعية من جهة أخرى في حالة غضب من اختطاف رجال الدين الشيعة لدورهم السياسي في البلاد.

كل تغيير سيحدث في المستقبل القريب هو لصالح السنة، حكومة إنقاذ وطني؟ حكومة غير طائفية ودولة مواطنة؟ تنحية نوري المالكي؟ الحد من النفوذ الإيراني والتهميش؟ كل هذه التغييرات والإنجازات الإنسانية والديمقراطية القادمة لا محالة ماكان لها أن تحدث لولا خمسمئة مسلح من داعش يقفزون على الموصل.

بإمكان الدواعش الإرهابيين المجرمين العودة إلى سوريا أو الإدمان على الكحول. هذا غير مهم بالنسبة للسنة في العراق. الرسالة التي عجز عن إيصالها البرلمان والإعلام وصلت بسرعة على يد داعش.


First Published: 2014-06-20
  
أسعد البصري
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..