الاثنين، 2 يونيو 2014

عدم احترام عقل القارئ "الفول واللبرالية"أنموذجا

نقلتني "تغريدة"من هذا العام 1435هـ،إلى يوم 19 صفر 1432هـ،. فقد غرد الأستاذ :عبد الله الجنيد،بهذه التغريدة :
( جريدة الرياض "الفول واللبرالية "كم أتمنى من كل إنسان خليجي أن يقرا هذا المقال).


وقرأت ... هل أقول ليتني لم أفعل؟ بطبيعة الحال لا .. القضية كلها أفكار .. يطرحها أصحابها .. فيتحاور معهم آخرون .. ربما يكون الذي حيرني أنني ظننت أنني سأجد شيئا شديد التميز،ولكن .. على كل حال.
المقالة التي تمنى الكاتب الكريم لو أن كل خليجي قرأها،وعنوانها كما تبين "الفول واللبرالية" كتبها الأستاذ ناصر الحجيلان،في جريدة الرياض،وفي التاريخ المذكور على رأس هذه الأسطر،أي قبل أكثر من ثلاث سنوات.
افتتح الكاتب مقالته بالمثل الشعبي "اللي ما يعرفك ما يثمّنك"،"ولم ينس أن يثني بالمثل الفصيح "المرء عدو ما جهل"ثم روى قصة مفادها أن شابا ذهب من نجد إلى الحجاز للعمل،وبعد فترة سال الأب عن ابنه فعلم من رجل قابله أنه (يأكل الفول ويشرب التتن) .. وأفاض الكاتب الكريم في سرد القصة،مطعمة باللهجة العامية،ثم شارحا المعاني بالفصحى،باستثناء "التتن"أي الدخان .. المهم أن الأب ذهب إلى ابنه الذي اعتبره قد أفسد .. وتريث إلى الصباح ليفاتحه في قضية أكل الفول وشرب التتن .. وأحضر الابن طعاما للأب،فأكل طعاما لم يتذوق مثله من قبل،فسال عنه .. وحين علم أن هذا"يُسمّى "فول". فضرب قدمه على الأرض من شدّة النشوة، وهتف بابنه: مادام هذا الفول اللي يقولون، أجل هات التتن وأنا أبوك!."
ثم انتقل الكاتب إلى قصة أخرى :
"ومثل هذه القصة، موقف أحد السعوديين من المصطلحات الغريبة عليه مثل "الليبرالية"، فقد كان يظن فيها الظنون معتقدًا أن أصحابها مصابون بمرض الإيدز وأنهم مجرمون وأشرار. وكنّا ندرس معًا في جامعة واشنطن في سياتل، وكان حريصًا على تزويد الطلاب السعوديين بكاسيتات دينية يجلبها من السعودية؛ وكل من يدخل معه في نقاش ينقلب عليه ويصنفه على أنه إما جاهل أو عدو. وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبدأت المضايقات تمسّ العرب والمسلمين والشرقيين عمومًا؛ فتبرّعت مجموعات من سكان سياتل لحماية المساجد والأسواق والمشي مع النساء المحجبات وحمايتهن من الاعتداء، بل ووضعوا لهم موقعًا على الإنترنت يتبرّعون فيه بجلب احتياجات المنزل بأنفسهم لكي لا تخرج النساء المحجبات في الشوارع وحدهن. وكان همّهم هو توفير الحماية لنا من الغوغائيين. فظن صاحبنا أن هؤلاء يفعلون ذلك لاستدراجنا إلى المسيحية، ولكنه اكتشف أنهم ليبراليون لايهمهم لا دينك ولا عرقك ولا لونك ولا لغتك، بقدر مايهمهم أنك إنسان؛ بعضهم له خلفية مسيحية وبعضهم له خلفية يهودية وبعضهم له خلفية بوذية وبعضهم لا خلفية له؛ يجمعهم الإيمان بقيمة الإنسان لذاته، ودافعهم لهذا العمل هو ما يمليه عليهم ضميرهم الحيّ وشعورهم بقيمة الإنسان دون أي اعتبارات أيديولوجية. وبعد وقت طويل، قابلت هذا الطالب في دي سي، وكان حريصًا أن يخبرني أنه الآن فهم الليبرالية وأنه يعتبرها خير نصير للإسلام في أمريكا."
الإيجابي بالنسبة لي هي هذه الأخبار الجيدة التي لم أسمع بها من قبل .. رغم المتابعة،والذي نعرفه أن بعض المسيحيين رحلوا على أساس أنهم من الأصوليين الإسلاميين .. كما قُتل بعض السيخ،بسبب لحاهم ظنا أنهم مسلمين !!
على كل حال،بعد ذلك شرح لنا الكاتب الكريم معنى اللبرالية ببساطة :
"والواقع، أن الليبرالية بمفهومها البسيط هي سلوك منفتح يعتمد على الحرية الكاملة التي تكفل للشخص الحق في أن يتصرّف كيفما يشاء دون أن يعتدي على حقوق غيره. وحينما تُطلق كلمة "ليبرالي" على شخص أمريكي، فإنها تعني أنه شخص يتّسم بالانفتاح على الثقافات الأخرى وتقبل الغرباء واحترام حريّة المرء وحقوق الإنسان؛ وعكسه "المحافظ" الذي تتحّكم به اعتبارات ثقافية تُقيّد رؤيته في تقدير الأشخاص والأشياء"
هذا ما يقوله الكاتب العربي المسلم،فماذا يقول أحد الكتاب الأمريكيين؟ وهو غير مسلم بالمناسبة،ولا وجود لديهم للفول والتميس!! الإشارة هنا إلى كتاب "إغلاق العقل الأمريكي"لكاتبه آلان بلوم،والذي يدور حول معنى اللبرالية الذي يقتصر عند البعض على فكرة أن الآراء المختلفة تتمتع بشرعية متساوية،مما أصاب العقل الأمريكي بأحد مرضين،فإما التسليم بالأفكار والنظريات المختلفة دون تمحيص،وإما معالجتها بعدم اكتراث متساوٍ مع غياب اليقين ){ نقلا عن "أمريكا والعالم على مشارف الألفية الثالثة " / بقلم / مصطفى نبيل / مجلة الهلال القاهرية / ديسمبر 1994} ليس هذا فقط فقد ضج القوم بنقد واقعهم .. (ومن الكتب التي تتحدث عن أزمة الديمقراطية،كتاب بريجنسكي مستشار الأمن الأسبق،ويذكر أن الديمقراطية تهدرها فكرة أن كل شيء مباح،ويطالب الكاتب الغرب بتعديل نظمه،فلم يعد مقبولا الروح التي تسود،وكأن البشر قادرين على اغتصاب القوة الإلهية لأنسهم"!"فأصبحت ترى حولك صور الخراب الروحي،بسبب مذهب المتعة بلاد حدود){ نقلا عن "أمريكا والعالم على مشارف الألفية الثالثة " / بقلم / مصطفى نبيل / مجلة الهلال القاهرية / ديسمبر }
نقطة شكوى مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق من "الخراب الروحي"نجدها فرصة لإيضاح مشكلتنا مع اللبرالية .. والتي تتلخص ببساطة .. في أنها وضعت "الدين"في مكانين لا ثالث لهما .. "الكنيسة"و"القلب" ... أما "التشريع" فلا. ومن ذلك الوضع تفجر ما اشتكى منه "بريجنسكي أي" الخراب الروحي" .. ولعل من آخر مظاهره "تشريع زواج الشواذ"!!
كما بدأت المقالة بقصة ساخرة .. ختمها الكاتب الكريم بقصة ساخرة أخرى،وكأن القصص الساخرة عبارة عن "قوسين"بينهما كلام عن اللبرالية!! يقول الكاتب الكريم ..( ويُشبه هذا الخطيب رجلا بسيطًا سُئل عن شخص وكان يسمع أنه ليبرالي، فقال هذا ليبرالي من فخوذ القبيلة الفلانية، ظنًا منه أن الليبرالية اسم فخذ لإحدى القبائل العربية الموجودة.)
هنا نعود لنقتبس من تعريف الكاتب الكريم للبرالية .. أعني قوله : (وعكسه "المحافظ" الذي تتحّكم به اعتبارات ثقافية تُقيّد رؤيته في تقدير الأشخاص والأشياء")
لاشك أن الكاتب الكريم يعلم أن أمريكا فيها محافظين أليس كذلك؟
فهل يظن هؤلاء أيضا .. أن "اللبرالية" .. "قبيلة من قبائل الشرق الأوسط"؟!!
تلويحة الوداع ستكون عبر التذكير بـ"المكارثية"والتي طاردت كل ما يتعلق بالشيوعية .. ولم تكن منفتحة أبدا .. بل تم فصل بعض الموظفين بناء على اتهامهم بالشيوعية .. وبغض النظر عن توجيه اللوم بعد ذلك – سنة 1954 – لجوزيف مكارثي،فإن ما حصل من مطاردة المواطنين بسبب قناعتهم الفكرية .. قد حصل .. وفي الهامش نستطيع أن نأخذ لقطة من فيلم ( الخطايا السبع .. ) حيث توصل المحقق إلى شخصية المجرم .. عن طريق الكتب التي كان يستعيرها .. إذ أن كل من يستعير كتبا تتعلق بـ(الشيوعية) أو ( النازية) أو ( تصنيع القنابل) .. يوضع اسمه في سجل خاص .. أو شيء بهذا المعنى.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..